أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - أهل السنة أهل المشاكل















المزيد.....

أهل السنة أهل المشاكل


محمد البدري

الحوار المتمدن-العدد: 3020 - 2010 / 5 / 31 - 14:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحفر في تاريخ الاسلام ضرورة فلا ينبغي السكوت علي اخطاء من نعتقد بصحته. فمنذ أن ظهر الاسلام وحتي الان تعرضت مبادئه وقيمه وتعاليمه وتطبيقاته للتغير. كان افدحها واكثرها عمقا هو ما قام به السلف واصحاب نبي الاسلام انفسهم. وظلت عملية الاضافة والخصم والتعديل والاصلاح جارية بما يتفق وحال الناس في كل مكان وصل اليه الاسلام حتي يكون متوافقا مع شعوب واجناس وعقائد واخلاق وعادات وتقاليد مختلفة. فكما تأثر الناس بالاسلام كان تاثير الناس علي الاسلام اشد واعمق. فمنذ اليوم الاول قام ابو بكر بافعال لم تكن قائمة زمن سابقه النبي وافترض ان قتال المسلمين امثاله ممكنا بل وحقا ايضا رغم ان القرآن ينهي قتال المسلمين لبعضهم البعض. فهل كان ممكنا وضع هذا السلوك نصا ضمن أيات الفرآن وهو امر ممكن علي اعتبار ان هناك ناسخا ومنسوخا. ويمكن ايضا الامتناع عن اضافته وبقائه حكما علي اساس ان هناك ما هو منسوخ نصا وباقيا حكما.
ولو انتقلنا الي عصر عمر فإن تعديله للاسلام فاق بمراحل تعديلات سلفه الصديق حيث منع زواج المتعة وحرم العطاء للمؤلفة قلوبهم واعاد انتاج فلسفة الاستعباد وتمكين الساده منهم وهو الامر الذي ادي الي مقتله ( وهو الملقب بالعادل) علي يد ابو لؤلؤة المجوسي عندما طالبه بالعمل عند سيدين ليشتري حريته من الاول لقاء عائد عمله عند الثاني.
اما عثمان فمنذ اللحظة الاولي فقد عطل نصا قرآنيا وجعل من نص آخر مرجعا. حيث أعفي عبد الله ابن عمر من القصاص وحق المجتمع عليه ودفع الدية (الدية عادة جاهلية) نيابه عنه في جريمة قتله لثلاثة من ضمنهم قاتل ابيه. وتركه مطلق السراح باعتباره لم يسرف في القتل عملا بالقرآن الذي يصرح للولي بالقتل مع تطييب للخاطر بالا يسرف فيه حيث يقول سبحانه وتعالي: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً 33 الاسراء.
اما باقي سياسته في رعيته فحدث ولا حرج ما ادي الي مقتله ايضا فيما يشبه ثورة الباستيل الفرنسية مع فارق جوهري في الوعي السياسي بين ثوار فرنسا وثوار يثرب. ولن نخوض اكثر في زمن علي ابن عم النبي حيث جرت الدماء انهارا بين اهل البيت بعضهم البعض كل يفسر القرآن حسب هواه وايضا مع كل من هم خارج البيت خاصة وان الاسلام كان قد اضاف الي رصيده الجماهيري اناسا من العراق ومصر والشام وايران والحبشة... الخ، مما اوصل اول صبي دخل الاسلام ومن اكثر الناس قضاءا لسنوات عمره تعايشا مع القرآن والاحاديث الي التشكك في امكانية تحكيم القرآن في حياه الناس بقوله الشهير: ان القرآن حمال اوجه.

هذا التغيير والتعديل والعراك الذي قام به الصحابة كسلف صالح يفتح بابا واسعا وسؤالا عميقا عن نهج الصلاح المنسوب اليهم. وقبل الغوص في مفهوم السلف ومفهوم الصلاح فإن وصفهم تعميما بانهم خير امة جعل التمويه وخداع الناس كل هذه السنوات جزءا من اسلوب تقديم الاسلام وربما من دواعي الايمان. فاخفاء الاخطاء وتضليل السامعين بات جزءا من منهجية الخطاب الديني خاصة المدافع عن السلف وصحة افعال اهل السنة. وحتي يكون السؤال ممكنا وصحيحا بمعني ان تكون له اجابة منطقية ومعقوله، فلنسأل اولا اسئلة صغري وتمهيديه.

من هم السلف الصالح؟ وهل السير على نهج ما يسمي سلفا صالحا، طبقا لما جري وليس كما هو متوهم من خطابات الدعاة ومشايخ العصر، من صحيح الاسلام؟ وما هو صحيح الاسلام إذا كان التغيير والتبديل ملازما له حتي في زمن النبوة الي حد التغيير والتعديل والناسخ والمنسوخ الامر الذي اوصل المسلمين الي تحويل قبلتهم من بيت المقدس الي مكة حيث مجمع الاوثان العربية؟

هذه الاسئلة وغيرها كثيرة تحيلنا الي قضية جوهرية لم تخطر لا علي بال نبي الاسلام ولا سلفه الصالح الا وهي قضية النظرية والتطبيق. وهي ذاتها القضية التي اثيرت عند سقوط الاتحاد السوفيتي واثارت غبارا ونقعا كثيفا. وانتهت الي خلاصة مفادها انه كلما كانت النظرية سليمة وصحيحة كلما كانت تطبيقاتها اكثر تماسكا وقوة ومقاومة للهدم والتخريب.
فلو قارنا الراسمالية التي اثبتت قدرتها علي البقاء والصمود لحوالي ثلاثة قرون بالاشتراكية التي لم تصمد لاكثر من سبعين عاما لكان علينا اعادة النظر في الفكرة والنظرية قبل البحث في التطبيق وعمل المؤسسة. وهذا هو المنهج الواجب تطبيقه علي الاسلام قبل ان يخرج بعضهم علينا باقوال مثل الاسلام هو الحل كما لو ان العالم الاسلامي كان في سبات عما جري فيه من جرائم بفعل النص والمؤسسة ثم استيقظ فجاة ووجد نفسه متخلفا فافتونا باننا تركنا الاسلام ولا بد من العودة الصحيحه أو الي الله مجددا.

فحال المسلم الذي يردد القول بان الاسلام هو حالة من فاقدان الوعي والعيش في غيبوبة طويلة ولا يدرك بوعيه الديني الفقير ان كل شئ قد تغيير وان الواقع هو الذي يشكل الاسلام باكثر واعمق مما يشكل الاسلام الواقع. والا فكيف يمكن شرح وفهم التعديلات منذ زمن سلفهم الصالح والطالح الي ان وصلنا الي واقعنا الحالي.
الاجابة لديهم سهلة وميسره باننا تركنا القرآن والسنة لكنهم يتناسون كما قدمنا بان القرآن والسنة كان يعدل من نفسه منذ اللحظة الاولي وكأن جبريل لم يكن له من دور سوي اللهاث محاولا اللحاق بالتعديلات حتي قبل ان يسلم الاصل. وبكلمات بسيطة فان القول بالعوده الي صحيح الاسلام لا معني له الا باعاده انتاج 1400 عام اخري من الارتباك والمحاولة والتجربة والخطا والمغامرة وعدم المسؤولية وتقديم الاهواء وتحكيم النزوات والشهوات والترنح بين الفتاوي التي ملأت المكتبات ولم تحل مشكلة واحده من مشاكل الناس او مشاكل الاسلام ذاته مع انتاج لفقهاء جدد وكهنة صغار ينظرون دولهم لتعطيل تقدم المجتمعات.
من يصمم علي ان الاسلام هو الحل فهو اعمي عن رؤية التاريخ ولا دروس له منها. يقرأ النظرية ويشهد التطبيق، اي يتلو القرآن ويسلم ويصلي علي النبي وصحابته بافعالهم، ولا يخرج بنتيجة سوي القفز في كل مرة علي تناقضات الف عام ونصف متوهما امكانية حيازة يوتويبيا لم تكن موجوده اصلا.

ربما كان من الصواب القول بان غض البصر عن هذا التاريخ بكل سوءاته هو حاله زيغ بصري يصاب به المسلم و دعاة تطبيق الاسلام إذا ما قارناه بحالة العمي التام عندما يغفلون تماما كيف أن العلمانية تقدم حلولا لمجتمعات هي اكثر تعقيدا بل وتعدل علنا وتغيير صراحة دون التهرب من مسؤولية التغيير او خوفا وفزعا من احالة نص الي المعاش مع الفخر بشجاعة التغيير. كان السلف (المدعو صالحا) يغير ولا يجرؤ علي القول بانه يعطل اقول الرسول او يعمل بعكس ما قاله الذي يعبدونه. كان السلف يجبر الناس علي عباده من يخالفون هم نصوصه وربما كان هذا هو السبب في اتهام عائشة لعثمان بانه كفر. لكنها تغاضت عن التغيرات الي قام بها والدها الصديق ومن بعده عمر. حتي ام المؤمنين كانت زائغة البصر في مقارنتها بين عثمان وابيها. فكيف يتفق كفر عثمان مع ايمان الشيخين الاسبقين له رغم تشابه افعالهما؟. هنا نسال السؤال المنطقي المنبثق من شهادة التاريخ، هل كانت النظرية صحيحة والتطبيق صالحا عندهم طوال تاريخ توليهم الحكم؟؟؟!! وبالتالي فالسؤال الجديد الذي يعاد طرحه مجددا: ماذا بقي من الاسلام إذن إذا كان التغيير والتعديل والتشويه والتحطيم هو سنه الاولين والاخرين كضرورة تفرضها وقائع المجتمعات وحركة التغيير المستمرة؟
الاجابة هي نص القرآن بعد كل التعديل والناسخ والمنسوخ الذي حوله الحس الشعبي الي فولكلور لا يصلح الا للتبرك به او اعتباره ترنيمة عزاء عند الموت او حيثيات دفاع عن الميت في محكمة العدل الالهية.

لم يبقي من الزامات النص للبشر سوي طقوس الاسلام المسماه شعائر، كالصلاة والصوم والحج. حتي هذه اصبحت ايضا من المختلف فيه إذا ما تحولت المجتمعات الي مجتمعات صناعية راسمالية او اشتراكية تعطي الاولوية للعمل علي حساب خدمة الجالسين علي العرش في السماء. فشهر كامل من الامتناع عن الطعام يجعل السنة 11 شهرا. يفقد فيه الناس كثيرا من القدرات الذهنية والعضلية وتعوضها بروحانيات لا ثمن لها في السوق. بل ان خمس صلوات يوميا يجعل اليوم ممزقا لا تتفق طقوس الاسلام فيه الا مع مجتمعات العاطلين وفي افضل الاحوال في مجتمعات الزراعة البدائية والاولية. فرفع الآذن للصلاة علي سبيل المثال لا الحصر هي ايضا من الفولكلور حيث لا معني ان ينادي من يريد ان يصلي علي نفسه ليذهب الي الصلاة. فإذا كان علي علم بما ينبغي عليه عمله في توقيته فلماذا ينادي علي نفسه اللهم الا غذا كان مغيبا ويحتاج لمن يوقظه.

وتبقي قضية السلطة وأولي الامر وتولي الحكم والمرأة واهل الذمة فهي كلها مما سيتآكل لو ان هناك تحولات جذرية اصبحت واجبة بضرورة الواقع فيما بعد الحداثة، وهي كلها قضايا تعارك عليها السلف الصالح والطالح ولم يصلوا الي حل لاسباب من ضمنها ان القدرات العقلية للسلف لم تكن علي قدر اهمية القضية، ولم يكن نص القرآن بقادر علي تصور اشياء جديدة كنظام المحاكم او المساواه اما قانون واحد لا يفرق بين البشر بل ان الاحكام بتساوي الجزاء في حق المدان وهو ما نجده في اختلاف الجزاء بين العبد والسيد او الرجل والمرأة لم تكن مطروحه حيث قام الواقع بتجميد النص علي مقاس الواقع. ولنعد لكيفية تولي الحكم والولاية في حادثة الثقيفة ومن بعدها اقتراح ابو بكر ثم اختراع عمر بجعلها فقط ضمن ستة كلهم من الصحابة كما لو ان القيامة ونهاية كانت علي وشك القيام لموت آخرهم تحقيقا للحديث جئت كهاتين واشار باصبعية السبابة والابهام. وإما ان النص نسيها او اغفلها او ربما سقطت سهوا من كثرة تناقل النص بين الحفاظ ومقتل بعضهم مع عدم التدوين واكل الغنم لبعض من نصوصه مثلما شهدت عائشة في حق سورة الاحزاب.

إن القاء نظرة مدققة علي عقائد اهل السنة ستكشف بكل سهولة ويسر الي اي مدي متطرف الزم المسلمون الاوائل انفسهم بمجموعة من الثوابت هي في اصلها مسائل خلافية رغم بساطة وبداءة مجتمعهم وعدم تعقده مقارن بالمجتمعات الحديثة. وفي كلمات مختصر فان التمادي في تقليد هؤلاء والسير علي نهج السلف من نظرية وتطبيق معناه هو غلق العين وصم الاذن وقطع اللسان وتوقف التفكير ووضع المسلمين في العصر الحديث كالقرود في قفص تجارب لجلب الموز بنفس الطريقة التي تعلموها زمن السلف الصالح رغم ان باب القفص مفتوح واشجار الفواكه كلها في الخارج تنتظر من يشارك في قطفها دون نظرية جديدة او تطبيق مشوه او عوده الي صحيح الدين او قفص القرود مرة أخري.



#محمد_البدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاء بمجلة الايكونومست
- ويسألونك عن الروح
- البديهيات التي لم تكن كذلك
- عَمَّ يَتَسَاءلُونَ
- الكفيل من سوءات العرب
- تشريح المجتمع هو فضح لنصوصه
- في ذكري عيد عمال مصر
- هل الصدق من قيم الاسلام؟
- نجاسة الطائفية في الجامعة
- رد علي عبد المنعم سعيد
- القطيعة مع اهل الهولوكوست
- مكاسبنا الانترنتية
- نظامنا في القرن الجديد
- ذَلِك عبد الناصر ... أنا تؤفكون
- ثقافة ال -تحت-
- لماذا رضي الله عنهم
- قرار منعه تحت جزمته
- الشريعة ومرجعية الجاهلية
- يكفي ان اسمه الحوار حتي نقدم له التحيه
- هكذا تحدث السويسريون


المزيد.....




- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد البدري - أهل السنة أهل المشاكل