أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الناجي - سلاماً لشهداء العراق الأبرار














المزيد.....

سلاماً لشهداء العراق الأبرار


أحمد الناجي

الحوار المتمدن-العدد: 914 - 2004 / 8 / 3 - 12:23
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الانصياع الى العواطف ذلك ما تفرضه عليَّ لحظة غضب، طفح فيها غيظ القلب، ولم يعد بإمكان مخيلتي وكل مداركي تصور أن عراقياً سوياً يقبل بأعمال العنف والفتك والدمار والتخريب، التي تطال دون وجه حق، البلد وأبناءه من الأبرياء في الشوارع، والبيوت، والمساجد، والكنائس، لا بل في كل مكان من ربوع أرض الفراتين.
لقد اختلف العراقيون على موضوعة الحرب، والاحتلال بكل معطياته على الأرض، مجلس الحكم، ونقل السيادة، وتشكيل الحكومة الانتقالية، ولا زالوا مختلفين على الكيفية والسبل الواجب إتباعها لمواجهة قوات الاحتلال، ولكن كل الخلاف والاختلافات، مهما كانت، أو كبرت لا تمنح لأي عراقي جوازأ بتأييد ما جرى أخيراً من أعمال موغلة بالضغينة والحقد الأسود، عبر توجيه ما يقرب على النصف درزينة من السيارات المفخخة، تستهدف الكنائس، دور العبادة للعراقيين المسيحيين في يوم ووقت واحد، وأثناء تأدية طقوسهم، في مدينتي بغداد والموصل.
هذه الأعمال المشينة تتوحد في المقاصد والغايات مع ما حصل قبل خمسة أشهر تقريباً، حين تناخت في الظلمة أيادي الحقد الأسود، ضد العراق الجديد، وضد أمال وتطلعات الشعب العراقي، واستهدفت مدينتي الكاظمية وكربلاء، وهي تعج بزوار العتبات المقدسة أثناء تأدية مراسيم الزيارة في يوم عاشوراء ذكرى استشهاد الحسين أبو الثوار.
رغم الأشهر الفاصلة ما بين هاتين الجريمتين البشعتين، إلا أن الأيام أثبتت كون أبناء العراق جميعا في قارب واحد يمخرون به عباب لجة زمن الإرهاب الذي ساد بعد سقوط الديكتاتورية، وإذا غرق القارب، فسيغرق بمن فيه، وإن دماء الضحايا العراقيين الأبرياء، الذين زهقت أرواحهم في كل المساجد والكنائس والشوارع، قد اختلطت، وتوحد العراقيون مرة أخرى على مرارات الألم، بسبب ما يقوم به منفذوا الجرائم الإرهابية المنظمة، ومن يقف ورائهم، ومن يساندهم ويأو يهم، ويشرعن لهم هذه الجرائم الإرهابية، المُعَدَة بحرفنة وعقلية وقساوة أولئك المهزومين والمحبطين والظلاميين والمأزومين، الذين يتلذذون برؤية نتاجهم الهمجي من المناظر الوحشية المتقنة بإشاعة وتوزيع الموت والدمار والخوف والفزع بشكل يومي في أنحاء مدن وربوع العراق.
ما يجري على الأرض هو نتاج تلك الأيادي الملطخة بالدماء، والقلوب المتحجرة التي لا تعرف الرحمة، والعقول المهزومة التي تُسْعَدُ حين تنتشر رائحة الموت في كل مكان، والأقلام التي ضعيت بوصلتها في لجة الانأوية وجوامد الايدولوجيا واجترار المواقف من ماضي مليء بالهزائم، وما عادت تميز اتجاهات وملامح الوطنية الحقة، وقَبِلَتْ أن تُنَظِرَ لحليف الغفلة المسرف بالتعصب الأعمى، وتُزَيِنَ له أفعاله، علها تحصد مجداً زائف بظل التلاقح مع هذا الفكر المأزوم الوافد من ظلمة الكهوف والإنفاق من خارج البلد، الذي بات مهزوماً ومطارداً حد اللعنة، حتى من المحيط الذي بزغ منه، واختبأ من النور في الكهوف والزواغير، وما عاد قادراً أن يجد له مؤطا قدم وسط معالم الحضارة الإنسانية.
تحت وطأة موجات العنف، وحمامات الدم، توحد العراقيون، شركاء الوطن بكل مكوناتهم الاثنية والعرقية والدينية والمذهبية، بالأحزان والماسي والذكريات المؤلمة، بعد أن صاروا أضحية على محراب الوطن النازف، ووقوداً لنوازع أشخاص غرباء ودخلاء، وجدوا متسعاً لهم على ارض العراق، في فسحة من الزمن، لتعويض خيبتهم التي جنوها في الأيام الخوالي، من خلال القيام بشائنات الأعمال الدنيئة ذات الطابع التصفوي المتناهي من الشراسة الدموية، التي لا تقرها الأديان السماوية ولا الأعراف الإنسانية.
في أيام المحنة هذه التي يغادرنا في سمو كل يوم جمع من الضحايا الأبرياء من أبناء الوطن، كل جريرتهم إنهم من أبناء بلاد الرافدين، أجد من المناسب هنا، استذكار أحد شهداء الحركة الوطنية العراقية، الذي يشير اليه السيد عبد الرزاق الحسني في كتابه الثورة العراقية الكبرى، الصفحة 109، ويسميه (شهيد الوطن الأول)، لما لهذه الحادثة من دلالات وعبر في زمن تعذرت فيه الرؤيا على الكثيرين بعدما اختلطت الأوراق، وصار النضال صخباً ورغاءاً مسموعاً، وجُلَ غاياته في زمن التكسب، تحقيق المصالح الشخصية والفئوية، وركن مصالح الوطن جانباً، لا بل ذبح الوطن وأبناءه تحت ذريعة الدفاع عنه، فيذكر الحسني ما حصل بعد يوم من حفلة المولد المعتادة في شهر رمضان 21 أيار 1920، خلال المظاهرات التي انطلقت بالضد من إجراءات السلطة التعسفية، حيث يتطرق الى حادثة استشهاد رجل أخرس من أهل الحويزة يسكن كربلاء ويشتغل نجاراً في محلة الفضل، اسمه عبد علي بن عبد الرحيم، الذي كان من ضمن الجموع المحتشدة في جامع الحيدرخانه، وقد أصيب بطلق ناري، وقيل دهسته احد المصفحتين خلال تفريق المتظاهرين، فأكبر الاهلون موته، وشيعوه الى مرقده في اليوم التالي بمظاهرة وطنية كبرى تحدوا فيها السلطة، ولهذا لا أظن الصراخ وحده كافياً لأن يعد صاحبه من المناضلين، بل الصمت ربما أمضى في زمن يقبل المقايضة بكل شيء.
سلاماً لشهدائك الأبطال، يا وطني من الصامتين
سلاماً لشهداء العراق الأبرار من العرب والأكراد والتركمان والكلدان والآشوريين والأرمن واليزيديين والصابئة، من المسلمين والمسيحيين، من السنة والشيعة، ومن كل الأقليات.



#أحمد_الناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتخابات مندوبي المؤتمر الوطني.. ديمقراطية العجالة
- البيان التأسيسي للمركز الوطني لتطوير الحوار الديمقراطي في با ...
- ملتقى العمل الديمقراطي المشترك في بابل يحتفي بذكرى ثورة 14 ت ...
- المُسّْتَبِِدُ
- أقلام تنبض بالوفاء... أحمد الناصري وجمعة الحلفي في ذكرى صديق ...
- الإرهاب ينتهك قدسية نضال العراقيين في إنهاء الاحتلال
- الوطنية على المحك في فهم ما بين سطور خطابين
- ننشد العدالة.. ولن نفزع مهما كثر عدد المدافعين عن جلادنا
- مقاربات بين احتلالين... ما أشبه اليوم بالبارحة
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 10 صحافة العراق خلال ...
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 9 حركة الجهاد ج2
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق 10- 8 حركة الجهاد ج1
- اضاءات على معاناة الشاعر والانسان موفق محمد
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 7
- وقائع ندوة الملتقى الديمقراطي المشترك عن الديمقراطية في مدين ...
- ( 10 -6 ) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- ( 10 -5 ) - من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 4)
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 10- 3
- من أوراق الاحتلال البريطاني للعراق سنة 1914 - 2 - 10


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أحمد الناجي - سلاماً لشهداء العراق الأبرار