أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فائز الحيدر - من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر ، قاعدة بشت آشان















المزيد.....

من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر ، قاعدة بشت آشان


فائز الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 00:08
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر
أعداد فائز الحيدر
الحلقة الثانية
قاعـدة بشت آشان

وصلنــا قاعدة ( بشت آشان ) في بدايـة تشريـن الأول من عام / 1982 وقد أسغرقت رحلتنا من القامشلي إليها 45 يوما" ، تلك الرحلة الشـاقة التي لا أتصور أن ينسـاها أي رفيــق أبدا" ، لقســاوة أيامــها وهي تجـربة ومقيـاس لـقـوة التحمــل والصبــرلأي رفيــق جديد .
كانت بشت آشان في حركـة دائمة ومسـتمرة يوميا" كخليـة نحل ، رفـاق يبنون قاعـات جــديدة وحيــوانات تنقل مواد تموينيـة لفصل الشتاء القريب ومقرات وفصائل في طور التكوين ، وكانت مقرات المكتب السياسي والأعلام والحماية قد أنسحبت من منطقة ( ناوزنك ) على الحــدود التركيــة لمخاوف من تقدم القوات التركية أثر أتفاقيات سرية وقعتها تركـيا مع نظام صدام حسين . أما الرفــاق الذين تراكمــت لديـهم خبـرة في العمـل الأنصاري أعتبروا المنطقة غير أمنة وخطرة من حيث موقعها الجغرافي المحصور بين التلال أضافة الى إن طرق الأنسحاب في الحالات الطارئة محدودة وغير واضحة المعالم وقد صدقت توقعاتهم وأثبتت صحتها معارك بشت آشان فيما بعد .
كانت بشت آشان منطقة ضيقة محاطة بمرتفعات من كل جوانبها وتحاذي الحدود الأيرانية من خلال أحد أعلى جبالها ( جبل قنديل ) وهو الطريق الوحيد للأنسحاب في حالة تقدم قوات حكومية معادية .

بدأ الرفـاق بناء مواقع لفصـائل وحضائر الدوشكـا ومقرات حمايـة المكتب السيــاسي والأعلام المركزي في جو بارد وممطر دوما" وفي تلك الفترة وصل الموقع أعداد جدد من الرفــاق وتألمنا كثيرا" لسماعنا أستشهـاد كوكبة من الأنصار كانوا يعيشون معنا في القامشلي أثناء محاولتهم للعبور وهم ثلاثة رفاق كان أحدهم ( أبو ريم ) الشاب الوسيم الأشقر خريج جيكسلفاكيا وأثنان آخران لم تسعفني الذاكرة بتذكر أسمائهم الان .

معظم الرفاق الذين وصلوا لم تتح لهم فرصة أنهاء الدورات العسكرية في لبنان أو اليمن الديمقراطية ولم تمسك أياديهم السلاح من قبل وكان قسـم منهم قد أنهى تعليمـه الجامعي في دول أوربا الشرقية وجاءوا على عجل تنفيذا" لقرار الحزب كما ذكرت سابقا" لتوقعات الحـزب بحصول تطورات على الجبهة وأحتلال أيران لأراضي عراقية . وكان الرفيـق سليمان يوسف أسطيفان ( أبو عامل ) قد وعـد بفتح دورات عسكـرية لتعلم السلاح في فصل الصيف .

لكون المنطقة جـديـدة ولم يجري بعد تهيئة المواقع وقدوم أعداد كبيرة من الرفاق كان يمكن ملاحظة عدم أنتظام الحركة وقلة اليقظة والأنضباط والترهل فكان التزاحم حول مواعيد الطعام والأنتظار لوقت طويل لأخذ الأواعي الفارغة لنأخذ كمية من الأكل ، ولم ينتبه الرفــاق لتلك الوضعية غير الأمنة لولا تلك الحادثة البسيطة ، لقد كان يجلس بيننا أحد الأشخاص ويتناول طعامه مع الرفاق في المكتب السياسي وكأنه أحدهم ، ومساءا" فقط أثيرت حــوله التسـاؤلات خاصة وأنه غير مسلح وبعـد التحقيق تبين أنه أحد القرويين الذين صودرت سيارته مؤقتا" لحاجة رفاقنا أليها لنقل التموين وخاصة والشتاء على الأبواب في أحد المواقع المتقدمة وقد جاء لقيادة الحزب لتقديم شكوى ، فماذا حصل لو كان من المخابرات ولديه سلاح وهو على بعد أمتار من الرفاق أعضاء المكتب السياسي ؟ وكيف علم بتواجــد قيــادة الحزب في هذا المكان ؟ وكيف سمح له المرور من قبل فصائلنا المتقدمة ... ؟ هذه الحادثة وهذه التساؤلات غيرت وضع القاعدة وأعتبر جرس أنذار لكل الرفاق فرفعت من همة الرفاق ويقظتهم وأجريت بعض الخطوات لتلافي أية أشكالات في المسـتقبل فبدأت عمليات سريعة لنقل الرفاق ونصب خيام للسكن المؤقت وحـددت مواقع المظادات الجوية وبوشـر بالبناء السـريع وعززت الفصائل المتقدمة وأنشأت نقاط سيطرة .

تذكرت لاحقا" مع رفاقي تلك الليلة الأولى التي نمنا فيها في الخيمة وأرادت الطبيعة أختبار مدى تحملنا فهطلت أمطار غزيرة أغرقت الخيمة والمكان كله وتبللت البطانيات ولا أعرف كيف حصــل الرفيق ( أبو حسن حبيب ألبي ) على بعض الأغصان الجافـة فأوقد النار وجلسنا حولها حتى الصباح ، عطف الرفاق علينا وحن قلوب البعض فأرسلونا مؤقتا" الى أحد الفصائل المتقدمة حيث خرجت منه مفرزة أستطلاعية لعدة أيام فأخذنا أماكنهم لحين عودتهم .

بعـد أيام قليلـة باشــرنا ببنــاء مقـر لسرية الدفاع الجـوي والذي كـان آمرها الرفيق ملازم قصي ومســتشارها السيــاسي الرفيق أبو آيار والذين جمعتني معهم علاقـة رفاقية حميمة طيلة سنوات تواجدي في كردستان ، كانت عملية البناء شاقة لم نألفها في البداية فنقل الحجر جرى من مناطق بعيدة جدا" وكنا نحاول أيجاد طرق مختلفة لنقلها سواء في أكياس أوعربات خشب أو ربط جذوع الأشجار بحبال وغيرها كما أن خميرة الطيــن تتطلب جهــدا" وخبــرة خاصة وقد أبرع فيها الشهيــد أبو الوسن الذي كان يتحفنا بصوته الشجي وأغانيه الريفية ، ثم نقل الأخشاب وجذوع الأشجار الكبيرة التي يتطلب نقلهــا من مسافة الى أكثر من أربعين دقيقة وكنا نسير حاملين السبندارة الطويلة وهي تترنح بين أيدينــا ويليها تغطيــة السقف بالأغصان والأوراق ومن ثم طبقة كثيفة من التراب . كان البناء شاقــا" ولكن المعنويات عالية وروح النكتة وأغاني الرفيق الشهيد أبو الوسن الريفية ونكات الرفيق أبو حقي العريف الذي جاء من النجف عاملا" في أرتفاع البناء شيئا" فشيئا" .

أنهينا البناء في غضون عشرين يوما" وأصبحت غرفــه الثلاث مقرا" لمكتب الســرية ولرفــاق الفصـيل الذي كان آمره الرفيـق أبو نصار وللمـزح لقبه البعض بالمرافق الأقدم لأنه كان مرافقا" للرفيق فخري كريم عندما كان مسوؤلا" لمنظمة الحزب في لبنان .
تم نقلي الى فصيل آخر بالقرب من مقر الأقليم ( أقليم كردستان ) وكان مقر الفصيل بناء قديم وهو عبارة عن أصـطبل للخيول قام الرفاق بتنظيفـه وترتيبه للمنام ولكن كنا نعاني من عدم وجــود مطبخ أو حمام وكان آمر الفصيل الرفيـق خالد عرب الذي ربطتني به علاقات حميمة لسنوات عديدة وكذلك مع معظم الرفاق في الفصيل والذين أستشهد عددا" منهم في معركة بشت آشان . كان رفاقنا يتناوبون مع رفاق الأقليم على الدوشكا المشرفة على مقر المكتب السياسي يوميا" وقد نقل الموقع الى عدة أماكن آخرى فيما بعد . أضافة لفصيلنا كان هناك فصيل متقدم وأحدى حضائره هي حضيرة الدوشكا التي تشرف على مقر الأعلام المركزي ، كان آمر الفصيل الرفيق الشهيد صامد الزنبوري ، لقد كان رفيقا" شجاعا" تربطني معه علاقة متينة منذ أن كان يدرس في كلية الزراعة في موسكو وساهم مع رفاق الطريق في نقل السلاح من القامشلي الى بهدنان وقد أستشهد فيما بعد في معركة بشت آشان ، كانت مشكلتنا في الفصيل عدم توفر عين للماء بجواره وكان الرفاق ينقلون الماء أليه من مواقع آخرى بواسطة بغل كبير السن مريض يسير ببطئ شديد وكانت رحلة نقل الماء تستغرق وقتا" طويلا" فأطلق الرفاق عليه للمزح والنكتة ( فصيل الكويت) وأخذت هذه التسمية تلازم الفصيل فترة طويلة . وهذا يذكرني بفصيل الأعلام المركزي الذي أسماه الرفاق ( فصيل بدربك حبيّب ) وجاءت هذه التسمية شتاء" وأثناء البرد القارص والرفاق يدفـئون أنفسـهم تحت البطانيـات فيحـاولون جهـد الأمكان الأحتفاظ بالدفئ بعدم الخروج من تحت بطانياتهم فيكلفون أي رفيـق ينهي حراسـته الليليــة ويدخل القاعـــة بقولهــم رفيق بدربك حبيّب أعمل كذا ، وكانت أكثر الحاجات هي توليع السكائر من المدفئة .

كان فصيلنا من أكثر فصائل بشت آشان بؤسا" فمقرنا كان زريبة للحيوانات ، مظلم بدون نافذة ما عدا فتحة صغيرة بحدود 30 سم مربع في أعلى البناء ، لا يوجد مطبخ ، كنا نطبخ في العراء خارج المقر فكانت اللعنة نفسها تحل على الرفيق الخفر شتاء" ، أن عدم وجود حمام زاد من بؤس الفصيل فكنا نذهب دوريا" الى مقرات الفصائل الأخرى لغرض الأستحمام دوريا" ، وأما الخبز فكنا ننتظر أن ينهي أحد الفصائل عمل الخبز ليأتي دورنا وكانت عملية شاقة تستمر حتى المساء نعود بعدها ولمسافة طويلة حاملين أكياس الخبز وأتذكر أحد المرات شاهدنا الرفيق أحمد باني خيلاني ( أبو سرباز ) ونحن عائدين مساء" حاملين أكياس الخبز وبعد الأستفسار عن ذلك تأثر كثيرا" وبجهوده حصلنا على برميل وكان أفضل هدية حصل عليها الفصيل فأستطعنا أن نبني فرنا" زال عنا ذلك العناء الذي لازمنا طيلة أشهر عدة .

أما عملية قطع الأخشاب فكانت من أعقد المشاكل التي واجهتنا فكنا نضطر تسلق مرتفعات عالية نبحث عن أشجار يمكن قطعها وتطلب ذلك جهدا" ووقتا" طويلا" ، وأتذكر في أحدى المرات خاطب الرفيـق الشهيـد توفيق آمر الفصيل الرفيق خالد عرب رفيق ليش ما جبنا الغداء ويانه " علما" أننا خرجنا لقطع الأخشاب بعد الفطور مباشرة فأجابه ( صوج أبو آسوس ) والرفيق أبو آسوس ( فاتح رسول ) كان سكرتير للاقليم وهو معروف لدى الرفاق بالحدة والحزم حيث كان لا يتردد أن يوجه الأهانة الى رفيق أوعدة رفاق أرضاء" لقروي كردي ويردد دائما" بأن العرب ( لا يستطيعون التمييز بين شجرة مثمرة وغير مثمرة ويقطعون الأشجار بدون وجع كلب ) ، حيث في أحدى المرات قطعنا شجرة ميتة جافة جدا" ومتهرئة ولكن أحد القرويين أدعى على انها شجرة كمثرى مثمرة وتعود اليه وقدم شكوى للرفيق أبو آسوس الذي أنّب بدوره الرفاق وعوض القروي ما يعادل ما تنتجه الشجرة من الكمثرى لمدة ثلاثين عاما" .

يتبع
نيسان / 2010



#فائز_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر ، العبور الى كردستان
- لقطات من الذاكرة.... بائعة القيمر وضحة
- لقطات من الذاكرة..... الجدة بصرية
- لقطة... من داخل المستشفى
- في الذكرى الثلاثين لأعتقال الشهيد نافع عبد الرزاق الحيدر
- في ذكراه السادسة ، النصير سلام عبد الرزاق الحيدر / د . أبو ت ...
- إتحاد الطلبة العام وصالح المطلك
- محنة الصابئة المندائيين وإزدواج الشخصية
- هل تصدر المرجعيات الدينية فتوى تحرم قتل المندائيين
- من ينقذ الصابئة المندائيين من الأبادة الجماعية ؟؟
- الإعلام المندائي ... الواقع والطموح
- المثقفون والموقف من دعاة الثقافة
- على هامش إنعقاد المؤتمر الخامس لإتحاد الجمعيات المندائية في ...
- على هامش إنعقاد المؤتمر الخامس لإتحاد الجمعيات المندائية في ...
- المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19 ...
- المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19 ...
- المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19 ...
- الثقافة العراقية ما بين فكر البعث والعمائم
- المثقف المندائي والتعصب ولغة الحوار
- الثقافة ما بين الحوار والتكفير


المزيد.....




- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فائز الحيدر - من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر ، قاعدة بشت آشان