أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فائز الحيدر - من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر ، العبور الى كردستان















المزيد.....

من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر ، العبور الى كردستان


فائز الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 18:57
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر
أعداد فائز الحيدر
الحلقة الأولى

العبور الى كردستان

طال أنتظارنا في القامشلي أكثر من شهرين على المحاولة الثانية للعبور ، كان ذلك في صيف عام / 1982 ، لقد أثرت المحاولة الأولى الفاشلة على معنويات بعض الرفاق فأعتذروا الذهاب الى كردستان وعادوا الى أيطاليا والجزائر . لقد كانت محاولة العبور الأولى بمثابة درس للشجاعة والتحمل والعزم والمواصلة ، لا يمكن أن ننسى تلك الأطلاقات التي أحرقت العشب اليابس حولنا وأدت الى أندلاع النيران عندما وقعنا في كمين للجندرمة الأتراك بعد عبورنا النهر الصغير الفاصل بين سوريا وتركيا في الزوارق المطاطية وأخذت الأطلاقات تمر من فوق روؤسنا ولا نعرف ماذا نفعل ، حينها قرر الدليل التركي المرافق لنا عدم المخاطرة والعودة بنا الى القاعدة .

عدنا الى القامشلي متعبين خائبين في ملابس ملطخة بالوحل ، حاملين معنا أحد الرفاق الجرحى حيث جرح بشكل غريب أذ أخترقت طلقة واحدة يده وفكه في آن واحد وهو منبطحا" على الارض وأرسل فيما بعد الى جيكسلفاكيا للعلاج .
بعد شهرين على تلك المحاولة وصل الكثير من الرفاق من دول مختلفة، وتوسعت غرف الدار الذى كنا نسكن فيه وجرى الأستعداد لمحاولة عبور ثانية بعد مراقبة ضوء القمر بأستمرار ، حيث كان الحزب يتوقع عام 1982 أن تحدث تطورات وتغيرات مهمة بعد المعارك على الجبهة العراقية الأيرانية وخاصة بعد أحتلال أيران لأراضي عراقية شاسعة .

كان عبورنا ناجح هذه المرة ولم تحدث أي أشكالات ، كنا نسير في صف واحد لرفاق تجاوز عددهم الثلاثين في ملابس غير موحدة من الشروال الكردي الى البدلة الخضراء العسكرية التي أهدت رومانيا كميات منها والتي تركت في أول نقطة آمنة لأن القرويين الأكراد كانوا يظنوننا جنود السلطة ، كنا نسير بحدود عشرين ساعة في بعض الأوقات مضطرين لعبور نقطة مهمة خطرة ، وأحيانا" خمس ساعات فقط ونخلد للراحة بعدها لفترة طويلة بأنتظار الليل .
كانت محطة الرفيق ( أبو حربي ) أول محطة راحة لنا قضينا فيها يومين أستعدادا" لمواصلة الرحلة ، كانت الأيام متعبة جدا" وحينها فقط أدركنا أن توصيات الرفيق أبو حسن عضو منظمة القامشلي كانت صادقة وفي محلها حيث كان يوصينا بتخفيف ما نحمل من أمتعة .
كان الرفيق ( أسو ) وكنا نلقبه ( براسو ) لأن رأسه كان كبيرا" لدرجة يلفت فيها النظر ، ومن المفارقات بأن هذا اللقب لازمه طيلة بقاءه نصيرا" في كردستان ، كان الرفيق أسو أكثر الرفاق جدالا" مع الرفيق ( أبو حسن ) فكان مصرا" على أخذ ( البزق ) وهي آلة موسيقية كردية معه وقد جلبها من يوغسلافيا ، وبعد جدال طويل تنازل رغما" عنه ، وعندما نمازحه أثناء سيرنا بين الجبال ونحن متعبين لحد الأعياء كنا نستفزه بقولنا ألا تحن للعزف على البزق يا آسو ؟ كان يقول بعصبية ( يا بزق يا بطيخ هسه آني صاير بزق بس واحد يجي يدك عليّ ) .

رافقنا من محطة ( أبو حربي ) الأولى أدلاء الى قاعدة بهدنان ومنهم الرفاق ( أبو عراق ) والشهيد ( أبو بسيم ) الذي نقل من بهدينان الى سوران وتزوج من طالبة الطب التى قطعت دراستها في جيكسلفلكيا وأستشهد بعد ثلاثة شهور من الزواج في معارك ( بشت آشان ) .
وصلنا ( قاعدة بهدينان ) وحينها فقط أدركنا أننا بين الأنصار حيث الحركة المستمرة والأندفاع الشجاع وألتقيت هناك بعدد من الرفاق الذين فارقتهم ومنهم أبن عمي الرفيق ( أبو داود ) الذي وصل في اليوم الثاني حيث كان في مهمة أستطلاعية مع عدد من الرفاق . ذهبنا في اليوم التالي الى قاعدة ( يك ماله ) وتعني البيت الواحد وهي تبعد حوالى الساعة عن مقر بهدينان ، الرفيق الذي يقود مفرزتنا الصغيرة يريد أن يثبت أمكانيته الأنصارية نحن الجدد في الحركة ، كان يقف بعد كل عدة خطوات ويهيأ بندقيته ويطلب منا الهدوء ويصغي بأنتباه وكأننا على بعد خطوات من الربايا ، كان يتحدث بفخر عن العمليات التي قام بها أنصارنا ورفاق الطريق والسلاح .

وصلنا متعبين الى فصيل ( يك مالة ) وفي هذا المكان تعلمنا المفردات الأولية في العمل الأنصاري ..... الكمين ، الدوشكا ، الخفارة ، الحطب ، الحراسات الليلية وسر الليل .... الخ وشاركنا الرفاق في الأعمال اليومية والبناء والتناوب على الدوشكا والحراسات ، وكان الليل كالعادة حديث وسمر حول السياسة والحرب والأنصار وكنا نستمع أليهم بدهشة فهؤلاء الرفاق سبقونا في العمل الأنصاري لسنتين أو ثلاثة وهي فترة طويلة وكانت بداية التجربة الصعبة وكان حديثهم هذا يثير فينا الشجاعة والبسالة.
بعد ثلاثة أيام جاءت التعليمات بالتهيأ للمغادرة الى ( قاعدة سوران ) ، خرجنا صباحا" وكان يرافقنا الرفيق ( كاكه حمه ) وهو رفيق كردي شجاع ومرح للغاية جرح في أحدى المعارك في قاطع أربيل وعولج في لبنان وعاد ثانية الى الأنصار ، كانت جيوبه مليئة بالحلوى ويعطي الرفاق منها أثناء السير لأعطاهم الطاقة ، كان معنا أيضا" الرفيق شيخ وهو من الطائفة الأيزيدية والذي عمل في الأعلام المركزي للحزب والرفيق الشهيد أبو فكرت ( رحيم كوكوالعيداني ) وهو صابئي مندائي الذي أستشهد بعد فترة في معارك مع القوات التركية التي دخلت الأراضي العراقية وتقدموا نحو مقراتنا في قاطع بهدينان .
كنا نسير في أراضي عراقية وتركية ونرى القرى المهجرة ولا تزال فواكه التين والعنب وبقية الفواكه لم يمسها أحد ، ونمر بجوار ربايا منيعة محكمة على مرتفعات تشرف على مناطق واسعة ولكنها فارغة وكانت معظم الربايا قد بناها عسكريون رومانيون في فترات مختلفة من عام 1975 أثناء قتال النظام الدكتاتوري مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ، معظم الأراضي التي سرنا فيها كانت تركية ولذلك كنا نمشي ساعات طويلة دون توقف وصعدنا قمما" عالية أنهكت قوانا وكان الماء وشحته نقطة الضعف الأولى لدينا .

النصير ( أبو مصطفى ) ذلك الرفيق البشوش دائما" والذي لم يستطع مواصلة السير فطلب متوسلا" تركه وأخذ يردد ( رفاق أخذوا السلاح وخلو بس سكين يمي ) ورفض السير رغم توسل الرفاق أليه الى أن أقنعه الرفيق ( شيخ ) وأقسم له بأن الماء قريب من تلك السبندارة التي نراها وهي تبعد قليلا" من موقعنا فزادت كلماته من عزيمتنا وهمتنا ، أسـترحنـا قرب الماء من تعـب مسيـرة طويلـة وقاسيـة ، ومن المفارقات أن الرفيق أبو مصطفى أصبح يقود بشجاعة المفارز ودليل لها بين سوران وبهدينان .
وصلنا بعد أيام الى ( سرية روست ) وكان آمرها الرفيق الشهيد ( خضر كاكيل ) بطل أقتحام الربايا ، في روست ألتقيت بالشهيدة أحلام ( عميدة عذبي حالوب ) التي تزوجت من الرفيق ( م. علي ) وجاءوا معا" الى كردستان وكان لقاء" وديا" فالرفيقة وعائلتها كانت تسكن بجوارنا في بغداد وكانت طفولتنا مشتركة وكان أخيها عماد زميلي في الدراسة لسنوات عديدة وقالت لي تذكرت أخي عماد ومحلتنا وألعاب الطفولة ، أتذكر ملامحها جيدا" وهي صغيرة مع أختي الصغرى وبنات الجيران وهـن يلعبن ( التوكي ) أمام بيتنا ، ولسوء الحظ كانت عميدة هي الرفيقة الوحيدة التي أستشهدت ببطولة في معارك بشت آشان وقيل أن أحدهم قطع أصبعها طمعا" في حلقة الزواج .
كانت سرية روست أقرب نقطة الى مقرنا في سوران في هذه القاعدة ألتقيت برفاقي اللذين كانوا معي في اليمن الديمقراطية / مدينة شبوة وهم رفاق رائعون ، أبو نشأت وأبو عسكر وسالم الذي كان يسمونه سالم البزن لسواد وجه وشعره الكث وكان معنا أيضا" معاون آمر السرية الشهيد أبو فيروز الذي أستشهد ببطولة في محاولة لأقتحام ربيئة فيما بعد .

من روست الى سوران رافقنا الشهيد أبو فيروز وسالم وكانت مهمتهم عبور المنطقة الخطرة التي توجد بها ربيئة دار السلام حيث بعدها ندخل المنطقة الآمنة ، وصلنا على بعد لا يتجاوز خمسة وعشرين مترا" من الربيئة وكنا نسمع أصوات الجنود وحركة بعضهم على ضوء القمر وقد أطلقت أطلاقات تنويرية أنارت المنطقة كلها وتردد الرفيق ( أبو فيروز ) في البداية وأقترح العبور في يوم آخر ولكن بعد أنتظار قليل حسم الموقف وقرر الرفاق العبور وبخفة وحركة سريعة أجتزنا الربيئة وأتذكر أن أحد الرفاق تعثر بسلك ألغام الربيئة وسقط وأحدث ضجة وضوضاء أثار الرعب فينا . صعدنا بعدها جبل غير شاهق الأرتفاع لنطل على مناطق تواجد الأنصار في ( بولـي ) التي تبعد ساعتين هي أول نقطة لتواجد رفاقنا في سوران ، وصلنا ( بولي ) وتناولنا طعام الغذاء بسرعة لنتحرك بعدها الى مقر القاطع في ( بشت آشان ) وودعنا حينها آخر شارع مبلط حيث لم نشاهد بعدها مثله إلا بعد ست سنوات بعد إنسحابنا الى أيران .

يتبع
نيسان / 2010



#فائز_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقطات من الذاكرة.... بائعة القيمر وضحة
- لقطات من الذاكرة..... الجدة بصرية
- لقطة... من داخل المستشفى
- في الذكرى الثلاثين لأعتقال الشهيد نافع عبد الرزاق الحيدر
- في ذكراه السادسة ، النصير سلام عبد الرزاق الحيدر / د . أبو ت ...
- إتحاد الطلبة العام وصالح المطلك
- محنة الصابئة المندائيين وإزدواج الشخصية
- هل تصدر المرجعيات الدينية فتوى تحرم قتل المندائيين
- من ينقذ الصابئة المندائيين من الأبادة الجماعية ؟؟
- الإعلام المندائي ... الواقع والطموح
- المثقفون والموقف من دعاة الثقافة
- على هامش إنعقاد المؤتمر الخامس لإتحاد الجمعيات المندائية في ...
- على هامش إنعقاد المؤتمر الخامس لإتحاد الجمعيات المندائية في ...
- المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19 ...
- المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19 ...
- المهرجان الدولي التاسع للشبيبة والطلبة ، صوفيا بلغاريا / 19 ...
- الثقافة العراقية ما بين فكر البعث والعمائم
- المثقف المندائي والتعصب ولغة الحوار
- الثقافة ما بين الحوار والتكفير
- المثقفون والنرجسية ومرض الأنا


المزيد.....




- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فائز الحيدر - من ذكريات النصير الفقيد سلام الحيدر ، العبور الى كردستان