أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صبحي حديدي - الواق واق الجديدة














المزيد.....

الواق واق الجديدة


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 886 - 2004 / 7 / 6 - 05:14
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


فرانسيس فوكوياما، صاحب نظرية "نهاية التاريخ" الشهيرة، كتب ما يلي عن صمويل هنتنغتون، صاحب نظرية "صراع الحضارات" التي لا تقلّ شهرة: إنني أكثر ثقة منه بأنّ الولايات المتحدة سوف تواجه تحدّيات القرن الحادي والعشرين، وستنجح، وتنتصر! ليس في مسائل السياسة وقيادة الكون واختتام التواريخ والظفر في صراع الحضارات فحسب، بل كذلك في المصالحة بين "الثقافة الأنغلو ـ بروتستانتية" و"الثقافة الإسبانية ـ اللاتينية"...
جاء استبشار فوكوياما هذا في سياق مراجعته لكتاب هنتنغتون الجديد، الذي صدر مؤخراً بعنوان "مَن نحن؟ تحدّيات الهوية الوطنية الأمريكية"، والذي يساجل بأنّ أمريكا لن تتمكن من مواجهة التحديات القادمة إلا إذا حافظت على هويتها المسيحية الأنغلو ـ بروتستانتية. وهكذا فإنّ عنوان المراجعة التي كتبها فوكوياما يلخّص محتواها تماماً، بل يكاد يغني عن قراءتها: "أزمة الهوية: لماذا لا ينبغي أن نخشي الهجرة المكسيكية؟".
في عبارة أخرى، يقول فوكوياما: ليست المسيحية الأنغلو ـ بروتستانتية هي وحدها الخلاص، ولا الهجرات القادمة من المكسيك ومختلف بلدان أمريكا اللاتينية سوف تلعب دوراً مماثلاً للدور الذي لعبته الهجرات القادمة من أوروبا، خصوصاً وأنّ الكاثوليكية هي معتقد الغالبية الساحقة من هؤلاء المهاجرين، فضلاً عن أنّ بعضهم ينتمي إلى المذهب الإنجيلي البروتستانتي. أكثر من هذا، يتساءل فوكوياما، أليسوا أقرب إلى الأنغلو ـ بروتستانت من السود الأفرو ـ أمريكيين؟ ألم يسمع هنتنغتون بالجنرال ريكاردو سانشيز، قائد القوّات الأمريكية في العراق؟
ولكن... أهذه، حقاً، هي اليوم نقاط الخلاف بين مفكّر أوّل بشّرنا بانتهاء التاريخ وانتصار الآدمي الرأسمالي إبن اقتصاد السوق وخاتم البشر أجمعين، ومفكّر آخر بشّرنا بأنّ صراعات البشرية القادمة لن تدور حول المصالح والأسواق وتقاسم القوّة بل حول ارتطام حضارة بأخرى، جوهرياً أو حتى حصراً؟ أهذه، حقاً، هي مآلات ذلك "الشقاق الكبير" بين التاريخ الذي انتهى عند انهيار جدار برلين، والتاريخ الذي اندلع من جديد في المساجد والحسينيات ومعسكرات تدريب "القاعدة"؟
وإذا كانت الثقافة الأنغلو ـ بروتستانتية هي آخر فتوحات هنتنغتون، فإنّ آخر مآثر فوكوياما كانت... نظرية "النظام البيولوجي للعلاقات الدولية"! نتذكّر، هنا، كيف قادنا الأخير إلى حديقة حيوانات أرنهيم، في هولندا، حيث دار صراع مكيافيللي بين "يروين" الشمبانزي الذكَر وزعيم المستوطنة، و"لويت" الشمبانزي الشاب الطامح إلى الزعامة، انتهى إلى تنحية الأوّل وصعود الثاني. ثم أعادنا إلى صراع آخر سابق شهدته محميّة غومبي في تنزانيا، وانتهى إلى اضمحلال الفريق الجنوبي تماماً، باستثناء عدد من الشمبانزي الإناث اللواتي بقين على قيد الحياة لأنهنّ إناث أوّلاً، ولأنهنّ التحقن صاغرات بالفريق الشمالي.
فوكوياما استخلص أوّلاً أنّ ظواهر العدوان والعنف والحرب والتنافس المحموم على السلطة أقرب إلى سيكولوجية الرجل منها إلى سيكولوجية المرأة، والنتيجة هي أنّ العالم الذي تحكمه النساء سوف يكون مختلفاً تماماً لأنه سيتبع قواعد مختلفة تماماً. واستخلص، ثانياً، أنّ النزعة الذكورية لاستخدام العنف الجماعي ليست ذات صلة بتقاليد المجتمعات البطريركية فحسب، بل هي بنية بيولوجية صرفة... الأمر الذي يجعل تعديلها مسألة معقدة وطويلة الأمد. وهكذا دعا نساء العالم إلى الإنخراط في السياسة، الآن قبل الغد، إذا كانت الإنسانية ستدخل الألفية الجديدة وقد وضعت ركائز سليمة لبناء عالم ما بعد صناعي، ما بعد حداثي، ديمقراطي، سلمي، و... نسوي. والنموذج المطلوب هو مثال السيدة الحديدية الخشنة (وفوكوياما يسمّي مارغريت ثاتشر وغولدا مائير) وليس السيّدة الرومانتيكية الرقيقة الحالمة.
وأمّا ثالثاً، وبيت القصيد في الواقع، فهو الكاشف العنصري لمراثي فوكوياما: أنّ النظير البشري للعنف الجماعي كما تمثّله صراعات الشمبانزي ليس حروب أوروبا التي سقط فيها عشرات الملايين من البشر، بل حروب المسلم والصربي في البوسنة، والهوتو والتوتسي في رواندا، والميليشيات في ليبيريا وسيراليون وأفغانستان... والتتمة الطبيعية هي تشديد صاحبنا على أنّ نظام العلاقات الدولية الجديد (أي ذاك الذي تحكمه النساء والحكمة النسوية) سوف يظلّ بحاجة إلى أنظمة ذكورية عاصية هنا وهناك، شريرة شيطانية يتوجّب على المجتمع الدولي الجديد تأديبها وجعلها عبرة لمن يعتبر. ومَن تتوقعون أنه في طليعة هذه الأنظمة الذكورية العاصية، حسب فوكوياما؟ مَن سواه؟ صدّام حسين... بالطبع!
وإذا كانت هذه هي مشاغل فارسَيْ "نهاية التاريخ" و"صراع الحضارات"، وفي هذه الأحقاب بالذات من تاريخ العلاقات الدولية، فكيف يمكن للمرء أن يستغرب مطالبة بعض أعضاء الكونغرس الديمقراطيين بوضع مراقبين دوليين على صناديق الانتخابات الرئاسية... ليس في بلاد الواق واق، بل في الولايات المتحدة الأمريكية!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيهما أكثر أولوية: نهب العراق أم محاكمة صدّام؟
- الشعر والطواحين
- لوينسكي جورج بوش
- سياسة الذاكرة حيث ينعدم الفارق الأخلاقي بين هتلر وتشرشل
- المئوية الفريدة
- النظام الرأسمالي العالمي: التنمية بالدَيْن أم غائلة الجوع؟
- القصيدة والأغنية
- أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض
- خارج السرب
- حزب الله في ذكرى التحرير: احتفاء مشروع وأسئلة شائكة
- السينمائي الداعية
- بريجنسكي والسجال الذي يتكرر دون أن يتجدّد: خيار أمريكا في ال ...
- فلسطين التي تقتل
- مصطفى طلاس والتقاعد الخالي من الدلالات
- تكنولوجيا الروح!
- أنساق الإرهاب: -الحملة- في اشتداد والمنظمات في ازدياد!
- برابرة -أبو غريب-
- ما وراء الأكمة مختلف كلّ الاختلاف عن الروايات الرسمية: واقعة ...
- قلعة الرجل الإنكليزي
- الأصولية المسيحية وجذور الموقف الأمريكي من إسرائيل


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - صبحي حديدي - الواق واق الجديدة