أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - رواية حسن الفرطوسي - سيد القوارير - عن أحوال العراقيين في بقعة أخرى من الشتات















المزيد.....

رواية حسن الفرطوسي - سيد القوارير - عن أحوال العراقيين في بقعة أخرى من الشتات


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 21:14
المحور: الادب والفن
    


صدرت عن الدار العربية للعلوم في بيروت، ودار مسعى في الكويت، الرواية الأولى «سيد القوارير» للروائي العراقي حسن الفرطوسي، والرواية قصيرة من 80 صفحة مقسمة إلى أربعة فصول، هي على التوالي، غواية مراكب السيد لوكا، علبة الثقاب، مزامير العتمة، رايات الجنون، مع ملحق فيه تعليق للكاتب عن الأسباب التي دفعته لكتابة الرواية وطريقة كتابتها مع سيرة الكاتب في نهاية الكتاب.
يتناول النص بعداً منسياً من أبعاد الشتات العراقي في خضم الحروب المتتالية والقمع في زمن الدكتاتورية، ألا وهي حياة العراقيين الذين اشتركوا بانتفاضة مارس 1991 في الجنوب العراقي والذين اضطروا، بعد هجوم الحرس الجمهوري وسيطرته على المدن، إلى الهروب نحو حدود السعودية ليجدوا أنفسهم محجوزين في مخيمين صحراويين، هما الأرطاوية، ورفحاء، سيدمجان لاحقاً في مخيم واحد هو «رفحاء» وهو مادة النص مكاناً وشخوصاً وأحداثاً.
النص مسرود بالضمير الثالث، وبصوت الراوي العليم، لكنه يركز على شخصية محورية هي «علي موّات» وهي شخصية حيادية، متأملة، مسكينة، لا تعرف كيف تورطت مع المنتفضين. كانت تظن أنها ما ان تنجو من جحيم العراق وتعبر الحدود حتى تجد الجنة، فتكشف هول الصحراء وحياة معسكر يشبه معسكر اعتقال. وستمر غالبية الأحداث التي يرويها الرواي من خلال عيني علي موّات، ما ساهم في تخفيف مبنى النص وغرضه الإيديولوجي الذي فضحه الكاتب في تعليقه الأخير «على تخوم الحكاية» ص81.
ينسج الراوي حبكة النص عبر حدث غريب يجلب انتباه جميع سكان المخيم، الا وهو خيمة غريبة تنصب في مكان غير مخصص للخيام، ومن خلال عيني شخصية علي موات وذاكرته يعود بنا إلى العراق وتحديدا مدينة «الشطرة» وهي قصبة من قصبات مدينة الناصرية. فمن خلال تداعيات علي المتأمل، نطل على طبيعة الحياة في تلك المدينة، الشاعر الذي نعته بالمسكين، كاظم نزال الذي شلّ بسبب سخريته من السادة، نسل آل البيت، وطرف من فوضى الانتفاضة والقتل والنهب، مضافاً إلى كوة صغيرة على الحياة الاجتماعية وطبيعة الخرافة المتحكمة بعقول الناس البسطاء، أم ماهود صاحبة الدكان، مرقعة أغشية البكارة، مجهضة الحوامل بالسر، والتي نسجت قصصا وطدت من تحكمها بالوسط الشعبي المحيط، كقصة حمل فتاة دون زواج، كونها منذورة للمهدي المنتظر بفبركة أدلة، هذه اللمحات الخاطفة كانت العمق الوحيد للنص وكائناته في مكانهم الأول قبل عبور الحدود. ما شكل، من وجهة نظري، احد أوجه قصور النص وشخصياته، فالمكان الجديد هو الطارئ، أما الأول فهو الذي نسج هذه الكائنات وأعطاها وجودها الآني بكل محمولاتها الفكرية والنفسية المتصارعة في المعسكر.
ورغم قصر النص، لكنه محتشد بالشخصيات المختلفة والمحورية المشكّلة لأطراف الصراع داخل المخيم. الشخصيات تتطور مع أول مَعْلَمْ عام يجمع سكان المعسكر «الجامع» إذ من خلاله يبني الكاتب نسيج العلاقات والصراعات اللاحقة التي تنتهي نهاية دموية مناسبة جدا لطبيعة الأحداث في العراق سابقا ولاحقا.
من خلال «الجامع» سينسج الرواي حبكة النص بترسيم شخصيات خيمة الجامع، الشيخ «فاضل» مجود القرآن والمحاضر الذي سيصبح شيخ الجامع، وخادمه «سيد القوارير» الذي سينقلب عليه لاحقا باجتراح معجزة مفبركة عن فتح عيني أعمى يدعي أنه فقد بصره في معركة من المعارك التي تنشب بين سكان المعسكر على أساس مناطقي، أو عشائري بمساعدة «المهدي المنتظر». والطرف الآخر وهم العلمانيون الضعاف نسبيا، سواء في المعسكر أو في العراق المعاصر. «حسين أبو الجريدة» الذي يصدر عددين من جريدة حائطية بخط يده ويطالب بمركز بريد فيضرب بفتوى من «سيد القوارير» وتمزق جريدته، وأصحابه الذين يقومون باضراب عن الطعام وتخييط حلوقهم احتجاجا على أوضاعهم اللاإنسانية، فيكفرهم سيد القوارير وهنا محور الحدث والصراع الرئيسي الثاني بعد الصراع الذي حسم مع الشيخ فاضل.. النص مكرس لاحقاً لتصعيد هذا الصراع ليتحول إلى مذبحة في الفصل الأخير حيث يأتي «المستر لوكا» ليصور جثث القتلى. مضاف لشخصيات ثانوية «محمد زيادة» الذي فقد يده اليمنى في الحرب العراقية - الإيرانية.
كما يشير النص إلى العلاقات المثلية المنتشرة بشّدة في البيئة العراقية المغلقة صارمة التقاليد الشكلية، القامعة علنا كل شيء من خلال حب سلمان الشهوي لظاهر وهو سيد القوارير الذي كان يشاركه الخيمة لكنه صار حلما بعد أن تحول إلى ما تحول إليه.
النص مكتوب بلغة جميلة ومتينة وسلسة تمكنت من تصوير المشاهد بشكل دقيق ومناسب. فالمشاهد التأملية مروية بلغة منسابة تقترب من لغة الشعر حتى أن العديد منها يشبه الحكمة وكأنها مكتشفة من جديد كهذا المقطع الذي يـتأمل فيه المنفي معنى الوطن:
(الإنسان لا يدرك معنى الوطن إلا حين تطأ قدمه حدوده مغادرا أو عائدا، عندها يبدأ المرء بتأمل ذلك المفهوم المبهم والمعنى المشوش لذلك العشق الخفي الذي ليس بوسع أي إنسان أن يجد له تبريرا مقنعا لنيرانه المعتملة في قيعان الروح) ص 12.
أما عند تصوير المشهد الدرامي فتتحول اللغة بجمالية نسج جملها السردية إلى مقاطع متوترة متفجرة تريك المشهد وتعيشك وسطه، كما هي الحال في وصف مشهد الجموع المذهول أمام باب خيمة سيد القوارير لحظة خروجه بصحبة الأعمى الذي أبصر بمعجزة من «المنتظر».. المشهد الممتد من ص 38 إلى ص 48. ومن هذه الصفحات هذا المقتطع:
( اهتزت الخيمة بعنف، ارتجفت معها فرائص الصف الآخر الذي نأى بعيداً، أما الحشد فما زال غارقاً، سكران في دهشة طائر اللازورد.
توهجت كشافات الضوء وغمرت بنورها المحيط المقدس، قبل أن يزاح باب الخيمة، ليطل منها سيّد القوارير وهو يمسك بيد الشاب الأعمى الذي بدت بشارات الفرح تتقافز على محياه. افتربت الحشود البعيدة أكثر.. غص المكان بهم وتصارعت المناكب لإيجاد متسع ما، يكفي لنهل هذا البوح العظيم ) ص48.
وما يحسب للنص ويبرره فنيا هو قدرته على خلق عالم روائي مشبع بشخصيات بدت حية يشمها ويلمسها القارئ طوال صفحات النص، لكنه -أي النص- بني لهدف محدد، الا وهو فضح وكشف الخرافات الدينية في الجنوب العراقي التي ساهمت وتساهم بتعطيل العقل. وهذا الهدف أثر على بنية النص الكلية، إذ ركزّ على هذا الهدف ما أدى إلى أمرين، الأول هو اقتصار النص على حاضر الشخصيات دون بيئة النشأة والتكون عدا إشارات للشخصية المحورية «علي موّات»، والثاني، عطل الرؤية الكلية للوضع البشري في أي بيئة فحتى هؤلاء المؤمنين بالخرافة هم بشر أيضا يحبون ويكرهون ويتزوجون وينجبون ويعملون، فمن المفترض أن يتعامل الكاتب بموضوعية تنحاز للإنسان وتبين عذابه وشجنه حتى لو كان شريرا. وهذا يتطلب الكتابة المجردة من كل الايدلوجيات، ومن نقطة أسميها ناصية الحياد الموضوعي التام فليست القوى المتخلفة فقط تنتج فسادا وتدميرا للإنسان، كما هو حاصل في القوى الدينية الحاكمة في العراق أو ما شابهه، فحتى القوى العلمانية أنتجت دكتاتوريات كالشيوعية والقومية، وهنا أعلق على تعليق الكاتب على تخوم الحكاية الفكري والنقدي.
مع كل هذه الملاحظات فـ «سيد القوارير» تعلن عن ولادة روائي عراقي سيسهم، لو جدَّ وركز على الرواية، في كتابة النص الروائي العراقي الجديد مع أسماء تبلورت في الفترة الأخيرة كأحمد السعداوي، ومرتضى كزار.



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التسلل إلى الفردوس ليلاً
- الصراع الثقافي في المجتمعات الديمقراطية الحقيقية - عن ساعات ...
- سلام ابراهيم: رواية الإرسي أحدثت ثورة داخل عائلتي
- ندوة في القاهرة لمناقشة رواية سلام إبراهيم - الإرسي
- كلاب الألهة مجموعة القاص العراقي نعيم شريف سبعة أناشيد تهج ...
- فيلم الجذور لأحسان الجيزاني: إنحياز للإنسان العراقي المسحوق ...
- حكاية من النجف لحمودي عبد المحسن عالم النجف المكتظ بأساطير ...
- -دنيا -علويَّة صُبح خلاصة حياة لا الحياة في تفاصيلها
- منجز القصة العراقية
- بيت النمل-* مجموعة هيفاء زنكنة القصصية المنفي كائن هش.. لا ع ...
- حضن هو الدنيا#
- دروب وغبار رواية جنان جاسم حلاوي عن العراقي التائه الباحث ...
- أرباب الرعب
- طوبى للعراق الموحد في صف أدرس فيه العربية في كوبهاجن كمتطوع
- وجهك المأمول حجتي رسالة عاشق مخذول تحول إلى سكير حالم حتى قا ...
- حوار بين الشاعر علي الشباني وسلام إبراهيم
- قولبة شخصيات النص في أبعاد معدة سلفاً رواية أيناس لعلي جاس ...
- أقواس المتاهة مجموعة عدنان حسين أحمد القصصية المغزى في النص ...
- بنية روائية تؤسطر الوقائع وتدفعها إلى حافة الجنون قلعة محمد ...
- المنفى هو منفى أبدي بعد مجيء الطير مجموعة إبراهيم أحمد القصص ...


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - رواية حسن الفرطوسي - سيد القوارير - عن أحوال العراقيين في بقعة أخرى من الشتات