أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ازهار علي حسين - يأس خلاق














المزيد.....

يأس خلاق


ازهار علي حسين

الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 18 - 00:03
المحور: مقابلات و حوارات
    


تقف النكتة كناطق رسمي باسم الموجوعين والمهمومين، باسم من اجتازوا حدود الوجع ليدخلوا مساحات السخرية الحرة بديلاً عن الواقع المحبط.
النكتة الشعبية بالذات، تلك الصغيرة التي تلمس اكبر الجروح، بل وتضغط عليها بثقل ابتسامة لعوب، تلك النكتة التي نتقبلها وهي تمس احرج وادق المواضيع وتتناول اخطر الابعاد لعقائد متشعبة متشابكة الاغوار، ونخضع لسلطة هيمنتها وهي تعمل على حصار فكرة المصائر المبهمة بامتعاضة متهكمة لوجع يائس وامنيات ضائعة.
هكذا ومن هذه الرحم تولد النكتة المنتقدة منتمية في اصلها لمحاولات تغيير مزلزلة على صعد عدة، قد تكون اجتماعية او عقائدية او سياسية او سواها، وهكذا تنعش النفوس الضامئة بشلال الفكاهة البارد وفورة الحنق الخلاق، وهكذا تصنف ـ رغم ذلك ـ في خانة الضحك اللامسؤول والبعيد عن الحساب.
عبر الزمن والتجارب برهن الانسان على قوة الجلد والاحتمال في ذاته، وايضا على قوة التأقلم اللامتأقلمة فيه، كفرضية راسخة تتمثل حية في قناعاته المهربة والمسربة عبر احاديث او اقوال توحي ظاهرياً بالتقبل الايجابي، لتنفيه ضمنياً وتأويليا عبر منظومة واسعة الابعاد شديدة التأثير من النقد الساخر المتهكم العامل بدأب قطرة الماء التي تحفر على مرور الزمن جلاميد الصخر وتشكلها من جديد والتي لن تتمكن قوة في الارض مهما كانت قسوة جبروتها ـ بدلالات التجارب الانسانية ـ من السيطرة عليها.
تدعم هذا الطرح تجارب عديدة في العالم لعل اقربها الى ذهن الانسان العراقي تجربته الخاصة امام القمع في عهد مظلم من الجور والتعذيب والقتل والدمار والتي لم يمر بعد من الزمن ما يكفي لمحوها من ذاكرة احد ما من ابناء هذا الشعب، ذلك الظلم الذي قوبل من قبل جبهته، جبهة الانسان المقموع، باستيلاد زخم من النكات الراقصة على شوارب البعثيين وذلك بغض النظر عما قدمه الشعب من التضحيات. ففي عهد كانت فيه التهم توزع بالمجان على الجميع دون استثناء او مراعاة لمركز او مكانة، وفي عهد كانت كلمة او ضحكة قد تكون سببا في تلك التهمة غير المعروفة السبب وغير المحددة الملامح، كانت من خلف الكواليس تؤلف ومن دون الانتساب الى عنوان او اسم، تلك النكات التي تسخر من شأن الرتب الحزبية او العسكرية، من ارقى مرتبة في الدولة الى اقلها شأناً، فالنكات التي تسخر من رأس ذلك النظام، صدام حسين، الى النكات التي تتهكم وتسخر من ولده عدي، او تلك المسقطة لشخصية عزت الدوري، او التي تجعل من طارق عزيز اضحوكة، وهكذا وصولا الى اصغر عضو في حزب البعث، لتبث حنقا مكبوتا وثورة مختنقة تحت سطح بحر الهدوء الظاهري، من خلال النكتة والسخرية فقط، ولتعد السخرية بذلك معادلا موضوعيا لنسبة الكبت واختناق حرية التعبير عن الغضب العارم والحنق المزدحم في النفوس تجاه سياسة البلد، مانجده أيضا وبنفس الادوات منعكسا ـ ذلك الاختناق غير الواضح المعالم والفورة المختفية ظاهريا ـ وبذات الصورة ونفس المستوى على صعيد الكبت الاجتماعي او الجسدي او الفكري وفي كافة الازمنة وعلى حسب فرضية الحاح الحاجة، مسربا ايضا من خلال النكتة والسخرية الممتعضتين والحانقتين على كل الاشكال الخانقة منه، فنسمع دائما تلك النكات التي تتحدث عن هيمنة خرافات تبث من خلال الوجه (الاسفنجة) للانسان الذي يتقبل العقيدة والدين او ما يبث باسمهما، دون محاولة تمحيص او نقد، لا لسبب سوى الجهل او الخوف، او نسمع تلك النكت التي تسخر من ظواهر مستحدثة وهجينة في مجتمعنا العراقي، كظاهرة الارهابيين او اولئك المنتمين الى القاعدة، او نسمع تلك النكت التي تتحدث ساخرة من اولئك الشيوخ الذين لا يعرفون من الدين الا العمامة والجلباب والذين يفتون بتكفير الناس لابسط الاسباب، وهكذا هلم جرا من انواع النكت المتسربة عبر مسارب السخرية والتهكم من ظواهر حرجة على النقد.
ولعل من البديهي بعد سنوات ممضة من الالم والقسوة والبشاعة التي لعبت ادوارها في التفجيرات الدامية والحروب الطائفية والقتل العشوائي، أن تعود النكتة الشعبية القريبة من نبض الشارع للتعبير بقوة عن نسبة الالم العظيمة التي حقن بها الشعب العراقي وبمدة قليلة من السنوات فقط، لتصبح ظاهرة حادة التأثير، وواضحة المعالم متمثلة في اسماء برزت على ساحة التعبير الفطري الموجوع والمحتج الحانق، متمثلة في ظاهرة الشعر الشعبي الساخر بأسماء اشتهرت بهذا النمط من الشعر المتلمس لمشاكل المواطن البسيط، لا لسبب الا لضرورة الحاجة الملحة التي فرضته، الا وهي ضخامة مستوى الوجع العام، فنذكر من تلك الاسماء على سبيل المثال لا الحصر رياض الوادي و رحيم مطشر كظاهرتين متفردتين معبرتين باسلوب نقد لاذع عن حالات عدة تصعب مباشرتها في النقد.
ومثل تلك الظاهرة في العراق وجدت ظاهرة لعلها اعمق واكبر تأثيرا، تعد الان عربية بعد انتشارها خارج نطاق بلدها الاصل، الا وهي ظاهرة الممثل عادل امام الذي لم تخل ذاكرة احدنا من جملة مس اوجاعنا بها اومن استرسال مشهد له لانتمكن امامه الا ان نضحك ملء افواهنا او من نظرة بلهاء ساخرة في احدى مسرحياته، ليعبر من خلالها عن الم جماعي وهمّ أممي يحول الدمعة من خلاله الى ابتسامة نابضة حية بالتحدي الابدي للانسان الذي يواصل الحياة رغم كل البشاعات.



#ازهار_علي_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دثار الغياب
- رائحة حلم
- عنوان للرقص
- حين عدت !!
- هل اثمر طرح طرح منهج القراءه الجديد في الصف الاول الابتدائي ...
- عبث تحت الشمس
- فوانيس ليلة مطفئه
- شبابيك لاتفتحها السماء
- رائحة الحزن العتيق
- حاشية احلام الدمى
- الريشه
- انا...على رقعة الشطرنج
- مواسم الحصاد
- هواجس الرحيل
- لزمن اطول00
- زوايا مهرجان الصمت


المزيد.....




- مشتبه به يرمي -كيسًا مريبًا- في حي بأمريكا وضابطة تنقذ ما دا ...
- تعرّف إلى فوائد زيت جوز الهند للشعر
- مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم ...
- مسؤول إسرائيلي: العملية العسكرية في معبر رفح لا تزال مستمرة ...
- غارات جوية إسرائيلية على رفح.. وأنباء عن سماع إطلاق نار على ...
- من السعودية والإمارات.. قصيدة محمد بن راشد في رثاء بدر بن عب ...
- شاهد.. أولى الدبابات الإسرائيلية تسيطر على الجهة الفلسطينية ...
- هل انتقلت الحرب الروسية الأوكرانية إلى السودان؟
- فيديو: ارتفاع حصيلة القتلى جرّاء الفيضانات والأمطار في كينيا ...
- فيديو: آلاف المجريين يخرجون في مظاهرة معارضة لرئيس الوزراء ف ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ازهار علي حسين - يأس خلاق