ازهار علي حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1977 - 2007 / 7 / 15 - 06:18
المحور:
الادب والفن
حلم ضفيرتي التائهه ........!
من هنا كان يمر ، يسحب خلفه حكايا أمسيات الصيف العائمه ، خلف أستار النهر ، ظله يجتذب الأماني المؤجله التي إختبأت في طيات نسيج ملابسي ، أدسها في هشاشة غيمة ، رسمت عبرها مزالق الألوان ، شفاهاً ورديه تطلق القبل ، من ثم أطلقها حرة يسكرها السمر ....
كان يحادثني ..لهجته لكنة خرسٍ ، نطقت لي وحدي ، كان يقول حيث يراني قادمةٌ نحوه تتقاذفني رغبة عارمة للبكاء ،وأخرى للسفر عبر عينيه : ـ لا أعرف لم أقرن بينك وزلازل العالم ..؟
أفأنت تزلزلين الأرض ..!؟
وأبقى صامة ومستسلمة لرحلة السفر عبر عينيه ..
المدينة ... خسارة روعة التمرد الأحلى ، وخسارة قوة تمكن الفرد ، إمتلاك أعضاءه ، دون السقوط ، عضواً بعد آخر في فم الموت ...
وفي طرف المدينة الأقصى ، كنا نقف متقابلين ، نظراتنا وبشكلٍ ما ،تجنح لضمنا ، في كتلةٍ مهشمة الأبعاد ، ضمن سياق الظلام ... كان حقيقتي الوحيده القابلة للتجذر ، النمو والتأصل ... إنه زمن يعتق كل أزمنة العشق ، وينآى بي بعيداً عن طرقات المدينة ، لأتحرك وبانطلاقة أنثى عاشقه معه ، عبر فيء أخضر لم تطأه اقدام سوانا ... وكلما مرّ كنت أترك لأصابعه أن تعبث بخصلات شعري المتحرره من عقص ضفيرتي ، وكان يترك لي أن أتملكه ضمن حدقتي وأستعيد به قوتي على تشكيل ملامحي المتساقطه على طرقات المدينه ، كنت أخمن ان روحه كانت تحاكي تلك اللذه المتفرده التي تتملكني .. لذةٌ مونقه .. تفجر في الوجدان حياةً لايقربها الموت .
لكنما هناك ، كان الموت يوحل المدينه ، ملتهما ًالأجزاء المتساقطه بنهم ، ومتقيئاً على الأرصفه ، أسئلة لزجه ،تمتلك خصوصية الدفيء واللون الأحمر ...!
ويسألني في لحظة صدق قد لاتوازيها سوى لحظات الجنون : ـ هل تجتاح عينيك مصابيح المدينة الطافيه ...؟ هل تمتلكين أن تستمتعي بحشد الأكاذيب التي نطلق ...؟ أو لعلك تتوقعين بعضاً من تلك الكلمات ، أرسم بها شفتيك ، أو أنتقي ألواناً مشرأبةً تنعس عينيك ....؟
ولعله توقع أن أجيب ...........!
سوى أن الصمت كان يتسلق جذلاً أبعاد خرائطي ، محتماً علي ّإبقاء ميلاد يأسي سراً طي الكتمان ...
يستحوذ علي خاطر الفشل ، فشلي في التواصل معه ، والتواصل مع ذاتي ، واللحظة التي بدت مقتطعة لاتنتمي لزمن ، كانت إحساسٌ بالتجوف والفراغ ، وكانت هاجساً أوحد لكل مايثيره الحب من جنون ..... وهو الذي بدا مانحاً مايوازي الأمان أو شيئاً من طمأنينه ، إغتال كل أمنياتي العالقه على طرف ضفيرتي ، مرة واحده ، حين طرح أول حيثياته في الحب ، مجاهداً في إفتعال الحزن على تعابير وجهه : ـ الحب كالموت ، يلتهم ماتساقط من أعضاءنا عبر رحلة الطرقات ، وما قد نستغني عنه أو لانستغني ، من متعلقاتنا الصغيره والكبيره ...
وبدا وجهه خال من أية ملامح ، بلونٍ لاينتمي لألوان البشر ، وأدركت حينها ، أن حدسي ، مثلي أنا مثل كل مافي ، متبوعٌ بالفشل ..... ومنذ تلك اللحظه تحاصرني فكرة محاكمته ، بعيداً عن كل مايجتاحني في أحاديثه ومشاكساته العابره ، أن أدخله قفص الأتهام ، فتمسكي بالصمت لن يردع جنوح اللحظة الى الهروب المتواتر .. وإلتجائي إليه ـ على أية حال ـ لايعني أن أغفر أخطاءه الصغيرة .... فأحدٌ منا لن يستطيع تجاوز زمنه والأنفكاك من دوائر ذاتياته ـ مرة واحده ـ تحت وطأة إكتشافه الأول أو الأخير للحب .. وأحدٌ منا لن يستطيع إختصار جميع إلتزاماته وحتمياته ، والتسلل عبر مزالق الظلام ، تغذيها ألسنة الحب والإشتياق ... !؟
وحتماً كان الأوحد والأقدر على تعميم المواقف وإختصارات اللحظه ، وحتماً كان الفشل ، قدراً بيننا ....
لكن عبثا .. عبثاً أدخل محاكمته ، كحلٍ أساس للمعادلة المعقدة التي تبقي تراكيبي معلقة ضمن أساري ، رغم سقوطها ، منتشلة من فم الموت تتبعني ملتاثة ببقايا قيئه ...
مواقفي المماثله ، لا تعدو أن أطرح لها الإحتمالات وأسوق التبريرات الكثيرة الكثيره ... ثم أقع ضمن أسر لزوميات واقعي ، مسترخية النظرات ومحددة مواقفي عبر مسلك موحد ..
مشكلتي أني لم أكن لأجيد إختزان حقائقي بصرامة تتوسم النضج ، فأنا أسافر هائمة ، أستمتع بثقل زمني على كاهلي ، مرتضية لبقاياي التلف .....
إنفراط مشاعري قد يتمثل في دعابة صغيرة يطلقها مرة بعد أخرى ، بشكل مغاير .. وكل مرة أعود .. أبحث عن القضية التي تحركني ، أدعي ضمن منطقيات التمرد التي وددت دوماً ، لو كنت أحد أبطاله المكللين بتيجان الغار ، قائلة : ـ الحرية دائي الأوحد ، ودوائي الأقدر
لكني في الحقيقه ، أعود أهادن وحيثيات سياق المجتمع ، تاركة لتواطيءمشفوع بستار المعرفه ، أن يعقد صفقة ما بيني وبينها ، مكورة على الإحتيال ...
وأكتشف أن الحقيقه أضحت لاقضية ، وأن إدعائي المقاومة عاد يؤرقني ، مورثاً إياي هموماً مضنيه ، عبثاً أحاول الإنفلات من أسرها ...
أستقريء ملامح وجهي في المرآة ، أدرك أن أعظم خسارات المدينة ، إنطبعت بقهرٍ عليها ، وأدرك معها أن تفكيري بمحاكمته ، كان إستثناء صعب ، وخطوة أولى للتحرر منه ، هو البدايه ، وهو الأقدر والأكثر إبداعاً في أسري ، ومن المؤكد أن إكتشافي لذلك ، هوالأكثر جرأة ، في تأريخ يأسي ....
وحينها فقط تركت لأصابعه أن تحلَّ ضفيرتي ، للمرة الأولى والأخيره ، مانحة للريح خصلات شعري التائهه، تسبح على أطرافها ، أماني المؤجله .
#ازهار_علي_حسين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟