أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - عودة فلسطينية الى زمن الاشتباك















المزيد.....

عودة فلسطينية الى زمن الاشتباك


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 24 - 22:34
المحور: القضية الفلسطينية
    


قد تكون نزعة الخروج من حالتي " الرخاوة " و " الترهل " العربيين ، الظاهرة بوضوح في التحركات الاخيرة التي قامت بها القيادة الفلسطينية ، سببا للاعتقاد بخروجها عن سياقات الاحداث وظرفها الموضوعي ، واقترابها من زمن الاشتباك الحقيقي .

بعض معطيات الاعتقاد بالخروج عن المعزوفة التي ضبطت الايقاع السياسي الفلسطيني والعربي خلال الاعوام القليلة الماضية تعود لمفارقة الاداء الجديد نمطية استرضاء الشريك الاسرائيلي المفترض في عملية السلام المتعثرة .

كما يفارق التحرك الذي يعيد الى الاذهان هجوم السلام الفلسطيني التصورات التي اعتادت المخيلة على افرازها للخروج من الازمات السياسية المتراكمة .

فلم تزل الذهنية العربية والفلسطينية خاضعة لذاكرة تشكلها حروب خاسرة وشعارات اثبتت قلة جدواها .

الا ان المخيلة التي توقفت في وقت مضى مذهولة امام الانتفاضة الاولى لم تكن وحدها العاجزة عن استيعاب تسارع الاحداث التي اعقبت اعلان السلطة الوطنية الفلسطينية عن رغبتها بالتوجه الى المجتمع الدولي لترسيم حدود الدولة المعلنة قبل ما يزيد عن العقدين .

واللافت للنظر ان مخيلة المجتمع الاسرائيلي المندفع يمينا لم تكن اكثر اتساعا وقدرة على استيعاب ايغال القيادة الفلسطينية في الخيار السلمي رغم اغراءات خيار الانتحار السياسي .

فالقلق الذي اظهره اليمين الاسرائيلي الحاكم غداة اعلان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض عن خطته لاستكمال بنية الدولة تحول الى مايشبه حالة الذعر مع بدء التحركات التمهيدية لنقل عملية السلام الى مجلس الامن .

والواضح من خلال التهديدات الاسرائيلية بالغاء اعلان مبادئ اوسلو ، واقتحام مدن الضفة الغربية ، والتوقف عن دفع عائدات الجمارك للسلطة الوطنية ان الجانب الاسرائيلي كان يتهيأ لمواجهة انتفاضة ثالثة ، تتيح المجال امامه لشن حرب غير متكافئة ـ على غرار ما جرى في قطاع غزة ـ تخرجه من مأزقه ، الناجم عن رفضه التجاوب مع المتطلبات الاساسية لعملية السلام،والمتمثلة بوقف الاستيطان .

فالتجربة الاسرائيلية قائمة منذ نشوء الكيان على استدراج الخصوم لخوض حروب تعقبها اتفاقيات هدنة لدى وصول المشروع الصهيوني الى مأزق يهدد فلسفة وجوده .

وعلى مدى العقود الماضية اظهر الاحتلال الاسرائيلي شهوة للقتل والقمع ، حين يتعلق الامر باحتجاجات سلمية في الضفة الغربية وقطاع غزة واوساط فلسطينيي الاراضي المحتلة عام 1948تثير التعاطف العالمي مع الشعب الفلسطيني ، حيث اقدم الجيش الاسرائيلي على تكسير عظام الشبان خلال الانتفاضة الاولى ، واطلاق النار على رماة الحجارة في الانتفاضة الثانية ، ولا يتوانى عن استخدام اقسى اشكال العنف والقسوة ضد مسيرات الاحتجاج على مصادرة الاراضي و بناء الجدار العازل بلعين وغيرها من القرى المحاذية للجدار العازل .

لكن الادوات المستخدمة في الحروب والقمع بدت عاجزة امام الخيال السياسي الذي تمخضت عنه فكرة لجوء قيادة السلطة الى المجتمع الدولي دون زج الشارع الفلسطيني في مواجهة توفر غطاء لاقتحام المدن .

ولعل اخطر نتائج التوجه الفلسطيني ـ الذي يأتي بعد التصويت على تقرير غولدستون ـ قدرته على احراج السياسة الاسرائيلية في المجتمعات الغربية حيث لم يعدم الراي العام القدرة على التأثير في السياسة الخارجية للدول.

في ردود فعلها الاولية على الطرح الفلسطيني بدت العواصم العربية خارج سياقات الوعي .

فهي تدرك جيدا خطورة جمود عملية السلام ، المقترن بمواصلة الجانب الاسرائيلي لعملية الاستيطان ، والنتائج التي يمكن ان تتمخض عن ذلك ، وفي مقدمتها تلاشي خيار الدولتين ، والدخول في دوامات عنف جديدة .

الا انها تدرك ايضا عجزها عن مواجهة السياسة الاسرائيلية ، ومحدودية تأثيرها في مراكز صنع القرار الدولي ، ولا سيما الاميركي المنحاز لاسرائيل .

ورغم امكانية تحسين شروطها لدى المجتمع الدولي في حال اسنادها للتحرك الفلسطيني واستثماره سياسيا فضلت الضغط على الجانب الفلسطيني .

فالبيان الذي اصدره وزراء الخارجية العرب ، لحفظ ماء الوجه ، لا يخفي حقيقة تجسد الخيار الاقل كلفة ، في منظور النظام الرسمي العربي ، والمتمثل في المضي بسياسة دفن الرؤوس في الرمال حتى نهاية الشوط .

وبغياب بدائل النظام العربي في التعاطي مع القضية الفلسطينية وتبعاتها ـ مع خروج المبادرة العربية من محيط التداول الفعلي ـ وآليات التعاطي الاميركي مع عملية السلام المتعثرة ، واستمرار الاستيطان الاسرائيلي في نهش اراضي الضفة الغربية وتهويد القدس ، اظهرت السياسة الرسمية العربية تجاهلا للخطر ، رغم الكلفة الباهظة لهذا التجاهل على عموم المنطقة في المدى المتوسط وربما القريب .

عوارض النمطية وقلة الجاهزية في تغيير شكل وجوهر التعامل مع تطورات القضية الفلسطينية ظهرت على السياسات الغربية ايضا .

فقد عبرت الادارة الامريكية بشكل واضح عن معارضتها لجوء الفلسطينيين الى المجتمع الدولي لترسيم حدود دولتهم المنشودة واخراجها من مربع "المتنازع عليه " الى دائرة " الواقع " تحت الاحتلال .

وباتخاذها مثل هذا الموقف الذي لا يخلو من شرعنة للاحتلال اعفت واشنطن نفسها من ممارسة ضغوطات حقيقية على اسرائيل رغم ادراكها بان هذه السلبية في الاداء تتيح للجانب الاسرائيلي مواصلة فرض وقائع جديدة على الارض .

فالقضية الفلسطينية وتداعياتها في سلم اولويات صانع القرار الاميركي واحدة من ازمات يجري التعامل معها بحذر ووفق ميزان الربح والخسارة .

ولا تخلو حسابات صانع القرار الاميركي بطبيعة الحال من توازنات داخلية اطرافها مراكز القوى التي تشمل من بين ما تشمله اللوبي اليهودي وكبريات شركات النفط وصناعة الاسلحة .

كما ادارت العواصم الاوروبية ظهرها لفرصة القيام بدور فاعل في اخراج عملية السلام من مأزقها الراهن .

ففي المواقف التي عبرت عنها القارة العجوز بعبارات دبلوماسية مقتضبة تنويعات على اشكال التهرب من التزاماتها تجاه العملية .

وبتهربها من التزاماتها تكرس العواصم الاوروبية حالة افراغ دورها من اية مضامين حقيقية رغم التنامي المطرد لحضورها الكوني الناجم عن فشل السياسة الاميركية في انهاء الازمات .

فلم تزل القضية الفلسطينية واحدا من اهم مفاتيح المنطقة ان لم تكن اهمها على الاطلاق .

صدمة الوعي التي خلفتها تداعيات هبة السلام الفلسطينية لم تقتصر على تجليات العجز الرسمي العربي ـ الذي تتساوى فيه عواصم الاعتدال والتطرف ـ والارتباك الاسرائيلي والانحياز الاميركي والرياء الاوروبي .

فهناك ما يكفي من الدلالات على ازمة اصحاب الشعارات الكبيرة والدائرين في افلاكهم .

تظهر بعض هذه الدلالات بوضوح في تمني دمشق على انقرة تحسين علاقاتها مع اسرائيل للقيام بوساطة تزيل العقبات التي تعترض المفاوضات الثنائية وتمنح الجانب الاسرائيلي فرصة اخرى للعودة الى اللعب على المسارات التفاوضية .

فالعاصمة السورية في ذهنية العديد من القوى السياسية قلعة الرفض العربي ، وتستضيف مكتب مقاطعة اسرائيل ، و قيادات الفصائل الفلسطينية صاحبة المواقف الاكثر حدة ، ولا تترك فرصة سانحة للمزايدة على المعتدلين العرب ، ومهاجمة السياسات الغربية .

كما استخدم الانقسام الفلسطيني الذي تسببت به حماس في اضعاف موقف قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية .

ففي احد تعليقاته القليلة على هبة السلام الفلسطينية دعا الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز ـ متهكما ـ الرئيس عباس الى توحيد البيت الفلسطيني قبل التوجه الى المجتمع الدولي للمطالبة بترسيم حدود الدولة .

الا ان تصريحات الرئيس الاسرائيلي الاستفزازية لم تغير شيئا في موقف حماس المأخوذة برغبة الانقلاب على ما تبقى من السلطة .

فقد انشغلت حركة الاسلام السياسي الاولى في الاراضي الفلسطينية ـ بعد افشالها استعدادات اجراء الانتخابات في موعدها ـ بكيفية تنصيب رئيس المجلس التشريعي المنتهية ولايته الرئاسية احمد بحر رئيسا للسلطة واستمرت في مماطلتها بالتوقيع على الورقة المصرية .


وامام الاجحاف الذي اظهره النظام الرسمي العربي ، والمجتمع الدولي تجاه هبة السلام الفلسطينية ، وغياب امكانيات العودة الى طاولة المفاوضات ، في ظل استمرار سياسة الاستيطان ، وتلكؤ الادارة الاميركية في ممارسة ضغوطات حقيقية على الجانب الاسرائيلي يبدو الجانب الفلسطيني الاكثر تعرضا للخسارة على المدى المنظور .

فالشريك الفلسطيني المفترض في عملية السلام لا يستطيع البقاء شاهدا على التدمير الممنهج لحلم الفلسطينيين في تقرير المصير .

والواضح من خلال تطورات الشهرين الماضيين ان مختلف الاطراف وصلت الى طريق مسدود عدا الجانب الاسرائيلي الذي يعمل وفق استراتيجية لا تتغير مع تبدل الحكومات .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيارات الصعبة
- ظاهرة الافلاس السياسي
- حاضنة عربية للمزاج العراقي
- عقدة وادي عربة !!
- ملكيرت يطرق جدران الضمير العالمي
- ازمة التمثيل تقلص هامش المناورة الفلسطينية
- المصالحة المستحيلة
- ما تبقى من خطاب حكومة المالكي
- مقامرة - حمساوية - بالذخيرة الحية
- الانكشاف الكوني يضع المنطقة على حافة المواجهة
- غطاء اميركي للاستيطان الاسرائيلي
- انكفاء عربي عن المشهد الاقليمي
- عبث اميركي في حقل الالغام الشرق اوسطي
- الاخوان يتسلقون العملية السلمية
- مشارف الحسم الفلسطيني
- مفاتيح جديدة لقراءة المرحلة المقبلة
- فتح تستعيد زمام المبادرة
- سلام الخريف !!
- تغريبة القدومي تعري الاعلام العربي
- قلق التسوية


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - عودة فلسطينية الى زمن الاشتباك