أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - قلق التسوية















المزيد.....

قلق التسوية


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 2716 - 2009 / 7 / 23 - 10:59
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا يمكن فهم القلق الاردني من اتفاق مفاجئ قد تتوصل اليه السلطة الفلسطينية مع الجانب الاسرائيلي ، الا باعتباره تعبيرا عن عدم تهيؤ الدولة الاردنية لافرازات تسوية القضية الفلسطينية ، رغم مرور خمسة عشر عاما على توقيع معاهدة السلام مع الجانب الاسرائيلي .
بحد ذاته يعد انعدام التهيؤ لحل القضية خللا في عمل الحكومات الاردنية المتعاقبة ، الذي يخلو في معظم الاحيان من البعد الاستراتيجي ، القائم على قراءة الاحتمالات ، والتخطيط للمستقبل ، بالشكل الذي يعزز المكاسب ، ويقلل الخسائر ، التي تتركها التحولات السياسية في منطقة توترات دائمة .
فقد اتخمت العقود الماضية بسيناريوهات ومشاريع وافكار لحل القضية التي تدخل في ادق تفاصيل حياة المواطن الاردني .
وكان تنفيذ كل سيناريو من السيناريوهات المطروحة ممكنا لو توفرت له الظروف الملائمة .
الا ان تباين وجهات النظر حول ما بات يعرف بقضايا الحل النهائي ، المتعلقة باللاجئين والقدس والاستيطان ـ وجميعها تعد شأنا داخليا اردنيا ـ كان يعيق التوصل الى تسوية مقبولة من قبل اطراف النزاع .
كما سبق للجانب الفلسطيني ان توصل مع الجانب الاسرائيلي لاعلان مبادئ يحدد الخطوط العريضة لتسوية مستقبلية .
ومع غياب عنصر المفاجأة كان من المفترض ان يتم تحديد آليات للتعامل الاردني مع قضايا القدس واللاجئين وغيرها في حال التوصل الى تسوية نهائية .

في موازاة غياب هذه الاليات بقي حل القضايا المصيرية ذات الحضور اليومي في حياة الاردنيين مؤجلا .
ومن بين القضايا المطروحة اللبس الذي يعتري مواطنة نصف المجتمع الاردني التي ابقاها الربط شبه القسري بحق العودة والتعويض مبهمة .
فقد درجت العادة على ان يتم التعامل مع نصف المجتمع الاردني من اللاجئين والنازحين ، باعتبارهم مواطنين مؤجلي المواطنة ، يحق لهم الاختيار بين البقاء والعودة ، في حال التوصل الى حل يتمخض عنه قيام الدولة الفلسطينية .
عمومية هذه الصيغة ادت الى تعويم مفهوم المواطنة ، وابقائه عرضة للاجتهادات ، وبيئة مثالية لنمو النزعات الاقليمية، وفي احيان كثيرة اداة للضغط الداخلي والخارجي على صانع السياسة الاردنية.
وعلى مدى العقود الماضية ، لم يفلح الطرح الملتبس في الحد من ظهور الاصوات المحتجة على تهميش الاردنيين من اصول فلسطينية ، وحرمانهم من الفرص المفترض توفرها لهم ، كما تتوفر لغيرهم ، والتي تشمل التمثيل المناسب في مجلس النواب ، والعمل في الوظائف الامنية ، والمرافق الحساسة ، والحصول على وظائف الدرجات الخاصة .
الا ان هذه الاصوات بقيت كالصراخ في البرية رغم المواقع الحساسة التي سبق وان تبوأها بعض المطالبين بما عرف بـالحقوق المنقوصة .
التجاهل الحكومي لهذه الاصوات ، ساهم في بلورة خطاب المطالبة بالحقوق المدنية ، الذي لقي ارتياحا واسعا بين الاردنيين من اصول فلسطينية ، رغم عدم قناعتهم بطارحيه وطريقة طرحه .
كما عززت فوبيا “ سحب الجنسيات “ التي قفزت الى سطح الحياة السياسية الاردنية ، مع اتساع الحديث عن تسوية مقبلة ، شعورا لدى الاردنيين من اصول فلسطينية ، بانهم سيدفعون ثمن التسوية المحتملة من مواطنتهم .
هذا الجانب من الازمة يعد احد وجوهها ، وليس كلها ، فهناك العديد من التداعيات ، والابعاد التي يصعب تجاهلها .
ففي اجواء الحديث عن تسوية القضية الفلسطينية ، ياخذ عقم السياسات الحكومية في التعاطي مع الملفات العالقة ، طابع تحدي مبادرة الرئيس الاميركي المرتقبة ، واعاقة تنفيذها ، في حال خلوها من حلول تعيد اللاجئين الى الاراضي الفلسطينية واسرائيل .
وللظهور بهذه الصورة ضريبته التي يدركها صانع القرار الاردني ، المعروف بوعيه لمسارات السياسة الدولية ، وقدرته على تقييم الموقف ، والتقاط المبادرات وتخطي المنزلقات السياسية والامنية .
فالعلاقة مع الولايات المتحدة والغرب ضمانة امن وتنمية ، وان عجزت هذه الحقيقة عن العثور على متحمسين لها في الشارع السياسي الاردني ،الذي لم يفقد مبررات استيائه من سياسات الادارات الاميركية السابقة ، وازدواجية المعايير الغربية ، تجاه القضايا العربية .
وفي مثل هذه الاحوال ، يتطلب الموقف القيام بمراجعات لاساليب وطرق معالجة القضايا ، التي بات حلها اكثر الحاحا من اي وقت مضى ، وان لا تبتعد المراجعة عن روح الدستور والقوانين الاردنية .
مظاهر عدم تهيؤ الدولة الاردنية لافرازات تسوية القضية الفلسطينية ، لا يبتعد كثيرا عن تجليات ارتباك المشهد السياسي العربي ، التي تخفي من بين ما تخفيه قدرا من الفهم الملتبس .
الحديث عن لبس في الفهم ، يملي الحاجة لمعرفة ما اذا كان الجانب العربي مهيا للدخول في تسوية سياسية حقيقية ، تنهي حالة الصراع مع الجانب الاسرائيلي ، وتفتح المجال امام ترتيبات جديدة في المنطقة .
وللوقوف على هذا اللبس لا بد من لملمة المشهد مع الاشارة الى جوانب الخلل الذي يعتريه .
فقد جرت العادة في الاوساط السياسية العربية على تداول حقيقة انعدام الجاهزية الاسرائيلية للتجاوب مع متطلبات تسوية حقيقية ، سواء كانت هذه المتطلبات تتعلق باحداث قطيعة مع الافكار التلمودية المعششة في اذهان اليمين الاسرائيلي ، او التسليم بالحقوق العربية المثبتة في القرارات الدولية .
ووجد الاستغراق في الحملات الاعلامية الهادفة لتعرية الموقف الاسرائيلي امام المجتمع الدولي ابعادا داخلية حيث استفاد معظم النظام الرسمي العربي من هذه الحملات في ضبط الشارع .
التوظيف الداخلي لشعارات من نوع “ لاصوت يعلو فوق صوت المعركة “ و “ احداث التوازن الاستراتيجي “ و “الاستعداد للمواجهة “ مع العدو اتاح الالتفاف على الحاجات الملحة للاصلاح السياسي ، والتنمية الاقتصادية .
ووجدت الشعوب العربية ونخبها البائسة في هذه الشعارات تعويضا نفسيا عن غياب الحقوق المدنية .
الا ان نجاح هذه الحيل التعويضية لم يعد ممكنا مع انكشاف هشاشة النظام الرسمي العربي وهو ينخرط في عملية السلام ، مع اختلال التوازنات الاقليمية والدولية ، وتزايد مظاهر اخفاقاته في بناء دول عصرية ، يتمتع مواطنوها بكامل حقوق مواطنتهم .
احد مظاهر وربما مسببات القلق العربي من احتمالات التوصل الى تسوية شعور النظام الرسمي بعجزه عن استغلال الاجماع الدولي على الوصول الى حل للقضية الفلسطينية ، وعدم قدرة الاطراف العربية الحليفة لواشنطن على تقديم الدعم الذي يحتاجه الرئيس باراك اوباما لمواصلة خطواته نحو حل الدولتين .
فاللافت للنظر ان الجانب الاسرائيلي مازال اكثر الاطراف قدرة على التاثير في تفكير الادارة الاميركية رغم انه من المفترض ان يكون الطرف الخاضع للضغوطات الكافية لاجباره على وقف الاستيطان والكف عن مصادرة الاراضي وخلق وقائع جديدة تعيق البدء في عملية سلام حقيقية .
وتمثلت مظاهر القدرة الاسرائيلية في ادخال مصطلح “ يهودية الدولة “ الى القواميس السياسية المتداولة ، ومحاولة الحصول على دور اكبر في الاستراتيجية الكونية من خلال المطالبة بعضوية حلف شمال الاطلسي ، ونجاحها في تحديد سقف زمني للحوار المنتظر بين واشنطن وطهران .
حالة العجز العربي عن التأثير في تصويب الحل الاميركي المرتقب ، اواسناده ، او اعاقته ، اذا لم يكن منصفا للفلسطينيين والعرب ـ وسيكون كذلك في اغلب الظن نتيجة لموازين القوى الراهنة ـ تضع النظام الرسمي العربي في موقع المتفرج ، والباحث عن آليات التجاوب الذي يقلل قدر المستطاع من حجم الخسائر المحتملة في حال فشل التعامل مع المعطيات الجديدة .
فهناك الكثير من الخطوات التي تترتب على التسوية النهائية في حال حدوثها ، بدءا بالتعاطي مع التداعيات المحتملة لحل قضية اللاجئين ، ومرورا بمتطلبات التطبيع وافرازاته ، وانتهاء بالترتيبات الاقليمية التي يمليها تحول السلطة الفلسطينية الى دولة .
بعض التحديات التي يمليها التحول المرتقب ينتمي الى ضرورات تجديد الحياة السياسية ، ودفع عجلة التطور الاقتصادي ، وبعضها الاخر يندرج في سياق متطلبات تغيير الذهنية ، واعادة صياغة المفاهيم .
وبالتالي يعني التعامل مع هذه التحديات قيام النظام الرسمي العربي بما عجز عن القيام به خلال ما يقارب الستين عاما وبناء الدول على ارضيات مختلفة عن الارضيات التي تم البناء عليها من قبل .
فالتسوية المقبلة في حال حدوثها ، وما يترتب عليها من تسويات فرعية ، ينخرط فيها العالم العربي والاسلامي ، تفرض تغييرات في النظرة العدائية للاسرائيلي ، مثلما تملي على الاسرائيلي تغيير نظرته للعربي .
والتعامل مع مثل هذه التحولات يتطلب من الاردن ـ الذي ستظهر عليه اثار التسوية اكثر من غيره ـ فتح ورشة عمل واسعة لاحداث الاصلاحات السياسية الكافية لتجاوز المنعطف المقبل وفي مقدمتها تصليب الجبهة الداخلية وانعاش الوضع الاقتصادي الذي لا يمكن عزله في اي حال من الاحوال عن الحضور السياسي الاردني في المنطقة والعالم .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوبيا سحب الجنسية
- الارتدادات العربية للمأزق الايراني
- متاهة الوطن البديل
- سباق شرق اوسطي في المتاهة الاميركية !!
- اوباما في دائرة الشك العربي
- معادلات جديدة ... لمرحلة مختلفة
- موسم الهجرة الى واشنطن
- قمة -العوالم- العربية
- مصالحات الوقت الضائع
- بوابة السلام الاقتصادي
- تسونامي الغموض الاميركي
- قبل اطلاق رصاصة الرحمة على خيار الدولتين
- سلام مشوه ... وازمات برسم التصدير
- ايران تخطف القطار الفلسطيني
- ازمة الخيارات الفلسطينية مع تلاشي حل الدولتين
- ضيق الخيال الايراني
- في نهج الاقصاء الحمساوي
- افق عربي ... لعراق مختلف
- حول صورة العربي في فضائية العالم
- ازمات المركز ...ومأزق الاطراف


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جهاد الرنتيسي - قلق التسوية