أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هشام آدم - أكمة الإعلام المصري وما ورائها















المزيد.....

أكمة الإعلام المصري وما ورائها


هشام آدم

الحوار المتمدن-العدد: 2836 - 2009 / 11 / 21 - 14:39
المحور: الصحافة والاعلام
    


تابع الجميع الحملة المكثفة التي أشعلتها وسائل الإعلام المصرية –ومازالت- تضامناً مع مشجعي المنتخب الوطني وتنديداً بالاعتداءات التي لحقت بهم من قبل مشجعي الجزائر في الخرطوم على خلفية المباراة الختامية المؤهلة لمونديال 2010م وكان للسودان نصيب لا بأس به من هذه الحملة العمياء التي لم تفرّق أبداً قريب أو بعيد، حتى أن بعض الإعلاميين غير المسئولين في غمرة اندفاعهم المحموم للنيل من الجزائر والجزائريين راحوا يُطلقون تصريحات انفعالية مفادها أن مصر مستهدفة وأن ما يجري ما هو إلا حملة المقصود منها النيل من دولة مصر ومن الدور المصري في المنطقة، بل ومن شعب مصر نفسه، وأشاروا إلى توجه عربي عام يهدف إلى إقصاء مصر عن الساحة العربية مشيرين ضمن ذلك إلى نزوع أبناء المنطقة إلى إقامة تكتلات إقليمية منغلقة كما في مجلس التعاون لدول الخليج العربي وتكتل دول الشمال الأفريقي وغيرها من التكتلات، وغرض هذه التكتلات من تحجيم الدور المصري في المنطقة وما إلى ذلك من توهمات خلقها في الواقع نوبة الهياج العاطفي الذي سعى لتأجيجها الإعلام المصري بجدارة. ونسي هؤلاء أن مصر عضو في الاتحاد الأفريقي، وأن أمين عام الاتحاد الأفريقي مصري (عمرو موسى) بل وأن القاهرة هي مقر الاتحاد الأفريقي، وما تزال مصر عضواً في جامعة الدول العربية. فأين كل هذه الحقائق من أكاذيب الإعلام الأصفر الذي يحاول رسم مخاوف وهمية من نوايا لتحييد مصر وإقصائها وتحجيم دورها؟ بل أين هي القيادات المصرية من مثل هذه التصريحات غير المسئولة والتي تطعن في مواثيق شرف هذه الاتحادات والمنظمات والكيانات العربية الرسمية؟

وعبر هذه المخاوف الوهمية تهافت عشرات من بسطاء الشعب المصري للاتصال بالقنوات الفضائية المصرية عبر برامجها الصفراء يتساءلون: "لماذا يكرهنا العرب؟" وهو الحد الذي نجحت وسائل الإعلام المصري غير المسئولة في إيصال الرأي العام المصري إليه عبر نشر هذه المزاعم والمخاوف وعبر تهويل الأمور وإخراجها من نطاقها الضيّق إلى نطاق أوسع بكثير، حتى تدافع الكثير من المواطنين المصريين عبر هذه القنوات بالكلام عن الدور المصري الكبير في المنطقة: سياسياً وثقافياً وفنياً وإعلامياً. فهل هنالك لحملة ضد مصر فعلاً؟ أم أن وسائل الإعلام الصفراء المصرية نجحت في تحوير القضية إلى هذا الحد لكسب تعاطف الرأي العام المصري؟

إن ما أراه وما أسمعه في كثير من الفضائيات المصرية يجعلني أتساءل كثيراً عن حقيقة ما يجري، وما هو شأن السودان به، بل وما هو شأن العالم العربي به؟ لماذا يحاول هؤلاء الإعلاميون المراهقون إلى تصوير الأمر وكأن ثمة حملة عدائية على مصر وعلى الشعب المصري؟ ولماذا ينتقل الصراع من صراع كروي بين منتخبين ثم إلى صراع وطني بين شعبين إلى أن يصل الصراع في نهايته هذا الحد؟ كما يُدهشني الخبث الإعلامي حين يحاول الكذب على المصريين أنفسهم عبر إيهامهم بكرامة المصري داخل مصر، وترديد الآية (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) وكأنهم يتوقعون أن يكون هذا الشعب بلا ذاكرة، ونسوا ما تفعله قوى الأمن المصرية، بل وقوات الشرطة بالمصريين أنفسهم، نسوا أو تناسوا القمع والمهانة التي قد يجدها المواطن البسيط على يد شرطي المرور في الشارع، أو على يد رأسمالي وضيع يحميه القانون، أقصد يحميه صُنّاع القانون. وهل يا ترى تخلو البلاد العربية كلها من ذلك؟ هل يأمن أيّ مواطن عربي داخل وطنه؟ هل تتعامل الحكومات العربية مع شعوبها ومواطنيها ورعاياها في المهجر بما تستحقه من احترام فعلاً؟ أشك في ذلك.

في إطار هذا التهويل الإعلامي، أجدني أكفر بدعاوي التوفيق بين الطرفين: المصري والجزائري، ومحاولات التهدئة وحصر الصراع في إطاره الرياضي الضيّق، إلى الإيمان بضرورة أن يظل الصراع بين مصر والجزائر وهو –لاشك- نقلة نوعية خطيرة في الخطاب ولكن إلى الوراء. فمن الخير لنا أن يكون هنالك صراع بين دولتين، على أن يتم تهويل الأمر ليصل حد تصوير الأمر بتكالب الدول العربية على مصر وعلى الشعب المصري.

ودعونا الآن ننسى كل ما قيل أعلاه الآن ولننتقل الآن إلى نقطتين مهمتين –حسب رأيي- تتمثل الأولى في تنامي وانخفاض وتيرة خطاب الإعلام المصري غير المسئول على السودان خلال الأيام القليلة الماضية؛ ففي بداية الأزمة شرعت وسائل الإعلام المصرية إلى تصوير الأمر بتواطؤ مقصود من قبل قوات الأمن السودانية ضد مشجعي المنتخب المصري، وتورطهم في الاعتداءات أو على الأقل في التغاضي عن تلك الاعتداءات، وهو ما جرى على لسان عدد من الإعلاميين الحمقى، وعبّرت عن بعض الصحف المصرية كصحيفة اليوم السابع على سبيل المثال، ثم تراجع الأمر بعدها ليتنقل من مرحلة الاتهام بالتواطؤ إلى الاتهام بالتقصير، ثم إلى مرحلة الإشفاق من قلّة الحيلة وقلة الإمكانيات، ليصل أخيراً الآن إلى مرحلة الوصف بالغدر، كما نقل الكابتن مصطفى عبده (المجري) لاعب نادي الأهلي المصري السابق في قناة دريم (1) إذ قال ما معناه: "إنه لا يجب علينا أن نظلم أخوتنا السودانيين في الأمر كان أكبر منهم بكثير، فقد وقعوا في مكيدة كبيرة وقد غُدِر بهم مثلنا تماماً"

إذن فثمة نقلة نوعية في تعاطي الإعلام المصري مع السودان ضمن الحملة المُكرسة خصيصاً للهجوم (أو رد الهجوم) على الجزائر، رغم أن التصريحات السودانية الرسمية كانت واضحة وصريحة منذ بداية الأزمة (نهاية المباراة) ورغم وجود تصريحات رسمية من الجانب المصري نفسه، إلا أن الأمر استلزم وقتاً للانتقال من حالة الهجوم إلى حالة اللوم إلى الإشفاق وأخيراً إلى وصفنا بالمغدورين؛ وثمة اعتذارات رسمية وغير رسمية من قبل الجانب المصري للسودان عمّا مسّه من هذه الحملة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: عمّ يعتذر الإعلام المصري بالتحديد؟

إن شرارة الأزمة بين مصر والسودان بدأت منذ اتهام الجانب المصري للسودان بالتقصير الواضح في حماية مشجعي المنتخب المصري في الخرطوم من اعتداءات مشجعي المنتخب الجزائري؛ هذا إن لم تواطؤاً على صعيد آخر. وعلى هذا فإن اعتذار الجانب للسودان عن ذلك يعني أن السودان لم يُقصّر على الإطلاق بالقيام بواجبه المنوط به في سبيل حماية الوفود والبعثات الرسمية للمنتخبين بمن فيهم المشجعين، وإذا كانت أجهزة الأمن والشرطة السودانية قامت بدورها على الوجه الأكمل الذي استحق عليه الإشادة من جميع وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وكذلك الإشادة الرسمية من القيادة المصرية فإن هذا يعني بالضرورة أنه لم تكن هنالك أية اعتداءات من أيّ جانب على الآخر؛ وإلا فعلام يُشكر السودانيون؟ فإذا لم تكن هنالك اعتداءات على مشجعي أيّ من الفريقين بدليل هذه الإشادات، وبدليل الاعتذارات المصرية مؤخراً، فما هو سبب هذه الحملة الإعلامية ضد الجزائر؟

ولكي أكون منصفاً، فإن الأمر يجب أن يوضع في مساره الطبيعي، فلابد لمباراة بهذه الحساسية وبهذه الأهمية لكلا المنتخبين أن تتخلله بعض المناوشات من كلا الجانبين، وقد لا أشك في أن بعض المشجعين من كلا الجانبين قد حاول الاعتداء على الطرف الآخر سواء بالملاسنة أو المخاشنة أو حتى بالعبارات الخادشة أو الإيماءات غير الأخلاقية، وهذا أمر وارد، ولا ننسى الإيماءات غير الأخلاقية التي قام بها الكابتن إبراهيم حسن في العاصمة الجزائرية وسجلتها وسائل الإعلام وانتقدها الكابتن المحترم أحمد شوبير. ولا أشك أن عمليات تراشق بالحجارة قد تمت بالفعل من كلا الجانبين، ولكن لم يصل الأمر أبداً في كل مستوياته إلى ذلك الحد الذي حاول الإعلام المصري إيهام الرأي العام المصري والعربي والعالمي به، بدليل إشادة المسئولين المصريين وحتى على المستوى القيادة بما أنجزته قوات الأمن والشرطة السودانية. فهل من المعقول بعد كل ذلك أن يكون ما يجري الآن من حمى وهوس إعلامي سببه بعض المناوشات؟ هل يُمكن أن يُؤدي تراشق بالحجارة إلى حد النيل من كرامة شعب بأكمله والإساءة إليه بل وعلى مستوى قياداته العليا لكلا البلدين؟ لقد تناول مصطفى عبده (المجري) في برنامج على قناة دريم (1) بالأمس يوم الجمعة 20 نوفمبر 2009م القيادة الجزائرية ووصفها بأنهم عبارة عن "عصابات".

إن السؤال الذي يطرح نفسه كذلك طالما أننا وصلنا إلى حدّ الاعتراف بالدور السوداني في تنظيم وحماية مشجعي المنتخبين هو: "هل يُمكن أن يكون هذا الاعتذار اعتذاراً للجزائريين كذلك؟" الأمر واضح وفي منتهى البساطة عزيزي القارئ. فإذا كان هجوم الإعلام المصري غير المسئول على الجزائريين بسبب أنهم قاموا باعتداء على المشجعين المصريين، فإن الشكر الذي قدمته القيادة المصرية والمسئولين المصريين على دور السوداني ينفي بالتالي حصول هذه الاعتداءات، وبالضرورة فإن اعتذار وسائل الإعلام المصرية للسودان هو اعتذار (ضمني) للجزائر كذلك.

يصبح الأمر في ضوء كل ذلك مجرّد تصعيد غير مُبرر أو لأغراض خفية، لاسيما وإذا أخذنا في الاعتبار تجاهل وسائل الإعلامية المصرية ما قد يتسبب فيه هذا التصعيد من وتيرة الأزمة وتأثير ذلك على الرعايا والمصالح المصرية في الجزائر. فإذا كان المصالح غير مهمة –كما صرّح البعض- أفلا يكون أمن وسلامة الجالية المصرية الموجودة في الجزائر ذات اعتبار؟ ألم يُراعي الإعلام المصري هذا الجانب؟

إن كل ذلك يجعلني أقول: إن اتهامات وسائل الإعلام المصرية للمشجعين الجزائريين هي اتهامات باطلة، ولا أساس لها من الصحة غالباً لأن كل المُعطيات تُشير إلى ذلك، فليس من المنطقي أبداً أن تعمد وسائل الإعلام المصرية إلى تصعيد الأزمة مع الجزائر، رغم معرفتهم التامة والأكيدة ببربرية الشعب الجزائري (حسب إدعائهم) مع وجود رعايا مصريين هناك. وتظل هنالك خيوط مؤامرة خافية، وبالتأكيد فإن هذه المؤامرة هي على الشعب المصري البسيط الذي استطاعت وسائل الإعلام التأثير عليه بالعزف على وتر الوطنية والكرامة. فماذا تخفي هذه الحملة الإعلامية على المصريين أنفسهم؟ لابد أن وراء أكمة الجوقة الإعلامية المصرية المسعورة ما ورائها، وأترك للشعب المصري الفطن أن يكتشف ذلك بنفسه. إنه من الواجب ألا نتكلّم عن الشعوب؛ فهي –جميعاً- مغلوب على أمرها، ولكن دعونا نسأل ونتساءل ونحاول فهم ما تفعله حكوماتنا وإلى ما ستقودنا إليه، فللأسف نحن جميعاً كشعوب ضحايا حروب الحكومات ومصالحها، وننساق وراء صراعات من صنعهم بعاطفة الإنسان البسيط والوطني الغيور، ولا أملك هنا الآن إلا أن أرثي لنا جميعاً نحن شعوب هذا العالم الثالث لأنني يبدو في غيبوبة طويلة.



#هشام_آدم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى الإعلامية منى الشاذلي
- رسالة عاجلة إلى الشعب المصري
- الإنسان: المطلق والمقيّد
- نحو المطالبة بإعادة العصمة للمرأة
- نحو إنصاف الرواية
- سايكولوجيا المظاهرات
- أزمة المثقف العربي
- جدلية المرأة والرجل (تاريخ العبودية)
- نقد الانتلجنسيا السودانية
- الله والشيطان في الريس عمر حرب
- الميتافور الدلالي في اللغة الإبداعية
- الروح


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - هشام آدم - أكمة الإعلام المصري وما ورائها