أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام آدم - سايكولوجيا المظاهرات














المزيد.....

سايكولوجيا المظاهرات


هشام آدم

الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 02:30
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


http://www.hishamadamme.blogspot.com
التظاهر شكل من أشكال الديمقراطية، وواحدة من أهم الحقوق الدستورية التي يكفلها القانون لكل فرد ولكل مجموعة. والتظاهر يتم تحديداً للإعلان إما عن مطالب حقوقية، أو لفقد إحدى المكتسبات الأساسية والرئيسية الحياتية أو المواطنية، أو لتأيد/رفض وتسجيل مواقف من قضايا داخلية أو خارجية؛ إذن فالتظاهر إضافةً لكونه وسيلة تواصل جماهيرية مع السلطة والمجتمع الدولي، فهو قناة من القنوات الديمقراطية التي وجدت في الأساس من أجل توصيل فكرة، أو رأي، أو تسجيل موقف. وعلى قدر الوعي السياسي الذي يتمتع به الجماهير بقدر ما يكون الشكل الأيديولوجي النضالي للتظاهرة، بمعنى أن وعي المواطنين بحقوقهم الدستورية، واستشعارهم بخطورة تغوّل السلطة أو الممارسة السياسية على هذه الحقوق سواءً بحجب بعضها أو تأثير بعضها الآخر على تقليص هامش الحريات، وتقليص الحد الأدنى من مستوى رفاهيتهم المطلوبة، هو ما يُحدد ضرورة المظاهرة وشكلها.

ولأن الوعي السياسي شرط أساسي من شروط استشعار الأمن الفردي أو الجمعي على حدّ سواء، فإنه يتوجب علينا في البدء أن نعرف أن نشر الوعي السياسي وتنوير الجماهير وتعريفهم بحقوقهم هو أحد أهم واجبات المؤسسات والنقابات والكيانات واللجان الشعبية.

إن الخطوة الأولى لتأهيل الجماهير نضالياً هو تملكهم:
أولاً: المعرفة الكاملة والصحيحة عن الحقوق الدستورية.
ثانياً: الوسائل والأدوات النضالية عبر التطبيق الكامل والحقيقي للديمقراطية.

إذ أن غياب الديمقراطية يؤدي ضمنياً إلى عدم الاعتراف بحقوق الجماهير في التعبير عن رأيهم والمطالبة بحقوقهم. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن غياب الديمقراطية هو العامل الأول والأكبر في رسم الشكل السايكولوجي للمظاهرة؛ ففي ظل الديمقراطية المتماشية مع الوعي السياسي عند الجماهير يتوفر لدينا شكل نضالي إيجابي، في حين أن غياب الديمقراطية، وبالتالي فإن بروز سياسة القمع يؤدي بالضرورة إلى تشويه الشكل الحضاري للتظاهر على اعتباره شكلاً من أشكال الديمقراطية، واتخاذه منحاً فوضوياً.

لذا نجد في كثير من الدول العربية -إن لم يكن كلها بلا استثناء- أن التظاهر يأخذ منحى تخريبي همجي أكثر منه وسيلة للتعبير عن الرأي أو المطالبة بالحقوق واسترداد المكتسبات المغتصبة، وبالضرورة فإن الشعب المقموع والمحكوم بسلطة استبدادية لن تتوفر لديه دوافع سلمية إذا ما توفرت لديه الفرصة للتعبير عن رأيه، فهو في الأصل محروم من هذا الحق؛ ولذا فإنه لدا ممارسة (إبداء الرأي) أو (الرفض) يشعر داخلياً بأنه يقترف جريمة، في حين أن ذلك حق من حقوقه المكفولة له.

وعليه فإن تغيير شكل النهج الثوري النضالي يأتي أولاً عبر تمكين الجماهير من الديمقراطية وممارستها؛ وبالتالي فهم الحوجة للتظاهر، واستشعار الحس الوطني المشترك بين المتظاهرين ورجال الأمن، بحيث يؤدي هذا الوعي النضالي إلى التفهّم التام للطرفين لدوافع وحدود الطرف الآخر، فوظيفة رجال الأمن في ظل الحكومات الديمقراطية هي تنظيم التظاهر لا قمعها، والحيلولة دون الإضرار بالمنشآت والممتلكات العامة؛ إذ أن هنالك فرقاً بيّناً وواضحاً بين التظاهر والشغب، ولا أكون مبالغاً إذا قلت: إن التمثيل الجيد أو السيئ للديمقراطية هو من يحدد -وبشكل مباشر- ما إذا كان تعبير الناس شغباً أم تظاهر.

وكلما زادت الهوة بين المناضل وبين السلطة، كلما زادت ظاهرة (احتراف التظاهر)، وتولّد لدى المناضل رغبة في التظاهر من أجل إبداء الرفض، والرفض المطلق لأن الثقة تصبح في هذه الحال معدومة بينه وبين السلطة التي تمثل بالنسبة إليه أداة للقمع وليس -كما في ظل الديمقراطية– أداة لتحقيق الرفاهية والمواطنة، وتقديم الخدمات، وبالضرورة أيضاً فإنه كلما اختفت الشفافية بين السلطة وبين الجمهور بدأ التظاهر يأخذ شكله المشوّه متحولاً إلى نوع من الشغب، وبالتالي تزداد حوجة السلطة إلى القمع أكثر فأكثر.

إن سايكولوجيا التظاهر يبرز في شكل العلاقة المباشرة بين السلطة وبين الجمهور؛ لاسيما في العنصر المشترك الذي هو في المقام الأول يحدد شكل ونوع العلاقة ألا وهي الديمقراطية؛ إذن فلا عجب إن قلت وبكل ثقة: إن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لتحقيق المعادلة التي تبدو مستحيلة الحل في تحقيق مظاهرات سلمية تكتفي بإبداء رأيها، وتوصيل صوتها دون الحاجة للتخريب لأن السلطة عندها ستكون متمتعة بالقدر الكافي من الشفافية التي تجعلها ترضخ لتحقيق المطالب التي من اجلها خرج المتظاهرون.

ولا أقول بأن الشعب هو من يتدخل بشكل مباشر في رسم حدود سلطة الدولة –رغم أن ذلك به جانب من الصحة– ولكني أريد أن أقول: إن الوعي السياسي المتوفر بالقدر المناسب والجيد هو من يفعل ذلك، لأن توفر هذا الوعي يعني بالضرورة معرفة كل فرد دوره وواجبه وحقوقه، ويعني الشيء نفسه بالنسبة للسلطة، وعندها سوف يعرف رجال الأمن أن واجبهم في المظاهرة هو توفير القدر المعقول من الأمن لحماية وتنظيم المظاهرة، وبالتالي تحقيق أمرين:

أولاً: إتاحة الفرصة للمتظاهرين لممارسة حريتهم الدستورية في إبداء الرأي.
ثانياً: منع أي إصابات أو خسائر سواء في الأرواح أو الممتلكات.

وطالما أن التظاهر يأخذ شكله السلمي سيكون من الطبيعي أن تتوفر لدى الطرف الآخر (السلطة) الفرصة الجيدة للاستماع إلى مطالب المتظاهرين، وبالتالي احتمالية كبرى لتحقيق هذه المطالب...



#هشام_آدم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة المثقف العربي
- جدلية المرأة والرجل (تاريخ العبودية)
- نقد الانتلجنسيا السودانية
- الله والشيطان في الريس عمر حرب
- الميتافور الدلالي في اللغة الإبداعية
- الروح


المزيد.....




- الضربات الأمريكية على إيران تثير مخاوف في دول الخليج من الان ...
- الولايات المتحدة غيّرت مسار المواجهة - كيف سترد إيران؟
- خاص يورونيوز: إسرائيل ترفض تقرير الاتحاد الأوروبي حول غزة وت ...
- خبير إسرائيلي: تل أبيب لا تريد التصعيد والكرة في الملعب الإي ...
- هل فشلت -أم القنابل- في تدمير -درة تاج- برنامج إيران النووي؟ ...
- أحداث تاريخية هزت العالم بالأسبوع الرابع من يونيو
- الرأسمالية نظام -غير ديمقراطي- يستنزف جنوب العالم ليرفّه عن ...
- هل يطلب المرشد الإيراني وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟
- كيف نُفذت الضربة الأميركية على إيران؟ وما الأسلحة المستخدمة؟ ...
- كيف يرد الحوثيون بعد هجمات واشنطن على إيران؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام آدم - سايكولوجيا المظاهرات