أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عربي الخميسي - العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر الكبير/ القسم 3















المزيد.....

العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر الكبير/ القسم 3


عربي الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 08:28
المحور: سيرة ذاتية
    


الجواهري الانسان الانسان ... قصيدة لم تنته بعد ...!

تطرقنا في القسم الثاني اعلاه ما يفيد الموضوع الخاص حول المسالة السياسيه الا اني وبصدد ذكرالشاعر الكبير الجواهري في مجرى الحديث وجب علي التوقف عنده مطأطئ الراس محني القامه اجلالا واكراما لهذه النخلة العراقيه الباسله واذن لابد من بضع كلمات مضافة اليها القليل من كثير من نصوص مختاره مما اورده عنه بعض المؤرخين والكتاب والشعراء والادباء الافاضل

فقد تحدث عن هذه الشخصية السيد سليم طه التكريتي ، في كتاب نشره عام 1989 فقال : ((أن الجواهري كان قطعة من إحساس متوقد ، وثورة على كل شيء ، على الحكم ، على المجتمع وعلى نفسه هو ، ولا يمكن أن يرضيه شيء ، ولا أن يشبعه مال ، ولا أن يهدأه جاه . ولم يعرف عنه طيلة حياته أنه استقرّ على وتيرة واحدة ، أو رضي بالنعمة المتوفرة ، أو ألف العيش الرتيب لفترة ما . فهو جذوة من أعصاب متوترة ، وفكر جوّاب ، وروح هائم وراء المكانة، فهو فذ في هذه الناحية ، أضافة إلى أنه أبرز الشعراء طراً وأغزرهم مادة ، وأكثرهم أغراضاً ، وأنبتُهم قافية ، وأطولُهم نفساً ، وأعمقهم أدباً ، وأشرقُهم بياناً وألصقُهم بالتراث ، وهذه أمور لا تتوفر في أي شاعر معاصر من شعراء العربية ، لا سيما وأن معظم الشعراء المعاصرين يركضون وراء الخفيف السهل من الإنتاج الشعري .
والجواهري شاعر من النسق الكارزماتي يشظي نفسه قنابل في وجه الظلم لا يهادن ولايسالم واقرأ له هذا المقطع يصف الخونة من أبناء البلد الذين كانوا خدما للاستعمار وأعوانا له :
ولقد رأى المستعمرون فرائسا
منا وألفـوا كلب صــــيد سائبا
فتعهدوه فراح طوع بنانهــــم
يبرون أنيــابا لــــــــه ومخالبا
أعرفت مملكة يبـاح شهيدهـا
للخائنين الخادمــــــين أجانبـا ؟
مستأجرين يخربون ديارهم
ويكافأون على الخراب رواتبا
وكما نعى الشاعرعلى الحاكم بغيه ، نعى على الرعية استسلامها ، وخنوعها ،فقذفها بألسنة من نار ونخسها بمهماز من فولاذ ،علها تفيق من غفوتها ،وتقهر خوفها ومسكنتها وهو في ذلك متفق مع قول أبي العلاء:
أعاذل قد ظلمتنا الملـو ك ونحن على ضعفنا أظلم
وذمه للشعب ، هو الذم البناء لا الهدام ، إنه الهجاء بغير حقد ، الصادر عن حب وغيرة على الشرف و الوطن ، واقرأ له هذا المقطع يذم خنوع الشعب وهو ذم شديد اللهجة ، قاسي النبرات :
أطبق دجى أطبـق ضـــباب
أطبق جهــامـا يا سحـــاب
أطبق دمار علــى حـمــــاة
دمـارهــم أطـــبق تــبـــاب
أطبـــق علــى متبلــديـــــن
شـكــا خمــولهـم الذبـــاب
لـم يعـرفوا لون السمـــــــاء
لفـرط ما انحنت الرقــاب
ولفـرط ما ديست رؤوسهم
كـــمـــــا ديــــس الـتراب
أطـبــــــق علـى المعزى
يراد بها على الجوع احتلاب
أطبق على هذي المســوخ
تعـاف عيشــــــتهـا الكــــلاب
وقد ردد الشاعر كلمة " أطبق" سبع مرات في هذا المقطع القصير ، وهو فعل أمر غرضه التمني يوحي بيأس الشاعر من خمول الشعب وبلادته ، والألفاظ شديدة اللهجة دالة على الغضب العارم ، والثورة الجارفة التي تضطرم في نفس الشاعر .
إن الذي يعرف الجواهري ، ويعرف ما جبلت عليه نفسه من تعطش للحرية وإلى العدالة ، وما لا قاه من وجع في المنافي ، وتضييق الحكام ، يستطيع أن ينسب إليه شعره ، فلا يختلط بأشعارغيره ، فقد كان شعره نفثه من روحه الناقمة ، و شواظا من لهيب نفسه ، أو كان كما يقال مرآة نفسه ، عكست ما فيها من إباء وكرامة وشرف وكبرياء .
وهناك ميزة في شعره ظاهرة للعيان ، مسفرة للقارىء وهي روح السخرية ، وكأنها البلسم الذي يبلسم جراحه ، والشهقة التي يجد فيها الراحة والعزاء ، وهو يستخدمها في شعره طريقة من طرق التعبير عن تبلد الجماهير ، ومهمازا يستنهض به العزائم ويستثير به الهمم . وأكثر ما تتجلى هذه الميزة في قصيدته " تنويمة الجياع " وهي مطولة تنعي إلينا بلادة الشعب وغفلة الرعية ، و لا أدل على ذلك من تكرار الفعل " نامي " في القصيدة حوالي أربعا وخمسين مرة في قصيدة عدد أبياتها تسع وتسعون بيتا، ونكتفي منها بهذه الأبيات حيث تتجلى روح السخرية المرة و التهكم اللاذع :
نامي جياع الشعب نامي
حـــرستك آلهة الطـعـــام
نــــامي على زبد الوعود
يـــداف في عسل الكــلام
نــــامي تصحي نعـم نوم
المرء في الكرب الجســام
نــــامي إلى يوم النشـــور
ويـــــــوم يؤذن بالقيـــــام
نـــامي على نغم البـعوض
كـــــأنه سجع الحمـــــــام
نـامي على البرص المبيض
من ســوادك والجـــــــذام
نـامي فحرز المؤمنين يذب
عــنك على الـــــــــــــدوام
نـــــــامي فنومك فتنـــــــة
إيــــــقاظها شر الأثـــــام
إن الـــــتيقظ لـــو علمــــت
طليعة الــــــــموت الزؤام
نامي ! إليك تحيتي وعليـــ
ك نـــــــائمة ســــــــلامي !
وهي قصيدة كما أشرنا آنفا طويلة تتجلى فيها مرارة اليأس وروح التهكم وطابع السخرية .
لقد آمن الجواهري أن الشعب مصدر القوة ومنبع الحصانة وجرثومة النماء ، وأدرك أن جبروت الحاكم يستمد بقاءه من جبن الشعب ، ونهبه لخيراته من سكوت الرعية ولامبالاتها واستهتاره ودعارته من بلادة الناس ، فصك الشاعر الآذان بالكلمات القاسية، وزلزل القلوب الواجفة بالمعاني القارصة، وحرك النفوس الغافلة بالتهكم البناء والذم الصادر عن حب وإخلاص أملا في حرية غائبة، وعدالة أعز من الأبلق ، ومساواة موؤودة، ونهضة مؤجلة إلى يوم النشور.
( انتهى الاقتباس )
الحقيقه التي لا يختلف عليها اثنان من مؤرخي تاريخ العراق الحديث ، ان الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري رجل عصره واسطورة زمانه مع الفارق لمفهومة الاسطوره التي تشير الى حالة ضعف اليقين ، اما الجواهري فهو اشبه بكتاب مفتوح ، وعطاء دائم لقرن من الزمن تقريبا ، فما تركه من تراث ثر ثمين من شعر بليغ ، ومحرر رفيع ، وقول وبيان ، ومن ممارسات سياسيه وثقافيه واجتماعيه ، ومواقف رفض ذات توجه وطني حداثوي عن وعي وادراك ، وقيمَ انسانيه عاليه، وتجارب نضاليه صلبه ، لسنوات الطويله من حصاد عمره ، تغني المؤلف في تأليفه ، والكاتب في كتاباته ، والشاعر في شعره ، والباحث في بحثه ...! وخلاصة القول ان محمد مهدي الجواهري هو العراق كله .. في انتفاضاته وكبواته ، في سكونه وثوراته ،وكما في انجازاته وفي استحقاقاته ، فمن يروم دراسة تاريخ عراق القرن العشرين ، عليه ان يدرس الجواهري هذا الطود الشامخ ، وسيبقى شامخا ما دام العراق حيا ابيا ، ومشروع قصيده لم تنتهِ بعد !!

ونعود الى موضوعنا حول لحم الكاشير والطاريف ، وما جناه الجواهري من موقفه المؤيد للمضربين من شباب اليهود ، ندرج ادنا مقولة احد مشاهير الكتاب بهذا الصدد ، حيث
يذكر الكاتب العراقي سليم طه التكريتي ايضا ( ان الفائده الوحيده التي جناها الجواهري في قضية الكاشير والطاريف ، كانت قصيدته في السجن ، والتي نظمها وهو يمضي فترة محكوميته ، وتقع هذه القصيده في 31 بيتا .. ) كما قال الجواهري في الصفحة33 من مذكراته حول قضية حبسه ، انها مجرد تهمة هي اقرب الى السخرية منها الى الواقع ، مما اثارت هذه الحاله في نفسه شاعريته ، واوحت له بقصيدة تشير الى الكاشير والطاريف والتي يقول بها :-

يا عابثا بسلامة الوطن العزيز وبالامان
ومفرقا زمر اليهود طوائفا كلأ لشأن
ما انت والكاشير والطاريف من بقر وضأن ؟
ان لم تفدك عقوبة فعسى تفيد عقوبتان
وفي قصيدة اخرى كتبها بعيدا عن السياسيه والشعر الجاد ، كتبها باحساس إنساني مرهف، وحنين للاهل والاصدقاء والاحبه يقول فيها ...
يا ساكني ارض الرافدين انني
احبكم اني احن اليكم
أسامركم رغم الفراق وحكمه
لأني بحبكم عشيق متيم
نأيت عن الاحباب رغم ارادتي
ورغم ارادات لكم قد نايتم
اناجيكم والقلب عندي ممزق
واوجاعكم في اضلعي تتحكم
اناغيكم والطلم يطحن جمعكم
فأحس أهي والمدامع تسجم
ارى الشعب منساقا الى السلخ عنوة
يحار لمن يشكو لمن يتظلم
ويا سامعي في الرافدين بليلة
يؤرقني فيها يتيم وأيم
وليس لدي اليوم الا مقالة
وهل تنفع الاقوال والموت يحكم
وكل الذي عندي فدى لأحبتي
وليس الذي عندي سوى ما بنيتم

واخيرا لابد لي ان اذكر للقارئ الكريم ، اني شخصيا قد التقيت والشاعر محمد مهدي الجواهري لفترات قصيره ، ولكن حضوري هذا كان عرضيا ، اذ لست انا بشاعر ، ولن ادعي صحبا لمجالسه، ولكنني جالسته عن قرب ايام مهرجانات المربد السنويه ، التي كانت تقام في مربد / البصره في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، إذ كنت مكلفا بتوفير الراحه والطعام والمنام له وللأعضاء المشاركين بالمهرجان، خلال ليلتي ذهابهم وايابهم من والى بغداد بقطار السريع النازل للبصره ، حيث كنت اشغل وظيفة مدير فنادق واعاشه احدى مديريات دائرة السكك العامه آنذاك ، مما اتاحت لي الفرص التواجد في كابينة مطعم القطار ، وهو مكان تواجد الشاعر وصحبه باقي الشعراء والادباء العراقيين والعرب والاجانب، يتناولون اطراف الاحاديث ويتبادلون الادوار ، بالقاء القصائد الشعريه منذ لحظة حركة القطار مساء حتى الى ما بعد منتصف الليل . وكان الجواهري النجم الساطع ابوالكل ولولب الحوار والنقاش والنكة اللاذعه ايضا ...! ويبقى
الراحلون بشواخص منجزاتهم وبضمير الانسان خالدون

عربي الخميسي
تشرين الثاني / 2009



#عربي_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر ...
- العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر ...
- يا اهل اوكلاند ماتت كاشين ....؟
- العالم عبد الجبار عبد الله يوم التقيته
- العراق خسر الصابئه المندائيين ، ولكن الصابئه المندائيين لم ي ...
- المراة المندائيه حررها الدين المندائي وظلمها المجنمع
- أنا شاهد عَيّان على ثورة 14 / تموز
- القسم الثاني والاخير - كاظم فرهود ابو قاعدة ذلك الشيوعي المن ...
- كاظم فرهود ابو قاعدة ذلك الشيوعي المناضل يوم عرفته
- هذا هو موقف الاخيار والشرفاء
- جريمة الطوبجي ضد الصابئه المندائيين وموقف الشرفاء المطلوب لل ...
- القسم الثالث - يوم تأسيس الجيش العراقي والدروس المستنبطه من ...
- يوم تاسيس الجيش العراقي والدروس المستنبطه من حرب الاحتلال
- يوم تأسيس الجيش العراقي والدروس المستنبطه من حرب الاحتلال
- من مذكرات الراحل طيب الذكر المحامي داوود حبيب يلدو سيبا
- ابناء الاقليات الدينية في العراق واشكاليات ممارسة حلف اليمين ...
- تحركات القنصليه الامريكيه بالبصره بعد ثورة 14 / تموز مباشرة ...
- القسم الثاني ....... تحركات القنصليه الامريكيه في البصره بعد ...
- تحركات القنصليه الامريكيه في البصره بعد ثورة 14 / تموز مباشر ...
- العراقيون المندائيون بخير ! بس عايزهم الحام والطعام


المزيد.....




- بالفيديو.. لحظة انبثاق النار المقدسة في كنيسة القيامة
- شاهد: إنقاذ 87 مهاجراً من الغرق قبالة سواحل ليبيا ونقلهم إلى ...
- الفطور أم العشاء؟ .. التوقيت الأمثل لتناول الكالسيوم لدرء خط ...
- صحيفة ألمانية: الحريق في مصنع -ديهل- لأنظمة الدفاع الجوي في ...
- مسؤول إسرائيلي: لن ننهي حرب غزة كجزء من صفقة الرهائن
- قناة ألمانية: الجيش الأوكراني يعاني من نقص حاد في قطع غيار ا ...
- تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل ...
- الطعام ليس المتهم الوحيد.. التوتر يسبب تراكم الدهون في البطن ...
- قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين
- -اللعب الخشن-.. نشاط صحي يضمن تطوير مهارات طفلك


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عربي الخميسي - العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر الكبير/ القسم 3