أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حيدر قاسم - حكايات من آلماضي آلقريب - خانقين وآلتهجير آلقسري














المزيد.....

حكايات من آلماضي آلقريب - خانقين وآلتهجير آلقسري


محمد حيدر قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2822 - 2009 / 11 / 7 - 01:39
المحور: الادب والفن
    


لي حكاية أخرى من زمن صباي ، زمن ماكان للهم أي معنى أو وجود في كياني ، كانت آلحياة بسيطة وهادئة ، ماوصلتنا من تقنيات آلقرن آلعشرين سوى آلنزر آليسير، نسمع بين آلحين وآلآخر أصوات لعيارات نارية مجهولة آلمصدر وخاصة في ليالي آلصيف آلحالكة ، نرقد فوق أسطح منازلنا ككل آلعراقين آنذاك . سماء مدينتي كانت صافية ونجومها تبارز عتمة آلليل وتتلئلأ كالفيروز فوق رؤوسنا ، لكثير من آلنجوم أسماء عندنا وقد سمعنا عنهن قصصا وحكايات خيالية . آصوات بعض آلحيوانات ونقيق آلضفادع كانت كأجمل سمفونية نطرب بها آذاننا قبل آلنوم .وعادة كنت أمعن بأبصاري إلى آلسماء ومراقبا حركات آلنجوم وكم من مرات زرتهم في أحلامي . وقد تجرأت مرة بسؤال معلمي عن سر وعالم آلنجوم ، وكل ما حصلت منه من إجابة ليس ألا علي آلإنتظارلسنوات أخرى وسأتعلم ذلك في دراستي لاحقا ، كبرت ودرست وحصلت على أعلى آلشهادات وللأسف لم أجد أجوبة مقنعة لأسإلتي .
كنت أشارك أصدقائي بألعاب مختلفة ، مسلية لنا ومزعجة للآخرين ، وغالبا ماكنا مصدر إزعاج للجيران بصياحنا أو رمي كراتنا في فناء دارهم وأحيانا ينجم عن ذلك كسر زجاج نوافذهم ، ولكن ما كان لنا بد من ذلك وماكان لنا مكان آخر نقضي فيه أوقات فراغنا سوى أزقتنا ، ماعرفنا شيئا إسمه آلنوادي أو آلمسابح أو رياض آلأطفال .
كانت خانقين مدينة محرومة من جميع آلخدمات وفي كل آلعهود وربما لحد آليوم وبالرغم من قدمها كإحدى آلمدن آلمعرفة منذ زمن آلآشوريين وبآلإضافة إلى عومها على بحر من آلنفط .
آلتلفاز كان حلمنا نحن آلأطفال لعدم تغطية مدينتي بآلإرسال آلتلفزيوني إضافة إلى ضعف آلتيار آلكهربائي , فإن سعد أحدنا نحن آلأطفال بزيارة آلعاصمة ومشاهدة آلتلفاز فيصبح بعودته كمن عاش في باريس لعقد من آلزمان وإكتسب آلعلم في آلسوربون ، فيبدأ بسرد حكايت وخلق قصص عما شاهده في برامج وأفلام كارتون ، كنا نحلم جميعا بزيارة أقاربنا في بغداد ليس لإشتياقنا لهم أو لبغداد بل لرؤية آلتلفاز .
في ليلة صيفية حالكة آلسواد ، شعرنا بكسرصمت آلمدينة وسمفونية آلطبيعة بضوضاء غريب ناجم عن عدد من آلعسكر وبسياراتهم ، وأصوات طرق أو كسر باب أحد بيوت زقاقنا وأعقبه أصوات عويل آلنساء وبكاء آلأطفال ، لا أحد منا تجرأ بترك سريره خوفا بطش آلمعتدين ، آلجميع كتموا أنفاسهم ساكتين خائفين، وبطلوع آلنهارعلمنا بتهجيرهم إلى منطقة مجهولة .
وتكررت آلحالة نفسها مع آلكثيرين وفي جميع أزقة آلمدينة ، وكل يترقب دوره ويساوره آلخوف وآلقلق ، وحتى نحن وبالرغم من صغر سننا كنا نسأل بعضننا آلبعض عن سبب فقداننا لأصدقائنا ، بدأنا بفقدان لذة آلألعاب ، فبدلامن آللعب أصبحنا نفرش آلأرض بجلوسنا وننظر إلي بعضنا آلبعض وبصمت ، لا أحد يعرف من يكون آلغائب غدا ولماذا يسلب آلعسكر منا أصدقائنا ، لاجواب لسؤالنا ونخشى أيضا بسؤال والدينا خوفا من ردود أفعالهم .
وبعد عدة أشهر فوجئنا بإسكان أناس غرباء لايجيدون لغتنا في آلبيوت آلمهجورة , وبدأ أولادهم باللعب في زقاقنا وبألعاب ماكنا قد رأيناه سابقا كرشاشات وبأصوات وأضواء أشبه بآلنار وكرات لعب مصنوعة من آلجلد وقد رأيت واحدة مثلها مع أخي في ملعب آلمدينة , قاموا بآشغال جميع ساحات ألعابنا آلمتواضعه ، كنا نخشى آلأختلاط معهم لجهلنا بلغتهم ولتحذير والدينا منهم خوفا من بطش والديهم وربما خوفا من وشايتهم علينا وتهجيرنا إلى مصير مجهول . ولزيادة آلحذرفكر معظم آلآباء بإبعاد أولادهم عن آللعب في آلأزقة ، فمنهم من أخذ إبنه معه إلى موقع عمله في آلعطل آلمدرسية آو إرسالهم للمكوث عند أقاربهم . وأما والدي فوجد لي أحسن مكان لأقضي به عطلي آلدراسيه وذلك بمرافقة أخي آلكبيرإلى محل عمله في آلمكتبة آلعامة في آلمدينة وكان يشغل مديرا هناك ، وقد تعلمت منه آلكثيروعرفت معنى آلكتب وبدأت بقراءة قصص آلأطفال وبالرغم من عدم إجادتي للغة آلعربية ، كان آحيانا وفي أوقات فراغة يترجم لي معاني بعض آلكلمات .
وبعد عدة أعوام أصبح آلقادمون آلجدد يتعاملون معنا كغرباء في مدينتنا وخاصة بعد أن زادت جمعيتهم في كل آلأزقة , أصبح لهم محلات ومقاهي في سوق آلمدينة بعد أن هجر أصحابها أو أجبروا ببيعها للقادمين آلجدد بآلإضافة إلى بناء آلحكومة لعشرات آلتجمعات آلسكنية أشبه بالمستوطنات لإسكان مهاجرون جدد من قرى غرب وجنوب آلعراق .



#محمد_حيدر_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تعني آلسعادة لك
- حكاية من آلماضي آلقريب -آلحكاية آلأولى
- هل يستطيع آلإنسان من إطالة عمره
- من يعطي للمهجرين حقوقهم في آلعراق آلحديث
- شهادة الجنسيه والعراق الحديث
- ألعنف وأسبابه في عراق أليوم


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حيدر قاسم - حكايات من آلماضي آلقريب - خانقين وآلتهجير آلقسري