أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - تقرير غولدستون: بداية انعطاف لا نهاية مطاف















المزيد.....

تقرير غولدستون: بداية انعطاف لا نهاية مطاف


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 2809 - 2009 / 10 / 24 - 17:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خطوة تعتبر طبيعية ومنطقية، وتدخل في نطاق عمل المؤسسات الدولية المعنية بحماية حقوق الإنسان وتعزيز الدفاع عنها، استطاع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إثبات قدرته على تأييد والانتصار لحقوق المظلومين والمقهورين والمضطهدين، الذين مورست وتمارس بحقهم شتى صنوف الجرائم التي تنتهك حقوقهم الإنسانية. وهذا ما تجسد في نجاح المجلس في تأييد اعتماد تقرير لجنة تقصي الحقائق التي كان قد شكلها المجلس، للنظر في آثار الحرب الوحشية الإسرائيلية على قطاع غزة، والتحقيق بجرائم ارتكبت ضد الإنسانية أثناءها.

ولكن يبقى على الوضع الفلسطيني بقضه وقضيضه، كما الوضع العربي برمته، وكل الأصدقاء في العالم، الاستعداد لمتابعة معركة التقرير (تقرير غولدستون) في مجلس الأمن الدولي حتى إحالة الملف إلى المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية، الأمر الذي قد يستغرق وقتا طويلا، سوف تحاول إسرائيل خلاله التنصل من مسؤولياتها بمساعدة العديد من حلفائها الأوروبيين والأميركيين.

وكانت مسألة تأجيل "تقرير غولدستون"، قد أعادت خلط الأوراق، ليس في الساحة الفلسطينية فحسب، بل وعلى مستوى إقليمي ودولي، لجهة رعاية تلك الجهات الإقليمية والدولية، لحال الانقسام والتقاسم الداخلي السائد في الساحة الفلسطينية، وما يمكن أن تقود إليه مسألة المفاوضات المأمولة من جانب آخر، حتى أصبح من السابق لأوانه الحديث عن مُعطيات جديدة لـ "المصالحة" أو الاتفاق بين "فتح" و"حماس" في الجولة الحالية، التي انتهت إلى التأجيل مرة جديدة، ما أدى إلى تأجيل لقاء مصري – سوري كان سيُعقد في حال نجحت "المصالحة" الفلسطينية التي ترعاها القاهرة.

وكان الإجماع على اعتبار تأجيل إقرار التقرير في مجلس حقوق الإنسان، وترحيل ذلك إلى ستة أشهر قادمة، اعتبر في نظر الكثيرين من فلسطينيين وعرب وأصدقاء دوليين مناصرين للحق الفلسطيني، خطيئة سياسية ووطنية، وخضوعا لضغوط أميركية – إسرائيلية، مورست في الخفاء وفي العلن، منذ انعقاد اللقاء الثلاثي الفاشل بنيويورك، ولكن الناجح في الاتفاق ضد الطرف الفلسطيني الذي بدا ضعيفا لا مستضعفا، وهو يستجيب شروطا أميركية لم تفلح إدارة أوباما في فرضها على حكومة نتانياهو في ذات الفترة، وذات السياق الذي عبرت فيه الإدارة الأميركية عن رغبتها رؤية عملية تسوية تفاوضية تبدأ، انطلاقا من رؤية رئيسها وما قيل عن خطة له، خاصة بـ "السلام" في هذه المنطقة من العالم. وإذ بالعملية بدت وتبدو إسرائيلية قلبا وقالبا، تأخذ تعبيراتها من خطة نتانياهو التي أعلن عن بنودها في خطابه بجامعة بار إيلان منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي.

في هذا السياق يمكن إدراج العديد من أصناف ابتزاز السلطة، عبر ما مارسته الإدارة الأميركية من ضغوطات، وتهديداتها الانسحاب من ملف المفاوضات العتيد، وإنهاء ما تسميه "عملية السلام" إذا ما جرى متابعة وإقرار "تقرير غولدستون" في مجلس حقوق الإنسان، ومن ثم رفعه إلى مجلس الأمن الدولي، كما والاستجابة لضغوط أخرى موازية من جانب حكومة نتانياهو بفرض عقوبات اقتصادية، انطلاقا من عدم تمكين شركة الوطنية للاتصالات من العمل، وتحميل السلطة شرطا جزائيا بدفع 300 مليون دولار، إذا لم تبدأ هذه الشركة بالعمل خلال وقت معين، ومصادرة أموال الجمارك التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة، هذا الخضوع المفضوح لابتزازات مفضوحة ومكشوفة هي الأخرى، لم تكن لتمثل إلاّ الوجه الآخر لعملة "التداوي" بالمفاوضات العبثية، تلك التي انقضت بعض جولاتها، أو تلك الموعودة أميركيا، وذلك بديلا من "عملية سلام" تسووية، أمست وفي ضوء الوقائع العنيدة التي تمارسها حكومة نتانياهو، وتحت غطاء من إدارة أوباما، أكثر انحيازا نحو تجسيدها كـ "عملية سلام" تصفوية للقضية الوطنية الفلسطينية، وذلك عبر ما بات يمارسه الاستيطان الذي لم تفلح واشنطن بالفوز في معركة تجميده أو تقليصه، وما بات يفرضه من حقائق احتلالية جديدة، لا سيما في القدس وفي المستوطنات الكبرى بالضفة الغربية، بحيث باتت إمكانية الحل من منظور إسرائيلي هي الإمكانية الوحيدة المتاحة عمليا حتى الآن وحتى وقت طويل نسبيا.

ولئن كان "تقرير غولدستون" كما جرى التصويت عليه في مجلس حقوق الإنسان، وإذا ما سارت الأمور بشكل طبيعي عبر المؤسسات الدولية الأخرى، الأداة الأفصح والأوضح لإدانة جرائم إسرائيل، فإنه سيكون أول فرصة متاحة لمحاكمة جرائم حربها، وعدوانها ضد الشعب الفلسطيني، واحتلالها المتواصل لأرضه. والتقرير بما جلبه وقد يجلبه من إدانات وتأييد دولي، لا بد من إيصاله إلى المحكمة، وهذا ليس نهاية مطاف الكفاح وتصليب الإرادة في مواجهة الصلف والعنجهية الإسرائيلية، وعلى الشعب الفلسطيني وقوى حركته الوطنية ونخبه السياسية والثقافية، الاستمرار بالكفاح التحرري من أجل دحر الاحتلال وإنهائه، بدل التعاطي مع مسألة "تقرير غولدستون" فئويا، وبنزوع يستهدف تصفية حسابات ذاتية داخلية، ضمنها أو في القلب منها محاولة تخريب كامل جهود استعادة الوحدة الوطنية الآن أو في الغد.

إن الهم الأساس الآن، لكامل الوضع الوطني الفلسطيني ينبغي أن ينصرف إلى جهد استعادة وحدة الصف والموقف الوطني الكفاحي، في مواجهة استحقاقات مفاوضات عبثية، أو هكذا يراد لها الآن أن تمضي دون أن تفضي إلى أي نتيجة، سوى تلك التي يرتبها الاستيطان على وقع سلوك يميني متطرف تقوده حكومة نتانياهو، بغطاء أميركي صرف وصمت عربي مخجل، أمسى شريكا في ذاك الغطاء الذي أصبح من فرط انكشافه، أنه لم يعد يغطي حتى مكامن ورقة توت ما عادت قادرة بدورها، على ستر عورات التفاوض العدمي.

أخيرا.. فإن "تقرير غولدستون" لم يمت، ففي الوقت الذي جرى إعادة التأكيد على وجوده وإمكانية تفعيله في أروقة المؤسسات الدولية، عبر جلسة مجلس حقوق الإنسان، فقد صار من الاستحالة أن تنجح تلك الجهود المتواصلة لإحباطه، أو النجاح في نفيه عبر إزاحته إلى الظل أو إلى النسيان، ولهذا ينبغي التشبث بمضمونه، والعمل حثيثا من أجل إيصاله إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وكل المحافل الدولية المختصة، حسب ما اقترحت العديد من منظمات حقوق الإنسان، وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية، والعمل معها ومن خلالها لضمان رفعه إلى محكمة الجنايات الدولية، وهي المآل الأخير للحكم على جرائم الاحتلال وإدانتها كجرائم حرب، ينبغي معاقبة مرتكبيها كأشخاص اعتباريين، أو كأشخاص أفراد ينتمون إلى جيش وكيان الاحتلال الإسرائيلي.

هذه المعركة؛ معركة "تقرير غولدستون" تثبت مرة أخرى إن سلطة لا تستند إلى شعبها، لن تستطيع أن تحقق بنود برنامجه الوطني الذي تلتف حوله كل قوى الحركة الوطنية، وإلاّ أصبحت عبئا ثقيلا على قضية شعبها ومشروعه الوطني التحرري، الذي باتت تقف له بالمرصاد العديد من عوامل وعناصر الإضرار به خارجيا، وداخليا كذلك، حيث التحالفات الفصائلية والفئوية أصبحت تتشكل على هيئة اصطفافات وانحيازات إقليمية خارجيا، وعشائرية وعائلية وطبقية متمادية داخليا، في ظلها نمت وتنمو بعض أهداف غير وطنية، وفصائل عنف وإرهاب قاعدي وتمحورات طبقية كومبرادورية. هذه كلها أفقدت السلطة، ومن خلفها بعض قوى المشروع الوطني وحدتها، بحيث أمست السلطة أضعف من أن ترفض الضغوط والشروط التي يفرضها اليوم خارج إقليمي ودولي، لا يهمه إلاّ تحقيق مصالحه ومصالح إسرائيل، ولو على حساب ما يتشدق به، كونه "التزامه" بالقضية الفلسطينية و "دعم" شعبها إنسانيا، دون غاياته التحررية.

لهذا لا ينبغي لـ "تقرير غولدستون" أن يكون المسمار الأخير الذي يدق في نعش المشروع الوطني الفلسطيني، بقدر ما ينبغي الارتفاع به نحو ذروة جديدة من ذرى التصدي الكفاحي الوطني لجرائم الاحتلال، على قاعدة أهداف التخلص منه لا التعايش معه، حتى ونحن ندين كل أولئك الذين كانوا وراء تأجيل التقرير من خلف ظهر شعب فلسطين وقضيته الوطنية. وفي النهاية .. ليكن التقرير هذا بداية انعطاف، لا نهاية مطاف لأحلام وطموحات الفلسطينيين والشعوب العربية، في إدانة الاحتلال وجرائمه على مستوى كافة المؤسسات الدولية. وبداية انعطاف أخرى نحو توحيد جهد، لا بعثرة جهود المكافحين من أجل فلسطين وحرية شعبها وعودته إليها.






#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسطينيون ومنطق الإرجاء والتأجيل الكارثي!
- تضارب المواعيد الفلسطينية
- رؤيا الدولة الواحدة.. واقعها وواقعيتها
- من يمتلك -شجاعة- إنهاء الصراع وانتهاء المطالب الفلسطينية؟
- أأفغانستان.. نقطة ضعف أميركية مقلقة
- الاستيطان التوافقي والمفاوضات غير التوافقية!
- مشنقة الشره الاستيطاني والدولة المستحيلة
- في الطريق نحو خطة أوباما
- أهداف الغرب المعجلة والتسوية الموعودة.. مؤجلة!
- حين تختزل -أسلمة- القضايا بجلباب وحجاب!
- بين ألق التحرر الوطني والتطلعات السلطوية
- التدين السلطوي و -فقه- الإمارة لكل حارة!
- العلاقات الأطلسية - الروسية
- إيران: الثورة الخفية تواصل تحولاتها المجتمعية
- حكومة نتانياهو وفيض التشريعات العنصرية
- آفاق الاستيطان وحدود التسوية العقارية
- هل بات نتانياهو على أعتاب سقوطه الثاني؟
- بين -معركة استيطان القدس - والدولة المؤقتة!
- الاستراتيجية الإسرائيلية لربط البحار ومخاطرها الآنية والمستق ...
- الحركة الوطنية الفلسطينية وجدل التطوير والتبديد!


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - تقرير غولدستون: بداية انعطاف لا نهاية مطاف