أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية















المزيد.....

تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2766 - 2009 / 9 / 11 - 08:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل تستطيع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الاستدارة بسياسة الولايات المتحدة واستراتيجيتها إزاء الموقف من القانون الدولي المعاصر والقانون الدولي الإنساني، لاسيما اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام ،1977 خصوصاً وقد مرّت ذكراها الستين قبل أيام وكانت الإدارة الأمريكية قد وقفت مع “اسرائيل” في فضّ اجتماع دعت له الحكومة السويسرية لأنها الدول المؤتمنة على اتفاقيات جنيف العام 1999 بعد عشر دقائق من انعقاده لأن “اسرائيل” لا تريد تطبيق أحكام اتفاقيات جنيف على الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس والجولان، اللتان قامت بضمّهما العام 1980 و1981 خلافاً للقانون الدولي الذي لا يجيز الضم والإلحاق والحصول على مكاسب سياسية بسبب الحرب والعدوان.

والأمر الأكثر التباساً وتناقضاً وتذبذباً هو الموقف الذي يتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية وما سمي ميثاق روما لعام 1998 والذي دخل حيّز التنفيذ العام ،2002 وهو الميثاق الذي يتعلق بإنفاذ العدالة الدولية على المستوى العالمي وملاحقة المرتكبين لجرائم الحرب وجرائم الإبادة وللجرائم ضد الإنسانية.

لكن الولايات المتحدة ليست عضواً في ميثاق روما رغم اشتراكها بتأسيسه بعد فشل محاولاتها ثني بلدان الاتحاد الأوروبي عن تبنّيه، واضطرت الى الانضمام اليه لأنها آثرت توجيه نظام المحكمة بما يخدم أهدافها، ومع ذلك عادت وانسحبت منه بعد دخوله حيّز التنفيذ، الأمر الذي لا يعكس تذبذباً فحسب، بل سابقة خطيرة على صعيد السياسة الأمريكية ومواقفها المعلنة من إنفاذ مبادئ العدالة والقضاء الدولي، ناهيكم عن خطورته على المستوى الدولي، إذ لم يكن مناسباً لدولة عظمى، وعضو دائم العضوية في مجلس الأمن، أن تشارك كعضو مؤسس رغم تحفظاتها- لنظام روما ثم تقوم بالانسحاب منه بعد دخوله حيّز التنفيذ بحصول العدد المناسب وهو 60 دولة للتصديق، وهو ما فعلته “اسرائيل” خصوصاً اعتراضاتها لاعتبار “الاستيطان” وفقاً لنظام روما إحدى الجرائم ضد الإنسانية التي يلاحقها القانون الدولي.

كيف يمكن للولايات المتحدة أن تدّعي أنها تريد تحقيق العدالة الدولية على النطاق العالمي وهي ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، بل إنها وهذه مفارقة حقيقية، تقف مثل هذا الموقف السلبي من المحكمة، لكنها في الوقت نفسه تنحاز إليها عند الحديث عن الاتهامات الموجهة الى الرئيس السوداني عمر حسن البشير عبر المدعي العام لويس أوكامبو، رغم أنها لا تعترف بالمحكمة.

ان مناسبة فتح هذا الملف هو ما عبّرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في تصريح لها في كينيا حين أبدت أسفها العميق، لأن الولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية التي أنشئت في لاهاي لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي أعمال الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

ولعل كلينتون عبّرت عن شعور المجتمع الدولي الذي وجّه انتقادات حادة الى إدارة الرئيس بوش عندما اتخذت موقفاً عدائياً من المحكمة الجنائية الدولية، وهذا الموقف يعود الى قبل ذلك، حينما واجهت إدارة بيل كلينتون المجتمع الدولي بالموقف المتحفظ من المحكمة، ثم واصلته إدارة بوش بعدائية ملحوظة، لاسيما محاولة الضغط على الدول الأعضاء لعدم دخوله حيّز التنفيذ، وفيما بعد انسحابها من نظام

روما عند تصديق العدد المطلوب عليه، بهدف إضعافه.

والسؤال الآن، هل ستعيد إدارة أوباما موقفها من المحكمة الجنائية الدولية وتنضم اليها بعد عرقلة جهودها وإضعاف نظامها في ملاحقة المرتكبين لكي لا يُصار الى ملاحقة جنودها، أم أن إدارة أوباما ستبقى على مواقف سلفها مع بذل جهود أكبر للتعاطي مع المحكمة دون الانضمام اليها، لاسيما في القريب العاجل أو في المدى المنظور كما يقال؟

لقد أخفقت إدارة الرئيس كلينتون في إقناع الدول الأخرى بضرورة تطمين المؤسسة العسكرية الأمريكية التي شعرت بالقلق وأبدت مخاوف شديدة تتعلق باحتمال تعريض الجنود الأمريكان لمحاكمات مسيسة بواسطة المحكمة، ورغم التوقيع على النظام الاساسي قبل سويعات من إغلاق باب التوقيع (31/12/2000) وهو الموعد النهائي للتوقيع على الاتفاقية، غير انه ما لبث أن عبّر عن قلقه بشأن احتواء اتفاقية روما على “عيوب كبيرة” كما أسماها، ولعل هذا التراجع وضعه بصيغة تعهد بأنه لن يقوم، كما لا ينصح أي رئيس يأتي بعده بأن يقوم بتسليم هذه الاتفاقية لمجلس الشيوخ لإبداء النصح والموافقة عليها، ما لم تتم إزالة جميع دواعي القلق بخصوصها.

وتطورت المسألة عندما قررت إدارة بوش في مايو/ أيار 2002 إلغاء موافقة ادارة كلينتون على قرارها القاضي بالتوقيع على قانون روما الأساسي، في محاولة للتملص من حد صلاحية المحكمة للمواطنين الأمريكان وباعتبار ولايتها عالمية، ثم وقع بوش على قانون حماية الأفراد العسكريين الأمريكيين” الذي تضمن انتقاداً للمحكمة الجنائية الدولية، وقرر قطع المساعدات الأجنبية عن أعضائها. وقد وجد القانون تأييداً من أعضاء مجلس النواب، لاسيما من “الجمهوريين” و”الديمقراطيين” أيضاً، بمن فيهم السيدة هيلاري كلينتون عضو مجلس الشيوخ آنذاك الاّ انه لقي لوماً في الوقت نفسه من جانب مؤيدي نظام محكمة روما.

وفي فترة رئاسته الثانية اتبع الرئيس بوش نهجاً أكثر برغماتية لموافقته على إحالة موضوع التحقيق في الفظائع التي تم ارتكابها في إقليم دارفور للتحقيق من قبل المحكمة، ثم قام بعد ذلك بتقديم الدعم لمدعيها العام والتنازل عن تحفظاته القانونية بشأن تقديم المساعدة للدول الأعضاء في المحكمة.

وفي حينها هددت وزيرة خارجية بوش، كوندوليزا رايس باستخدام حق الفيتو ضد جهود بعض الأعضاء في مجلس الأمن، بما في ذلك الصين وفرنسا، لإعاقة إصدار أمر بإلقاء القبض من المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر البشير، ورغم تأييد بعض جماعات حقوق الإنسان مثل هذا التوجه، الاّ أن الكثير من المنظمات والشخصيات الحقوقية المستقلة تحدثت عن ازدواجية المعايير وانتقائية الممارسات، لاسيما السياسة ذات الوجهين التي تتبعها واشنطن، خصوصاً بتمكين الجناة والمرتكبين “الاسرائيليين” للإفلات من العقاب في عدوان “إسرائيل” المفتوح على لبنان، والذي دام 33 يوماً والذي بدأ في 12 يوليو/ تموز ،2006 وفيما بعد عدوانها المفتوح على غزة والذي دام 22 يوماً (أواخر العام 2008 أوائل العام 2009)، وذلك بعد حصار زاد على سنتين ولا يزال مستمراً، وما زال الجناة “الاسرائيليون” بعيدين عن يد العدلة الدولية.

فهل ستقدم اطروحات الرئيس أوباما بشأن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة مراجعة موقفها من نظام محكمة روما أم أنها سوف لا تحرّك ساكناً على هذا الصعيد؟ ولعل الخوف من احتمال مقاضاة الجنود الأمريكان في زمن الحرب سيكون أحد كوابح أوباما إزاء محكمة روما، الأمر الذي سيضعه في تعارض مع موقف المؤسسة العسكرية الأمريكية التي ستكون حجر عثرة أمام مراجعة الرئيس أوباما لقرارات سلفه، بخصوص الانضمام الى المحكمة، ما لم تأخذ المحكمة بشروط واشنطن وتحفظاتها، وهو الموقف الذي ما زال مجلس الشيوخ متحفظاً بشأنه حتى الآن.

لكن أوباما الذي يريد إثبات نهجه الجديد في السياسة الدولية وبخاصة ما يتعلق بالعدالة، قد يلجأ الى خيارات أخرى غير الانضمام، منها المشاركة في بعض أجهزتها، وتقديم الدعم الدبلوماسي والاستخباري واللوجستي للمحاكمات التي تجريها لجرائم الحرب في دارفور وشمال أوغندا والكونغو وجمهورية افريقيا الوسطى، خصوصاً أنه من غير المتوقع أن توافق المحكمة على إجراء تعديلات وفقاً لمقترحات واشنطن رغم أن المحكمة الجنائية الدولية بحاجة الى وجود الولايات المتحدة فيها كدولة لها ثقل كوني ومسألة رمزية واعتبارية تتعلق بهيبة المحكمة، وكذلك لشمول ولايتها العالم كله.

باحث ومفكر عربي
صحيفة الخليج الاماراتية الاربعاء 9/9/2009




#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جرائم تحتاج إلى تحقيق
- معسكر أشرف: مقاربة غير سياسية
- الجواهري هو الحلقة الذهبية الأخيرة في الشعر الكلاسيكي
- ما الذي يجري في إيران؟
- مأزق الإصلاح
- موسيقى الدانوب الأزرق
- المجتمع المدني: محاولة جديدة للفهم!
- جدل الهوية: بعيداً عن التبشير!
- انشغالات -المواطنة-
- عند تخوم ولاية الفقيه ؟
- هذه النجف التي توشوشني!
- خصوصية المجتمع المدني العربي
- هل تخالف -الشرعية الدولية- القانون الدولي؟
- تخوم ولاية الفقيه!
- إرهاصات الدولة والمجتمع المدني في العراق
- الجدار الديموغرافي.. الأبارتيد الجديد
- بين الإسلامفوبيا والإسلاملوجيا
- لائحة اتهام وحلم العدالة الممكن والمستحيل!
- دارفور.. العدالة الممكنة.. العدالة المستحيلة
- الغرب والصورة النمطية للإسلام


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - تذبذب أوباما إزاء العدالة الدولية