أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - شبح التطرف في كردستان















المزيد.....

شبح التطرف في كردستان


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 2734 - 2009 / 8 / 10 - 07:58
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كشفت انتخابات البرلمان ورئاسة الإقليم في إقليم كردستان العراق التي جرت يوم 25/7/2009 والنتائج التي تمخضت عنها والجدل السياسي والإعلامي الذي دار عنها وحولها، كشفت عن حراك سياسي واجتماعي جديد وضروري. وقدمت كذلك إلماحا إلى تحول يمكن أن يتطور وينحو منحى جذريا إذا ما اخذ افقه المفترض واستطاع النفاذ إلى ما هو أعمق. وقد جاء الإيذان بالتحول في وقت دخل فيه الوضع السياسي في الإقليم حالة من التكلس واصطبغ بصبغة حزبية إحادية الطابع. وهذا الإرهاص بالتغيير لم يكن بطبيعة الحال وليد الساعة فقد كانت ارض كردستان تضطرم به منذ زمن ليس بالقصير، وهو رغبة وتوق اجتماعي قد تشكلت خطوطه على أرضية الرفض لسوء الإدارة والتفرد الحزبي للحزبين النافذين فيه ولاستشراء الفساد الإداري وغيرها من المآخذ التي وسمت مسيرة الحياة السياسية والإدارية في إقليم كردستان.

والمتتبع يدرك بوضوح أن القوى الاجتماعية والسياسية المحركة لهذا الإرهاص هي قوى متنوعة وخليط واسع من اتجاهات وخلفيات عديدة. غير أن هذا الحراك الاجتماعي والسياسي يتهدده خطر داخلي هو العنصر المهيمن في إدارته. فرغم تعدد خلفيات العديد من المنتمين إلى حركة التغيير( وهذا اسمها الانتخابي) كبعض الماركسيين المتطرفين والقوميين المنسلخين من الأحزاب الرئيسية والكثير من المستقلين والساخطين على الأوضاع الجديدة إلا أن العنصر المهيمن على إدارة هذا التحرك هو شخصية السياسي الكردي البارز نو شيروان مصطفى وبقايا تنظيمه القومي المتطرف(عصبة كادحي كردستان)(كومه له).

طبيعة الخطر تكمن أولا في طبيعة شخصية نو شيروان مصطفى وفي تاريخه السياسي، وثانيا في الخلفية الفكرية والسياسية للمنشقين معه من تنظيم الاتحاد الوطني الكردستاني.

تميز (نو شيروان مصطفى) بين أقرانه السياسيين في المرحلة الجديدة بأنه لم يكن يميل إلى الظهور الإعلامي الصاخب، ولم يسعى للمناصب الحكومية وهي بمتناول يده واكتفى بدوره السياسي عبر مكانته الحزبية والسياسية، فبقي آمينا لتقاليد رجل الثورة بديلا عن رجل الدولة الذي انعطف إليه جل رفاقه. وبعد ابتعاده عن الاتحاد الوطني الكردستاني، وقبل خوضه للعمل السياسي عبر الانتخابات وتشكيله لقائمة مستقلة بمواجهة الأحزاب التقليدية القابضة على مقاليد السلطة والإدارة في الإقليم، كان قد اختار طريق الإعلام والعمل الفكري كشكل للممارسة السياسية. ولم يلتاث اسمه بأي فضيحة فساد مالي أو أخلاقي. ورضي مختارا بحياة منعزلة بعيدة عن الأضواء في الوقت الذي انهمك فيه زملاؤه من قادة الاتحاد بما وفرته لهم الحياة الجديدة من إغراءات استثمروها في نمط حياة خاص وباذخ مليء بالملذات ورغيد العيش وباستغلال مباشر وواسع لثروات المجتمع للمصالح الشخصية والعائلية كما فعل (جلال الطالباني) الذي وقع في فخاخ كل هذه المثالب. والأكثر إن (نوشيروان) حتى في مظهره الشخصي كان مختلفا ومغايرا للآخرين، فكان خفيض الصوت هادئ الطرح بسيطا في لباسه (شروال وقميص) الأمر الذي أضفى عليه قدر من الهالة المؤثرة والشجية وجعله مميزا بين غرمائه الذين يبدون مختنقين كمومياءات محنطة بلباسهم الرسمي بالغ الأناقة. وربما يكون هذا العامل الشخصي هو واحد من المؤثرات والدوافع التي دفعت المواطنين هناك لمنح صوتها إلى هذه القائمة.

لكن هذه الخصال الايجابية والجذابة، التي هي كل فضائل هذا الرجل، تسقط بدوي مكتوم وتتلاشى حينما نسترجع ماضيه السياسي ونكشف عن شخصيته الدموية المولعة بنزعة التدمير والتآمر وإثارة الأزمات.

لقد كان (نوشيروان مصطفى) طيلة نشاطه السياسي، كما يعرف هذا جميع من عاصر وتابع نشاطه السياسي والعسكري في الجبل، هو المسؤول الأول والمباشر عن كل جداول الدم التي أريقت فوق ارض كردستان. فهو الذي كان يدير ويؤجج كل المواجهات العسكرية مع أي طرف يختلف معه تنظيمه الحزبي، ـ أي جميع الأحزاب العاملة في كردستان ـ. واسمه ودوره كانا القاسم المشترك في كل فعاليات الدم والتوتر التي شهدتها مرحلة الكفاح المسلح، بل ودارت الشبهات والشكوك حول اسمه في أمر الإيقاع، لأغراض شخصية غامضة، بقادة العصبة المؤسسين( شيخ شهاب ودكتور آرام وأنور) الذين أعدمهم النظام ألبعثي أواخر السبعينات. وقد كرس متحالفا بعصبية حاقدة مع (جلال الطالباني) البراغماتي المتلون، كل عناصر الفكر المتطرف والاقصائي لكل من يحيط به سواء على مستوى تنظيمه الحزبي أو القوى السياسية الأخرى. فهو لم يكن ينظر إلى الصراع السياسي الداخلي، أو مع القوى القومية الكردية، وأبرزها الحزب الديمقراطي الكردستاني، على انه صراعا سياسيا، كما يفترض منطق الحياة والسياسة، قابلا للحل والمعالجة ما أن تتوفر الظروف الملائمة والنوايا الحسنة؛ وان المواقف في السياسة تتبدل مع تبدل الظروف، وإنما كان ينظر لهذا الصراع، بسبب من خلفيته الفكرية المترسبة من انتمائه وقيادته لتنظيم (العصبة) التي أسست منطلقاتها الفكرية والسياسية على تخوين ونبذ القوى الأخرى، على انه صراعا تناحريا واقصائيا لا يمكن إلا أن يؤدي إلى إنهاء احد الطرفين المتصارعين. ووفق هذا العقل وهذا المنطق كان يعمل (كاكه نه وه) طوال نشاطه السياسي على فكرة تصفية الخصوم من أي ارض أو موقع يكونون فيه. هكذا فعل مع الحزب الشيوعي العراقي في معركة بشتاشان، ومع الحزب الاشتراكي وحزب الباسوك في مناسبات مختلفة، ومع الإسلاميين وحتى مع مجموعة( ئالاي شورش) المنشقة عن تنظيمه الحزبي (العصبة) عندما حاول تصفية قائدها (ملا بختيار) رفيقه في التنظيم والقيادة، واعتقال ومطاردة مجموعة هذا الانشقاق.( لهم بيان نشروه عام 1989 بينوا فيه هذه التفاصيل.)

وعرف عنه أيضا بأنه شخصية رجراجة زئبقية لن يستطيع المرء أن يفهم منه ماهيته، فهو وعلى نسج ملهمه ومعلمه وراعيه، (جلال الطالباني)، قبل أن (ييبس الثرى بينهما)، يقول الشيء ونقيضه في الآن ذاته، ويكذب بطريقة فجة وبدم بارد كما يفعل حين يصفي خصومه. وقد بلغ به الأمر ليس إلى نكران المآسي الدموية التي وقعت فيما اصطلح عليه باقتتال الأخوة وإنما إلى تنكره، وهذا أمر غريب للغاية، حتى لانتمائه للعصبة التي قادها سنوات طويلة وكان احد مؤسسيها.

اكاد اجزم انه لو آلت أمور الإقليم ليد هذا الرجل وتنظيمه لما توانوا عن تفجير العنف وإسالة الدماء من جديد.

أما بقايا تنظيم (العصبة)، ـ لأنه قام بحل هذا التنظيم في أواسط التسعينات ـ، فقد اخذوا يمارسون حضورهم داخل حركة التغيير الجديدة بطريقة تبغي فرض الهيمنة على منطلقات وآفاق الحركة وذلك باستعادتهم لمفردات وأفكار التأسيس، تأسيس العصبة، الاقصائية التي قامت على فكرة ملء الفراغ الذي نشا بحسب رؤيتهم عن انتكاس الحركة المسلحة الكردية بعد اتفاق الجزائر عام 1975، وبعد انسحاب الحزب الشيوعي العراقي إلى ضفاف النظام بانضمامه للجبهة التي عقدها مع البعث. وفكرة ملء الفراغ وما يلحقها من مرادفات: الضرورة التاريخية والبديل الثوري الحقيقي وغيرها، هي فكرة ذات نزوع فاشي تفترض فراغا وانحرافا في واقع مهزوم ومدقع سوف يملأه من رصده القدر والتاريخ لهذا الدور. والتلبس بهذه الفكرة شيء يشبه المرض العضال لا خلاص منه ولا فكاك من تبعاته. وهي تتلبس المرء أو التنظيم السياسي مرة واحدة والى الأبد فتخضعه لنظرة ميتافيزيقية عن الواقع وعن ألذات تحيلهما كليهما إلى تجريدات لا حياة لها ولا وجود إلا بقسر الواقع وتطويعه بطريقة تعسفية لصالح الفكرة السرمدية عن البطل المخلص. وهي ذات الفكرة التي أورثت العراق تجارب إنسانية وسياسية قاسية ومريرة في حكم نظام (صدام حسين). ولا أظن أنها محض مصادفة أن عصبة كادحي كردستان قد ولدت على هامش الزمن الراديكالي بتجلياته القصوى والأكثر تطرفا في صورة نظام البعث في أواسط السبعينات. وأبناء العصبة يسترجعون الآن، بنفس نوستالجي، طرح ذات الفكرة مستهدفين مصادرة الديمقراطي الكردستاني دون تسمية صريحة، مستعيدين ذات المفردات واللغة الاقصائية التخوينية، مغيبين بذلك أي اثر لتاريخية الحركة القومية الكردية كحركة سياسية قابلة لتجاوز واقعها السلبي. وهاهم يسعون عبر كتابات ومطالبات، تفترض أحقيتهم بقيادة الحياة السياسية في الإقليم، تعيد الحياة للنزعة العدوانية القديمة بتخوين وإدانة الآخرين وتذكي غرائز العنف، وكأن الحياة السياسية غير ممكنة لهم مع وجود غيرهم، وكأن كل متغيرات الحياة والفكر والسياسة غائبة عن رؤيتهم وتقييمهم للآخرين.

المجتمع الكردي بقواه الحية: سياسيون ومثقفون، وبعموم وعيه الشعبي، يدرك بمستويات مختلفة هذه الخلفيات والدوافع الخفية التي تحرك نوشيروان ورهطه. وهو يعرف أن هؤلاء هم جزء من السلطة وركن متين من أركانها، وإنهم يركبون الموجة قاصدين العبور بمواقف المعارضة النقية هذه إلى مقاصد تحرفها عن طريقها، وهنا يكمن مقتل نامة التغيير وقوى التغيير ورهاناته. لكن طبيعة الظروف فرضت على المجتمع قبول هذه المساومة المفروضة بإعطاء صوته لرجل وجماعة هم من صلب النظام السياسي والحزبي في الإقليم، ولهم سوابق مؤذية على المجتمع تضاهي إن لم تزد عن ما تمارسه أحزاب السلطة الآن. هذه الظروف قد تعيد الأوضاع بالإقليم إلى عنق الزجاجة، أو بالاحرى تبقيها فيها فهي لم تكد تخرج منها بعد. واصل العلة في إبقاء الأوضاع على ما هي عليه من التكلس والتردي وحالة الالتباس التي أدت إلى استيلاد البدائل من ذات منظومة السلطة هو غياب وعدم بلورة تيار وطني يتجاوز باطروحاته وبرامجه كل من القوى الحاكمة ومن القوى التي تنبثق منها وتطرح نفسها بديلا.
فهل ستسمح هذه القوى لدموية (نوشيروان) وتطرفات عصبته أن تستحوذ على المشهد وتصادر هذا الصوت الشعبي النقي أم أنها تستطيع أن تحيده، إن لم تستطع أن تجرفه بتيارها؟!!.



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهداء منسيون
- معوقات وحدة اليسار العراقي
- صناعة الخصوم
- معضلتان يساريتان
- تعرف الأشياء بأضدادها
- عبء التاريخ
- طرائف ديمقراطية
- قراءة اولية في انتخابات مجالس المحافظات
- شارة النصر
- عالمية القضية الفلسطينية
- في إنصاف النقد
- إحراجات غزة
- أدوات العدوان الإسرائيلي
- غزة والعرب
- حذاء الزيدي ووجوه البعثيين
- لماذا اتحاد لكتاب الحوار المتمدن
- اتحاد كتاب الحوار المتمدن
- الحوار المتمدن رتوش في طريق التطور
- دكتاتورية مبطنة بحرير الديمقراطية
- عذرية البنادق


المزيد.....




- الحكومة المصرية تعطي الضوء الأخضر للتصالح في مخالفات البناء. ...
- الداخلية المصرية تصدر بيانا بشأن مقتل رجل أعمال كندي الجنسية ...
- -نتنياهو يعرف أن بقاء حماس يعني هزيمته-
- غروسي يطالب إيران باتخاذ -إجراءات ملموسة- لتسريع المفاوضات ح ...
- تشييع جثمان جندي إسرائيلي قُتل في هجوم بطائرة مسيرة تابعة لح ...
- أمام المحكمة - ممثلة إباحية سابقة تصف -اللقاء- الجنسي مع ترا ...
- واشنطن تستعيد أمريكيين وغربيين من مراكز احتجاز -داعش- بسوريا ...
- واشنطن لا ترى سببا لتغيير جاهزية قواتها النووية بسبب التدريب ...
- بايدن: لا مكان لمعاداة السامية وخطاب الكراهية في الولايات ال ...
- مصادر لـRT: الداخلية المصرية شكلت فريقا أمنيا لفحص ملابسات م ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - خالد صبيح - شبح التطرف في كردستان