أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء حميو - لإيران الحبيبة














المزيد.....

لإيران الحبيبة


ضياء حميو

الحوار المتمدن-العدد: 2691 - 2009 / 6 / 28 - 10:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين اندلعتْ الحرب العراقية الإيرانية ، كنت في المدرسة المتوسطة ،فرحتُ أنا وأقراني بها لأننا لن نذهب للمدرسة في اليوم التالي ،لم أكن اعرف ماتعنية الحرب..!!
تعطلتْ المدارس أكثر من شهر وضجرنا من بقائنا في البيوت.
شح وانقطع النفط والغاز ،ولم يعترض الكبار على واحدة من أقدس مازرعوه ، "النخلة العمة " ، صمتوا حين اضطر بعض القرويين لقطع النخيل واستخدام جذوعه كوقود للطبخ والتدفئة.
إنها الحرب ، لامكان للمقدس فيها ..!!

لم يعد في التلفاز غير أغاني الحرب وخطاباتها ، حتى افتتاح التلفاز لبثه الإذاعي كانوا يختارون له آيات من القرآن قصيرة ،يختمونه بدعاء ظل يتكرر ثماني سنين " اللهم آت محمدا الوسيلة والفضيلة وامنحه المقام الكريم الذي وعدته ،إنك لاتخلف الميعاد" ،كنا فرحين باختزال فقرة القرآن الكريم لنشاهد ماحدث مع السندباد في أفلام الكارتون ،ولكنهم أوقفوا بثه واستعاضوا عنه بكارتون قصير خمس دقائق بدلا من خمس عشرة دقيقة.
اختفى من البيت ثلاثة من إخوتي والتحقوا بالجبهات كجنود ... لم أشاهد أمي تبتسم بعد ذلك اليوم..!
إنها الحرب لامكان للابتسام بها ..!

وحين حل العيد ، لم يرقص الناس رقصة " الجوبي " كما اعتادوا ..!
إنها الحرب ، اختفت " الجوبي " والى اليوم كرقصة من رقصات العيد...!

عاد احد الجيران ،بإجازة عسكرية ،حاملا معه ، خرطوشة اطلاقة مدفع عملاقة ، لم نر مثلها من قبل ،كان يتباهى بها أمام ضيوفه هو وزوجة ،وكذا جلب الكثير من الجنود مختلف أنواع الخراطيش ،وصرنا نعرف نحن الصغار ،تماما كل خرطوشة لأي نوع قذيفة ،لم تعد خرطوشة جارنا ذات أهمية لكثرة الخراطيش ، ولذا استخدمها أخوه ،بعد أن وضع فيها عمود من الحديد وصب بها كونكريت لتكون رافعا لمستقبِل البث التلفزيوني ،بعد سنتين شاهدت الخرطوشة ،تثبت إحدى دعائم بيت عزاء جارنا الشهيد في معركة " القادسية " الثانية.
إنها الحرب ،تستخدمها وتستخدمك..!

جار آخر كان جنديا عاد بإجازته بعد معارك مدينة "المحمرة" ، حاملا معه إحدى الغنائم التي أرانا إياها ،كانت البوم صور لعائلة إيرانية ،هي المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها البوم صور ،مازلت أتذكر إحدى الصور ،لطفلة في عمري وسط حقل مليء بالزهور البرية فسيح ،قال جارنا انه لم يأخذ من هذا البيت الذي هجره أهله بسبب الحرب غير " الألبوم "لأنه وجد إن أهل البيت كتبوا على ورقة وضعوها بجنب " قرآن " :أمانة الله ورسوله "...هل كان أهل البيت عربا ؟! ،ولكنه أضاف بأسى إن جنودا آخرين لم يأبهوا ونهبوا البيت كله ،حتى القرآن "..!
إنها أخلاق الحرب.

اتشحت المدن بالسواد، وبدل السؤال:ابنُ من الذي أتوا بنعشه اليوم "شهيدا" إلى مركز الشرطة "لتسلمه إلى عائلته"، صار: كم هو عدد النعوش؟!
إنها الحرب لها أسألتها الخاصة..!

كرهتُ هذا الرجل المعمم الذي لايريد أن تنتهي الحرب إلى أن يدخل "كربلاء"..!
كانت ماكينة الحرب الإعلامية ،تردد دوما " الفرس المجوس الحاقدون"،كرهتُ هذه الحرب وهؤلاء المجوس البرابرة الملتحين ،كرهت الإيرانيين ،الذين لايوقفوا الحرب ليعود إخوتي إلى البيت ، وتعود لامي ابتسامتها.

أبي يضع المذياع على إذاعة " مونتي كارلوا "ويغفوا بانتظار خبر عن الحرب،السنين تمر ....والحرب تغدوا منسية للعالم إلا لنا نحن العراقيين والإيرانيين، لأنها لاتريد أن تنسى إننا وقودها ،وإذاعة " مونتي كارلوا "ولأيام طويلة لاتذكر شيئا عن الحرب.... فقط إعلانها عن جبنة " لافاش كيري " جبنة البقرة الضاحكة ،لم أكن اعرف عن الجبن إلا انه إحدى مشتقات الحليب ،وكشأن اغلب القرويين لانشتري إلا السكر والشاي والتتن من المدينة ، لم نذق الجبن يوما لأننا نكتفي بما نزرعه وتنتجه حيواناتنا ،ومن هذه الأخيرة لانعرف سوى ،الحليب ،والزبدة ، واللبن الخاثر الذي نسميه " روبه " بالعراقي....!
سألتْ أمي عن طعم الجبن..؟!
اعتدل أبي بجلسته كمن يريد أن يلقي خطبه ،وقد أصاغ جميع أفراد العائلة السمع له ،قال "لقد تذوقته عند زيارتي لأحد الأصدقاء "حضري "من المدينة ،وهو يشبه الروبة الصاكه " الجامدة، وملحة زايد ،كسر بجمع " خرط "هراء..!
بعد هذا الجواب لم افهم لماذا كل هذا الاهتمام من إذاعة مونتكارلوا "بروبة صاكه"..!!

تمر سنين "الحرب المنسية" ، وترصد الحكومة في القناة الثانية العراقية ساعة بث تديرها " منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة "، كان أجمل مافي هذه الساعة هي فقرة خمسة عشر دقيقة لاغاني فارسية قديمة ...!!
من هنا بدأت معادلة أخرى في حياتي ،سمعت :مختلف الأغاني التي لامثيل لوقعها في داخلي أنا الذي لاافهم الفارسية ، ولكنها الموسيقى ،استمعت " لمهستي " وداريوش وكوكوش وهايدة كولبيكاني وغيرهم ،من خلال موسيقاهم أحببت الشعب الإيراني ،كرهتُ نظام الملالي التي حرّم بها هذا الغناء الجميل ، واكتشفتُ إن " حكومتي العراقية " كانت تكذب،كرهتُ صدام حسين ...!
كيف لمن يبدع هذه الموسيقى أن يكون بربريا مجوسيا حاقدا..!!
ماذا عن عمر الخيام وسعدي شيرازي العظيم ماذا عن حافظ ؟!

نعم رغم الحرب ورغم إن أمي لم تستعد ابتسامتها، لكني أحببت الشعب الإيراني، مبدع الفنون الجميلة الأصيلة
لإيران الجارة والأيام العصيبة التي تمر بها، أقول:
أبكي مع كل قتيل يسقط في المظاهرات، وانتفض مؤيدا كلَ صرخة حرية من شبابكم.
لإيران الحبيبة... أهدي ابتسامة أمي التي فقدتها في الحرب، أملا أن أراها تتوزع بالتساوي على وجوه الأجيال الإيرانية والعراقية الجديدة.




#ضياء_حميو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجارب دنماركية 28 ( النوم تحت قبة البرلمان)
- تجارب دنماركية 27 مدرسة الجانحين الصغار ج4 (دُور الحضانة وال ...
- تجارب دنماركية 27 مدرسة الجانحين الصغار ج3 (لايستيقظون صباحا ...
- ذيلهُ العربي
- تجارب دنماركية 27 مدرسة الجانحين الصغار ج2(إنهم لايتحدثون ال ...
- تجارب دنماركية 27 مدرسة الجانحين الصغار ج1 (إنهم يكرهون الكب ...
- جمال جمعة و راس البصل
- تجارب دنماركية 26 (الأطفال المجرمون )
- تجارب دنماركية 25 ( تقدر أن تسرق )
- تجارب دنماركية 24 (رسائل من الجيران )
- مَنْ منْهنّ أغوتك!(شعر )
- تجارب دنماركية 23ج5 طرق تدريس الدين (الفلسفة وأخرى)
- الفساد الأخلاقي للدجاج البرازيلي
- تجارب دنماركية 23ج4 طرق تدريس الدين (الإسلام )
- تجارب دنماركية 23 ج3 طرق تدريس الدين (الديانة المسيحية )
- تجارب دنماركية 23 ج2 طرق تدريس الدين ( الديانة اليهودية )
- تجارب دنماركية 23 ج1 طرق تدريس الدين ( المُثل والأخلاق )
- همسة عراقية ( شعر )
- لعنة الكندوم
- تجارب دنماركية 22 ( راتب ملكة الدنمارك وأخرى )


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ضياء حميو - لإيران الحبيبة