أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - موت على موت














المزيد.....

موت على موت


عبدالوهاب عزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2579 - 2009 / 3 / 8 - 02:23
المحور: الادب والفن
    



"نص مفتوح"

صوتٌ
يا إلهي..
لقد أُصبت
هذا السائل الدافئ.. إنه دمي
وهذا النفق في صدري
لا بد أنه درب طلقة
لا إنه أوسع.. لا بد أنها شظية
طعمٌ مالحٌ في فمي
(لا بد أنه دمي.. هذا ما يحدث في الأفلام)
يا إلهي..
ما سأفعل
تمر الصور بسرعة
عرقي بارد
والوهن يشلّ ساقيّ
تمر الصور سريعة
كطلقات.. أو كأصوات طلقات
يُقال: " قبل الموت ترى أهمّ لحظات حياتك"
لا أعرف ما أرى
فوضى هائلة
أمّي وهي تغني
قبلتي الأولى
أول مرة أمارس عادتي السرية
ما هذا..
أيعقل أن أقضي ثواني حياتي الأخيرة في ..
لا..
أرى ساقي المجروحة أولَ مرة أركب فيها الدراجة
يدي المكسورة تحت الشمس القائظة
ليس عدلاً ..
ألا يكفيني ما بي من الألم " من المفترض أني أتألم"
هل سأفشل في الموت أيضاً
أنا سيد اللحظات الباقية
لا تقاطعوني..
انظر إلى هؤلاء المساكين يتجمعون حولي
يعصرون الجرح بأكفهم
وقمصانهم
يا لهم من مساكين
يظنون أن الدم يوقف بالآمال البسيطة
من الجميل أن تنظر في عيونهم
آمالهم صادقة
الصمت يطغى
لم أعد أسمعهم رغم أن أفواههم تتشنج
تُفتح وتُغلق والرذاذ يتطاير
وأكفهم المدماة تلوّح
يحملونني على لوح
"فلنعتبره مجازاً لنقالة"
وجهي يقابل السماء الدخانية
تذكرتُ
كأسَ الحليب
أمي وهي تسقيني الحليب
في البرد القارس
وهي تفرك يديّ
عيناها تدخلان فيّ
لابد أنها تفكر في ما أفكر فيه
ليتني كنت قادراً وقتها على فهمها وطمأنتها

كأس الشاي الساخن في البرد
حول المدفأة
لا شيء يواسي قدر التجمع حول الدفء
وحولك أناس تحبهم
أناس يتوازعون الألم
ظهورهم محنية
حتى الأطفال منهم
لكن قلوبهم قادرة على التقاط أبسط تفاصيل الفرح
يا إلهي ..
تتسرب الذكريات بين يدي
إنها ساخنة أكثر من الدم
تسير سيارة مريضة
" مجاز متوقع لسيارة الإسعاف "
السائق متوتر
لا أعرف إن كان خوفاً عليّ أو خوفاً من الموت
أقصد موتي أو موته المحتمل من أي صاروخ قادم
أرفع رأسي قليلاً
أرى قماشة السماء الرمادية
أغرق
أتذكر أول مرة أتعلم فيها السباحة
رعبُ الماء
يشبه رعب السماء الرمادية
لا بأس.. لا حقاً أحببت الماء كأنثى
أغرق فيها برغبتي
هل ستكون السماء برقتها
هل سأمضي للسماء
هل لي أن أرى الله
أيها السائق ..
أيها السائق..
صوتي غائب
ليتني أوقفه قليلاً
لا لشيء إلا لأخبره أن يدفنوني في فسحة العشب الواسعة
لكن .. لا بأس
هناك المئات من الموتى
وأحياء مرشحون للموت وهم يُسعفون الموتى
وأحياء أكثر ترشيحاً للموت وهم يشيعون الموتى
وموتى مرشحون للتشظي بفعل صاروخ يقصف مقبرةً
فيها موتى ما زالوا يمسكون بشذرات الحياة
ما الذي أفعله
أهدر الثواني الأخيرة
يا لي من أحمق
لطالما كنت أهدر اللحظات الهامة
ترددي في البوح بالحب
لو أتيح لي الوقت
سأكون أجرأ عاشق في التاريخ
ما الذي سيحصل
سترفضني الفتاة
سأحاول مرة.. أخرى
عشر مرات أخرى
وإن فشلت ..هناك مئات الفرائس الأخرى لقلبي المتوحش
لكن .. الكارثة إن أحبتني
هل ستعشق شخصاً بحكم الميت
يا لها من فاجعة
أيها الله
لماذا..
لماذا تفجع عاشقة
لماذا نسيت أن تَحْبِكَ الحكاية
ونسيت الخاتمة السعيدة
كل مبرراتك لا معنى لها
أخبرني ..
أريد أن أعرف فيما تبقى لي من الحياة لا بعد الموت
لست نبياً..
ما المهم في الموضوع
إني ألفظ أنفاسي الأخيرة وهذا مجاز للنبوة
عُرف الحياة أن يُجاب الطلب الأخير لمن يُقبل على الموت
أخبرني أيها المتعالي القاهر المميت المتكبر المُذل
سأقول لك قبل أن أموت إني لم أحبب هذي الأسماء أبداً
لن أخشى شيئاً فأنا شهيد
سمعتهم يصرخون بذلك
حتى هم حكموا علي بالموت قبل أن أموت
وبالتالي مصيري الجنة بالتأكيد
أنا لا أريد حورك وعسلك
كل ما أريده الآن أن أعرف
لم أهملتنا..
ما معنى هذا الامتحان اللانهائي
ليس مهماً أين ستضعني في الجنة
إن كان فيها مراتب
بالتأكيد سأدخل الجنة لأني مؤمن بك
ولكني مغتاظٌ إلى حدود الموت
ألم يكن بالإمكان أن أموت بشكل أفضل
بقميصٍ أجمل مثلاً
أو بإرادتي لأكون بطلاً
لم لا تستشير عبادك قبل قتلهم
الكل هنا يتعامل مع الموت كاحتمال دائم
أقوى من المطر في كانون الثاني
لماذا..
انتبه أني أهدر ثواني حياتي الأخيرة
في الحوار من جانب واحد معك
أجبني..
احترم موتاك وأجبهم على الأقل
الضوء يَسوَدُّ
ضجة شديدة
حرارة ووميض
دخان
السائق نصف محترق
الصراخ يعلو خارجاً
لماذا لم أمت بعد
لا يهم
ما زلت أنتظر الجواب.

28-12-2008

عبدالوهاب عزاوي



#عبدالوهاب_عزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معتقل : نصوص من السجن العربي
- يوميات على جدار الحرب
- ملامح دمشق في أرواح الشعراء الشباب/ القسم الثاني/ عن مجلة عش ...
- ملف أزمة الشعر العربي في الآداب البيروتية
- دمشق..فيلم قصير
- موسيقى في البيوت العتيقة.. عندما يحن الخشب إلى الغابة
- لوحات جبر علوان .. الغرق نحو الداخل
- على درب الدونكيشوت
- ملف / ملامح دمشق في أرواح الشعراء الشباب /مجلة عشتروت
- حكاية ماقبل النوم .. مهداة إلى فاتح جاموس الذي أعيد إلى المع ...
- قصيدة اريد أن
- الطوفان أو جنازة في فوضى الأوان
- كفن كامد
- ملامح وعرة/ ديوان شعر مشترك بين عبدالوهاب عزاوي- ممدوح رزق - ...
- قصيدة الفجر
- قصيدة العتم
- قراءة في أزمة الشعر


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - موت على موت