أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - حكاية ماقبل النوم .. مهداة إلى فاتح جاموس الذي أعيد إلى المعتقل مرةً أخرى














المزيد.....

حكاية ماقبل النوم .. مهداة إلى فاتح جاموس الذي أعيد إلى المعتقل مرةً أخرى


عبدالوهاب عزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1557 - 2006 / 5 / 21 - 10:57
المحور: الادب والفن
    


حضَنت الأمّ طفلتها وقالت:
كان يا ما كان
في وقتٍ من ذاك الزمان
كان الضوء ينسدل كمشانقَ برتقاليةٍ
وحزم الهواء تتدلى معاطفَ فارغةً
وجنادبُ الليل تبحث عن شجرٍ واقفٍ
تنام عليه..
كان الفارس يمضي في الشارع
خطوات فرسه ترن في الظلام
كان يبحث عن بلدٍ يدافع عنه
والدرب تملؤه عيون
تغرق في الإسفَلت
كان وحيداً وسط غبارٍ حوله
لا يؤنسه إلا صفيرٌ خافتٌ في قلبه

بعد قليلٍ قالت له الفرس:
تعبت يا صاحبي..
وبلدك مازالت بعيدة
وآن لي أن أنجب قمر هذا المساء

ترجّل الفارس
وغنت الفرس..
فصعد قمرٌ من غرّتها
يشبه حمامةً نحو السماء

مدّ الفارس يده في صدره
أخرج غمامةً يابسةً
أكل منها قليلاً
أطعم الفرس بعضها
وأعاد الباقي إلى صدره
ثم قال:
كانت بلادي تشبه تفاحةً
كلما أكلت منها قطعةً تكبرُ
وكانت أناملي آنذاك
ناياتٍ على خصرها
"نظر إلى أصابعه
فوجدها ناقصةً إصبعين"
تنهّد وتحسّس سيفه
ثم نظر إلى فرسه

قالت..:
كان المرعى هناكَ أزرقَ
مثل السماء
وكنت أنجب عالماً جديداً
كل مساء
نظرت نحو صاحبها ثم قالت:
لم أعد قادرةً على إكمال الرحلةِ
سأموت عما قريب

أضاءه الحزن..وقال:
لابدّ أن أكمل الدرب
فبلادي هناك تنتظر
ولا أستطيع تركك هاهنا
سأحملك على ظهري
ونقتسم هواء الطريق..
"مرت حمامتان في البال"

قالت:
سأموت في الطريق يا صاحبي

قال:
عندما نصل سأزوجك للبحر
في بلادي بحرٌ حلوٌ
كعرقٍ فوق صدر أمي

قالت:
ستدفنني في بحرٍ أزرقَ
مثل شامةٍ في الروح تكبر
وقتها سأغني للموج
وأتركه يأخذني على مهلٍ
وسأعلم السمك كيف يرقص
على إيقاعه البري

حملها على ظهره
ومشى وئيد الخطا
كانت أنفاسها تتباطأ
والضوء حولهما ينكمش
والقمر يدور في السماء
كان الفارس يفكر:
الأعداء في بلادي في كل مكان
أظافرهم تفترس المدى
وعيونهم من حجرٍ أصم
دماؤهم رمالٌ متحركة
وجلودهم كجدران القلاع
إنهم ينهشون بلادي

كانت أنفاسها تخفت
خطواته تتباطأ
وظلالهما تتكور على نفسها
والأرض تنخفض وتسيل

توقف نَفَسها
وركبتاه تغرقان في الإسفَلت
نظر إلى عينيها الغائمتين
وابتسم لهما كعادته

كان حوضه يغرق في الإسفَلت
رفع عنقه وغنى لها
ماكانت تغنيه كل مساء
والضوء يتبخر حولهما
والإسفلت يصعد
والبلاد مازالت بعيدة

غطى الإسفلت رأسه
لكن عينيه بقيتا مفتوحتين
تبحثان عن بلدٍ يدافع عنه

انتهت الحكايةُ..
ولم تنم الطفلةُ
لكن أمّها أصبحت فرساً
تغني لبلادٍ ما زالت بعيدهْ...

عبدالوهاب عزاوي
شاعر وطبيب سوري



#عبدالوهاب_عزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة اريد أن
- الطوفان أو جنازة في فوضى الأوان
- كفن كامد
- ملامح وعرة/ ديوان شعر مشترك بين عبدالوهاب عزاوي- ممدوح رزق - ...
- قصيدة الفجر
- قصيدة العتم
- قراءة في أزمة الشعر


المزيد.....




- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...
- روحي فتوح: منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطي ...
- طرد السفير ووزير الثقافة الإيطالي من معرض تونس الدولي للكتاب ...
- الفيلم اليمني -المرهقون- يفوز بالجائزة الخاصة لمهرجان مالمو ...
- الغاوون,قصيدة عامية مصرية بعنوان (بُكى البنفسج) الشاعرة روض ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب عزاوي - حكاية ماقبل النوم .. مهداة إلى فاتح جاموس الذي أعيد إلى المعتقل مرةً أخرى