أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - قصة ساحة الورد














المزيد.....

قصة ساحة الورد


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 2569 - 2009 / 2 / 26 - 09:24
المحور: الادب والفن
    


كيف يمكن للذاكرة والفرح أن يتمازجا مع الألم والحلم بالمستقبل؟ كيف يمكن لعمل فني رائع لكاتب أروع أن يصور من خلال الرقصة التعبيرية والأغنية الشعبية والحكاية قصة شعب؟ كيف يمكن لعمل يضم مجموعة من الفتية والفتيات بعمر الورود أن يدفع الدموع إلى المآقي ما بين حزن وفرح وألم وأمل؟ إنها الحكاية والسؤال.
في ساحة الورد كنت أعود إلى يافا كما روت جدتي سارة الحكاية. كنت أعود إلى فلسطين وجهادها ورجالها وجَمَالها كما حدثني جدي عنها. كنت أستعيد روح أمي وهي تحكي لي قصة طفولتها وشبابها ما قبل النكبة. كنت أرى الذين خانونا وتركونا وحدنا وما زالوا، وأرى الحلم بالشباب والسواعد الشابة التي ستروي قصة الحرية. أرى ألمنا في الشتات والمنافي. أرى النور يشق العتمة منبعثاً من أرواح شهدائنا وأسرانا ومعتقلينا.
ساحة الورد هي الرمز للوطن المغتصب بأكمله، شعبنا وتراثنا وتقاليدنا وظروف حياة شعبنا قبل النكبة، هي لوحة من حروف وإبداع كتبها الراحل الكبير د. حسين البرغوثي لتمثل إبداعاً فنياً تقدمه فرقة سرية رام الله. هذا العمل الذي تأخر كثيراً قبل أن يرى النور لأسباب فنية واجهتها الفرقة، ولكن بإصرار الإدارة وأعضاء الفرقة خرجت إلى النور وعُرضت في رام الله في قصر الثقافة والعرض الأخير في القصبة، وفي الحالتين كنت أحضر العرض وأرى روح حسين البرغوثي ترف من حولنا باسمة فرحة، فحلم حسين قد تحقق، وحلمنا عشاق الفن وعشاق رام الله والوطن قد تحقق.
في ساحة الورد تمازج الرقص التعبيري والدبكة الشعبية وأغنية التراث وأحاديث الراوي في لوحة فنية مذهلة؛ لوحة قام بها شباب وشابات سرية رام الله وهم في عمر الورود فأبدعوا. تشارك كل مَن في فرقة السرية بنجاح العمل، فالديكور كان متمازجاً مع روعة الأداء، فسلالم الحبال وجذوع الشجر كانت الأساس، فمنها سلالم كاملة ترمز للصعود نحو المستقبل الذي سيحمل الحرية، ومنها سلالم تقطعت ترمز لمرحلة مرت بعد نكبة فلسطين العام ثمانية وأربعين.
وفي الملابس تمازجت ألوان العمل الفلسطيني، فكانت ألوان الأحمر والأسود والأبيض، وكان اللون الأخضر يأتي من خلال أحاديث الراوي عن بساتين وغابات وبيارات فلسطين، ومن خلال الورد الذي انسكب في النهاية في ساحة الورد حاملاً ألوان العلم الفلسطيني الأربعة، بإشارة رمزية أن فلسطين التي ضاعت واستلبت وأصبحت ساحة الورد خالية من سكانها، لا بد أن تعود ويرفرف علمها خفّاقاً عبقاً كما الورد، ولا بد لأبناء ساحة الورد أن يعودوا ولو بالقوة التي رمزت لها السيوف والخناجر في أيدي الراقصين، ولا بد أن تعود من جديد تعج بالحركة وبالفرح.
كانت رام الله يوم العرض تتعرض لعواصف رعدية وأمطار خير قوية بعد طول انحباس، ومع هذا حين دخلت صالة العرض في القصبة فوجئت أني بالكاد وجدت لي مقعداً، فساحة الورد جمعت في الصالة رغم أن العرض ليس الأول، كل العاشقين للفن الملتزم المعبر عن ألم وطننا وحكاية الآباء والجدود، الفرح الذي أحاله المحتلون إلى ألم وأسى، لكنهم لم يستطيعوا أن يحطموا الأمل والإصرار على الحرية والعودة.
(أيام والله أيام بتنحكى حكاية، لبلاد هاي صارت غير ورقصها غير، والحكي للجميع.. أيامها كاينة باقية طريق وعره وماشية على سفوح الجبال، وتنـزل نزول ع يافا وحيفا والبحر، وفي طلة الصبح كاين بقى يقرفش الإيدين، وجامد على العشب وجناح الطير والشجر، تقول عنه حليب وصاير كزاز، وها الفلاحين يحمْلوا الحمير خوخ ومشمش ويبقوا نازلين ع الخط، اللي راكب حماره واللي بينهر فيه بعود، نازلين عالسوق في حيفا ويافا والبحر، هاظ زمان زمان قبل إل 48).
إنها الحكاية رسمتها فرقة سرية رام الله بعبق من تاريخ القضية، قصة عشق الجدات، شذا ياسمين رام الله، فكان الجمال والإبداع، العزم والإصرار، رسالة من ألم وحلم، أن الحرية قادمة، وأن السواعد التي ناضلت وقاتلت من أجل الحرية لم تمت، فسواعد شابة تولد جيلاً إثر جيل، تعمل للوطن، تحلم بالحرية، بالصباح الأجمل الذي سيشرق من جديد على ساحة الورد، لينثر الورد من جديد على ساحات الوطن.



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباحكم أجمل/ قلبي له
- الجسد الموشوم
- صباحكم أجمل/ وأنا الطير المشرد والأقاح
- مع كلام غير مباح للقاصة ميسون أسدي
- صباحكم أجمل غزة وجراح في القلب
- الذاكرة المثقوبة حقل من الألغام
- صباحكم أجمل/ سائليني يا شآم - يوميات دمشقية 2
- لوحة ذكريات الروح للفنان: د محمود صادق
- صباحكم أجمل آه يا شام - يوميات دمشقية1
- صباحكم أجمل / سماح.. يا بلد
- من وحي -خميلُ كَسَلِها الصّباحيّ-
- صباحكم أجمل/ هوايا الأرقا
- زياد جيوسي بذاكرته يوثق اللحظة في الصورة
- صباحكم أجمل الطيبة ورفقة وطن ومطر
- صباحكم أجمل/ أرصفة رام الله والعشاق
- هذيان صباحي
- وداع الأم الياسمينة بقلم: خالد محاميد
- صباحكم أجمل وداعا يا أمي.. أيتها الياسمينة
- الرواد وكارفان وذاكرة السينما
- سمر حزبون: إبداع العدسة والجسد


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - قصة ساحة الورد