|
اليمن: بين أزمات الداخل وتدخلات الخارج
رداد السلامي
الحوار المتمدن-العدد: 2568 - 2009 / 2 / 25 - 08:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التساؤلات المنطقية تبعث على القلق دائما ، وقوى النضال الوطني في بلادنا بعيدة عن إثارتها ، او الاقتراب منها ، لأن فيها ما يؤرق ، ولأنها تلامس جوهر الاشتباك في عمقها ، ذلك الذي يمكن أن يشعل في ثناياها حقبا من الصراع السياسي المرير.
تؤجل الانتخابات وتبدو الانفراجات وهما قابلا للتكرار، وإبقاء الأوضاع وإنتاج نخب الفساد الحاكمة كما هي ، يتقاربون ، يتحاورون ، يتناورون ثم يبتعدون ليعودون من جديد ، حين تصل التوترات حد التماس مع فتيل انفجار ما ، ثم ترتخي تلك الوتيرة المرتفعة ، لتعاود أحزاب المشترك عملية تجديف حواراتية من جديد ، وهكذا دواليك ، لتبقى التهم عبر منابر الإعلام هي تردد موقف من تواليه ومن خلالها نجد أن كل واحد يرمي الآخر بالتنصل .
على الجانب الآخر تعقد المشاورات،والنقاشات ، بين نخب الأحزاب ، ويبدو كل شيء محسوما سلفا ، وعلى ما يرام ، تتكهن الصحف المستقلة بشيء ما يمكن أن يكون حاسما لحسم الوضع ، لكن لا شيء من ذلك يحدث ، فالنظام أجاد حسم الواقع الوطني بما يتناسب مع بقاءه ، وفرض إرادته.
وحده البؤس يتنامى، ووحدهم الطفيليون المنتفعون في اليمن يتبرجزون على حساب الشعب والوطن ، وقضاياه المصيرية الكبرى ، فيما جنوب الوطن يراكم ما ينبئ عن شيء ما ليس جيدا في جعبته ، المزايدة على وحدة ووحدوية الشعب في الجنوب لا يصح ، لكن وحدويته مرهونة بشراكته الفعلية ، تلك حقوق ، أغفلها الساسة المهيمنون ، الذي حبكوا اللعبة حتى في المعارضة كي تتسق مع تحقيق مبدأ المركزية المهيمنة جغرافيا وقبليا ، تلك المشبعة بها عقولهم ونفوسهم ، حتى نخاع التفكير.
ثمة ما يؤشر عن وجود يد خارجية في اليمن ، كما يبدو ، فترحيل القاعدة إليها ، والحديث المسهب عن وجودها ، تنسيقا خارجيا حبكته الولايات المتحدة الأمريكية ودول فاعلة في المنطقة كما يتكهن سياسيون ، لجعل ذلك مبررا كافيا لتنفيذ أجندات سياسية تصب في صالحها وتعيد صياغة البلاد وفق أهدافها ، فاستغلال خلل القدرات الأمنية في اليمن ، والإشادة بقدرات الأمن السعودي ، هو تعاقد مستتر ربما ، بين أميركا والسعودية التي منحت صك تفوق أمني من قبل الأخيرة يؤشر نحو ذلك ، فدوائر القرار الغربي ذات التأثير في المنطقة ترتأى أنه ربما الأضمن لمصلحها تفويت فرص صعود أحزاب مدنية ذات مشاريع وطنية حقيقية ، لا تحوي في إطارها إمكانيات خادمة لمشاريع الهيمنة الأمريكية أو العالمية والقوى الإقليمية المؤثرة ، فالبلاد ، تعيش في ظل أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية عصيبة ومترهلة وتسير بخطى ثابته في ظل السلطة الحالية الحاكمة نحو الانهيار الوشيك ، كما تؤكد تقارير أبحاث غربية بذلك ، وهو ما يعني أن اليمن ستتوزع جغرافيا إذ لم يكن هناك عقلاء حقيقيون بين هذا وذاك ، الأمر الذي يقسم اليمن إلى" يمنات" متعددة ودويلات متحاربة فهدف اليد الخارجية هو هدف تجزيئي بالأساس لليمن ووحدته ، وإعادة صياغته بما يتلاءم مع أطماعها في المنطقة العربية ككل.
*الحوثيون لن يستسلمون
الحوثيون لن يستسلمون ، فهم يرون ذواتهم مشروعا ناضجا ، قد يمثل بديلا أو وجودا مؤثرا فاعلا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في اليمن ، هكذا ربما يؤمن أتباع الحوثي ، الذين تتهمهم السلطة بالولاء لإيران ، ومحاولة تأطيرهم وتوصيف أزمة صعده كقضية وطنية من قبل القوى المعارضة في سياق حواراتها الوطنية ، عملا جيدا ويتناغم مع تطلعات الكثير ، لكنها أمنية لن تتحقق بهذه السهولة ، من يملك، أو من يمثل مشروعا ما ، يرى أنه قد ضحى من أجله من المستحيل أن يكف عن لغة الزناد ، أو يترك سلاحه ، في ظل وجود قوى كما يرى تتبع في نضالاتها طرقا دستورية وسلمية ، لأنهم يرونها غير مجدية في ظل تصلب صانع القرار اليمني وهنا -مكمن قوتهم - عن تقديم أي تنازلات تخدم الديمقراطية في البلاد ، وضمانات تجعل الانتخابات شفافة وتفرز تشكيلة حقيقية من التوازنات الهامة لاستمرار اليمن موحدا ، وآمنا. في الحلقة النقاشية بمقر الحزب الاشتراكي اليمني الأحد الفائت و التي تحمل عنوان "قضية صعده كأحد مظاهر الأزمة الوطنية" قلت أن وصف قضية ما بأنها وطنية أو لا ، يستوجب وضعها أمام معيار قانوني ودستوري يحدد ما إذا كانت وطنية او خارجة عن كونها كذلك ، فأزمة صعده أزمة مركبة وعميقة لأنها أولا صنيعة نظام سياسيا أفلت زمامها من يده ، لتتحول إلى قنبلة متشضية في جسد الوطن ، وبالتالي فإن لغة السلاح لا تدل على ان ما حدث في صعده له مبررات قانونية ودستورية من قبل طرفي الدم " السلطة والحوثيون" . هذه الحرب التهمت بحسب البعض 12 ألف جمجمة يمنية من الطرفين ، وبالتالي فإن التساؤلات الحقيقية والجوهرية التي تقول لماذا ومن أجل ماذا سقطت هذه الجماجم .؟ السلطة رفعت في معركتها الهلامية تلك ، شعارات مختلفة منها محاربة الإمامة ، وقوى التمرد والقضاء على الفتنة ، والحوثيون رفعوا شعارات مختلفة في معاركهم تلك التي حاربوا فيها بعقائدية أسطورية ورددوا في مجمل زواملهم " والموت دونك يا شعار" ، وبالتالي على الشعب وقواه السياسية أن يضعوا السطة والحوثيون أمام أسئلة كاشفة لا تعرف التمويه ، أن يسألوا السلطة لماذا عاد من أسمتهم بجحافل الإمامة بعد خمسون عاما من الثورة اليمنية ، وأن يسألوا الحوثيون ما هو الشعار الذي يستوجب الموت من أجله ، ويموت الشعب في سبيله في معركة لا ناقة للوطن فيها ولا جمل. قد يدرك ذوي المساعي الوطنية الهامة في البلاد ، أنهم أمام تحديات ليست بسيطة ، لكن ذلك يتوقف على إرادتهم واجتماعهم على كلمة سواء ، فالبلاد لا تحتاج غلا ترهل ، والرضا بمكاسب لا يصب القبول بها مستقبلا في مصلحة الوطن ، هناك أزمتان حادتان يتخللهما وجود قوى متطرفة هي صناعة غربية سلطوية بامتياز ، الأولى احتقانات جنوب الوطن ، وإمكانية تحريك ورقة صعده من جديد ، وعليه بد من مواصلة لملمة الجهود الوطنية وتكثيفها ، لتصبح ثقافة مجتمعية يمكن أن تبني على أنقاض ثقافة الانقسام الراهنة وحدة وطنية حقيقية.
#رداد_السلامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليوم أوغدا سيدفع اليمنيون ضريبة الصمت..!!
-
فرجة مؤجلة لموت قادم..!!
-
اليمن : نشاط القاعدة وتنامي مفعول التحذيرات..كيف يمكن تفسير
...
-
كي تبني الكلمات واقعا صحافيا أفضل..!!
-
صالح ووعود الجحيم..!!
-
اليمن : المواطن يساوي رأس ثور..!!
-
رسالة إلى الرئيس صالح
-
قلمي شرفي
-
وعي السلطة التخريبي
-
حين تغدو الكتابة هما.!!
-
اليمن: عن تطور وتراجع الديمقراطية
-
اليمن: نظام يحكم بعقلية لص وقاطع طريق
-
اليمن :غياب قوى التوازن السياسي الحقيقية
-
حصافة سياسية مكشوفة
-
دكتور ياسين سعيد نعمان : ممكن نختلف معك..؟؟
-
إيدز اليمن السياسي..!!
-
اليمن : مستقبل الوحدة..!!
-
الكاتب ودور الكلمة في التغيير
-
السفارة السعودية والسيادة اليمنية ..!!
-
اليمن سيناريوهات التوريث..!!
المزيد.....
-
شاب يهرب من الشرطة بسرعة ويتسبب بحادث مروري.. شاهد أين استقر
...
-
مصر.. وزارة الأوقاف تعلن حظر تصوير الجنائز نهائيا وقت دخولها
...
-
الجيش الإسرئيلي يعلن توسيع نطاق إخلاء الأحياء في شرق رفح، وت
...
-
الاضطرابات النفسية في اليمن ـ بين المسكوت عنه وغياب الإمكاني
...
-
علماء ألمانيا يقولون لك -اسمع كلام أمك- يطول عمرك!
-
المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة
...
-
الإمارات تقدم لمشفى ميداني في غزة سيارة إسعاف وجهاز أشعة
-
الجيش اللبناني يشتبك مع مهربين على الحدود مع سوريا ويقتل ويص
...
-
ارتفاع حصيلة قتلى حرب غزة إلى 34971 فلسطينيا
-
الحكومة المصرية: 80? من إجمالي المساعدات الإنسانية إلى قطاع
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|