|
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//النظام التربوي والتقدم المجتمعي .2/2
بلكميمي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14 - 01:17
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
ان قراءة مادية جدلية لتاريخ تطور مجتمعنا المغربي ، ( وليس هنا مجال عرضها ) ، تبين بان التأخر المجتمعي المغربي في اللحظة التاريخية الراهنة الملموسة ، يتجلى في انعدام حل التناقض الموضوعي المزدوج التالي الذي سنراه حسب وجهة نظر الفقيد عبد السلام المؤذن . 1- على الصعيد المادي – الاجتماعي ، التناقض بين الطابع الوطني والطابع التبعي للراسمالية المغربية ، ليس التناقض بين نوعين من الراسمالية ، احداهما وطنية والاخرى تبعية ، وانما راسمالية واحدة لكن منقسمة على نفسها بين القطب الوطني والقطب التبعي للراسمالية المغربية . ليس التناقض بين نوعين من الراسمالية ، احداهما وطنية والاخرى تبعية ، وانما راسمالية واحدة لكن منقسمة على نفسها بين القطب الوطني والقطب التبعي . والحل الملموس ، لا المجرد لذلك التناقض ، يقتضي تحرير القطب الوطني عن طريق تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية للنظام الامبريالي . ومعنى هذا ان جل التناقض المذكور ، يقود الى خلق راسمالية مغربية قائمة الذات . وفقط في اطار هذه الراسمالية الجديدة ، التي تحقق التجانس والانسجام المفقودين ، يمكن الحديث عن بداية صيرورة جديدة من الانقسامات . وهذه المرة سيكون الانقسام ، ليس بين الطابع الوطني والطابع التبعي للراسمالية المغربية ، كما هو الشان بالنسبة للمرحلة القديمة المتجاوزة ، ولكن بين العمل والراسمال الذي لن يجد حله الا في اطار نظام اشتراكي . 3- على الصعيد السياسي – الطبقي ، يتجلى التناقض في التالي : ان الدولة المغربية تعترف من جهة ، بحق كل طبقات المجتمع في الوجود ، والتعبير عن تطلعاتها الطبقية ، من خلال حقها في بناء تنظيمات واحزاب شرعية خاصة بها ، وفي هذا الاطار يمكن القول ، بان هذا الشكل الديمقراطي للدولة ، يمثل فعلا تقدما نوعيا بالمقارنة الى شكلها الاستبدادي ، الذي كان قائما في مرحلة حالة الاستثناء السابقة . لكن من جهة اخرى ، حينما يتعلق الامر بتحديد الاختيارات السياسية العامة للبلاد ، فان الدولة لاتتبنى سوى وجهة نظر البورجوازية ، مقصية بذلك وجهة نظر كل طبقات المجتمع الاخرى ، والاهم من كل ذلك ، هو ان ذلك الاقصاء لايتم بطريقة قانونية شرعية تؤطرها انتخابات حرة نزيهة ، بل بواسطة تدخل اداري سافر ، مستعملا كل وسائل الغش والتزييف والضغط من اجل جعل من البورجوازية قوة سياسية رئيسية في المؤسسات المنتخبة . لهذا فرغم ان الشكل الديمقراطي الحالي للدولة المغربية ، يعتبر من الوجهة التاريخية ، متقدما بالنسبة لشكلها الاستبدادي السابق ، الا ان ذلك الشكل الديمقراطي يبقى مع ذلك مجرد ديمقراطية لدولة الطبقة الواحدة . والتناقض اذن هو مابين : دولة تعبر سياسيا عن مجموع طبقات المجتمع من حيث الشكل ، لكنها من حيث الجوهر لا تعبر سوى عن طبقة واحدة . والحل الملموس الوحيد الممكن لذلك التناقض ، يقتضي موضوعيا احداث تطابق بين الشكل والجوهر . وهذا يعني فصل الدولة عن الطبقة الواحدة ، وجعل منها دولة مجردة تتسامى سياسيا فوق كل طبقات المجتمع . وفقط في اطار ذلك التجريد المتسامي ، تصبح الدولة المغربية دولة لكل طبقات المجتمع لا لطبقة واحدة . وهذا مانسميه بدولة القانون . ما اراد عبد السلام المؤذن الخلوص اليه من كل ماسبق ، هو ان مجتمعنا يتهيا شيئا فشيئا ، بحكم تناقضاته الخاصة ، الى الانتقال الى مرحلة تاريخية جديدة مختلفة نوعيا عن المرحلة التي نحياها اليوم . وفي اطار هذا التحول التاريخي ، يحتل النظام التربوي – التعليمي موقعا حاسما ، فماهي اذن مميزات نظامنا التربوي القائم وماهي مميزات نظام المرحلة المفبلة ، باعتبار ان كل نظام تربوي يعبر عن حاجيات وضع اجتماعي معين ويخدمها ؟ . يبدو للوهلة الاولى ان عظمة الامم ، تكمن في قوتها الاقتصادية والعسكرية . لكن اذا تاملنا جيدا التاريخ العالمي فاننا سنجد بان المدرسة كانت دائما وراء يقظة روح الشعوب ونهضتها . فالعامل الحاسم كان دائما هو ، قوة الفكر ، وقوة الثقافة ، وقوة التعليم ، وقوة التربية ، باختصار ن هو الانسان المتعلم ، الخلاق ، المحب لوطنه ، والشاعر بمسؤوليته تجاه مجتمعه . لكن المستوى التعليمي والتربوي في بلادنا ، يتميز بتدهور رهيب . ولقد اتيحت للراحل عبد السلام المؤذن شخصيا فرصة التعرف عن ذلك المستوى ، من خلال مراسلات متبادلة بينه وبين بعض الاصدقاء والصديقات الطلبة . ولشد ما كانت دهشته كبيرة ، حينما لاحظ طلبة وطالبات جامعيين ، متخصصين في الادب العربي او الادب الفرنسي ، يرتكبون العديد من الاخطاء اللغوية ، لم يكن جيل عبد السلام المؤذن يرتكبها في مرحلة التعليم الثانوي ، بل ولا حتى في مرحلة الابتدائي بالنسبة للبعض . وفي الحقيقة ان تدهور مستوى الطلبة والتلاميذ ، يعكس تدهور مستوى الاساتذة والمعلمين والمدرسين ، باعتبار هؤلاء هم المسؤولون عن تعليم وتربية الاجيال الصاعدة . وهنا يبرز السؤال : لماذا هذا التدهور في مستوى جهاز المدرسين ؟ . ان الجواب يكمن في النظام التربوي القائم ، فنظامنا التربوي لايستهدف تكوين مدرسين حقيقيين ، وانما تكوين موظفين في ميدان التعليم . وهذا ينسجم كليا مع منطق الجهاز الاداري المغربي ، الذي يسعى دائما الى حشر نفسه في كل شيء ، بمافيه الاشياء البعيدة كل البعد عن دائرة صلاحياته واختصاصاته ، وحينما يكون المدرس مقيدا بالتعليمات والاوامر التي تاتيه من الجهاز الاداري البيروقراطي ، فان مبادراته تتلاشى ، وفكره يتخشب ، وافقه يضيق ، وهذه الشروط ليس من شانها انتاج مدرسين خلاقين مبدعين ، وانما انتاج موظفين منفذين للقرارات الادارية الفوقية . ان اصلاح النظام التربوي المغربي ، يجب ان ينطلق من تحريره من التسلط الاداري . وهذا هو المدخل الضروري نحو التغيير الجديد ، يعاد الاعتبار لمهنة التربية والتعليم ، ويتم الاعتراف للمدرس بحريته في البحث والخلق والابداع ، وتعطاه المراجع العلمية حقا لا المحسوبة جورا على العلم ، وتتوفر له كل شروط الحياة والعمل الضرورية للارتقاء ، بمستواه التكويني واالبيداغوجي ، الى تكوين مدرسين اكفاء مقتدرين في هذه المادة او تلك ، بل اكثر من ذلك : تكوين السلطة الفكرية على صعيد المجتمع ككل . وبذلك تحقق الشعار العزيز على قلوب رواد النهضة العرب : « كاد المعلم ان يكون رسولا » .
#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//النظام التربوي والت
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الانفجار العظيم ول
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الانفجار العظيم ول
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مفهوم الازمة2/2
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// مفهوم الازمة
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الموقف من التراث 2/
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الموقف من التراث 1
...
-
بولمان نقط وحروف: مدينة مغربية لضحايا الإهمال الإداري.
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//وجهة نظر هيجل في ال
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//وجهة نظر هيجل في ال
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// وجهة نظر هيجل في ا
...
-
مدينة بولمان/ بين القسمة: والطرح- والزيادة+ لهم دينهم ولنا د
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاسس المادية للثو
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// تناقضات البورجوازي
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// تحول الاقطاع الى ب
...
-
الاسس المادية للثورة التحديثية في المغرب -1- عند الفقيد عبد
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت//الاسس المادية للثور
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاسس المادية للثو
...
-
تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// الاسس المادية للثو
...
-
من / تراث الفقيد عبد السلام المؤذن حي لايموت// جيل الانشغالا
...
المزيد.....
-
لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار
...
-
حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب
...
-
جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي
...
-
السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي
...
-
قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل
...
-
-يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في
...
-
-تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن
...
-
الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود
...
-
-بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز
...
-
هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|