أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف- دور الفضائيات العربية في تسويق الإعلام وبناء الوعي و توجيه الرأي العام - توفيق أبو شومر - الإعلام العشوائي وفضائيات مصارعة الديكة















المزيد.....

الإعلام العشوائي وفضائيات مصارعة الديكة


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2554 - 2009 / 2 / 11 - 09:33
المحور: ملف- دور الفضائيات العربية في تسويق الإعلام وبناء الوعي و توجيه الرأي العام
    


ما أكثر ما كتبتُ عن الإعلام ، وبخاصة الإعلام العربي ، كتبتُ ناقدا ومقترِحا، غير أن الإعلام العربي ، وبخاصة الفضائيات العربية تواصل انتشارها العشوائي ، كما يحدث بالضبط في أحياء السكن العشوائي المنتشرة حول المدن العربية التي تفتقر إلى القانونية ، حين تفشل الدول في حل مشاكل الناس، مما يؤدي إلى إفساد المدن أو ترييف المدن، أي تحويل المدن إلى أرياف كبيرة.
الفضائيات العربية قسمان:
القسم الأول، وهو العشوائيات الفضائية،فقد صار سهلا وميسورا أن يملكَ مغامرٌ ذو رأسمال بسيط قناة فضائية، تبثُّ أربعا وعشرين ساعة ، وأصبح من السهل أن تواصل هذه العشوائية الفضائية برامجها سنوات طويلة ، وتدرُّ أيضا على مالكها ربحا وفيرا إذا أجاد التقنيات التالية :
أن يفتح حسابا مع شركات الاتصالات لتقاسم الربح في المكالمات الواردة للفضائية العشوائية بواسطة الثرثرة الكلامية التافهة، وأن يستعين بوجوه نسائية جميلة ، يُجدنَ تحريك مواضع الشهوة في الأجساد ، وأن يستعمل الإعلانات التجارية والتغريرية بكفاءة عالية ، حتى وإن كانت في البداية بأسعار رمزية . وإذا رغب في استعجال الربح فما عليه إلا أن يقوم بتخصيص شطر كبير من وقت البث لشيفات المطابخ ،أو لقصص من يحسبون على الطرب والفن ، أو أن يعمد إلى بث أفلام الرعب الممنوعة في معظم قوانين الإعلام في العالم .
وإذا رغب في أن يريح نفسه من كل المهمات السابقة ، فما عليه إلا أن يخصص القناة لفتاوى مَن يدعون احتكار الدين وتفسيره وفق أهوائهم بحيث تكون الفتاوى جديدة ، كفتوى أكل لحم خروف مضغ قبل أن يُذبح ورقة عليها اسم الله ، أو أن يرضعَ من ثدي زميلته في العمل حتى يصبح ابنها بالرضاع حتى يتجنب الخلوة بها ، حينئذٍ سينهال عليه الدعم المالي من كل حدبٍ وصوب .
أما إذا رغب في أن يجعل من عشوائيته الفضائية مشروعا كبيرا لتوظيف أبنائه وأقاربه وإثراء حساباتهم البنكية ، فما عليه إلا أن يواظب على مغازلة بعض أثرياء أمة العرب، ممن يملكون الحل والربط ، أو ممن يسيَّرون أمور السياسة في أوطان العرب ، وبعد الغزل يأتي الزواج من مليونير أو من سياسي عربي كبير، فتصبح العشوائية الفضائية من جواري سلاطين العرب .
وتُعتبر الثقافة في هذه العشوائيات الفضائية العربية من ملوثات البث، تفسدُ البرامج ، وتُنفِّرُ الناس منها ، لذلك فهذه العشوائيات تتجنب دائما الثقافة، لا لأنها لا تفهمها فقط، بل لأنها تدرك بأن الثقافة هي عدوها اللدود ، كما أنها تعتبر نشر الوعي بين الناس جريمة في حق العشوائية ، لأن نشر الوعي يعني بالضبط إغلاق العشوائية الفضائية وكل ما على شاكلتها من الفضائيات .
والنموذج الثاني من الفضائيات العربية ، هو فضائيات مصارعة الديكة، وهو نموذج الفضائيات التي تتستر بعباءة السياسة والأخبار والحوار ، وهذا النمط هو الأخطر على أمة العرب ، لما يقوم به من أدوار خطيرة ، فهو وإنْ بدا نموذجا راقيا ورائعا إلا أن إسهامه في نشر الوعي لا يُحقق الهدف المرجوَّ منه وذلك للأسباب الآتية :
معظم هذا النمط أيضا مملوكٌ لدولٍ ، أو لأفرادٍ يسوّقون دولهم ، وإن ادَّعى الاستقلالية والديموقراطية وأنشد ليل نهار مقطوعات حرية الرأي ، وعزف سيمفونية احترام الرأي الآخر ، فإنه سيظل أيضا خادما من خدم البلاط في دول العرب.
ومن الأسباب التي تجعلني أعتبر هذا الإعلام إعلاما خطيرا ، هو أنه يسعى بتخطيط لتحقيق مجموعة أهداف منها ، إثارة الفتن بادعاء حرية الرأي ، مما يعرقل جهود التضامن والوحدة وبالتالي فإنه يضعف من جوهر الرسالة الإعلامية ، وهي بناء الإنسان ثقافيا واجتماعيا ونفسيا ليتمكن من الخلق والإبداع والتفوق .
كما أن هذا النمط من الإعلام وهو الأكثر شيوعا يُعزّز ثقافة السباب والشتائم ، ويخرق آداب الحوار، الذي هو جزءٌ من الثقافة والوعي واحترام الرأي الآخر .
وقد تحوّل هذا الإعلام من راصدٍ ومُحذرٍ ومثقِّفٍ إلى صانع الأحداث ، إذ أنه أصبح يملك من الوسائل ما يمكِّنه من إثارة البلبلة ونشر الفوضى والقتل والتدمير ، وذلك باستضافة المجرمين والإرهابيين وإذاعة بيانات الحركات الإرهابية ، مدعيا بأن ما يقوم به يندرج تحت بند حريات الرأي والتعبير.
بالإضافة إلى ما سبق فإن هذا النمط من الفضائيات أسهم في تأسيس طائفة اجتماعية برجوازية جديدة من المرتزقين ، وهم طائفة من المحللين السياسيين والاقتصاديين، والحربيين والنفسيين ، ممن يحسبون أنفسهم ويحسبهم الإعلام على الثقافة والوعي ، وهم في الواقع لا يقومون بأي جهد ثقافي عملي لتعزيز الوعي الشعبي ،وفضح أساليب التجهيل التي يمارسها كثيرون .
يظهر أثر الإعلام دائما بوضوح في وقت الأزمات ، ومن يتابع الإعلام في وقت الأزمات فإنه يدرك بأن سعي الإعلام الرئيس وهدفه الأسمى وغايته يكون في الغالب من أجل اقتناص سبق إعلامي فقط ، مهما كانت النتائج ، وليس توعية الجمهور، وفضح ممارسات القمع والتنكيل والاعتداء على الحريات .
وهذا ما حدث بالضبط عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي غزة ، فقد كان كثيرٌ من المراسلين يبحثون فقط عن الدمار وجثث القتلى وصرخات المكلومين ، وكأنهم يُجرون مسابقات بين المراسلين لبيان أي المراسلين هو السابق في نشر الخبر ، وأي المصورين هو الذي التقط بقايا جسد الطفل المدفون تحت الركام ، لينال بها جائزة الموسم ، وقلة من المراسلين من أشاروا إلى الكوارث البيئية التي خلفتها آلات الدمار، وقلة منهم أيضا غطوا انقطاع ماء الشرب ، وندرة الطعام والشراب ، وقلة منهم أيضا فتحوا المجال أمام البسطاء ليقولوا رأيهم ، وقلة منهم من استعانوا بخبراء حقيقيين لنشر الوعي الصحي، وطرق الإسعاف .
فقد ظلَّ كثيرٌ من المراسلين حفظا لوظائفهم في هذه القنوات أسرى لدفاتر تليفوناتهم السابقة حتى لا يفقدوا وظائفهم في هذه الفضائيات إن شذّوا عن القاعدة ، فقد ظلوا لا يستضيفون إلا مريدي وأتباع هذه الفضائيات من المحللين السياسيين المُكرَّرين .
وللحقيقة فإن معظم الفضائيات العربية التي يربو عددها على خمسمائة فضائية لم تسهم حتى الآن في بناء الوعي العربي ، ولم تقم بدورها المنشود في تعزيز ثقافة الرأي العام العربي ، لأنها ببساطة لم تجد ما ينافسها من القنوات الثقافية التوعوية .
فما تزال معظم حكومات ودول العالم العربي تنظر إلى ثقافة الوعي كعدوٍّ لدود، وتخشى أن تستثمر في مجال الإعلام الثقافي لأنها تظن بأنه يهدد مستقبل الحكومات ، ويطيح بالديكتاتوريات .
وآمل أن نتمكن في القريب العاجل من تأسيس البنية الأساسية للإعلام العربي الثقافي الذي يعتمد إستراتيجية ثقافية عمادها " الثقافة والوعي ومحاربة الجهل هي الطريق الوحيد للمستقبل" لأن معظم وسائل الإعلام في العالم العربي ما تزال تابعة لأنظمة الحكم السياسية ، وليست حرة ومستقلة كما يزعمون
ولا يمكننا بناء هذه المنظومة إلا على أساس نشر الديموقراطية بمفهومها الواسع ، ومحاربة كل أنماط الجهالات التي تتفشى وسط أبنائنا، كما فايروس الزكام .
وللإعلام التوعوي والثقافي شروطٌ ينبغي أن تتوفّر فيه ، أولها ؛
تعزيز البيئة الديموقراطية في العالم العربي ، ونشر الأفكار والآراء الحرة، والعمل على إحداث القوانين التي تعزز الحريات واحترام الملكيات الفكرية والإبداعية.
أن يكون لهذا الإعلام التوعوي لجانٌ استشارية فاعلة من المثقفين والواعين والعلماء والمفكرين والتربويين ، وأنا أعني باللجان الفاعلة، تلك اللجان التي تناقش البرامج المعروضة ، وتسهم في إنتاج البرامج الثقافية ، وليست لجانا شكلية كما يحدث في كثير من وسائل الإعلام العربية، التي تمنح أعضاء اللجان الاستشارية مرتبات شهرية ثمنا لسكوتهم عن برامجها التافهة، وثمنا لغيابهم عن اجتماعات مناقشة برامجها .
ومن الشروط في الإعلام التوعوي أن يكون مسخرا لبث أصول التربية ، وبخاصة تربية الأطفال، وجعل الغاية من التعليم هي توسيع المدارك والعقول ، وليس حشوها، وكذلك محاربة العادات السيئة والجهالات ، وتعزيز دور المرأة في المجتمعات العربية ، لتتحول من حالتها العربية الراهنة في كثير من دول العرب من تحفة وتمثال وحليةٍ مسليةٍ ، إلى عاملة نشطة تؤدي دورها في بناء الأجيال وتنشيط بؤر الخمول وإزالة التردي والجهل .
ومن الشروط أيضا التي يجب أن تتوفر في الإعلام العربي ، هي اكتشاف المواهب ورعايتها لمنافسة دول العالم الأخرى ، وحفز طاقات الإبداع والإنتاج .ويكون ذلك بتخصيص قنوات فضائية أو برامج عديدة في القنوات الفضائية لاكتشاف المواهب العربية ومنح الجوائز للمتفوقين.




#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حق اللجوء الإبداعي إلى دول السوفت وير
- غزة التي أدمنت الدمار
- إسرائيل وعقدة شمشون في غزة
- آخر صلوات بوش أمام الشمعدان
- قمع المرأة للمرأة
- قصتان من غزة بمناسبة العيد السعيد
- الحوار المتمدن شعلة الحرية
- ظرفاء الإنترنت ومقامات بديع الزمان
- أولمرت وموسم السياحة الحزبية في إسرائيل
- إدمان الولاء للحاكم
- مصطلحات إعلامية إسرائيلية ساحرة !
- مسكين باراك أوباما
- مجزرة الأسهم في قلعة النيكي والنازداك
- فاتنات السياسة
- تجارة الرقيق في الألفية الثالثة
- مرتبات القطط السمينة والأزمة المالية العالمية
- تسفي ليفني في الدين اليهودي
- أسمهان ونابليون الحكيم
- مزايا وأفضال الهاتف الجوّال
- هل يُسجن أولمرت كما سُجن أرييه درعي ؟


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف- دور الفضائيات العربية في تسويق الإعلام وبناء الوعي و توجيه الرأي العام - توفيق أبو شومر - الإعلام العشوائي وفضائيات مصارعة الديكة