أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل يعقوب - ماذا ومن احبط التضامن مع فلسطين في أوروبا















المزيد.....

ماذا ومن احبط التضامن مع فلسطين في أوروبا


نبيل يعقوب

الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 08:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


لماذا لم تتطور حركة التضامن مع فلسطين لتصل لما يقترب من حركة الاحتجاج التي حركت ملايين الناس قبل واثناء الحرب الانجلو امريكية على العراق؟
الجرائم الوحشية التي وصلت مشاهدها لكل بيت طوال اسابيع وهزت ضمائر عشرات الملايين وجدت تأثيرها في استطلاعات الرأي التي سجلت ان 70 بالمائة من الناس في المانيا يدينون الفظائع التي ارتكبها المحتلون الاسرائيليون.
لماذا، فيما عدا اسبانيا والى حد ما انجلترا، ظلت التحركات الشعبية ضد الحرب من اجل السلام وللتضامن مع فلسطين محدودة ومحصورة بعكس ما قد توحي به صور التليفزيون في بعض القنوات العربية؟
هذا السؤال يؤرق حركات السلام في المانيا وعدد من بلدان اوروبا.

اسبانيا مركزا لاوسع حركة تضامنية مع فلسطين

شهدت مدن عديدة في اوروبا مظاهرات احتجاج وادانة لعدوان اسرائيل الوحشي على غزة وتضامنا ضد الاحتلال. وشهدنا اوسع الحركات التضامنية مع الشعب الفلسطيني حيث قامت وسط المجتمعات الاوروبية تحالفات واسعة ضمت قوى السلام على مختلف توجهاتها السياسية بالمشاركة مع اتحادات المهاجرين تحت شعارات ضد الحرب ومن اجل سلام عادل ينهي الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين.
ومثلت اسبانيا مركز الثقل في هذه الحملة التضامنية. من مدريد وبرشلونة حتي جزر الكناري تحركت اكبر الاحتجاجات الجماهيرية في القارة الاوروبية. في مدريد وحدها تظاهر 250 الف مواطن وفي برشلونة 50 الف مواطن في طيف سياسي عريض يمثل الشعب الاسباني. فيما لم تصل لهذا المستوى معظم الاعمال الاحتجاجية في بقية بلدان اوروبا.
السر الكامن الذي يفسر الفارق بين قوة الحركة الاحتجاجية في اسبانيا والبلدان الاخرى يكمن في قيام تحالف نظم الاحتجاجات الجماهيرية في اسبانيا، وهو نفس التحالف الذي نظم الاحتجاجات ضد الحرب الانجلو امريكية على العراق. وهو تحالف قاده الشيوعيون الاسبان وفصائل عديدة اخرى من الاشتراكيين والنقابات ومنظمات السلام واتحادات الفنانين والكتاب وجمعيات المجتمع المدني التي دأبت على تنظيم الحملات ضد العنصرية ومن اجل حقوق المهاجرين. وتوحدت حركة التضامن في اسبانيا خلف نهج سياسي معاد للامبريالية والصهيونية ذي مضمون علماني وديمقراطي.

المانيا: انحياز السياسة الرسمية وصراعات حزب اليسار

في المانيا اتسمت الحركة الاحتجاجية بتعقيدات سياسة الاحزاب الالمانية التي تصب جهودها في التحضير لسلسلة طويلة من انتخابات المحليات والمقاطعات والبرلمان الاتحادي والبرلمان الاوروبي هذا العام.
ويتسم الاعلام الالماني اكثر بكثير من الاعلام في بريطانيا مثلا بانحياز واضح لوجهة النظر الاسرائيلية باستثناء بعض البرامج الاخبارية. ولا يخفى على المراقب تبعية المؤسسات الاعلامية الكبرى لايديولوجية المحافظين مع الاحتفاظ بمسحة ليبرالية وتعددية تسمح بموضوعية ومهنية اعلامية تلاحظ في اوقات الهدوء السياسي وفي غياب الازمات السياسية والاجتماعية المثيرة. تنقلب الصورة في اوقات الازمات الكبرى اذ تصطف اهم وسائل الاعلام الاليكترونية والمطبوعة في طابور واحد لتتماثل مع الخط السياسي الممثل ل"مصلحة الدولة" .. والذي وجد التعبير عنه في معزوفة كررتها المستشارة الالمانية ورددها بلا كلل اعلام الطبقة السائدة وهي قصة ان "اسرائيل تدافع عن نفسها ضد صواريخ حماس". يبرز هذا بجلاء فاضح في امتناع الاعلام السائد عن مجرد ذكر الاحتلال الاسرائيلي غير المشروع للاراضي الفلسطينية، والاعلام المبتسر لصور الكارثة التي احدثها العدوان الاسرائيلي باطفال ونساء ورجال غزة وبمدنها ومنشئاتها ..
وعبر عن الانحياز الاعلامي الفظ امتناع كافة البرامج الحوارية عن التطرق لموضوع الحرب على غزة طوال عمل الماكينة العسكرية الاسرائيلية. فقط في 21 يناير بثت القناة الاولى برنامج حواري مثل فضيحة اعلامية حيث اعاق مدير البرنامج الذي يشاهده الملايين المتحدثين من التعبير عن رأيهم الذي تلخص في ادانة العدوان الاسرائيلي واعتبارهم ان سبب الصراع هو الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين وسياسات الاستيطان. وكما صرح الوزير السابق نوربرت بلوم في البرنامج المذكور فان كل رأي معارض لسياسات اسرائيل يضع صاحبه في خانة العداء للسامية.
وينفرد اعلام اليسار الاقل امكانيات والاضعف انتشارا بصحفه وقنواته في الانترنت بتقديم صورة موضوعية لما يجري فعلا.
وكان جريجور جيزي، زعيم حزب اليسار المنحدث الوحيد في جلسة البرلمان الالماني الذي طالب بتطبيق القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة وبانهاء الاحتلال الاسرائلي وتوقف المانيا عن تصدير السلاح لاسرائيل.
وقد عبر موقف جيزي عن ضغط الرأي العام على حزبه وضغط قواعد حزبه عليه هو شخصيا في وقت يعاني فيه اكبر احزاب اليسار الالماني "حزب اليسار" من صراع شديد حول الموقف من القضية الفلسطينية وحول موقفه من مبدأ "العداء للامبريالية" الراسخ في الفكر الاشتراكي. ومنشأ المشكلة هو اتجاه في الحزب يرى ان من الضروري ازاحة العوائق التي تحول دون مشاركة الحزب في الحكم على المستوى الاتحادي بعد ان اصبح مؤهلا لذلك بوجوده القوي في برلمانات المقاطعات والمحليات وفي البرلمان الاتحادي. وقد وضعت الاحزاب الكبرى شروطا قاطعة لاشراك حزب اليسار في الحكم وتتمثل بصريح العبارة في الولاء للسياسة الخارجية وأهم اسسها القبول غير المشروط للناتو وللاتحاد الاوروبي، والانسجام مع نهج الغرب العام. يعزز من الاتجاه الطامح للحكم، مع دفع الثمن، بروز قيادات جديدة شابة في حزب اليسار لا يربطها رابط بتراث الفكر الاشتراكي ومناهضة الامبريالية. وتشن هذه القوى الجديدة حملة على قيادات الحزب ذات الموقف الثابت من العداء للامبريالية والتضامن الحازم مع الشعب الفلسطيني.
رغم الموقف التضامني الثابت لحركات السلام الالمانية مع قضية فلسطين العادلة ومنها منظمة السلام المسيحية "باكس كريستي" الا ان الخلل في موقف قيادات حزب اليسار الالماني يمكن ان يؤثر بالسلب على جانب كبير من الحركة الجماهيرية التضامنية مع نضال الشعب الفلسطيني.

الانقسام الفلسطيني والعربي في المهجر والخطاب الديني للاسلامويين يحبط الحركة التضامنية

في ظل انقسام فلسطيني وعربي عميق وفي عزلة ملحوظة عن حركات السلام الالمانية بادرت القوى المناصرة لحماس بالدعوة لعدد من المظاهرات الاحتجاجية ضد العدوان الاسرائيلي. وفي الوقت الذي سجل فيه العديد من العرب المناصرين لشعب فلسطين ايجابية ظاهرة خروج جمهور من المهاجرين لمخاطبة الرأي العام في شوارع المانيا بعد اختيار العزلة والانكفاء الطويل على الذات.
والمعروف ان الخطاب الديني يمكن ان يلعب في المجتمعات التي تسودها الثقافة الدينية دورا تعبويا الا ان اصرار بعض المظاهرات على اعتماد الخطاب الديني وسط المجتمع الاوروبي والالماني غير المسلم، واعراض المنظمين لهذه المظاهرات عن التنسيق مع قوى السلام، واصرارهم على الانفراد بصياغة شعارات لا تخدم اقناع المواطن الالماني بعدالة القضية الفلسطينية .. كل هذا اسهم في استمرار العزلة، بل خدم انصار العدوانية الصهيونية في تدعيم دعاياتهم.
من اهم مرتكزات الاعلام المناصر لاسرائيل تجاهل او نفي الطابع السياسي للصراع الدائر بين شعب يناضل من اجل تحرره الوطني ودولة استعمارية تستولي على الارض وتشرد شعبها، ويحتفل هذا الاعلام بالتقاط المشاهد والكلمات التي تعزز الخوف من الاسلام والمسلمين ويروجها.
تعدت الشعارات التي تدعو المسلمين (والمسلمين فقط) الي التوحد والنضال الي هتافات بالعربية مثل "خيبر خيبر يا يهود .. جيش محمد سوف يعود" و"فلسطين..اسلامية اسلامية" وشعارات تصور الامر على انه حرب دينية. كل هذا خلق جوا طاردا للجمهور .. مانعا للحوار .. وحال دون ان يكون لمثل هذه التظاهرات اي اثر اعلامي ايجابي. بل احدث العكس. هذه الشعارات التي تثير الانقسام بين العرب، وبين العرب والجمهور الاوروبي، وبين المسلمين والمسلمين من غير الاصوليين، دفعت حتى الاتراك الذين يشكلون اكثر من مليوني مواطن في المانيا للابتعاد عن المشاركة في العديد من تلك المظاهرات ونظموا مظاهراتهم الخاصة بالتعاون الواسع مع منظمات السلام الالمانية.

عجز العرب والفلسطينيين بالدرجة الاولي، في اوروبا والمانيا على وجه الخصوص، عن التوحد حول موقف توافقي يتيح لهم ايصال رسالة الشعب الفلسطيني الي العالم بان الاحتلال هو المشكلة، وان على حكومات اوروبا ان توقف مناصرتها لسياسة اسرائيل الكولونيالية، وان هدف حرب اسرائيل الاخيرة كان ولا زال كسر ارادة المقاومة لشعب يعيش تحت نير الاحتلال، وان صراع العرب ضد الاحتلال كان سيتواصل بغض النظر عن اي دين تتبعه دولة الاحتلال .. هذا العجز يشكل العقبة الرئيسية امام العمل الوطني العربي في اوروبا.

ولكن قبل كل تقدم ضروري وممكن يجب ان نفهم ما تواجهه حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني الآن.
ليس صعبا ان نستنتج ان قادةالاسلامويين يعرفون جيدا ما يؤدي اليه نهجهم الانعزالي الطارد للتضامن. وليس من الظلم القول ان الهدف كان هكذا بالضبط: الانفراد بالهيمنة على تمثيل المسلمين والعرب وتعميق الفرقة لصالح احتكار القضية الفلسطينية التي يجهدون من اجل وضعها في قبضة مرجعية جديدة اسلامية واسلامية فقط لا غير. وليذهب التضامن العربي والعالم ثالثي والعالمي قاطبة الي حيث يريد .. حتى لو كانت الضحية هي شعب وقضية فلسطين.



#نبيل_يعقوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفول النيوليبرالية - من الازمة المالية الي ازمة اقتصادية وسي ...
- أبعد من جورجيا ومن أوسيتيا
- ازمة الديمقراطية في بلاد الغرب
- اسرائيل تصبح فعليا de facto عضوا في الاتحاد الاوروبي
- بعد قمة الناتو في بوخارست: خطط لتصعيد الحرب الباردة ومزيد من ...
- هل يتحرر الديموقراطيون الاجتماعيون من تبعيتهم لليمين؟
- -ماذا صنعتَ؟ إن صوت دماء أخيك صارخ إليَّ من الأرض-
- هزيمة للعنصرية وللعداء لليسار في المانيا
- النبوءات الكاذبة للنيوليبرالية
- المانيا: سقوط النيوليبرالية شعبيا وصعود اليسار
- البحث عن مشروعية لنظم الرأسمالية بعد التخلي عن الدولة الاجتم ...
- جماعات الارهاب تغتال التضامن العالمي مع شعوب البلدان العربية
- ميلاد حزب اليسار في المانيا
- قمة الثمانية في المانيا بين الوعود والنتائج الفعلية تمخض الج ...
- قمة الثمانية في المانيا
- اين يقف اليسار الالماني من القضية الفلسطينية وكيف يرى اشتراك ...
- رؤية اليسار الالماني في حوار عن الشرق الاوسط وعن اشتراكية ال ...
- مؤتمر الامن الدولي في ميونيخ: عندما تتحدث روسيا بلغة الاستقل ...
- رغم العولمة .. الاستقلال الوطني ممكن
- المحافظون الالمان بين تعثر الاصلاح والحيرة امام مجتمع متعدد ...


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل يعقوب - ماذا ومن احبط التضامن مع فلسطين في أوروبا