أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالحكيم الفيتوري - إشكالية القيمة والذات في الفكر الإسلامي














المزيد.....

إشكالية القيمة والذات في الفكر الإسلامي


عبدالحكيم الفيتوري

الحوار المتمدن-العدد: 2514 - 2009 / 1 / 2 - 07:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد بدأت إشكالية الخلط بين القيمة والذات، والنص وحامله،والفهم وتطبيقه، منذ أمد بعيد؛ وعهد طويل؛ فمنذ أفول عهد النبوة ونهاية الخلافة الراشدة حين وقعت الفتنة بين علي ومعاوية، وتعالت الأصوات، وسلت السيوف، فمال أهل ذلك الزمان إلى عدم قراءة الأحداث، وفرز القيم عن الذات، والنص من الاجتهاد، والاستفادة من الخطأ والصواب في الفهم والتطبيق بما يعيد الأمور إلى نصابها، ويضع الأجيال القادمة أمام حقيقة منهجية مفادها أن المحافظة على القيمة مقدم على مراعاة الذات. مما حدا بهم لأسدال الستار عليها تحت شعار (نحفظ ألستنا عن أعراضهم كما حفظ الله سيوفنا من دماءهم! فكانت تلك بداية الإلتباس بين القيمة والذات، والصواب والخطأ، والمبدأ وتاريخ المسلمين، حتى صار هذا الشعار ومدلولاته وأبعاده هو الميزان الأصيل الذي توزن به الأقوال والأفعال والأشخاص ومدى قربها من الصوابية والأحقية، ثم تم تأصيل هذا المفهوم المغلوط، وتكريسه في ذاكرة المسلم بطرق متنوعة ووسائل مختلفة؛ ككتب، ومناهج، وإتفاقات، وإجماعات، وفتاوى!!

ثم تفرع عن هذا الشعار عبر الزمان وتقلب الأوضاع ، شعارات شتى تدور في فلك ذات المعاني من عدم التفريق بين القيمة والذات،وأن المساس بالذات هو في حقيقته مساس بالقيمة،فكان شعار(لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها)و(وما ترك الأول للآخر شيئا)و(ولا يكن لك قول ليس لديك فيه سلف)و(وعليك بالعتيق )و(واقتدي بالذين ماتوا)و(الإتباع خير من الإبتداع )وأخيرا(لحوم العلماء مسمومة) !!

فقد نتج عن هذا الإشكال وهذا الإلتباس أن صار لكل مذهب فقهي ، أو حركي،رموز (ذوات)تمثل خيارات وقيم ذلك المذهب أو تلك الحركة ،فأي مراجعة لها، أو تقويم ناهيك عن التقييم يعتبر بالضرورة التربوية المغلوطة والحركية العرجاء قدح في القيمة ذاتها ، وطعن في صلاحيتها ،واستمرارها !! مما أتاح لتلك الذوات(مشائخ،رموز،جماعات،وجامعات) التترس بالقيم، وإيقاد الحروب الطاحنة ،وشن المعارك الضارية ضد المفكرين والمجددين ومن لهم عقول يفرقون بها بين القيمة والذات ،والنص والاجتهاد ، والفهم والتطبيق !!

وعبر هذه المفاهيم المغلوطة ، والأفكار المشوهة تربى الناس من خلال أحداث ووقائع من تاريخ المسلمين على أساس أنها الإسلام،وقدمت تجارب الأسلاف(الذات)بأنها القيمة،ودونت اجتهادات الأسلاف بأنها من القطعي ،الذي لا ينبغي إعادة النظر فيها ،ناهيك عن نقده أو نقضه أو تجديده،فإنها لحوم مسمومة ،فمن يا ترى بعد هذه الديباجة له الشجاعة والإقدام على آكل لحم مسموم فيه نهايته ؟!!

ولا ريب أن هذه الإلتباس ،والخلط ،بين الذات والقيمة عبر الأجيال،كان من أكبر عوامل إيقاف عمليات التفكير والتفكر،والنقد والتطوير،والمراجعة والتقويم،والنقض والتجديد،أن جعل العقل هو مناط التكليف الشرعي-إن وجد- محكوم عليه بالتعطيل والإتلاف،والتشويه ، والتخلف !! مما زاد الطين بله ،فكانت الخسائرعلى كافة مستويات الأمة ،من تأخر الفكر الإسلامي في كل مجالاته،وتوسع دائرة سطوة الذات(مشائخ ،رموز،جماعات،جامعات)على ممارسة طبائع الاستبداد،وفقه الإقصاء والإلغاء والتعطيل والتهميش على ما تبقى من عقول الأمة،وأتباع المذاهب الفقهية ، والمناهج الحركية ،فكانت الطامة الكبرى .

بل أدى هذا الإلتباس الخطير وعدم التمايز بين القيمة والذات ،وتآخر عقلاء الأمة من أصحاب الدين والأمانة من القيام بواجبهم نحو هذا الإشكال المنهجي ،إلى مجازفة كثيرة من المنتسبين إلى الإسلام إسما إلى نقد القيم والنصوص المعصومة والتمرد عليها ، بحسب ما يرون من صور التدين المغلوط ، والتفكير المخلوط ،والسلوك المتخلف ،والخلط بين القيمة والذات ،ظنا منهم بأنها هي حقيقة الدين المعصوم !!

بيد أننا لو رجعنا إلى منهج المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام في عملية التفريق بين القيمة والذات،لرأينا أن الأمر مغاير تماما لما استقر في أذهان الناس خلال عهود التخلف والملك الجبري والعاض .فقد علم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام المنهج القويم في عملية الفرز بين القيمة والذات ،والوحي والبشري ، حتى أنهم لم يجدوا حرجا في تطبيق ذلك على ما صدر منه صلى الله عليه وسلم ،فخذ على ذلك نموذجا واحدا يبين تلك الحقيقة المنهجية، وذلك في حوارالحباب بن المنذر يوم بدر مع سيد الأولين والآخرين عندما قال:( يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولانتأخر عنه؟أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ .قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة).ونهاية المحاورة قال له صلى الله عليه وسلم:( لقد أشرت بالرأي).

وعلى هذه الأرضية العلمية كتب من كتب من عقلاء الأمة من السلف ،محاولة فرز وفك الاشباك بين القيمة والذات من خلال ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم ومراتب ذلك ،فكانت السنة التشريعة،والسنة القيادية،والسنة الجبلية(*)،كل ذلك منهم تقرير لحقيقة هامة مفادها :ضرورة التفريق بين القيمة والذات ،والوحي والاجتهاد،والدين وأشكال التدين.
علما بأن هذا الإشكال المنهجي في الفكر الإسلامي إن لم نقم بمراجعته ومناقشته مناقشة صريحة وجادة من خلال فرز النص من الاجتهاد ،والقيمة من الذات،وممارسة نقد الذات بما كسبت في الحاضر وعبر التاريخ بأخلاق رفيعة تنزل الناس منازلهم ، فليس لنا أي حصانة من عدم الاصابة بعلل وأمراض الأمم السابقة التي اختلطت عليها القيمة بالذات،والدين بأشكال التدين،وحرمت المراجعة والمناقشة والنقد ،تحت دعاوي لحوم الأحبار والرهبان مسمومة حتى اتخذوهم أربابا من دون الله !!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*)للمزيد من التفصيل يمكنك مراجعة موقعي http://www.a-znaqd.com



#عبدالحكيم_الفيتوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلط بين الدين وأشكال التدين في الفكر الإسلامي
- مخاطر توظيف السياسي للخطاب الديني
- صور من القتل السياسي باسم الدين
- الوهابية وسبي نساء مخالفيهم !!
- الوهابية وقتل المخالف في الولاية السياسية والدينية
- اعتماد محمد ابن عبدالوهاب على فكر ابن تيمية في مسائل التكفير ...
- الوهابية .. وتأصيلها لمسائل التكفير والقتل
- الوهابية حركة سياسية وظفت الديني
- ابن عبدالوهاب ..ونشره للفكر التكفيري
- ابن تيمية ... والتنظير السياسي
- ابن تيمية .. وتشييده للعقل التكفيري
- العقل السلفي... من التفكير إلى التكفير
- ابن حنبل وتأسيسه للعقل التكفيري
- الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (4)
- إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا... وإشكالية الفهم
- الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (3)
- الاسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (2)
- الأسطورة وأثرها في الفكر السني والشيعي (1)
- المرأة والازدراء المركب (5)
- المرأة والازدراء المركب 4


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالحكيم الفيتوري - إشكالية القيمة والذات في الفكر الإسلامي