جريدة المساء المغربية دردشة حول الحكم والتأويلات

عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)

الحوار المتمدن-العدد: 2482 - 2008 / 12 / 1 - 07:33
المحور: الصحافة والاعلام
    

صراع الأفيال تدفع ثمنه الحشائش
عزيز باكوش
أومأ جليسي بعين مغمضة وحاجب يعلو على الآخر، وهو يشير إلى مقال منشور في صدر الصفحة الأخيرة من جريدة" المساء" المغربية التي تئن وتشتكي هذه الأيام كل صباح من قسوة الحكم وجور القضاء.
- هل قرأت هذا المقال؟
ثم أشار بسبابته، وهو يفرك صفحات جريدة تصطك أوراقها الصقيلة فيما يشبه القلق ، أنظر....
ومن غير أن يمهلني قليلا ، أضاف بنبرة متشفية:
- هل شاهدت هذا الإشهار ؟
- ألى ترى أنه يغطي صفحة بأكملها؟
وتابع متعالما"
- كم تجني الجريدة من مليون مقابل يوم واحد من نشره؟
- شغلها هذاك؟؟ أجبت على الفور فيما يشبه الرغبة في الخلاص من ورطة
ثم حركت رأسي علامة على المتابعة لكن دون موافقة ، ولا أظنه يعلم حقائق مهمة حول طبيعة الخطاب الاشهاري ومقتضياته ، فحسب بنود قانون الاتصال السمعي البصري فان الخطاب الاشهاري له تعريفه وتصنيفه ومعايير الاستفادة من ملايينه وقواعد الالتزام به ، فالإشهار عبر الجريدة ..ليس أي جريدة.. يجعلها تحظى بمتابعة عالية ، فهو من جهة يوفر للقارئ المتعة النظرية ويمنحه سهولة الاطلاع على كل المستجدات التي يعرفها السوق والرأسمال ، خاصة إذا كان من رجال الأعمال.. ومن جهة ثانية يوفر لخزانة الجريدة الملايين من الدراهم ومثيلاتها من السنتيمات ، وكما ترى، فهذا الإشهار الذي بين يديك ، لا يحمل أية جرأة ، ثم أن اغلب الأسر والعائلات المغربية تشترك في مشاهدته دونما خجل.
في لحظة، اكتشفت أن جليسي ينوي على شيء، وأنه شرع في شحذ بطارية الكلام ، وان سماء الوقت لا بد أن تمطر مفاجآت وانتكاسات ، وان كنت أرى، أن لكل قارئ واسع البصر في أن يذهب في فهم الأمور وتأويل طبيعة المواقف ما شاء له من مزاج..وان ينطلق حرا في تدبير ملابسات الأمور على الصورة التي تحلو له.
لكنه تابع بنبرة فيها من العتاب زيادة:
أتصور،...فقط ، وما لبث أن تابع وهو يستطرد ..تصور أنت ..تصور لو أن مخبزة أضافت 10 سنتيمات إلى سعر الخبزة الواحدة بمدينة غول كالدار البيضاء ؟
لو أن شركة للنقل الحضري مجهولة الاسم في ملك إقطاعي كبير معروف بجشعه ، قررت ذات صباح زيادة 50 سنتيما في ثمن التذكرة دفعة واحدة ؟
مالذي سيحدث برأيك؟؟
لم يرقني صراحة هذا الانتقال المربك من ملف الى آخر ، كما أنني عبرت عن استيائي من أسلوب تدبير أجندة الأحداث كما يروق له ، ولما كان الموضوع هو الزيادة في الأسعار ، فقد عقبت متحمسا بل مندفعا وقلت "
....لاشك صديقي ، أن الجرائد على مختلف انتماءاتها ومرجعياتها ، وبصرف النظر عن أشكالها وأحجامها ..ستنزل الخبر على صدر الصفحة الأولى..وبالبنط الأحمر العريض " ضربة موجعة للقدرة الشرائية للمواطن" وستمنح لنفسها حق الدفاع عن ملايين القراء الفقراء المساكين ، والقراء الأذكياء المستهدفين ، والقراء المستهلكين المفترضين من موقع الدفاع عنهم وحماية قدرتهم الشرائية " معتبرة أ حماية المستهلك القارئ هي حماية للمستثمر كذلك ، وذلك من صميم أهدافها ومبرر وجودها.
وشرع يسرد التفاصيل تلو التفاصيل ، ساردا مرة ومحللا ، متجشما عناء التوضيح " لابد أن الجريدة ستنصب نفسها المحامي الأول ، و المدافع الجامح الذي لا يقهر،..وستستنفر المجتمع المدني وتجيشه ، وستلعن.. وتلكم من اللكمة .. وتستحضر ماضي المعارضة مع ولعلو الاتحادي.. ، وملف العطالة والبطالة زمن العباس الاستقلالي .. وتبشر بطلائع ثورة مدنية ، لا تبقي ولا تدر، حماية للمواطن وكرامة الإنسان التي تهدر..
وكي لا أطيل ، سأسارع كي أميط اللثام ، وأكشف عن سر غضبه وانفجاره على هذا النحو ، وما الذي دعاه مجدداً لطرح تساؤله العجيب الغريب"
كم تجني الجريدة من وراء طوفان الإشهار الذي يجتاحها كل مساء؟؟؟
انتظرت طويلا ، فيما إذا حان الوقت كي يفرغ ما في سريرته ، وجاء ت لحظة البوح وصاح جليسي غاضبا:
أليس من حقي كقارئ ومستهلك لهذه المادة الحيوية ، أن أغضب وأحزن وأتساءل" فجريدتنا نفسها ، صنعت الحدث هذا صباح ، فقررت إضافة 50 سنتيما دفعة واحدة في ثمن النسخة، من غير استفتاء ولا دستور.... ؟؟؟؟
عزيز باكوش 1/6 يتبع

#عزيز_باكوش (هاشتاغ)       Bakouch__Azziz#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات