أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاح العلي - قصة قصيرة/ الشحاذ الغني














المزيد.....

قصة قصيرة/ الشحاذ الغني


نجاح العلي

الحوار المتمدن-العدد: 2479 - 2008 / 11 / 28 - 02:11
المحور: الادب والفن
    


مازلت بإنتظار الساندويش البسيط الذي أتناوله يومياً في هذا المطعم البائس بكل شيء، أكثر من يتواجد هنا هم والمعدمون، ها هو أحدهم يطالب النادل برأس بصل حار مع الساندويش فيسخر من طلبه زميله.. فيصيح بان عمله كحمال هو ما يدفعه الى تناول الكثير من البصل، أنا لا أحتاج البصل اذن، لكن تعجبني الفكرة فأطلب بصلاً ايضاً، واتخيل بأنني سأتمكن من حمل مزيد من الأشياء وأنا اغادر السوق، آواني المطعم قديمة، كأنها جلبت من المزبلة مثل ملابس الشحاذ التي ارتديها وهي تشبه ملابس الشحاذ الذي يجلس بقربي، نظراتي الفاحصة له دفعته الى ان ينطلق في ثرثرة طويلة عن قدمه التي قطعت نتيجة إصابة بسيطة اثناء لعبة كرة القدم لتلتهب بعد ذلك التهاباً شديداً فأضطر الأطباء الى قطعها، وفهمت من كلامه أن يحمل والديه المسؤولية.
رغم انني أتردد على هذا المطعم منذ مدة إلا اني اختلط برواده كثيراً، ولكني هنا انا اتورط هذه المرة مع هذا الشحاذ الذي راح يسرف في الحديث عن نفسه، قال بأنه يحلم بالسكن في بيت كبير فيه شرفات ونافورات وحديقة واسعة وفيه خادمة جميلة تنزع عنه ثيابه وتدلك له رجليه ليتدفق الدم فيهما بعد ان ادمن الجلوس وراء مكتبه عابثاً بالإنترنيت او مشغولاً بمعاملاته التجارية، ثم يظهر بعد ذلك طباخه السمين الذي يملأ المائدة بشتى أصناف الطعام، وراح يصف لي بدقة وجه ذلك الطباخ كما وصف من قبل وجه وجسد الخادمة الجميلة كأنهما موجودان فعلاً، واسترسل في الحديث حتى قاطعه صاحب المطعم، قائلاً:
ـ لقد أنهيت طعامك منذ وقت طويل ولم تطلب شيئاً آخر وها أنت تزعج الزبائن بصوتك العالي وصخبك المجنون، اما ان تسكت وتطلب طعاماً مرة اخرى او تدفع الحساب وتغادر.
اصفر وجه الشحاذ، وصار يتعلثم وهو يحاول الاعتذار ولكنه اعترف ايضاً بأنه لا يملك مالاً يدفعه بدل الطعام، هنا انهال عليه صاحب المطعم بالشتائم والضرب ونادى على مساعديه وعماله، واشتركوا جميعاً في ضرب الشحاذ، فأسرعت بالفرار لا أعرف لماذا؟.
عندما اقتربت من منزلي أذهلني مقدار شبهه بالقصر الذي كان الشحاذ يصفه، تخيلت ان هناك خطأ ما لكن البواب سارع بفتح الباب وكأنه ينحني أمامي، قلت في نفسي اذن هذا منزلي او قصري ان اردت الصدق، وبعد ان اجتزت الحديقة الواسعة التي تشبه حديقة أحلام الشحاذ فإذا بي بممر من الحجر الملون الثمين، وصلت الى مدخل المنزل حيث استقبلتني خادمة جميلة بمثل مواصفات الخادمة التي يحلم بها الشحاذ، واخذت تخلع عني ملابسي الرثة والقذرة واستسلم لها جسدي دون حرج، خلعت تقريباً كل ثيابي، وقادتني الى مقعد وثير حيث راحت تدلك قدمي، ثم تقدم مني رجل سمين متورد الخدين حاملاً بعض الثياب الخفيفة والمريحة التي ألبستني اياها الخادمة بسرعة، ثم سرت وراء الرجل السمين الذي عرفت انه الطباخ ، حيث أشار الى المائدة المليئة بشتى أصناف الطعام وأدهشني مقدار شبهه بطباخ الشحاذ الحالم، اثناء الطعام كنت أنقل بصري في أرجاء المكان مندهشاً بالثراء الذي يتمتع به أصحاب القصر، لكن صوت الخادمة قطع تلك الدهشة وهي تقول، أخوك سيدي على الهاتف، فصرخت بها:

ـ من؟

أجابت مرتعبة من صوتي:

ـ شقيقك الذي في اوربا.

أخذت منها الهاتف الذي تدفق منه صوت لاهث مستعجل:

ـ الله في عونك، القتلى يزدادون يومياً، لا أعرف لماذا أنت مصر على البقاء في هذه المعركة يبدو ان حليتك ناجحة فثياب الشحاذ ساعدتك على البقاء حياً ودون ان تتعرض للخطف، ولكن من يدري ما سيحدث غداً؟ أتمنى أن لا تعجبك اللعبة وتندمج في الدور تذكر دائماً، او على الأقل بين فترة واخرى انك ملياردير.



#نجاح_العلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضوء على واقع الصحافة العراقية.. الجزء الثالث
- ضوء على واقع الصحافة العراقية.. الجزء الثاني
- ضوء على واقع الصحافة العراقية.. الجزء الاول
- ظاهرة الانتحاريات العراقيات بحاجة الى وقفة
- ترسيخ مفاهيم المجتمع المدني من خلال المناهج التدريسية
- صناعة السعادة في الحياة الزوجية
- بيوت مغتصبة !!
- جامعاتنا تستغيث!
- من هم الشبك؟
- ضرورة انصاف الأرملة العراقية
- انعكاس الوضع الراهن سلبا على الحياة الاجتماعية للمرأة
- مساعدات باليورو للعراقيين!!
- مصير مجالس الصحوات والترقب الحذر
- البطاقة التموينية بين البدل النقدي والتقليص
- ما الضير لو اصبحت كركوك اقليما مستقلا؟
- رؤية لنشر الديمقراطية في المجتمعات الثيوقراطية
- ضرورة اعادة النظر في التوافقات السياسية للاحزاب والكتل السيا ...
- المعرفة العلمية من ضرورات العصر الراهن
- قضية كركوك .. هل ستظل معلقة الى ما لا نهاية؟
- تعاظم دور المرأة في الحياة السياسية


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاح العلي - قصة قصيرة/ الشحاذ الغني