أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرح البقاعي - دخان واشنطن















المزيد.....

دخان واشنطن


مرح البقاعي

الحوار المتمدن-العدد: 2471 - 2008 / 11 / 20 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قاد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جورج دابليو بوش، إثر هجمات 11/9/2001 الإرهابية، في صفوف الحزب الجمهوري، انقلابا غيرمعلن، مدججا بطاقم من اليمين الراديكالي على رأسهم عين صقور المحافظين الجدد ـ نائبه المقرّب ومهندس سياساته ديك تشيني.

أحدثت هجمات سبتمبر انحرافا نوعيا في مسار سياسات فترتين رئاسيتين للرئيس بوش، الخارجية منها والداخلية، ما دعى إدارته إلى تبنّي استراتيجية سياسية ممانعة للإلتزامات الدولية الملحّة متذرّعة بشعار أطلقته هو: "الحرب على الإرهاب". وبالتناقض مع النهج السياسي الدولي الذي قاده بوش الأب، انسحب بوش الابن من معاهدة كيوتو للحد من الاحتباس الحراري العالمي، وعارض الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، وتبنى سياسة الحرب الاستباقية (التي هي من وسوسات وزيرة خارجيته كوندي رايس) من أجل الإطاحة بأنظمة الحكم الديكتاتورية والأصولية الإسلامية المعادية للغرب.

وبموجب التفويض المفتوح الذي منحه الكونغرس الأميركي للرئيس بوش عقب هجمات 11/9 ، والذي يتجلى في التمحور السياسي حول قواسم الأمن القومي المشتركة، تبنّى التيار الراديكالي من أعضاء الحزب الجمهوري الحاكم (المحافظون الجدد) سياسة خارجية غاية في التشدّد والانعزالية، وسيطر التيار الأخير بطريقة غير مسبوقة على مفاصل الحكم في البيت الأبيض.، فتعزّزت النفقات العسكرية رغم تعاظم العجز المالي في الميزانية، وتوسعت البيروقراطية الفيدرالية إلى حدودها القصوى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتعزّزت بتأسيس وزارة شاسعة للأمن القومي.

غير أن سياسة بوش الخارجية افترقت بليغا عن السياسة الخارجية لوجوه جمهورية بارزة من أمثال وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كسينجر، الذي تولى منصب رئيس الدبلوماسية الأميركية في فترة ولاية الرئيس ريتشارد نيكسون، والذي كان يعتقد، حسب ما جاء في مذكراته، أن الولايات المتحدة، بالرغم من قوتها، لا تستطيع السيطرة على العالم بالحجم الذي ترغب فيه، وأن توازن القوى في العالم هو مصلحة استراتيجية أميركية بعيدة المدى بإمكانها أن تساعد في حفظ أمنها واستقرارها الداخليين. وعلى جانب آخر نجد أن الرئيس الجمهوري الراحل، رونالد ريغان، كان يرى في الاتحاد السوفيتي السابق "إمبراطورية شرّ" أيضا، لكنه لم يلجأ أو حتى يروّج يوما إلى إسقاط النظام الحاكم في تلك الدولة "الشريرة" ـ حسب التوصيف الأميركي ـ باستخدام بالقوة!

أحدثت سياسة بوش الخارجية المستجِدّة، حتى على أقرانه من أعضاء حزب الجمهوري أنفسهم من صف الجناح المعتدل، انقساما في صفوف الحزب الذي بدأ ينأى بنفسه عن تيار "المحافظون الجدد" الذي تشكل من تلاقح تياري الفكر المحافظ: "السياسي" المعروف اصطلاحاً باليمين المحافظ ، و"الديني" المعروف باليمين المسيحي. وتصاعد الجدل حول أفكار هذا التيار على المستويين التطبيقي والنظري، حتى من جانب أحد أبرز منظّري هذا التيار، فرانسيس فوكوياما، في كتابه الذي أثار جدلا عميما والذي يحمل عنوان "ما بعد المحافظين الجدد: أميركا على مفترق طرق" After the Neocons: America at the Crossroad. وتعاظم تياران في إطار التيار المحافظ أحدهما يضم المحافظين التقليديين أوالأعضاء المؤسسين للتيار المحافظ من المعتدلين الذين ينظرون بعين الريبة والامتعاض إلى سياسات الرئيس جورج دبليو بوش انطلاقاً من إيمانهم بالنهج الواقعي في العمل السياسي بعيدا عن الجنوح إلى المعتقدات ذات الطابع الربوي حول الإلهام الديني والحرب باسم الله، هذا على النقيض من أنصار التيار المحافظ الراديكالي الديني الذين يرون في الرئيس بوش وينستون تشرشل الجديد الذي قاد الولايات المتحدة بسلام في عمق أتون الحرب.

فصل المقال، إن الحرب الأميركية في العراق، ومنذ الإطاحة بنظام صدام حسين واستمرار القوات الأميركية بالتواجد الواسع هناك إثر إنجاز "مهمة" تقويض الديكتاتورية الصدامية ـ السبب المباشر لدخولها الأراضي العراقية ـ، الحرب اللامنتهية التي صوّرها المناهضون لها على أنها أسوأ كارثة نزلت بتاريخ الأمة الأميركية على مستوى السياسة الخارجية، إنما تُعتبرالسبب الرئيس في وقوع الشرخ الذي تعمّق في مسيرة الحراك السياسي الأميركي، على مستوييه الحزبي والشعبي، والذي أدّى، نهاية، إلى خسارة مدويّة للجمهوريين لمنصب الرئاسة، وأغلبية مقاعد مجلسيّ النواب، خسارة دفع ثمنها الأغلى السيناتور جون ماكين إثر هزيمته الأخيرة أمام خصمه الفائز بالمكتب البيضاوي أوباما، لمجرد أنه ـ أي ماكين ـ نأى بنفسه عن شخص جورج بوش وجوقة صقوره، دون أن يفلح في أن ينأى بسمعة الحزب الجمهوري ومبادئه المتأصلة عن نزعات الصقور الفردانية المتعالية.

ومن اللافت ما صرّح به ريتشارد بيرل، أحد عتاة المنظّرين للحرب في العراق، وفي حوار تلفزيوني خاص، ما مفاده اعتقاده الجازم " أن خروجا مبكرا للقوات الأميركية من العراق إثر سقوط نظام صدام حسين، وتسليم العراق للجيش العراقي بعد تنقيته عوضا عن حلّه، كان بإمكانه أن يسجّل انتصارا سابقا للإرادة السياسية الأميركية ورغبتها المبدأية في نشر الديمقراطية في العالم، وينأى تاليا بسمعة أميركا عن التشويه الذي لحق بها على المستويين الدولي والإنساني في آن".

ومنذ انطلق الدخان الأبيض في واشنطن معلنا فوز الديمقراطي باراك أوباما برئاسة الولايات المتحدة، ارتفع من جانب المعسكر الجمهوري المهزوم دخان من لون آخر، يهدف إلى تدارس أسباب الهزيمة المدويّة التي شهدها الحزب الجمهوري، في السلطتين التشريعية والتنفيذية، بعد أن كان قد فرض منذ العام 2002 سيطرة كاملة على نظام الحكم في الولايات المتحدة لم تشهده البلاد منذ أربعينات القرن الفائت في عهد الرئيس دوايت أيزنهاور.

يرى المفكّر الجمهوري من جناح المعتدلين جورج وييل في كتابه الصادر مؤخرا، والذي يحمل عنوان "رجل أميركا الأوحدOne Man’s America ، أن انفراد مؤسسة الرئاسة الأميركية مؤخرا بشؤون السياسة الخارجية يعدّ سابقة شكّلت حجر العثرة في مسار التطور السياسي على الصعيدين الداخلي والدولي، وذلك لأن طغيان دور الرئيس على أدوار المؤسسات الأخرى فتح الباب على مصراعيه لسياسات قادت إلى إخفاقات مربكة في تحقيق الأهداف الأميركية المحفّزة لحقوق الإنسان وإحقاق الديمقرطيات في العالم. وينتقد وييل فكرة "تبجيل الحل العسكري" باعتبارها وصفة سياسية إسعافية يلجأ إليها المحافظون الجدد لإخراج، إدارتهم أولا، والولايات المتحدة تاليا، من الوعكة السياسية التي تنتابها. وهذا مبدأ تعود إرهاصاته الأولى إلى فكر الرئيس تيودور روزفلت الذي طالما انتقد افتقاد الأميركيين في عهده للحماس اللازم من أجل تشكيل إمبراطورية أميركية، مشدّدا في الوقت عينه على الأهمية الاستراتيجية لتمركز القوة بيد رجل واحد.

العام 2008 هو عام الصحوتان في الولايات المتحدة الأميركية: صحوة "التغيير" الذي أعلنه الرئيس المنتخب أوباما شعارا وخارطة لطريقه السياسي، وصحوة "الإصلاح" في أروقة الحزب الجمهوري من أجل إعادة قراءة الحدث والعقيدة والتاريخ، والولوج إلى المستقبل باجتهادات سياسية عادلة، ودماء شابة مجدِّدة، قد تشدّ بشرة أصابتها بقع الحروب المتفشيّة هنا وهناك بتجاعيد الشيخوخة المبكّرة، غير المرجوّة!

واشنطن، ليل 17-11-2008



#مرح_البقاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفّة الكترونية
- حوار الأديان هو حوار الشعوب لا حوار الحكومات
- السياسة بأيدٍ ناعمة
- تمر
- دوائر كونية
- الفياغرا السياسي !
- المفكّر العربي طارق حجي... العيب فينا .. والشرف لك!
- بعيدا عن وخز السياسة.. قريبا من كَرَز القلب
- مربّعات بيروت
- مرح البقاعي: المثقفون العرب خاضعون لأيديولوجيات متجاوزة
- في بعث -الفحولة- السياسية
- العالم ما بعد أميركا
- سوريا الوطنية، بين وجع الناصرية ومواجع الفقيه الإيراني
- مشنقة الياسمين !
- آل البيت السوري
- مدّ اللسان الإنكليزي
- ثالوث التجديد الإسلامي
- الشاميّة العالمية
- عودة الابن الضال
- في القراءة الأصولية


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرح البقاعي - دخان واشنطن