أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نبيل - قصص مغربية: شيزوفرينيا














المزيد.....

قصص مغربية: شيزوفرينيا


محمد نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 2451 - 2008 / 10 / 31 - 04:36
المحور: الادب والفن
    


(2)

أثناء زيارتي السنوية للمغرب، أكتشف أشياء عدة، وأتعرف على أشخاص جدد، كما ألتقي بمعارفي وأصدقائي، وكلهم ينطقون حكايات وقصص يومية، تخرج من لب ذاكرتهم الجماعية، الموشومة بكل ما هو غريب و جميل.
هي مجرد قصص مغربية، أنقلها للقارئ على لسان المتكلم والحاكي، وغرضي من هذه الوقفة، هو إثارة السؤال وليس سوى المساءلة، و خلق نوع من الجدل حول قضايا تطبع اليومي في حياة المجتمع المغربي.

"عبدالحق ، رفيق الدرب منذ أكثر من 20 عاما . روى لي حكاية عن صديق يعرفه جيدا ويدعى أحمد. حكاية أحمد كانت بالفعل مثيرة، نظرا للقالب الساخر الذي وضعها فيه رفيقي، فكنت منصتا إلى عبدالحق حتى أتم مسلسل حكايته.

شخصية أحمد تعكس عدة أوجه، فيها الظاهر و الباطن، فهو يبدي تعلقه الجنوني بحزب سياسي مغربي، بدأ كبيرا و انتهى صغيرا. أما أثناء عملية التصويت، فلا يدعم إلا مرشحي حزب، عرف بموالاته العمياء للسلطة الحاكمة منذ قرابة نصف قرن. أحمد اليوم، حصل على صفة متقاعد قبل السن القانونية، فعمره لم يتجاوز الأربعين. التجاعيد غزت جسده، و رأسه اشتعل شيبا. أحمد يحب جارته ليلى، أرملة في عقدها الخامس. لم يكن " صاحبنا "، ممن يقتنعون بأن عشق الجسد فان، وأن الروح هي المحرك الذي دونه لا يتحرك الإنسان. لا يعتقد أحمد فيما يقوله البعض، بأن الإنسان عبارة عن آلة مسخرة لأغراض معينة، إلا أن ما حدث البارحة، جعله يراجع بعضا من أوراقه.

كانت الساعة تشير إلى السادسة و الربع مساء، و الشمس بدأت تنسحب ببطء. قرر أحمد زيارة ليلى. كان معظم الجيران قابعين داخل بيوتهم، و لم يبق أمام الأبواب الصدئة سوى ثلة من الأطفال يركضون في متعة مفرطة. مشهد مألوف في البيضاء و سيدي علال التازي و جرادة وفي العديد من المدن المغربية. طرق أحمد باب بيت ليلى بجرأة وكأنه ابن الدار. فالناس في الحي، يعرفون أن ليلى لا يدخل عندها أحد، لا من قريب و لا من بعيد، فهي أرملة منذ عشرين سنة، وتعيش رفقة أمها التي بلغت عقدها التاسع. كان أحمد مشدودا كالمجنون إلى ما يراه أمام عينيه. ليلى في حلة فريدة من نوعها، فأحمر الشفاه و شعرها شديد السواد و ابتسامتها، يرسمون على وجهها اللامع، براءتها و ريعان شبابها. وفي الوقت الذي التزمت فيه ليلى الصمت من شدة الذهول، اكتفى أحمد بالتحية والسلام. ليلى ردت على تحيته، و كأنها لم تحرك شفتيها . أحمد دخل في غيبوبة لم تكن تظهر على وجهه المصفر، وبدأت شرائط الحب و المجون تمر أمام عينيه. لم تقاوم ليلى صمت هذه اللحظات و سألته:
ـ هل ما زلت تشتغل في تلك المصلحة التي تسلم شواهد الحياة و الوفاة ؟
أجابها أحمد دون أن يفكر في جوابه:
ـ لا، نعم ما زلت هناك ...
وقبل اللكمة التي كان ينوي أحمد توجيهها إلى وجهها الجميل، أغلقت ليلى الباب في وجهه. كانت سرعة الإغلاق و انسحاب ليلى من هذا المشهد المسائي أقوى. عاد أحمد من حيث أتى، لكنه لم يفهم سر رد فعل ليلى. حاول أن يُطمئن نفسه قائلا :
ـ إنها تمزح معي، سأعيد الكرة مرة أخرى ...
حكاية أحمد لم تنته عند قصته مع ليلى، بل انخرط في حزب سياسي، و بدأ ينادي بتطبيق الشريعة في مسقط رأسه، لكنه لا يستطيع أن يقضي يومه، دون أن يمر بسيارته الصغيرة كل مساء، بالقرب من أبواب المدارس، "ليصطاد" له تلميذة، قد تقضي معه بضع لحظات. فأحمد يعرفه الكل في البلدة، بأنه لا يقدر على المضاجعة، لكنه يمارس أفعال أخرى".



#محمد_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص مغربية: جهالة هذا الزمن الرديء
- العلاقات المغربية الروسية بين المد و الجزر
- حول توضيحات دار المغرب في موسكو: الحقيقة الغائبة
- في حوار مع د. فصيح بدرخان، نائب رئيس المركز العلمي للحوار ال ...
- عندما تغرب الشمس في موسكو
- رسالة من موسكو: فصل المقال في ما بين صحافة التحقيق و روسيا م ...
- رسالة من موسكو: ثلاث جمعيات لتمثيل المغاربة في روسيا و حضور ...
- حوار مع الشاعر شريف الشافعي
- رسالة من موسكو إلى سيدي افني : صور اليوتوب تكشف عيوب السياسة ...
- رسالة من موسكو: غرفة السخافة
- رسالة من موسكو : عندما نأكل مع الجثث
- رسالة من موسكو: وداعا ماريا
- رسالة من موسكو: إلى الغالية دانا،
- رسالة من موسكو : عندما قرر خُرْمَة العودة إلى جهلموت
- سؤال الصحافة
- هنا موسكو : الراحلة
- هنا موسكو : كيف نحلم بصوفيا ؟
- هنا موسكو :العمر مجرد كلمة !
- متاهات الحب
- على هامش الملاحقات القضائية ضد صحافيي -الوطن الآن : ...


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نبيل - قصص مغربية: شيزوفرينيا