أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ليلى كوركيس - - صفعتُ وجهي -














المزيد.....

- صفعتُ وجهي -


ليلى كوركيس

الحوار المتمدن-العدد: 2447 - 2008 / 10 / 27 - 06:56
المحور: سيرة ذاتية
    


كيف يمكن لإنسانٍ أن يصفعَ وَجهَهُ إلا إذا كانت صدمتُهُ صاعقة وفجيعَتُهُ تجتاز حدودَ الصمتِ والصراخ.
مبدعٌ هو كريم العراقي، الشاعر الذي تمكـَّنَ من أن يحفر هذه الصفعة-الكارثة على جدار القصيدة.
ماهرٌ هو كاظم الساهر، الفنان الذي استطاع بحنكته الإبداعية أن يزوِّجَ الكلمة للحن "ويُقَولِبَ" بصوتـِهِ موسيقى " مُأبْجَدَة " رَسَمَت حُدودَ نغماتها في مساحاتٍ ذهنية تصويرية لمدينةٍ ممزقة وحب متشرد.
كم هزتني تلك الصورة-الصفعة في الأغنية وكم استعنتُ بِها وأنا أتنقَّلُ من منطقة إلى أخرى، من بحرٍ إلى سهلٍ إلى جبلٍ في وطني الحبيب لبنان. مِن المؤلم جداً أن أستنجدَ بصفعة كي أعبـِّرَ عن حزني وخيبتي. أن أصفعَ وجهي يعني أن يغلبَني الواقعُ فأصبح طريحةَ بساطٍ لم يعد يقوى على الطيران، أهمَلَتهُ الريحُ فَسَقـَطَ في بئرٍ من الهزائم. أن أصفعَ وجهي يعني أن يتخلى عني الحلم، أن يخدعني القدر، فأكفر بالاثنين معاً.

كنتُ قد قررتُ أن أمضي عطلة صيف 2008 في لبنان وأنا أضع نظارات مواطنة مقيمة أي غير سائحة أو مصطافة-مغتربة. وكنتُ أيضاً قد وعدتُ نفسي أن أكون صادقة وأكتب ما يمليه علي ضمري في ظل واقعٍ ليس ببعيد عن أجواءِ هدنة مفروضة بخط أحمر يحرِّمُ انتكاسات أمنية جديدة. بمعنى آخر، الحرب والسلام يتفيآن تحت ظل شجرةٍ واحدة، تَشَعـَّبَت في أغصانها الاتجاهات وظل الجذع واحد.. فالجاني والمجنى عليه في وطني واحد وشعب بأكمله يصرخ من "خلف القضبان.. كفى ملاماً فجلد الذات أدماني".
صفعتُ وجهي مراراً وأنا أقرأ جرائد الصباح. كلها خائبة. طروحات وتحاليل واتهامات وتصريحات موبوءة ..كلها موبوءة، تحمل كل شيء إلا الحلول. كلٌ يغني على ليلاه وكلٌ يدَّعي العمل لمصلحة لبنان وشعبه المهرول في مكانه.
صفعتُ وجهي وأنا أشاهِدُ نشرات المساء. كلها مشؤومة. إدعاءات، مناقشات، تعديلات، واقتراحات فاشلة أو " مُفَشَّلة " بامتياز.
صفعتُ وجهي وأنا أستمعُ إلى تأففِ الموج وهو يتقلب من الأرق. يكررُ صيحاتهِ هادراً غاضباً هائجاً حتى الجنون. لو تمكنَ من السير لهاجرَ هو الآخر حاملاً طياته على ظهره تاركاً وراءه أفُقاً حزيناً مصلوباً أمام نِبال الظالمين.
صفعتُ وجهي وأنا أسير على الطرقات وفي الساحات " المهرجانية الساحرة والمسحورة " .. أليست تلك الساحات هي نفسها التي حملت أيضاً أسماء الشهداء على ألواح رخامية؟ أين سقطت كل تلك الأسماء؟ لأي سبب وبأي ثمنٍ رحل أصحابها ولم يرجعوا؟ أَلِكي نرسم مربعات أمنية داخل مربعات كالدمى الروسية ؟
صفعتُ وجهي أمام مرآة الشك وكأني أمتلك اليقين في أن ديمومة الألم هي السائدة وهي الأقوى وهي الحقيقة المرة لواقع أردناه للبنانٍ متجددٍ بأوجاعه. لم يعد لبنان هو لبنان. فلا صاحب الدار هو كلكامش كي يحصَّنَ أرضَه بسورٍ منيعٍ تربطهُ الأسطورة بتاريخه، ولا الزائر بـ "غيور" كي يرتدي ثوب انكيدو ويدافع عن صديقه بوجه الطغاة. كل الساحات والطرقات والفنادق والمطاعم وحتى الأشجار وأعمدة الكهرباء إمتلأت بالبشر، فرحلت الطيور وحل مكانها قاطنون، سياح وغرباء. رأيتهم جميعهم عراة، يركضون حفاة نحو مستقبل دون غدٍ، مظلمٌ هو، أُطفِئت فيه كل الأنوار.
وفكرتُ، من قال ان السياحة هي من علامات الإستقرار في لبنان؟ سياحة إجبارية قد بدت، غَسَلَ بها بعض " الزعماء" وجوهَهُم للتكفير عن أخطائهم الفادحة التي دفع ثمنها اللبناني لسنوات طويلة مديدة .. أطول من عنق الزمن.
لا! لستُ ضد السياحة ولا ضد الأصدقاء، ولكني أرفض أن يحولني ذاك الصديق الى غريبة أستجدي في داري غرفة، فأهاجر في هجرتي الى هجرة جديدة !!
صفعتُ وجهي وأنا أهذي " أهذا يا زمن" لبنان المميز عن سواه؟ وتساءلتُ، كم يلزمهم من الوقت بعد كي يبدلوا وجهَه ليصبحَ مثل الدول الأخرى فتسقطَ خصوصيتُه كأوراق الخريف ورقة تلو الأخرى.
صفعتُ وجهي وأنا أغادر، كأنه الوداع .. في حقيبتي ألف رجاء ورجاء أن تتفتح العقول فيعود لبنان الى لبنان.
هناك .. حيث اليأس لا يجوز، علَّقتُ أمنياتي للمرة الألف على شجرة أرزٍ ولَمْـلَمْتُ أوصالي كي أرحل بجسدٍ يتيمٍ يبحثُ عن روح تسكنه ووطنٍ تشعلهُ الحروب دون أن تحرق ذكراه الخالدة في الكتبِ وفي ذهني.




#ليلى_كوركيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سامحيني
- على شفير الحب
- من أي باب* ندخل إليكِ يا مصر؟!
- قصيدة قيثارة في عين الشمس تتجسد في مشهد راقص من الباليه الكل ...
- صدفة
- عن أي حب أتكلم؟!
- كيف .. يموت الموت
- بين الفاصلة ونهاية السطر
- رسائل على الماء
- من تكون تلك المرأة ؟!
- لأنني أنثى
- حملَت مفتاحَها ورَحَلَت - من أوراق حرب تموز 2006 في لبنان -
- جيسيكا
- صدقي أو لا تصدقي
- قيثارة ٌ في عين الشمس
- إنتماء
- التعددية .. في حواراتها المتمدنة
- مسيحيون .. في نعوش الديمقراطية
- من بشير الى بيار .. حكاية وطن موجوع
- بئس الخبر


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ليلى كوركيس - - صفعتُ وجهي -