أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كاظم جواد - عبد الجبار عباس..ألق المرايا مرايا الألق















المزيد.....

عبد الجبار عباس..ألق المرايا مرايا الألق


محمد كاظم جواد
شاعر

(M0hammad Kadom)


الحوار المتمدن-العدد: 2438 - 2008 / 10 / 18 - 04:36
المحور: الادب والفن
    


في منتصف السبعينيات وقع بين يدي كتاب مرايا على الطريق للناقد الراحل عبد الجبار عباس تناول فيه مواضيع نقدية متنوعة ؛أعجبني الطرح الذي ضمه هذا الكتاب وأدهشتني الرؤى النقدية الجريئة التي تناول فيها القضابا الأدبية المطروحة في الساحة الأدبية آنذاك،فتابعت هذا الناقد من خلال مقالاته المنشورة في الصحف والمجلات العراقية والعربية.
وعندما قرأت كتابه السياب الصادر عن وزارة الثقافة والاعلام(سلسلة كتاب الجماهير) ازداد اعجابي به أكثر وكان هذا الكتاب من الكتب المهمة والرائدة التي صدرت عن السياب وقد كتبه في المرحلة الرابعة من الدراسة عندما كان طالبا في كلية الآداب ، وهو عبارة عن مشروع بحث صغير ضمن متطلبات الدراسة فتطور هذا البحث ليصبح كتابا لكنه لم ير النور الا في عام(1971)بعد رحلة طويلة شبيهة برحلة السياب مما يدل على ان كتاب السياب هو باكورة كتب عبد الجبار عباس النقدية لكن طبعه جاء متأخرا لظروف ذكرها في مقدمة الكتاب.
لم أكن أعرف وقتها ان عبد الجبار عباس هو ابن مدينتي ، ذات يوم أخبرني أحد الأصدقاء انه يجلس صبيحة الجمعة في المقهى الزجاجي المطل على شط الحلة وكان يرتاده جمع من المثقفين والأدباء والفنانين ، فقصدت المقهى وجلست على مقربة منه بغية التوصل اليه ، ترددت كثيرا في اقتحامه بسبب ارتباكي وخجلي...
وفي يوم آخر رأيته يجلس وحيدا فقررت أن أجلس على ذات الأريكة التي كان يشغلها ، كنت أتأبط مجموعة من الكتب والمجلات الأدبية ورحت أقلب أوراق احدى المجلات بغية أن ألفت انتباهه فنظر صوب الكتب التي وضعتها على الأريكة ، كنت اراقبه بدقة .... فاستأذن مني وطلب احدى المجلات ، فرحت كثيرا لأنني سأدخل معه في حديث، لكن كيف اتحدث معه؟ وأنا لا أمتلك العدة الكافية التي تكفل لي الاستمرار معه في الحديث ، قلت سأكتفي بالاصغاء... أصغيت الى حديثه المتألق والذي يجبر المستمع على الانتباه ، وسنحت لي فرصة التحدث عن كتبه ومقالاته وديوانه اليتيم أشواك الوردة الزرقاء ... وتوقفت عند كتاب السياب رأيت على وجهه علامات الفرح فشكرني على ملاحظاتي وقبل أن أخرج من المقهى استعار المجلة التي طلبها مني كنت مرتبكا لكني شعرت بالفرح لأني تعرفت على ناقد كبير يشار اليه بالبنان.
وتكرر اللقاء كنت أكتفي بالأسئلة مع بعض ا لآراء الخجول ، فيشاطرني الرأي فأحس بالزهو لأنني أقترب الى حد ما من آرائه.
وعندما تسلم الصفحة الثقافية في جريدة الراصد بعد فصله من مجلة ألف باء تجرأت وأعطيته قصيدة نشرها لي بعد فترة وجيزة في الصفحة الثقافية وحثني على رفده المزيد من القصائد ....وتعمقت صداقتنا وكنا نذهب أحيانا الى بغداد مع بعض الأصدقاء ونجلس في حاناتها التي تمتص التعب المر ونتجول في مكتباتها المنتشرة في شارع السعدون ونقتني ما نستطيع حمله من الكتب، وكثيرا ما كان يسألني عن مجموعة صدرت لشاعر ما.
كنت اعطيه ملاحظاتي البسيطة فيناقشني في تفاصيل مستفيضة ، فيضيف الى مخزوني الثقافي شيئا جديدا وحينما كان يتناول بعض المجاميع الشعرية أو القصصية فأنه يختارها بدقة بالرغم من ان اغلب المجاميع الصادرة في العراق كانت تهدى اليه من كتّابها ، ربما لغرض اغراءه بالكتابة عنهم فينتقي المجموعة ويقرأها وفق منهجه الآنطباعي الذي كان يدافع عنه بقوة ويعلن صراحة انه ناقد انطباعي.
وكثيرا ما تعرض الى ضغط من بعض الأدباء لأنه لم يكتب عنهم وسمعت أحدهم يصفه بـــ(الخواجة) لأنه يكتب عن أدباء مصر وآخر يقول مغنية الحي لا تطرب وآخر يقول: يبدو لي انك لم تقرأ المجموعة التي كتبت عنها، رغم هذه المضايقات فانه لا يأبه بهم فيتجاوزهم بصمته الناطق، وأحيانا يتوقدون حقدا عليه عندما ينشر مقالة عن كاتب عراقي غير معروف في الوسط الثقافي وحدث ان وقعت بين يديه اقصوصة بحجم صغير صدرت بنسخ معدودة لكاتب عراقي اسمه أمير الحلي أظنه من البصرة فأبدى اعجابه الشديد بها وكان عنوانها مدورة الطيور مما حدا به الى كتابة مقالة طويلة عنها قاربت بحجمها اقصوصة أمير الحلي.
وذات يوم اجرى معي لقاءا في جريدة الراصد صحبة الشاعر الراحل جبر داكي واجبت على اسئلته بعناية فائقة ونشر اللقاء مشفوعا بصورة لي وأخرى للراحل جبر داكي.
مثلما بنتقي الكتاب الذي يكتب عنه كان الناقد عبد الجبار عباس ينتقي أصدقاءه من الأدباء بدقة متناهية فيأتمنهم لأن الخوف كان يسكنه فيخشى تأويل الكلام من بعض الأدباء الذين يتعاملون ب(بوليسية واضحة).
وقد تعرض الى مضايقات أدت به الى ملازمة بيته لفترات متقطعة. وأحيانا كان يستفز من قبل المافيات الثقافية التي يطلق عليها اسم( الجماعة) وقد ألف عنهم مسرحية شفوية ساخرة وكان يمثلها أمام أقرب الأصدقاء فيؤدي الدور بألم واضح ويتذكر هذه المسرحية جيدا أغلب الأصدقاء منهم الناقد علاء هاشم مناف والفنان ثامر عبد الله والفنان صلاح عباس والشاعر عبد الحسين الحيدري .
كثيرا ما كان يتعرض لاضطهاد الطارئين على الأدب كأن يطلبون منه قراءة هذياناتهم الطويلة ويلحون عليه في ابداء رأيه فورا فيضطر الى تحريك عينيه بسرعة حول السطور ويقول مجاملا لابأس.
لن انسى موقفه معى ماحييت ،عندما التهمت النيران مكتبتي حينما سمع الخبر فوجئت به وهو يحمل على دراجته الهوائية رزمة من الكتب مواساة منه لفقدان مكتبتي وقال لي هذا مااستطيع حمله ارجوك ان تأتي معي الى البيت وتختار مايفيدك من الكتب والمجلات شكرته لموقفه النبيل وحينما تصفحت الكتب في البيت توقفت عند بعض الدواوين التي كتب عنها عبد الحبار عباس لأنها كانت تحمل تأشيراته في بياض الصفحات وللأسف الشديد فقدت مني هذه الكتب كان لعبد الجبار عباس صديقا حميما يرافقه كظله يتجول معه في السوق ويركنه جانبا عندما يهم بالجلوس في مكان ما وعندما فقده تالم عليه كثيرا ورثاه في قصيدة عصماء اثارت شجون اصدقاءه هذا الصديق هو(البايسكل الاخضر) الذي تامر عليه بعض الصعاليك وحملوه ليلا عندما وجدوه مركونا في حديقة نادي المعلمين رغم انه كان مربوطا بقفل محكم احيانا يلتجأعبد الجبار عباس الى بعض الاصدقاء من خارج الوسط الادبي (عمال بناء-بائعو خضر-باعة جوالون) فيجالسهم ويخوض معهم احاديث طريفة تمتزج فيها رائحة النكتة كانوا يكنون له كل احترام وتقدير رغم جهلهم بما يكتب وعندما كنا نجلس في المساء وتجمعنا طاولة واحدة فانه يحيل الجلسة الى كرنفال للفرح رغم وطأة الالم الذي يغلف قلوبنا. وكنت اتحرج من قراءة أي نص يعود لي امامه لانني اشعر ان الفرصة لم تات بعد كي اسمعه ما اكتب قياسا الى ما كان يتناوله في نقده لشعراء لهم تجارب في خارطة الشعر .وكان يعرف اني احفظ الكثيرمن قصائد الشاعر الكبير سعدي يوسف فاقرأ ما احصل عليه من قصائد جديدة او من دواوينه السابقه وعندما اوغل في القراءة يبتسم ويقول (ياعيني يا سعدي) وعندما اقرأ قصيدة مرثية الى جيكور المنشورة في ديوان بعيدا عن السما ءاالاولى ومطلعها:
جيكور توقد في المساء الرطب فانوسا ولا تلقي ضياءه
مات اليتيم وخلف امراة وايتاما وراءه
وما ان اصل الى هذا البيت حتى اسمع مفردة الندب العراقية يطلقها عبد الجبار عباس وكثيرا ما كانت تنتهي جلستنا باغنية برهوم للمطربة نجاح سلام:
برهوم حاكيني .........
مجروح داويني .....
فينطلق صوته المتهدج ويحولها بألم الى:
برهوم أنا جبار
لقبي أبو ستار
شغلي نقد أشعار
والله الوكت غدار
راضيك راضيني.
كان عبد الجبار عباس وفيا وأبيا وعندما اخبروه بتخصيص راتب شهري له من وزارة الثقافة رفض استلامه بالرغم من حاجته الماسة اليه قائلا انني لم اقدم جهدا او عملا مقابل هذا الراتب كان يكره العطايا من اي جهة كانت.
لقد رحل عنا مبكرا وهو في قمة عطاءه الأدبي واضعا مراياه على قارعة الطريق ومن منا لا يتذكر مؤلفاته التي انهلنا من ينابيعها الشيء الكثير، من كتبه المطبوعة ديوان اشواك الوردة الزرقاء السياب ،مرايا على الطريق، ،مرايا جديدة،في النقد القصصي، الحبكة المنغمة بالاضافة الى مخطوطاته التي تنتظر من يزيل عنها غبار النسيان.



#محمد_كاظم_جواد (هاشتاغ)       M0hammad_Kadom#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقواس تقوضت فتهدمت العبارة
- اتحاد عريق
- ثقافة أطفال أم ثقافة..........
- ماكوندو
- لا...فرق
- الأخضر بن يوسف
- الليالي نصفها
- نياشين
- نص شعري


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد كاظم جواد - عبد الجبار عباس..ألق المرايا مرايا الألق