أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - مثنى حميد مجيد - اكسير الوعي الماركسي في فانتازيا فؤاد النمري















المزيد.....

اكسير الوعي الماركسي في فانتازيا فؤاد النمري


مثنى حميد مجيد

الحوار المتمدن-العدد: 2423 - 2008 / 10 / 3 - 08:46
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    



يزعم فؤاد النمري أن من أسباب إنهيار الإتحاد السوفيتي هو غياب ما يسميه ، الوعي الماركسي اللازم ، المخصوصة حيازته بالصفوة المختارة من خاصة القادة الأفذاذ والايات الماركسية الكبرى وبالطبع هو واحد منهم، ويقول

ـ التاريخ المشرق للإتحاد السوفياتي منذ الثورة 1917 وحتى رحيل ستالين 1953 إنما صنعه الوعي الماركسي الخلاّق لدى لينين أولاً ثم لدى ستالين . بدأ التاريخ السوفياتي بالإنطفاء حالما بدأ الوعي الماركسي بالاضمحلال . نرجو أن يعي سائر الشيوعيين في العالم هذه الحقيقة جيداً وأن يعملوا على هديها ليل نهار ـ

إن أي مبتديء في دراسة الفكر الماركسي يعرف أن الوعي الإجتماعي يقوم ويبنى جدليآ على الكيان الإجتماعي وتحدد أشكاله أنماط التشكيلات الإقتصادية والإجتماعية على مر عصور التاريخ ، ويعرف أن الوعي الفردي والجمعي بالضرورة التاريخية والعمل بموجبها لتغيير مسارحركة التاريخ تحدده طبيعة ودرجة إحتدام الصراع الطبقي وما يطلق عليه في الأدبيات الماركسية بتناقض قوى الإنتاج مع علاقاته وتفاوت درجات تطور وتوازن تلك القوى والعلاقات ونضج الظروف الموضوعية .ويرتبط الوعي الفردي والجمعي للأفراد والطبقات بما يعرف في الديالكتيك بمبدأ الوعي بالتاريخ أو اللحظة التاريخية التي تترجم في لغة السياسة بالتكتيك والإستراتيج.أما هذا المصطلح العجيب الذي يتحفنا به النمري فأقل ما يقال عنه أنه صياغة جاهلة مغرقة بالمثالية وتفضح حصيلة الكاتب وخلفيته الثقافية المقتصرة على معلومات محددة في الإقتصاد والتاريخ دون هضم حقيقي وإستيعاب للديالكتيك وبمعزل عنه.إن الوعي مفهوم فلسفي أما الماركسية فهي علم ومنهج والجمع بينهما يشبه الحماقة في الرياضيات حين نجمع الرمانة مع البرتقالة.ويكرر النمري إكتشافه الخطير هذا عن ، الوعي الماركسي المزعوم ، في كافة مقالاته بإعتبارة السر المجهول الذي لا يعرفه إلا كهنة الماركسية من أمثاله والذي يقف وراء إنهيار التجربة الإشتراكية في الإتحاد السوفيتي ويقدمه كإكسير ناجع للشيوعيين ليعملوا بهديه ليل نهار.ويقسم النمري الناس إلى خاصة مثل ماركس لينين ستالين ، والنمري طبعآ ، وعامة يغلب عليهم الجهل حتى في معرفة أبسط الأمور ومنها مثلآ تاريخ ما يطلق عليه جهلآ إسم الإشتراكية العلمية.يقول

ـ الإشتراكية العلمية التي بدأها لينين في روسيا 1919 ، وليس1917 كما يقول العامة ، توقفت في العام 1954 لدى ارتقاء البورجوازي الوضيع نيكيتا خروشتشوف قيادة الحزب والدولة ـ

وكلمة الوضيع هنا ليست شتيمة ، كما قد يتصور القاريء ، بل هي ترجمة النمري لمصطلح بتي برجوازي أو البرجوازية الصغيرة حيث يترجمها إلى البرجوازية الوضيعة.وعمومآ ولمن يقرأ مقالات النمري يشعر بغلبة الأوصاف التحقيرية التي يطلقها على من يخالفونه الرأي ، من الأحياء والأموات ، فهم أنصاف أو أثلاث أو أرباع شيوعيين وما عداهم ممن لا يخالفونه نظرياته وأفكاره العبقرية فهم مجرد عامة حتى لو كانوا في أعلى المراتب .ويذكر إن ستالين أو الاية الكبرى ستالين الذي هو أي النمري من مقلديه قد إضطر إلى توبيخ أعضاء المكتب السياسي حين شعر بقصور وعيهم الماركسي ، ويذكر

ـ وفي العام 1938، حين كانت نذر المؤامرة الكبرى تهدد وجود الإتحاد السوفياتي، وبخ ستالين أعضاء المكتب السياسي، وهو الهيئة التي تقود الثورة الإشتراكية في العالم، وبخهم بسبب قصورهم في الوعي الماركسي متسائلاً .. " ما أمركم ؟ هلاّ تقرؤون ماركس ؟ " فكان أن أخذ إجازة على غير عادته، وألف كتابه القيّم " المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية " وطلب من مختلف كوادر الحزب قراءته بعمق ـ

وهذا ما يفعله بالضبط فؤاد النمري لنا نحن العامة ساهرآ منقبآ في مؤلفات ستالين المعروفة بسطحيتها وجفافها والتي يشكك بعض المؤرخين حتى في نسبتها إليه كي يوصلنا إلى درجة مقبولة من الوعي الماركسي الخطير والذي يقف وراء أي نكوص أو إرتداد أو تقدم وإنتصار في الثورة العالمية.ويصل النمري العبقري في تحقيره لعامة الشيوعيين إلى درجة لا نتصور فيها غير أمثاله يتحكمون بمصائر الشعوب. وحتى طليعة البروليتاريا من الشيوعيين يبدون أحيانآ كقطعان جاهلة غبية بحاجة إلى خراء ستالين يتبخرون به من أجل إستعادة ولو القدر اليسير من الوعي الماركسي المزعوم حيث يضطر خروشتشيف الغبي الوضيع نفسه ، الذي لم يفقد بالتمام والكمال الوعي الماركسي ، إلى توبيخهم وبإسلوب مهين كما يورد النمري

ـ مثل هذا الغبي جمع في مكتبه السياسي أربعة وعشرين غبياً مثله في العام 64 وشتمهم بمخاطبتهم .. " خراء ستالين أفضل منكم ! " ـ وكانت تلك الحقيقة الوحيدة التي تلفظ بها خروشتشوف ـ

وبتفصيل أكثر يشرح النمري دور العباقرة من أمثاله في إدارة دفة تاريخ العالم قائلآ

ـ ومن المفيد أن نعود لنذكر في هذا السياق أن لينين لم يرَ في أعضاء اللجنة المركزية لحزبه في العام 1922 شيوعيين حقيقيين، ولم يرَ ستالين كذلك أعضاء المكتب السياسي للحزب عام 1938 ماركسيين حقيقيين، وحتى خروشتشوف نفسه الذي لم يتخلّ نهائياً عن إيديولوجيا البورجوازية الوضيعة لم يرَ في قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي عام 64 ما يساوي أكثر من خراء ستالين ـ

وتقوم نظرية النمري الشبابية التي يريد بها مواجهة عجائز الشيوعيين العرب كما يسميهم على أسس عجيبة أخرى يستمدها من الحقبة الستالينية .إذ تتحول سنوات التصفيات الستالينية الإجرامية لأعوام 1932 1933 1936 1938 لعشرات الألوف من الشيوعيين بما في ذلك لجان مركزية كاملة إلى سنوات صراع بين ، الصفوة المختارة الستالينية المؤمنة بدكتاتورية البروليتاريا ، وبين العامة من الشيوعيين الجهلة والخونة ممن كانوا يمثلون الطبقة الوسطى والطبقة العسكرية وهما الطبقتان اللتان تسببتا في سقوط التجربة الإشتراكية وإنهيار الإتحاد السوفيتي من وجهة نظر النمرى بالإضافة طبعآ إلى السبب السحري الأول والرئيسي وهو قصور الوعي الماركسي لهؤلاء الشيوعيين .ولتثبيت مرجعيته الماركسية يتبع النمري اسلوب ـ خالف تعرف ووبخ حين تهاجم ـ الذي يصل به إلى درجة توبيخ الشيخ الماركسي المعروف حسقيل قوجمان وإتهامه بعدم فهمه وإستيعابه لنظرية فائض القيمة لكارل ماركس ويشمر الذراع شارحآ له بلغة معقدة ملغزة الأسرارالمحجوبة والطلاسم المستورة لهذه النظرية التي لا تكشف نفسها إلا للراسخين في العلم من أمثاله الأفذاذ البررة مستحضري وحماة إكسير الوعي الماركسي .ويعتقد النمري العجوز أنه بنظريته وإكتشافاته الشبابية المبنية على قلب الجرائم الستالينية إلى ماثر ومكارم مؤهل لمهاجمة الشيوعيين العرب ويصفهم قائلآ

ـ الخرف الحاد لدى بعض العجائز يدفع بهم إلى إنكار تاريخهم واستنكاره . بعض عجائز الشيوعيين يقصّون بعد أن خَرِفوا بحدة قصصا من اللامعقول ـ

والحقيقة أن القاري الذي يختار قراءة مقالات العبقري النمري لن يجد أي صعوبة في إكتشاف جواهر اللامعقول المغلفة بمنمق الكلام. ومن أعجب وأغرب هذه الجواهر اللامعقولة إعتقاده بزوال الرأسمالية في السبعينات! .ويستخدم النمري منهجآ صوريآ مثاليآ مشحونآ بلغة ومصطلحات السوق والإقتصاد التي يجيد رصفها وإخراجها وتطعيمها بتضمينات من رأس المال لكارل ماركس كي يوحي للقاريء بأنه إنما يسوق الحقيقة العلمية الدامغة وليس الخرافة البائسة والمشوهة لأكثر الحقب التاريخية سفاهة وبؤس وهي الحقبة الستالينية .وأعترف للقاريء الكريم أني لم أكرس سابقآ دقيقة واحدة لقراءة مقالات فؤاد النمري لمعرفتي إنه واحد من عبدة ومقلدي ستالين.وحتى بعد تهجمه على الكاتب العراقي رزاق عبود ووصفه له بأنه من أنصاف الماركسيين لم تتولد في نفسي أي رغبة للإطلاع على عالمه الفنتازي وأكتفيت بالرثاء له.لكن المقالات الساخرة والممتعة حقآ للدكتور عدنان الظاهر التي خص بها النمري قد حفزتني فعلآ إلى الدخول إلى عالم النمري الغرائبي والإستمتاع بإستخراج جواهر اللامعقول منه وما أكثرها وإلى مقالات الدكتور الظاهر أحيل القاريء المهتم برؤية المزيد من جواهره .وإني إذ أشكر الدكتور عدنان الظاهر على إستعارتي لتسميته النمري بالاية الكبرى أجدني مختلفآ عنه بنسبته النمري إلى القرن التاسع عشر أو وصفه له بالمومياء الفرعونية المهترئة ، على طرافة التشبيه وجماله ، إذ إني أجد فية نسخة شبحية مفعمة بالفكاهة والأسى تائهة وخارجة من أعماق زنازين القمع الستاليني الغاشمة التي كان يقضي فيها خيرة الشيوعيين حياتهم تحت إشراف بيريا وجلاوزة ستالين من مشوهي ومستغلي ثورة أكتوبر الإشتراكية .

إن بعض ما يريد منا النمري أن نصدقه هو أن هؤلاء الأوغاد من الحرس الستاليني كانوا على حق في إرتكاب جرائمهم وأن الأوان قد ان لإعادة الإعتبار لهم بإعتبارهم حماة إكسير الوعي الماركسي المزعوم الذي يستحضره في بحوثه.

إن ظهور الاية الكبرى العبقري العجوز النمري بنظرياته الفنتازية الغرائبية ووصفاته السحرية عن ـ الوعي الماركسي ـ الذي يريد إحياءه بالإعتماد على الموروث الستاليني المفعم بالتحجر والهمجية إنما يعكس الفقر المدقع في حياتنا الثقافية والسياسية وحاجتنا إلى بحوث علمية حقيقية صادقة وماركسية فعلآ في زمن يسيطر فيه الفقر والإرهاب والموت والعبث على مقدراتنا ومصائرنا.

لكن وللإنصاف نقول أن ما يريح في الأستاذ فؤاد النمري حماسه الشبابي للماركسية وتفاؤله في الإنهيار القادم والحتمي لدعائم النظام البرجوازي وهو ما نتفق به معه لكننا نعتقد أن إستنتاجه هذا لا يمت بصلة إلى بحوثه النظرية وإكسيره العجائبي عن الوعي الماركسي بقدر ما يمت إلى طبيعته الشخصية الطيبة والمتفائلة ووعيه الطبقي الحقيقي وتجربته الحياتية التي نقدرها ونثمنها كثيرآ.



#مثنى_حميد_مجيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفقآ بطاووس ملك ومندادهيي ياعزيزي خدر خلات بحزاني
- أفكار من على رصيف الباب الشرقي
- المالكي ومكب نفايات التاريخ
- تعلولة مفيد الجزائري وماركسية حسين الشهرستاني
- ابن تيمية ، الحراني الأخير
- فينومينولوجيا خالتي صبريه
- التخاطر مع الموتى خير من متابعة أخبار حرامية العراق
- عن ترجمتي التخاطرية لأشعار كارين بويه
- إبادة الصابئة وإبادة أقليات دارفور- ياأسود ياأبيض!
- كارين بويه ، قصائد مترجمة
- ثلاث قصائد للشاعرة السويدية كارين بويه
- تأملات في الحياة السويدية ، مايا نيبلوم تعمل وترقص وهي في ال ...
- ترنيمة لمهد البعث
- بعث جثث جثث بعث
- نصائح مفيدة للذهاب إلى الجنة
- كي لا ينام الضمير ويشخر
- فينومينولوجيا منخري عزة الدوري وهادي العامري
- هل ينبغي للحقيقة أن تعتمر العمامة ؟
- ضرورة الميزان في الرد على وفاء سلطان
- عن الدور التخريبي لوفاء سلطان في الوسط العلماني واليساري


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - مثنى حميد مجيد - اكسير الوعي الماركسي في فانتازيا فؤاد النمري