أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - النووي الصالح والنووي الطالح














المزيد.....

النووي الصالح والنووي الطالح


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2417 - 2008 / 9 / 27 - 08:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في قرار مفاجئ اتخذت مجموعة الدول المصدرة للمواد النووية قراراً غريباً يوم 7 سبتمبر/ايلول ،2008 أعلنت فيها “اعفاء الهند من شرط الانضمام الى معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية في العالم” كما سمحت لها بالمتاجرة بالمواد النووية، واتمام صفقتها النووية مع الولايات المتحدة.

ويأتي هذا القرار رغم معارضة عدد كبير من أعضائها البالغ عددهم 45 دولة، حيث قررت المجموعة في اجتماعها في جنيف، السماح للهند باستئناف التجارة النووية مع بقية دول العالم، وإن كان ببعض القيود القليلة، على الرغم من عدم توقيعها على معاهدة انتشار الاسلحة النووية، بل وانها كانت ترفض أي التزام أو اتفاق لإلغاء أو منع انتشار أو حتى خفض عدد الأسلحة النووية.

لقد تأسست مجموعة الدول المصدرة للمواد النووية عام ،1974 وذلك بعد قيام الهند باجراء أول تجربة نووية، وكما كان معلنا في حينها: ضمان عدم مساهمة التجارة النووية في انتشار الاسلحة النووية أو غيرها من المواد النووية المتفجرة.

فما الذي دفع هذه الدول الى اتخاذ قرار للترخيص للهند بالتجارة النووية واستكمال التوقيع على معاهدة مع واشنطن بهذا الخصوص، وهو أمر يتعارض مع الأهداف الاساسية التي قامت عليها المجموعة! ولعل هذه الصفقة الاستثنائية مع الهند ستكون مثار شكوك وقلق من جانب المجتمع الدولي، وهو الأمر الذي كان محط ارتياب واستفهام منذ ثلاث سنوات، حينما حاولت واشنطن التوقيع على صفقة مع نيودلهي في ذلك الوقت بشأن التعاون النووي.

والغريب أن واشنطن التي تلاحق ايران صباحاً ومساءً، بسبب ملفها النووي، وتفرض عليها العقوبات وتحرّض الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتضييق عليها، وتسعى للاطاحة بنظامها إن لم يستجب لذلك، كما ظلّت تضغط على كوريا الشمالية وتمارس تهديدات شديدة عليها، حتى انصاعت ووافقت على تجميد ملفها النووي وعرض مفاعلاتها النووية للرقابة الدولية، كما اضطرت ليبيا الى التخلي عن مشروعها النووي بسبب ضغوط واشنطن وشروطها لتطبيع العلاقات بعد الانتهاء من ملف لوكربي.

وكانت قد ضجت وسائل الاعلام الامريكي لمدة ما يزيد على 13 عاماً عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وفرضت حصاراً دولياً شاملاً على شعبه 1991-،2003 وقامت بغزوه واحتلاله ،2003 رغم معرفتها أن الأمر لم يكن سوى تكهنات أو تقديرات لم تكن في محلها، بل ان بعضها قامت هي بتلفيقه كما اتضح حجم الزيف والخداع والديماغوجيا التي رافقتها، ولاسيما الضغوط على البعثات الدولية عند زياراتها المتكررة للعراق، وهو ما انكشف على نحو سافر بعد احتلال العراق، حيث اعلنت واشنطن ولندن عدم وجود سلاح دمار شامل في العراق بعد أن نقبت في التراب العراقي لنحو ثلاث سنوات.

لكن قرار المجموعة بخصوص الهند لم يكن حراً، مثلما هي قرارات مجلس الأمن في حينها، فقد مارست واشنطن ضغوطاً شديدة على الدول التي تحفظت على القرار لاسيما النمسا وهولندا والنرويج وايرلندا وسويسرا ونيوزيلاند. وتثير مزاعم واشنطن وادعاءاتها الشك في صدقية توجهاتها لاسيما اللعب بعقل المجتمع الدولي، فكيف لها أن تفسر أن المعاهدة الأمريكية الهندية ستحد من انتشار السلاح النووي، وأن حكومة نيودلهي ستلتزم تلقائياً بهذا الهدف، وهو كلام انشائي ولا علاقة له بالقانون أو بالاستراتيجيات السياسية والعسكرية. ولكن كل المؤشرات تقول ان الهند ستوسع من ترساناتها النووية وتسير في سباق التسلح، الأمر الذي سيؤدي الى سباق للتسلح في آسيا وبخاصة دول جنوب القارة، خصوصاً وان باكستان هي غريم سياسي تاريخي للهند، بما سيلحق المزيد من الأضرار بشعوبها وتنميتها وتقدمها.

ان السماح للهند بالمتاجرة بالمواد النووية ومن ثم اعفائها من الانضمام الى المعاهدة الدولية للحد من انتشار الاسلحة النووية سيشكل خطراً على السلم والأمن الدوليين، خصوصاً بوضع تمييز بين من يحق له ومن لا يحق له، وهو بالتالي سيؤدي الى مزيد من الارباك والقلق لدى المجتمع الدولي.

وكيف للهند أن تسلك سلوكاً تلقائياً، إن لم يكن وجود نص قانوني ملزم، وإذا ما تم خرق ذلك (وانْ كان لا يوجد ما يتم خرقه قانوناً) فمن سيلزمها عند ذاك؟ ومن الذي سيقنع الهند بالالتزام بنصوص معاهدة دولية غير موقعة عليها، إذ سيكون من المستحيل تقديم مبررات مقنعة لحشد الجهود لتعزيز التعاون الدولي لمنع انتشار الاسلحة النووية، لاسيما في المؤتمر الدولي المزمع عقده عام 2010. لقد أُبطل قرار اعفاء الهند من الانضمام الى المعاهدة الدولية والسماح لها بالتجارة النووية، الامتناع عن اجراء تجارب نووية في المستقبل، حيث سيصبح ذلك بلا معنى، في ظل غياب رقابة قانونية.

ان الحديث عن وقف التجارب طوعياً دون إلزام قانوني والتزام دولي من جانب الهند، سيكون لا معنى له هو الآخر، لاسيما وأنها أصرت على أن يكون اعفاؤها واضحاً وصريحاً وغير مشروط، وهكذا سيكون بامكانها استيراد وقود اليورانيوم الذي ينقصها وتجهيزات ومواد اخرى ويمكنها عند ذلك استكمال برنامجها النووي لانتاج أسلحة نووية.

أياً كانت التبريرات فواشنطن تستخدم باستمرار نهجاً يقوم على ازدواجية في المعايير وانتقائية سياسية تبعاً لقربها أو بعدها عنها، فقد كانت الهند أيام جواهر لال نهرو عدواً لدوداً، لاسيما دورها في حركة عدم الانحياز، منذ مؤتمر باندونغ عام 1955 خصوصاً علاقة الزعيم الهندي مع الزعيم العربي جمال عبد الناصر والزعيم اليوغسلافي جوزيف بروز تيتو، وفيما بعد مع مجموعة ال ،77 حيث طالتها اجراءات التحريم والتجريم، ولكنها اليوم قريبة من واشنطن وحلفائها بمن فيهم “اسرائيل”، فقد تغيّرت هويتها من الطالح الى الصالح ودخلت نادي الصداقة مع الغرب لاسيما في مواجهة باكستان الاسلامية والنزعات المتطرفة فيها وبؤر الارهاب.

الصالح أو الطالح ينبغي ان يستند الى معايير دولية أساسها، قضية السلم العالمي ورفاه وسعادة البشرية ومستقبلها، وليس القرب أو البعد من واشنطن.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أربعة خيارات في حل مسألة كركوك!
- الحُصيري: الشعر والتمرد الدائم!!
- بين الواقعية السياسية والاستهلاك الشعبي
- التحدي الإيراني بين المناورة والمغامرة
- حالة تسامح!!
- آثار العراق ذاكرة العالم
- محاكمة كراديتش.. «شيطان الشعر» أم لوثة التلذذ بالدم؟
- القنبلة النووية الباكستانية والإرهاب!
- الدب الروسي والمشاغب الجورجي
- روسيا واللحظة الجورجية
- من إرهاصات ربيع براغ!
- إمبراطورية الذهب الأسود: هل من خيار!؟
- مقطوعة الشرق الأوسط.. العازف التركي واللحن الأوروبي
- سجون عائمة.. يا لها من رومانسية
- اللاعب التركي في الملعب النووي الايراني
- انتخابات الرئاسة الأميركية وطريق الخداع!
- دراما العدالة في السودان والثمن المقبول!
- الخداع.. قبل العاصفة وبعدها!
- في كيانية حركة المواطنة ودلالاتها!
- المعادلة الطردية... الدولار والنفط!


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - النووي الصالح والنووي الطالح