أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - كيف هي الشراكة مع قاتلي اطفال غزة؟!















المزيد.....

كيف هي الشراكة مع قاتلي اطفال غزة؟!


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2297 - 2008 / 5 / 30 - 08:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ ما بعد انتخابات يناير كانون الثاني 2006 بقليل التي سجلت فيها حماس فوزا كاسحا ، وأنا أتساءل عن ماهية وطبيعة الشراكة السياسية والوطنية مع قيادات الحقبة الاوسلوية، وكيف يمكن أن تكون مثل هذه الشراكة مع جماعة رفضت الإنصات أولا إلى حقائق وطبيعة الصراع مع المشروع الصهيوني . وهي أيضا لم تراع الحدود والمعايير المطلوبة في حدوها الدنيا في سياق المسار التفاوضي مع "إسرائيل" . وهي بذلك تعامت قصدا وعمدا عن أن مشروع الحركة الصهيونية الذي تتولى "إسرائيل" تنفيذه يهدف إلى تحقيق السيطرة اليهودية الاحلالية على كل ارض فلسطين التاريخية . وحين نقول أنها تعامت قصدا ، فذلك مرده إلى النظر في طبيعة أوسلو الأمنية والاقتصادية القائمة على الشراكة لهدف تسويق "إسرائيل " تطبيعيا في عموم المنطقة العربية الإسلامية . ولعل الراحل عرفات كان يدرك ذلك ، وكان يعلم طبيعة القيادة التي فُرضت عليه ، ولكنه كان يبني مستقبله ومستقبل مشروعه على حلم وأمل التوصل إلى الهدف النهائي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضي ال67 ، وهو وحده في الطاقم الاوسلوي كله من انتفض وتمرد على طبيعة الشراكة حينما لم تؤد إلى الدولة التي حلم بها لنفسه وللفلسطينيين . وكان ذلك عقب كامب ديفيد 2000 ، ليلقى العقاب سما قاتلا في طعامه من أطراف شركاء أوسلو: فلسطينيين و"إسرائيل" وأمريكا .

وهي بذلك أيضا من الجهة والسياق الأخر، لم ُتلزم "إسرائيل" وداعمها أمريكا بمرجعية قانونية سياسية دولية في مسار المفاوضات ؛ فأوسلو وكل ملحقاته وارتباطاته الاقتصادية والأمنية لم تحكمها مرجعية أممية ملزمة تحقق بالتالي الهدف النهائي لما يريده الشعب الفلسطيني من حد أدنى لحقوقه بتقرير المصير في دولة كاملة السيادة على جميع الأراضي المحتلة عام 67 ، وضمان حق عودة لاجئيه الذين يشكلون أغلبية لأي مسار يتعلق بحق تقرير المصير للفلسطينيين ، بل إن قادة الحل السلمي الفلسطيني قدموا تنازلات جوهرية مسبقة بشأن الأرض وشرعية المحتل ومستقبل المقاومة وحتى مسألة الدفاع عن النفس الطبيعي، والمقابل لاشي ، سوى الاعتراف بمنظمة تحرير ما عادت كما كانت على كافة الجوانب والمسارات . والنتيجة استمرار في التوسع الاستيطاني "لإسرائيلي" حتى يومنا هذا ، وإيجاد شرعية تصل حد تكوين عرف دولي سلبي مقلوب لوجود الاحتلال على الأراضي المحتلة عام 67. أما الحديث عن ذبح الفلسطينيين وزجهم في السجون وتجويعهم وحصارهم وتدمير كافة مناحي حياتهم ، فهذا أمر أصبح في سياق الطبيعة والعادة في نظر صناع السلام يهودا وأمريكان وعربا وحتى فلسطينيين يؤمنون: أن لا خيار سوى خيار السلام الاستراتيجي التاريخي والأبدي وربما الأزلي إلى ما بعد يوم الدين والحساب .

ورغم ما ألم بالشعب الفلسطيني من مصائب على صعيد وحدته وحقوقه المشروعة بفعل إطار أوسلو الأمني والاقتصادي لصالح الاحتلال أساسا ، إلا أن عرابي هذا الإطار من الفلسطينيين ،رفضوا خيار الفلسطينيين في الأراضي المحتلة حينما صوتوا انتخابيا وبشكل ديمقراطي لصالح قائمة التغيير والإصلاح التابعة لحماس في فجر عام 2006 ، فلا هم تركوا ممثلي الفلسطينيين في الأرض المحتلة يأخذون دورهم القانوني الشرعي الذي هو مسؤولية حمّلها الناخبون أمانة القيام به، ولا هم قبلوا بمبدأ الشراكة الشاملة في السلطة ومنظمة تحرير، بل إن رجال أوسلو أعلنوها حربا ضروسا على خيار الناس الديمقراطي ، واعتبروا شراكة من فاز بثقة الشعب عارا جريمة وتوعدوا بفصول اللعب مع ممثلي الفلسطينيين على قاعدة "الخمسة بلدي ". وحوصر الشعب الفلسطيني ، ونُزعت من حكومته الناتجة عن الشرعية الجديدة معظم صلاحياتها الأمنية والإعلامية والمالية ، وحتى شؤون الأوقاف والحج والعمرة ، ثم كانت حلقات مسلسل الفوضى والتخريب الذي أشرفت عليه الأيدي الأمريكية والإسرائيلية في قطاع غزة . وكان غرض تلك الفوضى الخلاقة على الطريقة الأمريكية القضاء على خيار الشعب الذي هو خيار المقاومة ، ومن ثم القضاء على المقاومة بالبدء بتشويهها أولا .

وحين حسمت حماس الأمر في غزة لإجهاض مشروع "دايتون" الأمريكي الذي أصبح معروفا ومكشوفا، وأكده تقرير مجلة (فانتي فيير )الأمريكية قبل شهور قليلة ، اعتبرت قيادة الخيار الأمني والاقتصادي التطبيعي مع إسرائيل ذلك انقلابا وخروجا على الشرعية ، كما كان الوصف جاهزا مع الحالة اللبنانية في ادعاء انقلاب حزب الله واحتلاله لبيروت بعد قراري حكومة السنيورة بشأن سلاح الشارة لحزب الله وامن المطار مؤخرا . واعتبرت هذه القيادة ما جرى في غزة في حينها فرصة للمضي في مشروع الشراكة الأمنية والاقتصادية مع إسرائيل للوصول إلى هدف اختراق العالم العربي سياسيا وتجاريا وامنيا . واعتبرت ما جرى أيضا فرصة ذهبية لخنق الناس وحصارهم في غزة علهم يثوبون عن خيارهم وحكومتهم المنتخبة بثقة المجلس التشريعي الفلسطيني . وبسبب هذا الحصار توفي أكثر من 166 فلسطينيا من المرضى الذين بحاجة للعلاج في الخارج بسبب إغلاق المعابر وتحديدا معبر رفح على الحدود بين غزة ومصر ، وتعاني غزة بفعل الحصار المحكم منذ قرابة السنة من نقص في الوقود والكهرباء والدواء وغيرها من متطلبات الحياة الأساسية . وقد ُوصف هذا الحصار من جهات دولية ومختصين في القانون وحقوق الإنسان بأنه جريمة حرب دولية بامتياز ، حتى إن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وصف هذا الحصار بأنه اكبر جريمة ضد حقوق الإنسان وجريمة حرب دولية .

وأداة الحصار تنفيذا وقتلا وتدميرا هي لا شك" إسرائيل" ، ولكن مفتاح الشرعنة والتبرير لهذا الحصار والإجرام بحق فلسطيني قطاع غزة هو بيد القيادة الفلسطينية الرسمية ، وهذه القيادة هي من تعطي المبرر لإغلاق معبر رفح ، فهي على الأقل لم تطلب ولو لمرة واحدة فتحه من قبل مصر . وحين نقول بان القيادة الفلسطينية الرسمية هي من تعطي المبرر والمفتاح لإغلاق وحصار غزة من قبل"إسرائيل" وحتى مصر ، فهذا ليس تجنيا عليها ، ولكنه يستند إلى حقيقيتين أساسيتين : -

الأولى : هو أن القيادة الرسمية في رام الله ما عاد لها من حجة وسند في استمرار مفاوضات عبثية لا تسند إلى مرجعية واضحة ، وثبت أن" إسرائيل" لا تلتزم بشيء حتى في سياق إزالة ما يسمى بالمستوطنات "العشوائية أو غير الشرعية" . وحتى بعد انابوليس ازدادت وتيرة البناء الاستيطاني بمئات وآلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية والقدس ، هذا فضلا عن رؤية "إسرائيل" للتسوية القائمة على الاحتفاظ بالتكتلات الاستيطانية الكبرى في الضفة وعلى الاستمرار في بناء الجدار العازل وعزل الأغوار واعتبار "القدس الموحدة أو الكبرى "عاصمة "لإسرائيل" ، وأما اللاجئون الفلسطينيون فتقول الحكومة "الإسرائيلية" أنها لن تسمح بعودة لاجئ واحد إلى الأراضي المحتلة عام 48 ، وبالتالي في ظل هذا الفشل لمسار التفاوض مع إسرائيل ، ودون الوصول إلى الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين ، فانه لا مبرر لوجود سلطة أصبحت عبئا على الفلسطينيين ماليا وخدميا وادريا وامنيا كذلك ، ولابد من أن يتحمل الاحتلال مسؤولياته بموجب القانون الدولي خصوصا في القانون الإنساني الدولي " قانون الحرب " واتفاقية جنيف لعام 1949، وغيرها من الاتفاقيات ذات الارتباط والصلة .
الثانية : هو أن القيادة الفلسطينية الرسمية حجتها مدحوضة منذ البداية ، بان حماس انقلبت على الشرعية ،علما أن حماس هي جزء يشكل أغلبية في هذه الشرعية السياسية الديمقراطية، ولا يمكن لشرعية أن تنقلب على نفسها . ثم إن التقارير العديدة والشهادات المحلية والدولية عززت موقف حماس في طرحها بان ما جرى كان حسما لإجهاض مشروع حرب أهلية في غزة ، وبالتالي لا مبرر لرفض الحوار معها ووضع الشروط المسبقة .

استشهد مئات الفلسطينيين حصارا وتجويعا واغتيالا في غزة، وكان معظم الذين قضوا من الأطفال والنساء والشيوخ المرضى والمدنيين . دمرت البنية التحتية في القطاع بسبب هذا الحصار ، الوضع في غزة وصل درجة الكارثة صحيا وخدميا وفي كل شيء ، وكل ذلك يجري تحت غطاءين : التفاوض العبثي مع الاحتلال ، وكذا ادعاء الانقلاب على الشرعية .

ما الذي يمنع القيادة في رام الله من أن تعلن وقف التفاوض مع "إسرائيل" وقبول الحوار مع حماس لتشكيل وحدة وطنية في كل السياقات والهياكل والأطر وعلى رأسها منظمة التحرير ، ما الذي يمنع هذه القيادة من إعلان حل السلطة التي يراد منها خدمة الاحتلال وجعله نظيفا في سياق التزاماته تجاه الفلسطينيين و نظيفا بمعنى المسؤولية الأخلاقية والقانونية في مواجهة المجتمع الدولي والرأي العام العالمي. وحدة الموقف الفلسطيني في سياق الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني برفض التفاوض العبثي مع "إسرائيل "، أو بإعلان حل السلطة كفيل بان يضع إسرائيل عند التزاماتها ، وبالتحديد برفع الحصار عن الفلسطينيين وعدم تبرير الجرائم بحقهم في غزة أو في الضفة الغربية المحتلة .

لكن الموقف الأخلاقي والوطني الذي يجب أن ُيبرز : كيف سيقبل أهل الضحايا والشهداء من الأطفال والشباب والنساء والشيوخ وعامة أهل غزة بالشراكة مع جهة فلسطينية كانت قد أعطت المبرر وأهدت المفتاح ل "إسرائيل" لإحكام حصار غزة وتشديد ضربها ، وقصف واغتيال شيبها وشبابها وشيوخها ونسائها . دماء أطفال غزة ليست للمتاجرة والمقامرة لإشباع أهداف وأغراض خاصة ، ولا أقول نزوات سياسية ، لان أصحاب هذه الأخيرة لا يقبلون أبدا بارتكاب جرائم حرب وإنسانية ضد أهلهم وذويهم بفعل ترهاتهم ونزواتهم .



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفكير باستراتيجيات واقعية لتنفيذ حق العودة
- غالبية فلسطينية بلا تمثيل شرعي حقيقي
- اسرائيل تمنع الفلسطينيين من الزواج بأجانب!
- فلسطينيون بسببهم يستمر الحصار على غزة!
- مؤسسات حقوق الإنسان تصمت على جرائم الفساد في السلطة الفلسطين ...
- المفاوضات خيار استراتيجي لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية ...
- القتل البطيء لامل اللاجئين الفلسطينيين في العودة!
- سوريا دعوة جدية لاسلمة الحياة السياسية
- الموقف الحقوقي المغيب عن تقييم واقع التجربة الديمقراطية الفل ...
- لماذا لا تجرى انتخابات لمنظمة التحرير الفلسطينية؟!
- المفاوضات في المنظور الفلسطيني الرسمي
- هل ستأتي اللحظة التي نقرر فيها حل السلطة الفلسطينية؟
- أشك في هوية وانتماء قادة فلسطينيين
- هل اغتيال مغنية فاتحة الحرب الاقليمية الشاملة؟
- أين تكمن العلة في مشهد العلاقة بين فتح وحماس؟
- مدى صلاحية محكمة الجنايات الدولية في النظر في الجرائم الاسرا ...
- معضلات الحوار الفلسطيني – الفلسطيني
- موقف المفاوض الفلسطيني الحقيقي من القانون الدولي والشرعية ال ...
- يهودية الدولة في قلب حل الدولتين لشعبين
- الخيار الوطني المطلوب من الرئيس عباس


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - كيف هي الشراكة مع قاتلي اطفال غزة؟!