أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - احمد ضحية - دارفور..على ضوء أحداث مايو..لحظة تحول في تاريخ بلد واحدة,أم قصة بلدين(1-3)..















المزيد.....



دارفور..على ضوء أحداث مايو..لحظة تحول في تاريخ بلد واحدة,أم قصة بلدين(1-3)..


احمد ضحية

الحوار المتمدن-العدد: 2292 - 2008 / 5 / 25 - 03:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(3-3)
صراع شائك :
لا يمكننا أن ننظر إلى خليل إبراهيم بمعزل عن تاريخه كأحد دبابين الحركة الإسلامية أو بمعزل عن المؤتمر الشعبي ,وهذه الطريقة في النظر - في ظني- أفقدت العدل والمساواة كفصيل ثوري تعاطف كثيرون ممن يؤمنون بعدالة قضية دارفور ,إلى جانب أنها أسهمت في تردد الإرادة الدولية..فعالم ما بعد 11 سبتمبر لايرغب في تقوية جماعات وحركات الإسلام السياسي سواء كانت مسلحة أو غير مسلحة..
وفي ظني أن ميلاد العدل والمساواة أسهم بصورة من الصور في الإنقسامات التي إعترت المشهد الدارفوري المسلح ..فمؤسس حركة النضال المسلح(عبد الواحد نور)تميز بميوله التي لا يمكننا وصفها بالشيوعية أوالليبرالية بقدر ما يمكننا وصفها بأنها متحررة من الخطاب الإسلاموي..
وفي كل الأحوال هي ميول نقيضة لميول خليل إبراهيم ,إلى جانب أن البعد القبلي (إنتماء خليل للزغاوة وإنتماء عبد الواحد للفور) يلعب أيضا دورا خفيا غير معلنا ,فيما يخص الإنقسامات ,كما أن ميلاد تنظيم إسلاموي مسلح(العدل والمساواة)في بيئة تقليدية ذات إتجاهات وميول دينية طائفية و صوفية مثل دارفور يجعل
العدل والمساواة أقرب للوجدان الثقافي للإقليم.. المفارقة هنا حدوث العكس فالإنتماء القبلي للفور و أقربائهم من القبائل الأخرى رجح كفة عبد الواحد على كفة خليل ,بصرف النظر عن طبيعة خطاب عبد الواحد ,لكن بينما كان خليل في الواقع الميداني يحقق إنتصارات عملية أكثر مما يتكلم كان عبد الواحد يتكلم أكثر ,وفي الوقت نفسه الجماهير الغفيرة في معسكرات النزوح واللجوء تزداد أوضاعها سوء بسبب الهجمات المتكررة للجيش الحكومي والجرائم البشعة ودمائهم التي تسيل كالأنهار في وديان دارفور..في هذا الظرف المأزقي الشائك تتم ما أطلق عليه خليل"عملية الزراع الطويل " والتي يجب أن ننظر لها هنا لا على أساس دلالاتها في المشهد السياسي السوداني أو الإقليمي أو العالمي فيما يخص الموقف من سلام دارفور , بل دلالاتها أيضا كرسالة موجهة لهذه الجماهير الغفيرة في معسكرات النزوح والتي هي بحاجة لأن تشعر بأن قضيتها التي لا تحل إلا في الخرطوم قد صارت فعلا على عتبات الخرطوم ,بالتالي على عتبات الحل..
ولحاجتها الماسة لحل قضيتها كي تنعم بالأمن والإستقرار- في ظني- سيتحول تأييدها أو لنقل تأييد كثيرون لخليل خصما على رصيد عبد الواحد - طبعا أنا هنا لا أضع مني أركوي مناوي ضمن الحسابات ,فالرجل لا يدري حتى الآن أنه خارج الحسابات ,أللهم إلا إذا تم تفصيل دور جديد له في المرحلة القادمة وهو أمر متوقع - ..مأزق دارفور في أحد جوانبه أبناءها القياديين الذين يأتي بهم المركز ليرمزهم ترميزا تضليليا بأن يعينهم في مواقع المسئولية ومن ثم يحركهم كقطع الشطرنج ,لتنفيذ برامجه كمركز ,أو أولئك الذين مثلوا أحد ركائز الحركة الإسلامية كما مثل غيرهم ركائزا للطائفية من قبل ,وبعضهم لا يزال على غيه وضلاله القديم في الحركة الإسلامية والقوى الطائفية ..وهنا يبرز سؤال من شقين : هل بالإمكان الوثوق بهؤلاء ,على أساس أن تكوينهم الفكري كطائفيين أو إسلامويين تمت إزاحته لصالح فكرة دارفور نفسها كوعاء يتعايش فيه العرب والأفارقة ,أم أن الأجندة التي ينطوي عليها الخطاب الإسلاموي ,بما يتصف به هذا الخطاب من رفض وقمع وإقصاء للآخر المختلف ..وبما يختزنه هذا الخطاب من إستبداد يمد جذوره في الوجدان الثقافي الإسلامي ,الذي تتطابق فيه مفاهيم العروبة مع الإسلام - لتشكل طريقة النظر إلى الحياة والآخرين..هل سيخرج لنا هذا الخطاب لسانه واضعا إبهاميه على أذنيه لنكتشف بعد فوات الأوان أن الترابي سوق لنا النبيذ القديم في قنان جديدة..أعني إعادة إنتاج تجربة الحركة الإسلامية في جغرافيا أخرى هي دارفور?..
لا أرغب هنا في تقديم نبوءات ,لذلك سأركز على الشق الأول من السؤال ,وهنا لابد لنا من إستعراض تجربة داؤود بولاد كما تعرض لها شريف حرير في أحد مقالاته أو ملابسات تأسيس حركة تحرير السودان

حركة داؤود بولاد 1991 :

ولد داؤود يحي بولاد عام 1952 . ودرس القراءن في اسرة تنتمي الى قبيلة الفور , في جنوب دارفور . بالقرب من مدينة نيالا . ومثل كل السودانيين شهادة ميلاده بتارخ تقديري 1/1/1952 وهي لابد قد قدرت بواسطة طبيب بعد سنوات من ميلاده . وقد بدا بولاد مسيرته التعليمية عام 1959.
تربى بولاد في اسرة أنصارية
يمثلها حزب الامة سياسيا .. هوية بولاد تمت صياغتها خلال سنوات حياته مع اسرته . في دارفور حيث تعلم لغة الفور . ونشا في طائفة دينية سياسية , وتعلم اللغة العربية كلغة ثانية له . خلال دراسة القراءن عن طريق الحفظ , ونظام التعليم القومي , بعد اربع سنوات من التعليم الابتدائي نافس بولاد لدخول المرحلة المتوسطة في 1963. حيث درس فيها اللغة العربية والتربية الاسلامية والحساب وتاريخ السودان الحديث وتاريخ اوروبا ايضا !..لقد خلق كل ذلك صراعا لا يمكن تفاديه , بين الافكار والاراء المحلية في الثقافة الفوراوية الام والتراث القبلي . والافاق الجديدة , التى فتحت في المرحلة المتوسطة .
يمكن وصف الاطار العام , الذي كان يعمل فيه بولاد , حتى لحظة وقوعه في قبضة زميله الحزبي السابق الطيب سيخة حاكم دارفور في اواخر العام 1991 . بانه اطار معقد . اولا هويته كشخص من قبيلة الفور , نظام تعليمي موصل الى هويته القومية .. احبط بولاد مثل اغلب المتعلمين في دارفور بالطائفية . لذلك بدا يبحث عن بديل اخر في الساحة السياسية , وبحكم اصله من الفور , اختار بديلا يلبي قناعاته الدينية , واعتقد ان الاخوان المسلمين هم هذا البديل . وقد تمت عملية ضم بولاد وعدد كبير من ابناء جيله , الى عضوية الاخوان المسلمين , بواسطة اساتذتهم في المتوسطة .
واثناء فترة حكم نميري مابين 69 - 1985 اصبح بولاد من ابرز قيادات الاسلام السياسي , وصار رئيسا لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم , وهو طالب بكلية الهندسة . وتدرج بولاد الى اعلا المراتب بحكم المعايير التنظيمية الداخلية . وفي عام 1978 . عندما تم توقيع اتفاقية المصالحة الوطنية , عمل بولاد مباشرة مع الترابي وعلي عثمان محمد طه .
تخرج بولاد من الجامعة عام 1978 , متأخرا عامين بسبب نشاطه في التنظيم , بعد تخرجه اختار العودة الى بلدته نيالا في جنوب دارفور . واقام ورشة نجارة بمساعدة من بنك فيصل الاسلامي . وظل بولاد نشطا في الحركة الاسلامية . وفي الفترة من87 - 1989 خرج بولاد من عزلته البديعة , وكان عليه خوض حرب بقاء قبيلته , عندما تحالفت 27 قبيلة عربية ضد الفور , وشنت حرب ابادة وتطهير . عرقي ضدهم . وذلك بتخطيط من حكومة المركز , التي ضمت حزبه وقتها وتحالف الامة والاتحادي .
في 1989 قام زملاؤه بتدبير انقلاب 30 يونيو 1989 . وفور سيطرتهم على السلطة , غادر بولاد السودان ليعود اليه ( في خور قمبيل ) في اواخر 1991 , كقائد لاحدى قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان . لمحاربة زميله السابق , حاكم دارفور " الطيب سيخة" , الذي قام بجمع قوات الجيش والاعداء المحليين للفور ( الذين يعرفون بالعرب الفرسان ).
ظهر بولاد في شريط فيديو عرض في التلفيزيون السوداني
وهو في حالة من التعب والارهاق , بسبب التعذيب .. وقد وعدوا بمحاكمته بتهمة الخيانة . لكن فعل رفاقه الايديولوجيين العكس . اذ فضلوا القضاء على هذه الظاهرة المحرجة لهم قبل اتاحة الفرصة له للعيش , والدفاع عن نفسه حتى لو كان ذلك امام محاكم (الكونقرو) التابعة للاسلاميين السودانيين . في الخرطوم اليوم .
لقد وضع بولاد وجيله , الذي حاول تنفيذ مشروع الوسط للوحدة الوطنية عن طريق الاسلام السياسي , في امتحان صعب . لقد كانوا ينتظرون الحكومة ان تقوم بدور لمنع تدفق السلاح الليبي , ووضع حد لاعمال المعارضة التشادية وحلفائها من القبائل الرعوية المحلية . لكن بدلا من التعامل مع هذه المشاكل , عملت الحكومة على تكوين المليشيات القبلية من القبائل العربية الرعوية , ومدتهم بالسلاح . الذي استخدم ضد الفور .
وقد تطورت هذه المليشيات فيما بعد الى قوات " الدفاع الشعبي " , وبدأوا في احتلال قرى دارفور وتسميتها " مناطق محررة " . لقد تمت هذه المؤامرة الكبرى بواسطة العرب . ضد المواطنين الاصليين غير العرب في دارفور . عن طريق حدود دولية ومساعدة عسكرية من قوة اقليمية , لها قوة اقتصادية كبيرة . ونزعة قومية عربية . والحكومة السودانية التي تسيطر عليها صفوة الوسط , لم تفعل شيئا ازاء ذلك .
وباقامة العرب لتنظيم يضم 27 قبيلة عربية وتحديدهم لاهدافهم المتمثلة في محاربة المجموعات غير العربية " الزرقة " , لحماية مصالحهم وسياساتهم التي تهدف لنشر الثقافة العربية . اتضح لبولاد بجلاء مدى التفرقة بين ابناء البلد الواحد , او اولاد العرب من جانب والنوبة والجنوبيين والفور من الجانب الاخر .
في هذا المناخ المعين , اكتشف بولاد وجيله , ان الاشكال المتعددة للاسلام السياسي , قد استغلت لتمكين القومية الشمالية , التي تعبر عن الوسط . . اول مؤشر لبداية البحث عن الذات , عند جيل بولاد . حدث عام 1988 عندما انتقل اثنان من ابناء دارفور من الجبهة الاسلامية القومية الى الاتحادي الديموقراطي . وقد كان بولاد صامتا حتى جاءت الجبهة الاسلامية بانقلاب عسكري في 1989 . فغادر بولاد السودان عبر مطار الخرطوم , لكي يعود بعد عام الى جبل مرة , قلب اقليم دارفور . كقائد لاحدى فصائل الجيش الشعبي لتحرير السودان .
على حطام " العنصرية المدعية " , ماتت النزعة القومية العريضة لبولاد , وترك في مكانه الاساس الانتماء الوطني لهويته الاصلية " الفور " (1) ...

حركة تحرير السودان :

شهدت الفترة التي تلت مقتل بولاد الكثير من حوادث الاحتراب القبلي , في ارجاء عديدة من دارفور . وقد الت الى تشكيل نهائي في الحرب الحالية , الدائرة منذ 1989 .حيث تصاعدت اعمال حرق القرى , وقتل المواطنين , وبروز اتهامات للحكومة بضلوعها في هذه الاحداث : ( جبل مرة / الفور )- الجنينة / المساليت ) . وتاجيجها للصراع بموالاتها لاطراف ضد اخرى .وحينما بلغ الانفراط الامني اشده , تم عقد مؤتمر صلح في الفاشر , واثناؤه تم احتلال قولو في جبل مرة من قبل " نهضة دارفور " , التي رفعت علمها ايذانا ببدء الكفاح المسلح .. شكل مؤتمر الصلح لجنة لمقابلة المظالم . ومع سير هذه المفاوضات قامت الحكومة بمهاجمة قولو , مما ادى لتعنت محاربيها ورفضهم الحوار . كانت تلك محاولة مضمونة النتائج , من جانب الحكومة لاجبار المحاربين بالمضي قدما في حربهم . وهذا ايضا تاريخ لمرحلة جديدة , للمواجهة العسكرية بين الحكومة وحاملي السلاح , في جبل مرة . وقد سارعت الحكومة في البداية للبحث عن مسوغات لهذه الحرب .بان المحامي / عبد الواحد محمد نور , من ابناء زالنجي " شيوعي". مما يعني ضمنيا مشروعية مجاهدته ومحاربته . ورغم دعاوى الحكومة بوصم المحاربين ضدها ب " الفيلق الشيوعي " بادر الدكتور خليل ابراهيم " زعيم حزب العدالة والمساواة " من مقره بالمانيا , معلنا ان حركته وراء هذه الاحداث . . ومضى في التعريف بحركته . بمسعاها في انهاء " الاستعمار المحلي " , وبانها حركة قومية تسعى لخير كل السودان . . كما نسب الحزب الفيدرالي السوداني , هذه الحركة ايضا اليه . في بيان تلاه الدكتور شريف حرير , نائب رئيس الحزب .
اصدر محاربو جبل مرة في مارس 2003 بيانا ممهورا باسم سكرتيرها اركوي مناوي , اعلنت فيه تغيير اسمها الى حركة تحرير السودان . ورغم سيادة الجو
التفاوضي في مؤتمر الفاشر لحل الازمة , الا ان الحكومة بادرت بضرب معاقل الحركة .وقد ردت هي باحتلال الطينة , مما دفع علي عثمان محمد طه , للتصريح باستخدام السلاح دون غيره لحسم المعركة . وفي 25/4/2003 قامت الحركة بشن هجومها على اهداف عسكرية في الفاشر , وتلى ذلك هجوم لاحق على مليط . . ارخت هذه الفترة الى نقل الصراع الى مناطق امنة نسبيا , وبعيدة عن مواقع الصراع القبلي التقليدي . وفي يوليو 2003 قامت قوات الحركة بضرب اهداف عسكرية في كتم , وعلى اثر ذلك تحركت قوات الحكومة بعدتها وعتادها . كما سلحت المليشيات العربية , واطلقت لها العنان بالعيث فسادا في المدينة ونهبها وقتل وترويع الامنين من اهلها الابرياء , الذين دفعت بهم للسير الافا الى الفاشر طلبا للحماية .
تمثل احداث كتم مرحلة جديدة للصراع الدائر في دارفور , بلجؤ الحكومة لسياسة هي ادرى بها , بتسليح القبائل " المليشيات " ودفعها للحرب نيابة عنها . وهو امر ليس بجديد عليها . على الرغم من ادراكها لتداعيات مثل هذه السياسات , على البنيات الاجتماعية والمعيشية والعلائق بين ابناء الاقليم . الواحد . مستقبلا (2) ففي تاريخ السودان القديم والحديث هناك الكثير من حالات الجنجويد , استخدمتهم السلطات الحاكمة في جيوشها النظامية , وكقوات صديقة . للحرب عنها بالوكالة , مجندة اياهم من شتى بقاع السودان . فالجنجويد نجدهم في جيش اسماعيل باشا الغازي للسودان عام 1821 , وفي صفوف الجيش الانجليزي المصري في حربه ضد القوات المهدوية , وليس ادل على ذلك من صور مقتل الخليفة عبد الله التعايشي في ام دبيكرات , وهي مصحوبة بصور لجنود سودانيين " سود البشرة " . ونجد الجنجويد ايضا ضمن القوات الانجليزية الغازية لدارفور عام 1916 وفي صور مقتل سلطانها بعد عام . وذات القوات كانت يوم مقتل السحيني عام 1921 وحديثا نجد الجنجويد ضمن القوات العربية , التي جندتها حكومات سودانية متعاقبة , للحرب عنها في جنوب السودان . كما نجد الجنجويد في افراد من القبائل الجنوبية الاصل جندتهم الحكومة لمحاربة الحركة الشعبية .
وجنجويد دارفور اليوم , هم امتداد لذلك الارث غير الناصع للدولة , حينما تلجا في لحظات ضعفها لخلق كيانات موازية , لجيشها النظامي . للحرب عنها بالوكالة . ان التجمع العربي باستخدامه للجنجويد في " حربه المقدسة " ضد القبائل غير العربية , بمعاونة الحكومة وتسببه في هذه الكارثة الانسانية , التي تعانيها دارفور , يعبر عن قصر نظر المجموعات العربية في دارفور . والحكومة المركزية معا ...
تأسيسا على ما سبق لا يمكننا- في تقديري -قراءة خليل إبراهيم خارج هذا الإطار العام لتجربة بولاد وتحرير السودان ..
إذ مر الرجل بذات الصراعات وما أفضت إليه من تحولات في فهمه لقضايا شعبه وربما يكون قد توصل إلى ذات النتائج التي توصل إليها أسلافه في سوني واللهيب الأحمر ونهضة دارفور ومن ثم وجد ضالته في الخطابات التي تبحث في صراع المركز والهامش والتي مثلت إطارا نظريا لحركته وهواالإطار النظري الذي كان مفقودا لما سبقه من حركات وتجارب لعبت دورالخبرة التي يمنحها التراكم التاريخي في بناء حركته والحركات الأخرى,إلى جانب الدور الإلهامي الذي لعبته الحركة الشعبية بتجربة وشخصية قرنق..
تضاف هنا مستجدات عامة تتعلق بظروف وأوضاع العالم الحالي الذي يعيش فيه خليل ,فهو عالم ليس كما يبدو..تتشابك فيه ثورة تطور وسائل البث المباشر مع الثورةالحقوقية مع علم الإنسان الديني مع المصالح الإقليمية والدولية..وفي هذا المزيج المعقد تبرز قضايا الخصوصية الثقافية كعامل أساسي في صراع السلطة والثروة بين الأقلية المستبدة والأغلبية المستضعفة..
غني عن القول أن الثقافة مدخلها اللغة..وإذا كانت اللغة العربية والإسلام(على الطريقة الدارفورية)يمثلان القاعدة التي تنهض عليها المشتركات الثقافية بين دارفور والشمال فإن ذات المشتركات (اللغة والإسلام) لم يشكلا قاعدة للوحدة بين دول الخليج مثلا,بما لها من قرب للعروبة أكثر إلى جانب الإشتراك في الدي و"لهجة اللغة"فضلا عن اللغة العربية ذات نفسها,ومع ذلك لم تشكل هذه العوامل في ظل سيادة الدولة القطريةعوامل حاسمة لتكوين دولة قومية إندماجية ..من جهة أخرى نجد أن المشتركات التي تربط دول كالعراق وسوريا والأردن ولبنان وفلسطين-خاصة أن هذا الجزء من العالم العربي إلى جانب مصر وجزيرة العرب من لغة ولهجة وعقيدةوعروبة إلى جانب الرمزية العقدية لأرضهم كمهبط للديانات والرسل ,فهذا الجزء من العالم كما هو معلوم هو المسرح التاريخي للديانات السماوية المعروفة وقاعدة إنطلاقها وتوسع غزواتها وفتوحاتها ,وأكثر من ذلك قرابتهم للنبي العربي لاشك فيها عند مقارنتها بقرابة مدعاة كما يحدث في السودان-أي شخص بإمكانه أن يكتب لنفسه شجرة نسب فهذا أمر سهل - ومع ذلك لم تؤدي كل هذه المشتركات في الثقافة والتاريخ لم تؤدي إلى أي شكل من أشكال الوحدة بين سوريا والعراق ولبنان والأردن مثلا..على الرغم من أن فكرة الدولة القومية (فكريا)نهضت في هذه المنطقة وتلقفتها مصر(سياسيا)فيما بعد ما تمخض عن التجربة الناصرية بزخمها الإعلامي الكبير الذي وظف في خوض أوسع حرب نفسية شهدتها المنطقة ضد اليهود لينتهي كل ذلك إلى كامب ديفيد1973 ..ذلك الزخم الإعلامي والسياسي لمصر الناصرية أو عراق البعثيين أو سوريا العروبة أو ماتلعبه السعودية كجغرافيا تشتمل على الرموزاالعقدية للمسلمين..كل ذلك لم تترتب عليه وحدة..بل تجربة الوحدبين مصر وسوريا سقطت عند أولى المحكات منذ البداية..إنتصرت الدولة القطرية لإكتشافها عملياأن مصالح شعبها فوق كل إعتبار ثقافي أو عرقي أو ديني يربطها بالإقليم..وفي ذات حدود الدولة القطرية نفسها كالعراق مثلا لطالما تعالت أصوات الأكراد والعراق البعثي السني لا يمثل طوائف مثل الشيعة والسنة,إلى آخر المعتقدات والعقائد والسحنات ..وهو ما يحدث في سوريا العروبة ولم تنجو منه مصر الفرعونية..وهناك في شمال إفريقيا تنهض قضية الصحراءالغربية بقيادة البوليساريو..هذا هو الحال العام للإقليم الذي ترقب الأقلية(العربية - جزافا)في السودان ربط مصير الأغلبية"السودانية" به..أما على مستوى العالم فإن تجربة الوحدة القسرية في مشروع الدولة الأممية الذي قادته روسيا البيضاء فأخضعت كل ما عرف بعد ذلك بالإتحاد السوفياتي لأكثر من 70سنة هي أطول من عمر سودان ما بعد الإستقلال..نجد أن هذه التجربة أيضا فشلت .. لماذا?..أيا كانت التصورات حول ذلك فقد لعب عامل الخصوصية الثقافية( بما في ذلك اللغة واللهجة والسحنة)دورا أساسيا في تفتيت إتحاد الجمهوريات السوفياتية ودول شرق أوروبا أو ما كان يسمى بالمعسكر الشرقي إلى جانب الإتحادالسوفياتي السابق...
فعلى أي شيء يراهن مركز السودان العربي في مشروعه القسري بتوجهاته العروبية ..لا أحد يستطيع إنكار أن العروبةوالإسلام جزء لايتجزأ من سودان التنوع الكبير .لكن ذلك لا يعطي هذا الجزء حق الهيمنة والسيطرة على بقية الأجزاء الأخرى ..لذلك من المهم جدا التأكيد هنا,أن مركز السودان إذا كان حريصا على الوحدة عليه مراجعة خطابه المركزي (وأعني هنا بخطابه المركزي حاصل جمع أطروحات كل قوى السودان القديم وأطروحات روافد هذه القوى)فالأمر لن ينحصر في تقرير مصير الجنوب أو دارفور..وأتصور أن أوان التواضع على دولة المواطنة وإحترام القانون والرعاية الحقيقية لمصالح كل السودانيين لم يفت بعد..فالرهان على المشتركات الثقافية رهان خاسر وربما يعجل العزف عليه بالإنفصال,فالسؤال البديهي:أي مشتركات هذه لم تمنع المركز من إنتهاك حرمات دارفور.المشتركات التي لا تقف بوجه الإبادة والإغتصاب وأعمال الحرق والنهب لا حاجة لأحد بها..فهي مشتركات زائفة ولم تتأسس على حقائق الواقع..
إذن لا زلنا نراهن على ذلك الضوءالضئيل في نهاية النفق,يتمثل في أن يفاجئنا المركز بتعقل يخذل كل التوقعات القائلة ببؤسه التام وأنه لا يرجى منه,أن يفاجئنابالإعتراف بكل جرائمه البشعة في دارفور وأجزاء السودان الأخرى على الأقل منذ الإستقلال وحتى الآن..كمدخل لعملية نقدية تفحص معتقداته الذاتية فحصا شاملا فما يعتقده هذا المركز عن نفسه هو الذي أودى بالسودان إلى هذا الدرك..لذلك يجب أن تتسق رؤيته لنفسه مع الحقائق الموضوعية لسودان التنوع والتباين..
الدولة الأمريكية لم تصبح بهذه القوة والإزدهار,إلا لأن الآباء المؤسسين أدركوا منذ اللحظة الأولى لأمريكا ما بعد الحرباالأهلية ضرورة أن تتأسس دولتهم على حقائق الواقع,ومن هنا كان التمييز الإيجابي لتعويض الهنود الحمر والبلاك عن ما حل بهم من ظلم ,فكان الإحتفاء بالتنوع وتحويله لطاقة خلاقة صاغت وجود الدولة الأمريكية المبدعة والغنية والقوية والحرة بإنسانها الحر الذي لاتشغل باله أسئلة العالم النامي اليومية فقد جاوب سيستم الدولة على كل أسئلةالصحة والتعليم والسكن والمعيشة,أللهم إلا أن يكون هناك ما يمنع قانونا حصولك على هذه الحقوق..
التنوع سلاح ذو حدين فبقدر ما هو طاقة بناء إيجابية,يمكن أن تحوله طريقة التوظيف السالبة إلى طاقة هدم ,فهل يعي المركزيون الدرس الذي وقف مسلحا على أعتاب حاضرتهم المجيدة في العاشر من مايو مبشرا بكيغالي وكوسوفو مستقبلا??.
يتم تصنيف الأفارقة في السودان المركزي بأنهم عبيد وزرقة وفروخ عليهم ألا يتطاولوا على أسيادهم العرب..ولهذه التصانيف تصريفاتها العملية غير المعلنة على مستوى مؤسسات الدولة,الشيء الذي يفسر تركز التعليم والسلطة والثروة ومواقع القوة في الشماليين وحلفائهم العرب ما ترتب عليه تدني مستوى حياة سواهم..أعني حياة غير العرب,الذين في الواقع السودان بلدهم الأصل ولم يأتوا إليه نازحين من بلد أخرى بحثا عن الكلأ والماء,أو هاربين من مشانق القبل الأربعة التي نصبها الأمويين ومن بعدالعباسيين..فكيف يتقبل السكان الأصليين أن يكونوا منبوذين في وطن أسلافهم?..يمكن لأي فرد من أفراد صلاح قوش لا يمتلك"سحنوميتر"تمييز سحنتهم قبل أن يصيح يا ابن السوداء?..ما الذي يجبر هؤلاء العبيد الزرقة الإستمرار مع الجلابة المركزيين في دولة واحدة..في ظني لا شيءهؤلاء المهمشون في دارفور,يرون-وكثيرة هي الأشياء التي يرونها كل يوم- موارد البلاد تتحول إلى أرصدة الأحساب وأولي الأنساب ..ويستغل جزء منها لتمويل الجمعيات القبلية مثل"بنجد"الجمعية المخصصة لقبيلة قوش..وما شابهها من مؤسسات قبلية وأسرية-على فكرة من هم العنصريون?- لمسئولي المؤتمر الوطني..
يجب أن يكون هناك وعي حقيقي بدروس التاريخ المعاصر في الإقليم والعالم..خاصة تاريخنا المحلي الذي أنتج كل هذه الحروب ..ومن هنا ليس كافيا التضامن مع دارفور ,إذ يجب أن ترافق ذلك خطوات ضغط عملية من قبل القوى الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني أليست هي-كما هو مفترض-أجهزة ضغط سياسي وإجتماعي..
ما يحدث في دارفور مسئولية الجميع بما في ذلك الحركة الشعبية لن ينجو منه أحد ,ولطالما أن هناك جريمة فلابد من وجود مجرم فمن هو المسؤل?..والمجرم في حالة دارفور هو المجرم نفسه في حق كل السودان منذ الفجرالشاحب للإستقلال المزعوم-فهذه بلد كل شيء فيها يقوم على المزاعم- إذا كان أبطال بعض الجرائم موتى الآن فهناك من لايزالون على قيد الحياة..كما أن أبناء الأبطال الموتى وأحفادهم الأحياء لابد لهم من قبول التركة كاملة ..لا يعقل أن يرثوا الثروة والإمتيازات من أجدادهم-الذين ينهض هنا سؤال حول الكيفية التي صنعوا بها هذه الثروة كيف سمح لهم الإستعمار التركي المصري ثم الإنجليزي المصري ببناء هذه الثروات وما هي أسباب منحهم هم دوناعن عباد الله المهمشين الإمتيازات ومن ثم توريثهم السلطة ليسيروا فينا سيرتهم المعروفة منذ 1956 ما المقابل الذي دفعوه للأتراك والمصريين ومن ثم الإنجليز:يجب أن نتحدث عما حدث فعلا في تاريخ السودان.. من هي المجموعات التي تعاونت مع الغزاة وشاركت معهم في القضاء على الممالك والسلطنات كالفونج ودارفور..وما تأثير ذلك على جهاز الدولة بعد الإستقلال,وهل له علاقة بأن ترث حكومات ما بعد الإستغلال جهاز دولة إستعماري تم تصميمه على القضاء على السكان الأصليين ,وفي أحسن الفروض الإبقاء عليهم كقوة بشرية لخدمة هذا الجهاز فحسب, وكأدوات لتنفيذ مطامح المجموعات المركزية منذ كانت مجرد مجلس شيوخ قبائل وأعيان وأفندية ..
-ما يهم هناأنه لم يعد ممكنا وراثة ماهو جيد والتملص من الجرائم التي صاغت هذا الذي يبدو جيدا..هناك مسئولية أخلاقية تاريخية.. فطالما أن هناك مجموعات مركزية ورثت جهاز الدولة بكل إمتيازاته المادية والمعنوية وورثت إلى جانب ذلك المفاهيم الإستعمارية ..الأخلاق تقتضي أن يمارس المستنيرين في هذه المجموعات ضغطا حقيقيا بدلا عن إستنفاد الوقت في التساؤل عن من هم الجلابة وتعريف الجلابة ..ومن هو المركز وتعريف المركز.. فالجلابة تعرفونهم بثمارهم :سودان المهمشين والحروب..تجدهم في كل الأحزاب..كأن عقل جمعي يحركهم أوليس هذا ما كشفت عنه الأحداث الأخيرة ,يقول الواحد منهم : نحن لسنا مؤتمر وطني ولكنا جميعنا اليوم مؤتمر وطني?..مالكم كيف تحكمون?..
هذا السودان فيه شركاء آخرون"أصليون" وثوراتهم في مناطق الهامش هي ثمرة وعيهم لذاتهم ,فإن أراد المركزيون وطنا موحدا عليهم أنيعوا حقيقة ذاتهم أيضا,فهم بحاجة لمراجعة نقدية كاملة لتجربتهم وثقافتهم وتصورهم لأنفسهم ,وهي حاجة عاجلة فالمهمشون الذين يموتون كل يوم ليس لديهم وقت..



#احمد_ضحية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاسلام السياسي وثقافة الفتنة - لحلقة الاخيرة من المثقف والس ...
- الكتلة التاريخية والمركزيات الاتنية في السودان
- حول أزمة المثقف والسلطة ووحدة قوى السودان الجديد
- حول المثقف والسلطة في السودان
- علاقة المثقف والسلطة ومخاض السودان الجديد
- المرأة السودانية وتجربتها مع السلطة السياسية
- الحكومة السودانية الجديدة: بين مطرقة التحديات الانتقالية و س ...
- الحكومة السودانية الجديدة : أجواء ملبدة بالغموض والحذر ...
- التحول الديموقراطي ووضعية المرأة في السودان بين مواثيق حقوق ...
- عرض كتاب : جون قرنق - رؤيته للسودان الجديد واعادة بناء الدول ...
- قراءات في بنية القصة السودانية
- أحزان الذي لم يكن أنا ..
- قالت شهرزاد
- الفصل الثالث - دارفور : حول جذور الازمة واسبابها ومآلاتها ..
- الخاتم عدلان , في رحاب الله ..في وداعة الحزن : مرثية لضياء ن ...
- دارفور : حول جذور المشكلة واسبابها ومآلاتها .. الفصل الثاني
- دارفور :- حول جذور الازمة , و أسبابها ومآلاتها
- قصص قصيرة : خوف
- مشاهد
- ثقافة الاستبداد .. حجب الحوار المتمدن


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - احمد ضحية - دارفور..على ضوء أحداث مايو..لحظة تحول في تاريخ بلد واحدة,أم قصة بلدين(1-3)..