أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مازن لطيف علي - التربية على المواطنية















المزيد.....

التربية على المواطنية


مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 2275 - 2008 / 5 / 8 - 10:38
المحور: المجتمع المدني
    


عرض : مازن لطيف علي

لايزال مفهوم المواطن يشكل ركيزة من الركائز النظرية للنظم الديمقراطية التي تنتجها الدول الحديثة..لكن المواطنية ليست حالة طبيعية معطاة بحيث تولد مع الإنسان في فطرته بل إنها مجموعة من الصفات التي يكتسبها الإنسان بالتربية والتعليم والممارسة..هذا يدل أن المواطنية هي حكماً مشروع تربوي..لذلك يجد الباحثون والمختصون أن التربية على المواطنية تشكل مكوناً من مكونات النظم التربوية في الدول الديمقراطية ..

في الكتاب الصادر حديثاً عن دار الطليعة "بيروت 2007" (التربية على المواطنية وشروطها في الدول المتجهة نحو الديمقراطية ) يبدأمؤلف الكتاب ( الدكتور أدونيس العكرة) بتوضيحات تمهيدية للتربية على المواطنية التي ترتكز على محورين ,الوطن والإنسان المنتمي إليه , والتربية المدنية , والتربية على المواطنية التي يجد المؤلف ثلاثة مفاهيم متراكمة : مفهوم المواطن , ومفهوم المواطنية, ثم مفهوم التربية على المواطنية..فالمواطن بالمعنى الذي تستند إليه عبارة "التربية على المواطنية " هو الإنسان الذي يجمع في ماهيته البعدين السابقين , بالإضافة الى البعد الجوهري الآخر"البعد القانوني السياسي ".. أما المواطنية فهي الوضعية القانونية التي يتخذ الفرد بفضلها ماهيته كإنسان سياسي بحيث تمنحه صفة تشريعية أصيلة من شأنها أن تلقي على عاتقه دوراً معيناً في آلية الفعل السياسي الذي تجري بمقتضاه الحياة العامة ضمن إطار الدولة ..إن هذه الوضعية هي حاصل تاريخ طويل ومستمر صنعته ثقافات الشعوب وتجاربها في تنظيم مجتمعاتها وإيجاد أفضل الصيغ والشروط الآلية الى ضمان أسباب البقاء، وتحسين الحياة المشتركة .. فالمواطنية الى جانب كونها وضعية محددة الأطر القانونية والأسس النظرية، هي أيضا مثال ومرتجى من جهة ما هي قائمة على مجموعة من المبادىء والقيم التي تحكم أنماط السلوك ، وقواعد التصرفات والأفعال، وأصوات العلاقات العامة بين الأفراد من ناحية ، وبينهم وبين المؤسسات من ناحية أخرى.. فالتربية على المواطنية تركز ليس فقط على محبة الوطن وتشجيعها وتنميتها وليس فقط على فضائل التقيُد بالقوانين والواجبات وممارسة الحقوق المدنية ، وإنما تركز أيضا وبشكل رئيس على توعية المتعلم على مبدأ السلطة وعلى أن يكون المواطن هو مصدر السلطة، وعلى أن موقعه هذا هو حق له وممارسة واجب عليه من خلال الدور الذي يقوم به في إنتاج القوانين من جهة ما هي تعبير عن الإرادة العامة التي يشكل فيها المواطن جزءاً لايتجزأ منها.. يستنتج الدكتور العكرة في هذا الفصل أن المصطلحات الثلاثة لاتدل على ثلاثة مواضيع مستقلة او ثلاثة مواد تعليمية مختلفـة ، بل تدل في الواقـع على مادة واحدة وشاملـة ومتكاملة يصطلح عليها المؤلـف تسـميـة "المدنيـات" تسـهيلاً للـدلالة عـلى وحدتهـا وشموليتـها.

المواطنية في تجلياتها:

المواطنية ليست مقولة عقلية مجردة ، ولاهي واقعةجامدة ، أو خلقة طبيعية معطاة بكيفية نهائية ..أنها فعل إنساني مستمر البحث عن حقيقته في مسار تحققه الوجودي بصورة دائمة التجديد، يصل المؤلف الى حقيقة أن الإنسان"كل إنسان"بصفته كائناً بيولوجياً موجوداً في الطبيعة ينطوي على مجموعة من الحاجات والمصالح والرغبات الطبيعيـة، هي بمثابة حقوق متكونة في طبيعته البشرية وهي يمكن اختصـارها بمقولات الحق بالحياة والحق بالبقـاء الفردي والحق بالبقاء النوعي والحق بالأمـان والحق بالتملك..إن هذه الحقوق تحـدد طبيعة الإنسان ككائن بشري في الحالة الطبيعية، أما الحالة المدنية فمن شأنها أن تفرض على الإنسان الفرد نمطاً مختلفاً من السلوك يتوافق مع مستلزمات الحالة الجديدة ، ويخضع لفروضها وفي هذه الحالة تخرج من الحياة الفردية الى الحياة الجماعية التي يؤسسها ويضع أصولها وقواعدها التوافق والتعاقد بين مجموع الأفراد، وبهذا التأسيس ينشأ المجتمع المنظم تنظيماً ترتضيه الجماعة بإرادتها العامة، إن عبارة "إنسان" تدل على نوع بيولوجي أما عبارة "مواطن" فتدل على هوية سياسية وبتعبير آخر يصبح الإنسان مواطناً عندما ينتقل من وضعيته ككائن من الكائنات الحية في الطبيعة الى وضعية أخرى يكون فيها عضواً في جسم سياسي..أي في جماعة منظمة تنظيماً سياسياً أما من الناحية القانونية يترادف الاستخدام الشائع الى مفهوم المواطنية مع مفهوم الجنسية ومفهوم الهوية، إن لكل مواطن جنسية تعرف عن هويته وتمنحه الصلاحية التي تمكنه من التعريف عن انتسابه الى جماعة بشرية متماسكة ، وضمن هذه الحدود يرى الدكتور أدونيس العكرة أن الإنسان يولد مواطناً أي أنه يولد في هوية معينة يكتسبها تلقائياً بالولادة ويكرسها بالقانون حكماً..فالجنسية هنا هي حق لصاحبها، إلا أن هناك حالات أخرى شائعة تكون فيها الجنسية منحة لحاملها.. تمثل الجنسية صكَ انتساب يحقق لحامله اعترافاً صريحاً بصفة المواطنية ، أي بأنه عضو في الجماعة أو فرد من أفراد شعب الدولة المعينة، غير أن صفة المواطنية هذه تنسب لصاحبها جملة من الحقوق التي تفرضها طبيعة الحياة المدنية العامة ، وتحددها القوانين والمواثيق الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول.

المواطنية في مبادئها وقيمها:

اعتمد د. أدونيس العكرة في الفصل الثالث من كتابه التربية على المواطنية على منهج تفكيكي مكنه من الدخول الى بنيتها الجوانية لمعرفة عناصر تركيبها المكوَن من منظومة مترابطة من المبادىء والقيم التي تحدد خصوصيتها النوعية..من ضمن مبادىء المواطنية"التعاقد-الانتماء-المشاركة" فالتعاقد هو رابطة قانونية تجمع بين طرفين أو أكثر وتستند الى فكرتي الحق والواجب، وأن العقد في مفهوم المواطنية مهم جداً نظراً لما يتضمنه من مفاعيل إجرائية ونظرية تكون جوهر النظام الديمقراطي أما الانتماء فإن الإنسان منتمٍ الى جماعة والى أرض والى هوية، وهذا الانتماء المثلث الأضلاع هو شريط مركب ،صحيح أن المواطنية تستلزم بالضرورة انتماء المواطن الى هوية معينة ومحددة ولكن هذه الهوية بالمفهوم الديقراطي ليست هوية قومية أو عرقية أو دينية او ما شابه ذلك، أنها بالأحرى هوية سياسية تحددها الدولة والنظام السياسي القائم فيها ، أما المبدأ الثالث "المشاركة " من حيث أهميتها وفاعليتها في الحياة المواطنية فيتوقف المؤلف عند ثلاثة يعتبرها نموذجية من حيث مغزاها ودلالتها على ماهية المواطن وهي الانتخاب ، العناية بالشأن العام ، والمسائلة والمحاسبة..هناك العديد من القيم المرتبطة ارتباطاً تقليدياً ومباشراً بمبدأ المواطنية وهي الحرية ، المساواة ، التضامن، الحس المدني، والخلقية المدنية.

الحاجة الى التربية على المواطنية ومشكلاتها:

تختلف الحاجات الى التربية على المواطنية، وتتنوع مشكلاتها والصعوبات التي تعترضها ، باختلاف الدول من حيث موقعها في مسار الديمقراطية، فالدول المتقدمة في هذا المسار والتي مارست الديمقراطية واختبرتها ، نجدها اليوم تشعر بالحاجاة الدائمة الى التربية على المواطنية من أجل المحافظة على مبادئها من جهة ، ومن أجل تحسين أدوات تطبيقاتها وإزالة الشوائب والمعوقات من جهة ثانية.. أما الدول المتجهة نحو الديقراطية او الحديثة العهد بممارساتها ، فإن حاجتها الى التربية على المواطنية والصعوبات التي تعترض سبيلها مختلفة عن الأولى من حيث الأسباب والدوافع ومن حيث الاستعدادات والإمكانيات ومعطياتها الموضوعية ، وخصوصاً من حيث الأهداف والمرامي الظرفية منها والمرحلية والغائية ..يستنتج مؤلف الكتاب د. أدونيس العكرة أن التربية على المواطنية وسيلة نقل تعمل على خطين متراكمين ومتفاعلين : خطها الأول هو نقل المعارف والمهارات الى التلامذة " في العملية التربيوية" من أجل تكوينهم كمواطنين مستنيرين وفاعلين في الدولة التي ينتمون إليها، وخطها الثاني هو نقل الدول نقلاً مستداماً الى مواقع أكثر تقدماً في مسارها الديمقراطي.

مدرسة الديقراطية- ديمقراطية في المدرسة:

يصل د. أدونيس العكرة في الفصل الأخير من الكتاب ليوضح أن التلازم بين التربية على المواطنية والديمقراطية مسألة بديهية ولاتحتاج الى برهان ، وأن بين النظام السياسي والديمقراطي والتربية على المواطنية علاقة تشارط ، بمعنى أن " النظام الديمقراطي شرط لازم لاستقامة معنى التربية على المواطنية وإدخالها كمادة تعليمية في المناهج التربوية ، وهي بدورها شرط لازم لاستمرار هذا النظام وديمومته".. فالديمقراطية حسب وجهة د. العكرة تحتاج الى المدرسة لكي تنشر مبادئها في المجتمع وتترسخ قيمها بين المواطنين وفي أساليب تشاركهم بالحياة العامة ..ومن جهتها فإن المدرسة لاتستطيع أن تؤدي رسالتها من أجل الديقراطية بصدق وفاعلية.. إلا إذا مارست الديمقراطية ممارسة فعلية في تعليمها وأنظمتها وإجراءاتها ونشاطها في تعاملها مع أبنائها ومع المحيط الاجتماعي..وانطلاقاً من هذا المفهوم فإن التربية على المواطنية التي تطمح الى تحقيق غاياتها وأهدافها تستلزم بالضروة إعادة النظر في المفهوم التقليدي للإدراة التربوية ولمهنة التعليم ووظيفة المعلم ومؤهلاته الشخصية والعلمية التربوية ، ولـ"مهنة التلميذ" ووظيفته وما يلزم ذلك حكماً على تعديلات جذرية للمناهج التربوية العامة ولنظام الامتحانات وأهدافها الديقراطية، ومن إعادة النظر في تنظيم الوقت الأسبوعي المناسب لجدوى التربية على المواطنية.



#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يصنع الدكتاتور ؟ .. في خصوصيات الواقع الصعب
- الإعلام العراقي بين الحرية والانفلات
- إنقذوا زهير أحمد القيسي
- الروائي محمود سعيد: المؤسسات الدستورية هي من تتيح ازدهار الث ...
- المخرج العراقي جميل النفس: بعد فيلم (ابو غريب) سأوثّق جريمة ...
- مؤسسة الحوار المتمدن تصدر كتابها الرابع في العراق.. واقع الم ...
- الشاعر عبد الكريم هداد: المتغيرات الجديدة في العراق لن ينجح ...
- القارئ بين الكتاب المطبوع والإلكتروني
- راسم الجميلي.. ذكريات وانطباعات من شارع المتنبي
- بوابة التكوين الذاتي
- الهامشيون وثقافة الحرية
- اقليم كردستان وقانون النفط والغاز
- عرس الماي
- فاتن نور: الهوية الإنسانية هاجسي الأهم،اريدها ان تتصدر إنتما ...
- الحوار المتمدن في العراق
- المرأة في شعر الرصافي
- صدور الكتاب الثالث للحوار المتمدن في العراق -اربع سنوات من ا ...
- دور الحزب الشيوعي العراقي والشيوعيين والقوى الديمقراطية في ا ...
- اهمية موقع الحوار الحوار المتمدن واسهاماته وكتابه الشهري في ...
- هادي العلوي .. حلاج القرن العشرين


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مازن لطيف علي - التربية على المواطنية