أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة - معتز حيسو - إشكالية المرأة في المجتمعات المتخلفة















المزيد.....

إشكالية المرأة في المجتمعات المتخلفة


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 10:54
المحور: ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة
    


تعتبر قضية المرأة أحد الإشكاليات المحورية والأساسية في المجتمعات المتخلفة الخاضعة لمنظومة ثقافية ذكورية بطريركية يهيمن فيها وعي ديني أصولي ، وفي هذه المجتمعات نرى أيضاً بأن غالبية القوانين الوضعية والشرعية المتعلقة بالمرأة تخدم استمرار سيطرة سلطة الرجل وهيمنته على المرأة .
إن وضعية المرأة عموماً تختلف بناءً على موقعها الاجتماعي ، السياسي ، الاقتصادي ، الجغرافي ، و هذه العوامل تساهم نسبياً في تفاوت هيمنة الرجل . وفي السياق الموضوعي للبحث ، لا يمكننا فصل إشكالية المرأة عما يعانيه المجتمع في ظل النظم السياسية الاستبدادية والشمولية ، لأن القهر الاجتماعي والسياسي السائد ... يعاني منه الرجل والمرأة على حدٍ سواء ، أي أنهما يخضعان لسلطة سياسية واحدة تعتمد في استمرار هيمنتها على إخضاع المجتمع بطرائق وأشكال عنفية وقهرية مختلفة ومتباينة. لكن يكمن الفارق في أن المرأة تخضع لقهرٍ مركب ومضاعف بفعل هيمنة سلطة سياسية شمولية / استبدادية توظف العقائد الدينية في استمرار هيمنتها على المجتمع ، إضافة إلى هيمنة الرجل على المرأة وفق منظور بطريركي .ومن البداهة أن لا تخضع الفئات والشرائح الاجتماعية لمستوى واحد من التطور، وبالتالي لدرجة واحدة من التأثر بالمستوى الاجتماعي العام فدرجة الخضوع أو التأثر بالمناخ العام تتفاوت حسب وعي الفرد و مكانته الاجتماعية .
وتأسيساً على ما سبق فإن المرأة في المجتمعات الريفية تعاني من إشكاليات قد لا تعانيها المرأة في الأوساط المدينية و الأوساط الغنية ، ذلك لأن لكل فئة أو شريحة اجتماعية إشكالياتها الخاصة المترابطة في السياق العام مع البنية الاجتماعية العامة المحدَدَة بالبنية الثقافية والاقتصادية السائد، متجلية بأشكال محددة من الوعي الثقافي الاجتماعي .
لذلك نرى بأن المرأة في الأرياف والأوساط الكادحة تشارك الرجل بالتساوي في معظم المستويات والمناسبات ... لكنها تخضع بنفس الوقت لسيطرة مضاعفة من قبل الرجل (أب ، أخ ، زوج .... ) خارج وداخل المنزل ، إضافة لخضوعها لمجموعة من الأعراف والتقاليد الاجتماعية العامة المقيدة لحريتها في قضايا الزواج والطلاق والتعليم .. .
يجب التنويه هنا بأن معاناة المرأة من القهر والتبعية .. تختلف بين ريف وآخر ذلك بناءً على أشكال المنظومة المذهبية والعادات والتقاليد والقيم المعيارية السائدة ، إضافة إلى المكانة الاقتصادية ، الأسرية ، العائلية ...
أما في الأوساط المدينية فإن حجم معاناة المرأة يتأثر بالوضع المادي والثقافي الذي يحدد درجة خضوعها للمنظومة القيمية الاجتماعية. لكن وكما هو ملاحظ فإن المرأة في أوساط الفئات المتوسطة أكثر قدرة على المشاركة في الحياة العامة واتخاذ القرارات الشخصية لكونها تتمتع نسبياً باستقلال اقتصادي عن الرجل مما يعطيها هامشاً أكبر في التحكم بآلياتها الدفاعية ، إضافة لتحقيقها درجات أعلى من التعليم مما يساعدها على ضمان مكانة اجتماعية متميزة تمكّنها من تملّك حريتها بشكل أكبر ، وبطبيعة الحال لكي لا نقع في مطب الإرادوية ، يجب الابتعاد عن تعميم الحالات الخاصة و الفردية على المستوى العام واعتبارها مقياساً معيارياً .
أما فيما يخص وضعية المرأة ضمن الفئة الاجتماعية المهيمنة ذات الامتياز والنفوذ ، فإننا نلاحظ تراجع تأثير القواعد الاجتماعية والمنظومة القيمية المسيطرة والضابطة لآليات الممارسة الاجتماعية ، وبروز منظومة قيمية ومعيارية خاصة . ويترافق هذا مع توفر إمكانية التحلل المعياري الذي لم يعد سمة خاصة لفئة محددة ، بل أصبح سمة اجتماعية تكاد تكون عامة في ظل سيادة ثقافة قانون اقتصاد السوق الحر ، و الانفتاح الفضائي ، وزيادة سيطرة وسائل الإعلام التي تساهم بنشر وترويج الثقافة الاستهلاكية والترفيّة والمظاهرية ، لتتحول المرأة من كائن إنساني ذو قيمة أخلاقية و اجتماعية ترى حريتها في إنعتاقها من المنظومة الاجتماعية القائمة على تكريس الظلم والقمع والاستلاب ... إلى كائن استهلاكي مفرغ من مضمونه الثقافي ، و سلعة رائجة ومربحة في أسواق العرض والمنافسة المبتذلة ، لذلك نرى بأن مفهوم حرية المرأة الرائج حالياً وفي هذا السياق تحديداً ، لا يقوم على أسس منطقية وعقلانية بقدر ما يتشكل على أساس شكلاني ظاهري . ويجب التنويه في هذا السياق بأن الوضع الاقتصادي ومستوى الوعي الشخصي يحدد أشكال الاستهلاك وحدّة التأثر بالوعي الاستهلاكي.
ــ أما فيما يتعلق بأشكال وأساليب القهر والاستلاب الذي تعاني منه المرأة فإنه يمكن التوقف عند:
ــ الاستلاب الاقتصادي و يمكن ملاحظته في القطاعات الإنتاجية والمشاريع الاستثمارية العامة و( الخاصة تحديداً) والتي يتم فيها استنزاف واستغلال المرأة لأبعد الحدود ،و أحياناً توظيفها بأشكال دعائية واستهلاكية مهينة ومذلة ، إضافة إلى وجودها في شروط ومناخات عمل سيئة تتلاشى فيها القيم الأخلاقية والمعيارية.
ــ الاستلاب العقائدي : تخضع المرأة عموماً للمفاهيم والقيم الاجتماعية السائدة التي تعيد إنتاجها وإنتاج ذاتها المستلبة،من خلال تربيتها لأطفالها على أسس المنظومة القيمية والثقافية السائدة الداعمة لاستلاب وقمع المرأة ، ويتم في سياق الممارسة المباشر للمنظومة القيمية انتهاك حقوق المرأة والتقليل من إمكانياتها العقلية وتحويلها لبضاعة تُروّج وفق مواصفاتها الشكلانية.. ومن الملاحظ بأن المرأة المتحررة والمستقلة في اتخاذ قراراتها على أسس عقلانية قادرة على تربية أجيال متجاوزة عقلانياً للمنظومات القيمية السائدة أكثر من المرأة الخاضعة للمنظومة القيمية والمعيارية المتخلفة ، لذلك يجب التأكيد على أهمية وضرورة تحرر المرأة من هيمنة البالي من العادات والمفاهيم الاجتماعية المهيمنة ، وهنا نرى ضرورة التأكيد على أنه لا يمكن تحقيق حرية المرأة في مجتمع يكون فيه الرجل مقموعاً و مستلباً في سياق خضوعه لقيم اجتماعية متخلفة ، أي إن سيرورة تحرر المرأة و الرجل مترابطة في سياق اجتماعي واحد و محدد.
ومن هنا تكمن أهمية و ضرورة التكامل الاجتماعي بعيداً عن التركيز على الهوية الجنسية ، لأن تحرر المجتمع يعني كافة أفراد المجتمع الخاضعين لآليات القمع والقهر ، ولكون المرأة تتعرض لاضطهاد وقمع مزدوج ومركب ، فهي معنية بشكل أكبر في مواجهة المنظومة القيمية السائدة التي تكرس سلطة الرجل و تشكل مصدراً لقوته التقليدية ، ولهذا فالرجل المعبّر عن القيم السائدة لا يساند التغيير الذي يقود إلى تقليص مكاسبه الاجتماعية ، ومن هنا نرى ضرورة مشاركة المرأة في الهيئات و الجمعيات و الأحزاب العلمانية...التي تعمل على تغيير وتجاوز ما هو سائد من قيم معيقة لعملية التطور الاجتماعي .
ــ الاستلاب الجنسي : في هذا المستوى يتم اختزال المرأة من كائن إنساني متكامل على المستوى العقلي والعاطفي والاجتماعي إلى مجرد كائن جنسي خاضع لشهوانية الرجل ، لتتحول الحاجة الجنسية من حاجة إنسانية إلى حالة حيوانية يمارس فيها الرجل ساديته المقموعة في المجتمع المتخلف .
إن اختصار المرأة في حدود الجسد يشكل أحد أوجه القهر والإهانة لشخصيتها الإنسانية في المجتمعات المتخلفة ذات النزوع الاستهلاكية المبتذلة .
وفي هذا السياق فإن انتهاك المرأة لا ينحصر فيما أوردناه بل يشمل تقليص حريتها الاجتماعية والسياسية وانتزاع كافة وسائلها الدفاعية العقلانية والقانونية المشروعة لوضعها في حيز ضيق تكون فيه متهمة بالقصور العقلي الذي يفترض الوصاية ، وإنها يجب أن تتحمل مسؤولية جسدها وتدافع عنه، (وطالما هي قاصرة وضعيفة وجاهلة وقليلة دين وثرثارة وغاوية وفق المنظور العام والسائد ...... فإنها غير قادرة على تحمل مسؤولياتها والدفاع عن نفسها لذلك فهي بحاجة إلى رعاية ووصاية الرجل الذي سيصبح في السياق الاجتماعي مستبداً للمرأة ، والمساهم الأبرز في انتهاك محرماتها التي يطالبها المجتمع بالدفاع عنها). فالرجل في المجتمعات الذكورية يحاول دفع المرأة لارتكاب الأفعال المنافية للأخلاق الاجتماعية والقيم المعيارية إرضاءً لنزعاته الشهوانية ، وبنفس الوقت يطالبها بالمحافظة على عفتها وشرفها وفق المقاييس الاجتماعية السائدة. هذا التناقض الذي يقع فيه الرجل الشرقي أحياناً مرده انحسار تفكير الرجل بالمرأة بوصفها جسداً للمتعة ، وبناءً على ما أوردناه ، فإن انتقاص حقوق المرأة الإنسانية ، وتكريس سلطة الرجل القانونية عليها ، يدفعها لإتباع أساليب دفاعية يفرضها المجتمع الذكوري تتمثل بتوظيف جسدها أحياناً ، وضعفها المصطنع بشكل شبه دائم كأحد أقوى الأشكال الدفاعية في ممارسة سيطرتها على الرجل. إضافة لذلك فإنها توظف أمومتها و واجباتها الأسرية في فرض سيطرتها غير المباشرة على الرجل ، ويأتي هذا في سياق السيطرة القائمة على التضخم النرجسي المتماهي مع أشكال الثقافة البطريركية السائدة .
===========================================



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام الرسمي العربي
- من أجل توحيد اليسار العراقي لبناء الدولة الديمقراطية
- العلمانية
- ظاهرة التضخم
- المعارضة السياسية بين الأنا ووهم الممارسة
- الوطنية في سياقها المفاهيمي والسياسي
- الاقتصاد السوري : على هامش مؤتمر اتحاد العمال
- التناقضات النظرية والسياسية في أشكال الدولة الفلسطينية
- إشكالية الوعي الشبابي
- الأزمة في تجلياتها السياسية والاقتصادية/ تعقيب على نتائج الل ...
- جدلية العلاقة بين الداخل والخارج
- ناشطو مناهضة العولمة في سوريا :واقع وآفاق
- ما العمل
- الجزء الأخير : نقض النقد : متابعة الحوار مع : السيد فؤاد الن ...
- الجزء الثالث : نقض النقد : متابعة الحوار مع : السيد فؤاد الن ...
- الجزء الثاني :نقض النقد : متابعة الحوار مع السيد : فؤاد النم ...
- الجزء الأول :نقض النقد : متابعة الحوار مع السيد فؤاد النمري
- حول نداء اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين
- إصلاح القطاع العام أم خصخصته
- مرة أخرى : الماركسية والماركسيون - تعقيب على الإستاذ فؤاد ال ...


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- المرأة النمودج : الشهيدتان جانان وزهره قولاق سيز تركيا / غسان المغربي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - الثامن من آذار 2008 يوم المرأة العالمي - لا للعنف ضد المرأة - معتز حيسو - إشكالية المرأة في المجتمعات المتخلفة