أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناجي كاشي - المسرح والإحساس الغرائبي















المزيد.....

المسرح والإحساس الغرائبي


ناجي كاشي

الحوار المتمدن-العدد: 2210 - 2008 / 3 / 4 - 07:13
المحور: الادب والفن
    


ان الإحساس ألغرائبي هو الإحساس الناتج عن عجز الذات الأنسانية عن ايجاد الحلول المنطقية للظواهر والاشياء التي تحيط بها ، بمعنى قيام الذات الأنسانية بمواجهة ومجابهة الغيب ، هذه المواجهة تنحو منحا غيبيا أيضا ، ذلك أنها لاتملك من الوسائل الأ أدوات الحس التقليدية ، التي تندحر امام هذه القوى العصية على الفهم ، فيتحول بذلك اهتمام الذات باتجاهها محاولة منها الايمان بالقوى غير المنظورةالتي تترك مؤشراتها وحججها في مواجهة العالم المادي ، ومن هنا ينشا لنا تواشج وترابط متداخل بين الظاهرة ( الغيبية ) مستقلة عن الذات على عدها معطى قائم بذاته ، وبين ( الذات ) المعزولة بغربتها ، محاصرة بعناصرغير منظورة ، تحاول ان تتفاعل معها وتختبرها ، هذا التواشج والترابط الذي بينهما يخلق لنا الاحساس الغرائبي الذي هو (( احساس بالمعنى في الاشياء والقوى غير المنظورة)) (1)والتي تعجز معطيات الحس التقليدية عن تفسيرها وايجاد مبرراتها فيبقى الاحساس الغرائبي قائما على وفق ذلك 0
ان الاحساس الغرائبي الذي تحدثنا عنه يقودنا للتساؤل ، هل ان الفن البدائي كان فناَ غرائبيا بالمعنىالذي حددناه ؟ المدهش و السحري والغريب عن الواقع والمخالف للمنطق العقلي الواقعي ؟ والاجابة عن هذه الاسئلة تقودنا الى الحذر الشديد ، لاسيما اذا اردنا ان نستحضر الفن الغرائبي الحديث الذي كان فناً قصديا جماليا في عالم يتميز بالتقدم العلمي والعلائقي والسببي ، وهنا ينبغي الاشارة الى ان الفن البدائي كان فنا عمليا نفعيا على وفق منطق الانسان البدائي ذاته ، أي ان الطقوس السحرية والوسائل الفنية الاولية ماهي الاوسائل للسيطرة على العالم ، أي التغلب على (الغرائبية) التي تتلبس الانسان في تعامله مع الواقع المحيط ولما كان هذا هدف الفن البدائي فان وسائله هي الاخرى تاتي غرائبية نسبيا ، ذلك لانها موجهة الى ظواهر غيبية غير منطقية 0
اما الغرائبية في الفن الحديث فانها تطمح الى ان تقدم ((هروباً من الواقع التقليدي، غير ان غاية واثر الهروب تتراوحان بين تحقيق الرغبة والاثارة والترفيه الخالص للابتعاد عن اسار المفاهيم التقليدية وبذلك تهيئ موقعا ممتازاً ممكن ان تتحق منه امكانات جديدة)) (2) 0 لقد كان الانسان القديم يقف متسائلا امام العجز الذي يصيب احاسيسه، وقصورها في فك مغاليق مايحيط به من ظواهر، والانسان الحديث هو الاخر يقف حائرا متسائلا امام مظاهر يعجز في التعبير عنها على وفق منطق عقلاني، فيبحث في داخل الذات عن اجابة، متوسلا بالحدس، محاولا الكشف عن الكثير من الخبايا المحيطة به وعلى وفق ما تقدم لابد من وقفة متأملة للعروض المسرحية التي تقترب من مفهوم (الغرائبية) في تقديم العرض السرحي تلك العروض التي تحاول ان تنفلت من اسار التفسيات الطبيعي والواقعي ومحاولة تقديم عرض مسرحي يتقاطع مع (ارسطو ) في تنظيره للمسرحية ، منخلال تفجير العمق لابداعي للخيال الجمالي الذي قالت به الفلسفة الحديثة ومحاول منح الخيال ، الحري المطلقة في التعامل مع الفكر وتجسيده ، هذا الخيال المستند الى فعالي الذات المبدع غير المرتبط بفكر أيدلوجي وأخلاقي محدد والغرائبية بعد ذلك هي النتاج الخالص للخيال الابداعي وهي حصيلة الحرية التي تنعمت بها الذات المبدعة ، أي ان ( ألغرائبية ) هنا هي نتاج ابداعي حر قائم على القصدية الجمالية في تفجير ( ألذات ) القلقة التي تسمو بوعيها على المحسوسات المادية الاقليديسية في لحظة التجلي الابداعي للصورة الغرائبية ، محيلة بذلك الاشياء المادية المعتادة الى عالم اخر ينطق بالغريب ويؤسس قوانينه الفيزيقية بشكل مغاير لكل ماهو مالوف في الواقع اليومي الذي يشكل عاملا اساسيا لقلق الذات ، محيلا ماديتها وثقلها الى شكل اخر غير معهود تتشكل منه الصورة الغرئبية التي نقصد 0
ان الغرابة الحاصلة في العرض المسرحي ليست متاتية من عرض المشاهد المختلفة التي (( ننشئ بها ضمنياً ورمزيا اسطورة ما، ولكنه بوتقة النار واللحم الحق او لنقل تشريحا بسحق العظام والأعضاء والمقاطع، ويعاد تكوين الأوتار وبهذا يعرض لنا من جديد ذلك الفعل الاسطوري في انشاء عرضا ماديا وعلى الطبيعة))3 وهذا ابسط أنواع الغرائبية في العرض المسرحي والتي تنبثق من فعل الخلق الابداعي للاسطورة الحديثة في المسرح والتي تنحو منحا غرائبيا سحريا معبرا ، معتمدا على منطق لاسببي ، محلقة في منطق خيالي ((يعيد تركيب العالم بضرب من قصدية الانحراف عن طريق الامم والمنهج المعتاد انه منطق لاعقلي ، يفضي الى ان الصورة او القصدية تند تماماعن أي برهان يتاتى امكانه الا بان نقيس الفروض و الظواهر والنتائج بمقياس الواقع الخارجي المباشر))4وعليه فان العملية الابداعية للعرض الغرائبي قائمة على عنصر الخيال المرتبط بالذات التي تمتلك القدرة على ان تتصور خلاف نفسها كما يقول ( نيتشه )(5)، وهذا مانجده فاعلاً في العروض المسرحية المخالفه للمنطق الارسطي والمنطق الواقعي ، مثل المحاولات التي قام بها ( كوردن كريك ) و ( أبيا ) و ( مايرهولد ) و ( تايروف ) و ( كوبو ) و ( بسكاتور) و ( برشت ) وغيرهم من المخرجين الذين عمدوا الى مخالفة المنطق الفوتوغرافي في العرض المسرحي والذين مهدوا الطريق فيما بعد للعرض المسرحي ألغرائبي الذي يعد ( انطونين ارتو ) الاب الروحي لمعظم التجارب التي تنتمي اليه والتي قال عنها (( اننا في هذا المسرح فقط يمكن ان نحرر انفسنا من الصيغ المألوفة التي نعيشها في حياتنا اليومية ))(6)لقد كان ( ارتو ) يهدف ان يحقق المسرح الجديد القائم على الخيال الهادف الى تحقيق الاتصال اولا من خلال محاولته في ان (( يعيد الى المسرح تلك الفكرة المسرحية البدائية التي استغلها علماء النفس المحدثون وهي فكرة علاج المريض بجعله يتقمص المظاهر الخارجية للحالة التي يتمنى ان يكون عليها )) (7) من خلال ما تقدم قام ببيتر بروك بتبني افكار ( ارتو ) وتطويرها في مسرح ( القسوة ) فضلا عن تجارب اخرى مثل ( تشابكن ) و ( كانتور ) وغيرههم 0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كولن ولسن ، الانسان وقواه الخفية ، سامي خشبة ، بيروت ، دار الاداب ، ط 4 ، 1982، ص2
(2) ت0ي0ابتر ، ادب الفانتازيا ، مدخل الى الواقع ، تر ، صبار سعدون الصبار ، بغداد دار المامون للترجمة والنشر19980 ، ص2 .
(3) جان دوفينو،سيسيولوجيا المسرح ، تر، حافظ الجمالي ، دمشق ، وزارة الثقافة والارشاد القومي ، 1976 ا لجزء الثاني ، ص 259.
(4) عاطف جودة نصر ، الخيال ، مفهوماته4 ووظائفه ، ص279-280
(5) المصدر نفسه ، ص24
(6)بيتر بروك ، المكان الخالي ، تر ، سامي عبد الحميد ، بغداد وزارة التعليم العالي
(7) سمير سرحان ، تجارب جديدة في الفن المسرحي ، بيروت المركز العربي للثقاف والعلوم، د0ت ، ص100



#ناجي_كاشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هلوسا ت امرأة المتنبي
- إلى عزيز عبد الصاحب في عالمه الأخر
- خطاب العرش
- الصداع ... نص في المسرح
- الطريق إلى الذات ...الطريق إلى المصالحة
- اتذكرين انك كنت !!! الى م . ب مع محبتي
- ناجي كاشي : الخارج من صمته ...
- الصراع مع الشبح
- افق وارحل
- حكاية صورة
- الطريق الى الذات .. الطريق الى الله


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناجي كاشي - المسرح والإحساس الغرائبي