أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - وما زالت دواليب الهواء تدور















المزيد.....

وما زالت دواليب الهواء تدور


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 682 - 2003 / 12 / 14 - 06:20
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


     إنها ليست بموجة، ولكنها أكثر من تماوج. إنها مجرد بداية موجة.

     بدأ يظهر، في الأشهر الأخيرة، تحول في الرأي العام الإسرائيلي، وقد انبثق هذا التحول عن عدة مصادر: التعب من دائرة سفك الدماء المتواصلة، الإحساس بأنه ما من حل عسكري، الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، بالإضافة إلى النشاطات الدءوبة التي تقوم بها حركات السلام الراديكالية.

     تأخذ سلسلة المؤشرات بالتزايد: حركة رافضي الخدمة في المناطق المحتلة، تمرد الطيارين الحربيين، مبادرة أيالون نسيبه، صحوة ضمير رؤساء هيئة المخابرات الأربعة سابقا، الانتقاد الذي وجهه رئيس الأركان، وهذا الأسبوع – التصريحات التي صرح بها ضباط احتياط ضد بقاء مستوطنة نيتساريم في قلب قطاع غزة.

     دفعت مبادرة جينيف هذه التحولات قدما، وأدت إلى وجود صدى دولي لا يستهان به. فقد أضفت مشاركة شخصيات دولية على الاتفاقية الاحتفالية في سويسرا مكانة وفخرا. وقد كان قرار وزير الخارجية الأمريكي والسكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة، استقبال المسئولين بمثابة دعم علني لمعسكر السلام. (كذلك الأمر بالنسبة للترحيب الشخصي الدافئ الذي بثه رئيس ألمانيا، يوهانس راو، على شكل كاسيت فيديو، في حفل منح جائزة السلام لسري نسيبة ولي).

     عندما يتبدل اتجاه الرياح تبدأ دواليب الهواء بالدوران. وهذا ما يحدث في أيامنا هذه. بدأت دواليب الهواء الأكثر حساسية، مثل يوئيل ماركوس من صحيفة "هآرتس"، حيث بدأ بمهاجمة شارون منذ عدة أشهر. لقد تحول هذا الأمر الآن إلى صرعة في وسائل الإعلام. المحللون السياسيون ذاتهم، الذين استخدموا في السنوات الثلاث الأخيرة بوقا تنفخ فيه الحكومة وقيادة الجيش، اكتشفوا فجأة أن كل ما فعلوه في السنوات الثلاث الأخيرة كان بمثابة خطأ فاحش.

     ينتقل هذا الأمر من المحللين إلى الحلبة السياسية. وصوليو حزب العمل الذين هاجموا بيلين وشركاه بغضب عارم، نشروا خطة سلام لا تختلف كثيرا عن وثيقة جينيف. (لم يأبه أي لهذه الخطة). إلا أن الظاهرة الأكثر إثارة للانتباه هي تراجع إيهود أولمرط.

     إن أولمرط، حسب اعتقاد من يتعقب مسيرته السياسية، هو تجل للانتهازية السياسية. إنه يخطط لتزعم الليكود يعد ذهاب شارون الذي يخدمه أولمرط في هذه الأثناء بإخلاص. منافسه الرئيسي، بنيامين نتنياهو، ينتهج خطا عنصريا متطرفا. أولمرط الذي كان هو أيضا عنصريا متطرفا، طرأ تغيير على ذوقه فجأة، فقد صرح هذا الأسبوع بشكل علني تصريحات تتعارض مع فكرة أرض إسرائيل الكبرى، ضد المستوطنين وتأييد الانسحاب، متذرعا بأن استمرار الاحتلال سيحول إسرائيل، لا سمح الله، إلى دولة ثنائية القومية. لم يفَصِّل كيف ستبدو، من وجهة نظره، حدود دولة إسرائيل.

     من الواضح أن أنف أولمرط قد استشعر رائحة التحول في الرأي العام، غير أن من ينتخب المرشح لرئاسة الحكومة هم 3000 عضو في مركز الليكود. كان هذا المركز حتى الآن هيئة عنصرية متطرفة رفضت حتى التنازلات التي قدمها شارون والتي تبدو معتدلة. لقد اتضح بأن أولمرط يؤمن بأن هذه الهيئة أيضا سوف تتغير.

     شارون ذاته لم يتغير فما زال ينطبق عليه مثل النمر وجلده المرقط. إلا أنه يجد من المناسب هو أيضا التشديد على أنه مستعد لتقديم "تنازلات موجعة"، أن يرمز إلى استعداده للانسحاب من جانب واحد (من أين وإلى أين؟) وأن يطلب مقابلة رئيس الحكومة الفلسطينية أبو العلاء (لأي هدف؟). هذا الأمر لم يعقه بالطبع من أن يدفع ببناء ذلك الجدار الوحشي قدما، والذي يجزء المناطق الفلسطينية إلى شظايا.

     الفلسطينيون من جهتهم يقظون جدا لأهمية التغيرات الحاصلة في الرأي العام الإسرائيلي. وقد جاءت جهود أبو العلاء للوصول إلى وقف لإطلاق النار، لتساعد هذه العملية. فمن الواضح لهم أيضا بأن بعضا من المنتحرين الذين سيتسببوا في قتل جماعي في شوارع المدن الإسرائيلية، يمكن أن يحبط احتمال حدوث تحول سلمي في إسرائيل.

     يعتبر التحول في السياسة الفلسطينية تحولا هاما جدا. أذكر واقعة حدثت منذ حوالي 31 سنة: فقد عقد في مدينة بولونيا أول وأكبر مؤتمر إسرائيلي عربي علني، بعد سنوات من الاستعدادات. وقد أسندت إلي مهمة إلقاء الخطاب الافتتاحي نيابة عن الطرف الإسرائيلي، فقلت: لقد حسم الرأي العام في أمريكا الحرب في فيتنام، والرأي العام الفرنسي حسم الحرب في الجزائر، وسوف يحسم حرب فلسطين الرأي العام الإسرائيلي.

     لقد عارضتُ نص الخطاب مسبقا على كبير الممثلين العرب، خالد محيي الدين المصري، وهو أحد قادة ثورة "الضباط الأحرار" عام 1952. وقد وافق على مضمونه، ولكن بعد إلقاء الخطاب توجه إلي ممثل فلسطيني غاضب: "لقد اجتاز الغرور الإسرائيلي كل الحدود! هل ما يحدث لديكم هو أهم من نضال الفلسطينيين أنفسهم؟" فقلت له بأن هذا الأمر مفروغ منه: فلولا كفاح الفيتناميين والجزائريين، لما حدث تغير في الرأي العام الأمريكي والرأي العام الفرنسي.

     بعد سنتين ظهر بعض الزعماء الفلسطينيين الذين أبدو رأيا مماثلا. وكان سعيد حمامة أول زعيم في منظمة التحرير بدأ معنا محادثات سرية، وقال لزملائه: "إذا اعترف العالم بأسره بنا، وإسرائيل لم تعترف بنا فلن نجني من ذلك شيئا." أما عصام سرطاوي فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، مقترحا على ياسر عرفات أن يركز جهوده بكل ما أوتي من قوة على تغيير الرأي العام الإسرائيلي، مستخدما كافة الوسائل الأخرى لتحقيق هذا الهدف المركزي.

      أدرك عرفات أن تغيير الرأي العام الإسرائيلي هو أحد أهم الأهداف غير أنه ليس الهدف الأسمى. لقد تحدثنا عن هذا الموضوع مرارا وتكرارا، ويبدو أنه الآن أصبح يقدّر أهمية هذا المجهود أكثر من أي وقت مضى. من هنا تأتي مباركته التي منحها للوفد الفلسطيني إلى جينيف.

     بقي سؤال يطرح نفسه: إذا تعاظم التغير الحاصل في الرأي العام الإسرائيلي وتحول إلى موجة عارمة – كيف ستتم ترجمته إلى لغة السياسية؟ أي، كيف سيغير الطيف السياسي، حتى الوصول إلى الأغلبية المطلوبة في الكنيست؟

     ما من شخص في إسرائيل حتى اليوم، يمكنه الإجابة على هذا السؤال الفاصل.

     يحاول يوسي بيلين إقامة حزب يتحد فيه مؤيدوه مع حزب ميرتس. من الممكن أن يكون ذلك خطأ ذريعا.

     لقد منيت ميرتس في الانتخابات الأخيرة بفشل ذريع وانخفضت قوتها إلى نصف ما كانت عليه (حصلت على 5% من الأصوات). يعتبر حزب ميرتس حزب العلية الشكنازية البعيدة كل البعد عن الفئات الإسرائيلية صاحبة التأثير: الشرقيون، القادمون الجدد من روسيا، المتدينون الأصوليون، وحتى المواطنين العرب. بيلين الذي ينتمي هو الآخر إلى العلية الشكنازية لن يستطيع تغيير هذه الصورة الشعبية.

     إذا تحول "تفاهم جينيف" إلى راية يرفعها حزب واحد فقط على هامش الحلبة السياسية، فسوف يخفض ذلك من قوته السياسية. لقد تدهورت مكانة بيلين ذاته ليكون رئيس حزب صغير – إذا نجح أصلا في تقلد منصب رئيس الحزب الجديد، وهو أمر غير مؤكد أبدا. ربما من الأفضل له أن يبقى في مكانة حامل البشارة الوطنية، متحررا من المصالح الحزبية.

     أما الطامة الكبرى فهي حزب العمل. فقد كشف رده على مبادرة جينيف كم هو بائس. ابتداء من شمعون بيريس المغفل وانتهاء بداليا إيتسيك التي تصطك لها الأسماع، ناهيك عن إيهود براك ومشاكله الشخصية النفسية – كلهم هاجموا بيلين، زميلهم في الماضي، الذي قذفوا به من الحزب خارجا عشية الانتخابات الأخيرة.

     لن يتحول اليسار إلى قوة فعالة دون حزب العمل، بحيث تتمكن هذه القوة من الفوز في الانتخابات القادمة. إن خلق بديل لهذا الحزب هو عملية يجب أن تستمر سنوات طويلة، ولن ينجح حزب بيلين الجديد في القيام بذلك في المستقبل المنظور. غير أنه لا يبدو أن هناك في أوساط حزب العمل شخص واحد يمكن أن يتحول إلى مرشح مقبول لرئاسة الحكومة.

     هذا الأمر سيتيح الفرص للليكود ثانية. من غير المستبعد أن ينجح شارون في استلاب الرأي العام، كما حدث في المرتين السابقتين، على أنه رجل السلام والأمن. سوف يتحدث عن "التنازلات الموجعة" وسينشر صورا له مع أبي العلاء. لربما سيأتي بدلا عنه مرشح معدوم المبادئ مثل نتنياهو أو أولمرط، يبث رسالة سلمية غامضة.

     على أية حال: أن لم ينجح اليسار الإسرائيلي في إقامة قوة سياسية فعالة، فيمكن للتحول الحاصل في الرأي العام ألا يثمر، أو أن يكون بمثابة ريح عاتية لا تدفع بأي شراع، أو بخار قوي دون قطار.  



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجار في ليشبونه
- الخطاب الذي ألقيته في الحفل التكريمي لي ولسري نسيبة بمناسبة ...
- سبعون حورية ليعلون
- مطلوب: شارون يساري
- نقائل السرطان
- من تصدقون؟
- الدرع البشري
- خيانة كامب ديفيد
- بطل الحرب والسلام
- ثورة الضباط
- من سينقذ أبا مازن؟
- صوت لأسيادهم
- نحن الوطنيون
- افضل مسرحية في المدينة
- هم يُقتلون
- الآباء يأكلون الحصرم
- زيارة عرفات؟ عجبا
- الجدار السيئ
- لا تحسدوا أبا مازن
- يقرعون الباب في منتصف الليل


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - وما زالت دواليب الهواء تدور