أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بدر الدين شنن - الأعزة في غزة لستم وحدكم















المزيد.....

الأعزة في غزة لستم وحدكم


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 2171 - 2008 / 1 / 25 - 10:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


لحظة تاريخية بامتياز .. اجترحها أبطال غزة ، رجالاً ونساء وأطفالاً ، فجر 21 -1 - 2008 ، بنسف واقتحام جدار الحصار المفروض على وطنهم الصغير منذ حزيران من العام الماضي ، بدافع الإباء وحب البقاء ، بعد أن بلغ الحصار ذروته ظلماً ولؤماً بقطع الكهرباء والماء والمحروقات والدواء والغذاء ، من أجل الحرية والكرامة ، وتأمين ما يسد الرمق ، وإنقاذ المرضى والجرحى المهددين بالموت .

لحظة كسر فيها هؤلاء الشجعان غطرسة الصهيونية الفاشية المدعومة من الإمبريالية الأميركية والدولية ومن تواطؤ أنظمة عربية مستسلمة ، تجاوزت معايير العار إلى درجة تثير الاشمئزاز والقرف ، محاولة من خلال حصارها للشعب الغزي المتمرد ، أن تبرهن أنها قادرة على فرض هيمنتها ، أنى تشاء .. ووقتنما تشاء ,, وعلى من تشاء من البلدان العربية .. دون أن يكون لضحاياها أية قدرة على البقاء إلاّ عبيداً مستسلمين لإحتلالها وشروطها .

لحظة عرت تماماً أنظمة " الاعتدال " الرسمي العربي المستسلمة " للقدر " الصهيو - أميركي ، واللاهثة وراء الصلح والتطبيع مع الكيان الصهيوني النابع ليس من منطق القبول بدور العاجزين عن الدفاع عن المصالح الوطنية والقومية فحسب ، وإنما من الرغبة الطبقية الانتهازية في الاندماج و " التكامل " الذليل غير المتكافئ ، في بناء شرق أوسط جديد تحت الهيمنة الأميركية والصهيونية .

كل الذرائع التي تسوغ بها إسرائيل ومناصروها من الأميركان والعرب " المعتدلين " الحصار ، وخاصة المتعلقة بإطلاق صواريخ المقاومة على مستعمراتها المحيطة بغزة ، بمعنى أن لإسرائيل الحق بحصار غزة وتجويع وتركيع وقتل أبنائها من المقاومة وخارج المقاومة ، هي لشرعنة الاحتلال وتبرئة جرائمه ، وللتمويه على السبب الحقيقي للحصار ، ألا وهو العقاب الجماعي لشعب عبر بالديمقراطية عن خيار المقاومة بديلاً للمساومة ، للوصول إلى حقوقه المشروعة ، وللتمويه عن عمد إجرامي ، أن الحصار الفاشي على شعب بكامله والقتل اليومي المتواصل للمئات من عناصر وقيادات المقاومة على اختلاف انتماءاتها ، سببه إطلاق الصواريخ على المستعمرات الإسرائيلية ، وللتمويه الأكثر إجرماً على تسبب الحصار بمآسي وآلام لاتحصى لسكان غزة الأبرياء .

في يوم 21 من الشهر الجاري عممت السيدة " إيمان " مديرة العلاقات العامة لجمعية الصم والبكم في غزة رسالة باللغة الانكليزية لكل العناوين التي تعرفها في العالم جاء فيها :
" نداؤنا للعالم العربي و للعالم كله "
" نحن نريد أن نعيش .. نريد الحياة لنا ولأولادنا .. نحن نستحق الحياة .. لاأحد يملك الحق بعقاب الفلسطينيين بسبب جنسيتهم .. نريد أن نعيش بسلام .. نحن لسنا إرهابيين .. نحن ضحايا .. نأمل من كل العالم أن يتفهم الآلام والحياة الفظيعة التي نكابدها ..
الليلة الأخيرة لم أستطع النوم .. عندما فتحت عيني شعرت أنني أصبت بالعمى ، لقد وجدت كل ما حولي غارقاً في ظلام أسود كثيف ، وأنى اتجهت أجد نفسي محاصرة ليس بما حولي فقط .. وإنما قلبي وكافة مشاعري محاصرة "

ولهذا فإن أعظم معنى لاقتحام جياع غزة لجدار الحصار ، في أنه كشف مجدداً حقيقة الاحتلال الصهيوني الفاشي للأراضي الفلسطينية ، وطرح القضية الفلسطينية مجدداً على العالم كقضية تحرر إنسانية عادلة ، بعد أن كاد تواطؤ " الاعتدال " العربي الرسمي أن يهمشها ويحولها إلى سلعة للتداول والمساومات والصفقات .
ولعل أبرز مايستخلص من حصار غزة على مختلف الصعد أيضاً ، أن الديمقراطية بالمفهوم الأميركي وتوابعه الحليفة والعميلة ، هي آلية لإخضاع الشعوب للهيمنة الأميركية والاستسلام للمشروع الصهيو - أميركي ، والخنوع لأزلام هذا المشروع من الأنظمة العربية . وخلاف ذلك هو مرفوض ، ويسصنف فعلاً إرهابياً يستحق الحصار والتدمير ، الأمر الذي يلحق أحط الأذى بالديمقراطية كنتاج حضاري لبناء العلاقات الإنسانية والمجتمعية والسياسية .

من هنا فإن ارتدادات اقتحام جدار الحصار في رفح لاحصر لها . على أن ما يمكن ان نتوقف عنده بإمعان ، هو أن هذا الاقتحام ، من حيث أنه رفض للاستسلام وللحصار ولإرادة المحتل ، وتمسك بحق تقرير المصير .. بالحرية .. بحق الاختيار .. بحق الحياة .. ضد عدو محتل متعدد غادر ، فإنه يشمل بمضامينه وأهدافه ساحات الصراع على امتداد الفضاء العربي والشرق أوسطي . بمعنى أن الاقتحام لم ينه الحصار تماماً ، وإنما د شن بداية جدية للتخلص منه . فالقوى التي فرضته وتواطأت معه مازالت موجودة ومازالت أهدافها قائمة . وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت بشكل سافر بعد اقتحام الجدار ، أنه سيتابع الحصار بشكل آخر وسيتابع قتل نشطاء المقاومة ، ولن يترك الشعب الذي اختار خصوم لإسرائيل أن يعيش بسلام . والسلطات المصرية والإسرائيلية هي الآن بصدد إعادة بناء مادمر من جدار الحصار . كما أن السلطات المصرية التي منعت تظاهرة نسائية فلسطينية من المرور من معبر رفح ، واضطرت تحت ضغط المفاجأة التي كان أبطالها عشرات الآلاف الاّ تواجه بالقوة اقتحام الجدار قد قامت بقمع مظاهرة تضامن مع غزة في القاهرة وقامت باعتقال المئات من المتظاهرين .

اللافت في هذا الصدد أن أكثر ما تخشاه القوى الفاشية التي فرضت الحصار على غزة ، هو أن يثير اقتحام الجدار وتداعياته الاحتجاجات ضد إسرائيل وضد سياسات التسويات المشبوهة معها ، على مستوى الشارع فلسطينياً وعربياً ودولياً . وقد انطلقت بالفعل المظاهرات الاحتجاجية على الحصار وضد إسرائيل وأميركا في موريتانيا ومصر وإيران وليبيا والجزائر والسودان ومخيمات فلسطينية في سوريا ولبنان .

لاشك أن القضية الفلسطينية وقضايا المشرق العربي الساخنة لن تبقى ما بعد اقتحام الجدار في رفح كما كانت عليه قبله ، سواء اتجهت الأمور باتجاه التصالح الفلسطيني ووحدة الصف والهدف ، أم باتجاه تجذير انقسام المسارات والخيارات . وإذا ما تصاعدت حركة الشارع الاحتجاجية في العواصم العربية الكبرى مواكبة للتحولات الفلسطينية ، فإن الوضع الإقليمي برمته يصبح طرداً خاضعاً لحراك ومسارات مختلفة .

على أن ما يؤكد الثقة بحال جديدة مفتوحة على الحرية والحياة الأفضل ، هو أن مئات الآلاف من أبناء غزة ، الذين تحدوا الحصار وجوعه وأمراضه وتدميره وقتل الأعزة ، واقتحموا بأرجلهم جدار الحصار ، لن يقهروا وسيتابعون إبداع أساليب جديدة للمقاومة حتى سقوط الاحتلال وكل جدران الحصار .

إن الأعزة في غزة يتطلعون إلى كل القوى الشريفة الخيرة بمختلف أطيافها .. إلى كل المناضلين عشاق الحرية وكرامة الإنسان .. إلى كل الناس محبي العدل والسلام في كل مكان في الوطن العربي والعالم كله ، لمؤازرتهم والوقوف إلى جانب نضالهم العادل .. إلى جانب حقهم المقدس المشروع في الحياة والحرية وتقرير المصير .





#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية والحياة لعارف دليلة
- السؤال الجدي في المشهد المعارض
- دفاعاً عن الوطن والديمقراطية
- غزة تحت حصار النار والموت
- التحدي الديمقراطي وإرهاب السلطة
- في التحالف ضد الاستبداد
- مع - الحوار المتمدن - .. مع اليسار والديمقراطية والعلمانية
- - أنابوليس - .. ورد الشعوب الثوري
- نحو حركة نقابية مستقلة
- سوريا على دروب الآلام
- ستبقى منارة ثورة أوكتوبر .. شامخة .. متوهجة
- من أجل سوريا الحبيبة
- ارتدادات زيارة الأسد لتركيا
- دور النضال المطلبي السياسي في التغيير
- حصاد زمن القحط
- - العولمة - الأميركية قيد التطبيق .. العراق مثلاً
- جريمة حرب معلنة في غزة
- إشكالية الدستور واقتصاد السوق والتغيير الديمقراطي
- الرد الأقوى على الاختراقات والتحديات
- الحركة النقابية بين قيود السلطة ومطالب الطبقة العاملة


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - بدر الدين شنن - الأعزة في غزة لستم وحدكم