أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - العرب ومفارقات العولمة















المزيد.....

العرب ومفارقات العولمة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2158 - 2008 / 1 / 12 - 08:28
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يعزو البعض سبب كراهية العرب للعولمة إلى الموقف من الغرب، فهم حتى الآن من أكثر شعوب ودول العالم الثالث الذين يقفون «عائقاً» أمام العولمة، ولعلّ هذا السبب هو الذي يدفع الأوساط الحاكمة والنخب المتنفذة في الغرب، إلى اعتبار العنف والإرهاب ماركة عربية مسجلة بامتياز!! ولكن هل للإرهاب وطن أو قومية أو لغة أو دين أو هوية لكي يدمغ العرب به من دون سواهم من الأمم؟ وهل هو حكر عليهم وحدهم أم هم كانوا من ضحاياه تاريخياً، خصوصاً في التاريخ الحديث والمعاصر، حيث تعرّضت بلدانهم إلى الهيمنة الكولونيالية وإلى تقسيمها بموجب معاهدات دولية جائرة لاسيما معاهدة سايكس-بيكو عشية الحرب العالمية الأولى، وإلى نهب ثرواتها وإلى تعريضها لعدوان مستمر منذ ستة عقود من الزمان؟!
وهناك من يعتقد أن الموقف السلبي للعرب من العولمة يعود إلى أنظمتهم الاستبدادية الشمولية أو المحافظة والتقليدية، وبالتالي سياقاتهم اللاديموقراطية، التي تحول دون قبولهم شروط العولمة وقوانينها وآلياتها، لكن مثل هذا الأمر، وإن كان صحيحاً في ما يتعلق بالموقف من الديموقراطية ومبادئ الدولة العصرية، لا يختص به العرب وحدهم، فهناك الكثير من بلدان العالم الثالث مازالت تعاني مظاهر الاستبداد والأنظمة السلطوية، بل إن بلداناً مثل الصين و روسيا و البرازيل استفادت من حسنات العولمة في مجالات مختلفة، وإن كانت لا تعتبر ديموقراطية بالمعنى الليبرالي الذي يريده الغرب، فلماذا ينفرد العرب في مساوئ العولمة في حين تحاول بعض البلدان والشعوب الاستفادة من حسناتها؟!
لعل سبب عدم اندماج العرب طواعية أو حتى بالإكراه في العولمة والاستفادة من إيجابياتها غير القليلة بما فيها عولمة المنجزات العلمية-التكنوترونية وعولمة الثقافة وحقوق الإنسان، من دون أن يعني غض الطرف عن سلبياتها الكثيرة، بل وجهها اللاإنساني المتوحش كما يوصف أحياناً، يعود إلى غياب إرادة سياسية موحدة وطبقة سياسية فاعلة ومتوافقة، تضع ضمن خططها وبرامجها مشروع التحديث والتمدين من خلال الاستفادة الرشيدة من الموارد الطبيعية الهائلة والطاقات البشرية الكبيرة ونتائج الثورة العلمية التقنية، لتنمية بلدانها.
خمس مفارقات رئيسة أفرزتها العولمة، الأولى تتعلق بفكرة السيادة الوطنية التي انحسرت إلى أبعد الحدود بفعل «عولمة» التدخل لأغراض إنسانية أو غير إنسانية أو توظيفه لمصلحة القوى المتنفّذة والمتسيّدة في العلاقات الدولية، فلم تعد فكرة السيادة مطلقة رغم أن الدول وافقت على التنازل عن جزء من سيادتها في إطار القانون الدولي النافذ والمعاصر، فإن العولمة تخطّت الحدود على نحو شديد.
فلم يعد بإمكان الدولة التصرف بأمورها الداخلية على هواها، ومن دون مراعاة لقوانين وشروط العولمة التي فرضت رقابة و«حقاً» للتدخل تحت مبررات مختلفة، بينما إذا انفردت سلطة ما بشؤون شعبها بالضد من القواعد العامة لما يسمى بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وفي ذلك سعت الدول المهيمنة على العلاقات الدولية إلى إضعاف سلطات الدول وسيادتها حتى إن أدّى ذلك إلى تفكيكها بمبررات حماية الحقوق والحريات التي لم تكن واردة في حساباتها حين أسهمت في حماية أنظمة تنتهكها على نحو صارخ، ولعلّ انكسار رياح التغيير عند شواطئ البحر المتوسط في أواخر الثمانينات لم يكن بمعزل عن المصالح الدولية للقوى المهيمنة.
المفارقة الثانية هي الدور الكبير والمتعاظم للشركات التجارية العملاقة، حيث أسهمت العولمة في إخضاع الدول وسيادتها إلى متطلبات هذه الشركات والمؤسسات الاقتصادية الدولية العملاقة والقطاع الخاص لحساب القوى المتنفذة من جهة، ومن جهة ثانية أصبحت الدولة «أقوى نفوذاً وهيمنة» على مواطنيها بفعل ما قدمته العولمة من أدوات ووسائل اتصالات ومواصلات وتكنولوجيا للأجهزة الأمنية والمخابراتية الداخلية، في حين أن «الدولة» خصوصاً «العالمثالثية» خضعت للاستتباع الخارجي بفعل العولمة. هكذا أصبحت الشركات العملاقة تدير أكثر من نصف حجم التجارة الخارجية العالمية، بعد أن كانت تديرها الدول الكبرى أو التجارة الدولية كما تسمى، الأمر الذي دفع بعض الحكومات إلى تأسيس شركات عابرة للقارات وما فوق قومية للتجارة نيابة عنها.
المفارقة الثالثة هي ما أفرزته العولمة من التباس وتناقض في مفهوم الهوية، الذي أثار ارتباكاً شديداً خصوصاً بين التماسك والتآكل وبين القدرة على تحصين الدول لنفسها ومجتمعاتها والحفاظ على هويتها وخصوصيتها بوجه ضغط العولمة وغزوها، وبين الانحلال والتآكل والتمزق بفعل عدم القدرة في مجابهة العولمة أو الاضطرار إلى الانخراط فيها والخضوع لشروطها ومتطلباتها!!
لكن التكامل والاندماج أو التقارب والاتحاد على الصعيد الأوروبي على سبيل المثال واجهه ميل إلى الانفراط والتشظي على مستوى الدولة والمجتمع وبتشجيع من القوى المتنفذة على المستوى الدولي، لاسيما في الدول التي خرجت من معطف الاستبداد والدكتاتورية مثل ما حصل في الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا وغيرها، وكذلك ما يجري في العالم العربي من رهان للتقسيم والتفتيت وليس بمعزل عن العولمة.
المفارقة الرابعة أن الحديث عن العولمة في مرحلتها الأولى كان جوهره يتضمن نزع الآيديولوجيا، ولذلك راجت فكرة ذبول أو نهاية عهد الآيديولوجيا التي ينبغي أن تتقدم عليها التجارة والثروة والتكنولوجيا، وشملت تلك المنظومة من الأفكار الدعوة إلى إضعاف العقائد الدينية مقابل العقائد الدنيوية التي هي في جوهرها إعلان الانحياز إلى نظام وحيد في العالم هو النظام الليبرالي الرأسمالي الذي ظفر بالفوز في المعركة ضد الشيوعية والاشتراكية والعقائد القومية والوطنية، وهو ما نظّر له فرانسيس فوكوياما في كتابه «نهاية التاريخ» وصموئيل هنتنغتون في كتابه «صِدام الحضارات»، مبشّرين بعصر أميركي أساسه منظومة قيمية واحدة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، لكن أحداث 11 سبتمبر 2001 الإجرامية الإرهابية دعت الولايات المتحدة والاتجاهات اليمينية المتطرّفة إلى استحضار العقيدة الدينية الإنجليكية مجدداً للتبشير بحرب صليبية «اقرأ: حرب الفرنجة» التي لم تكن زلة لسان، بل هي جزء من ترسانة فكرية متكاملة لاسيما بوصف الرئيس جورج دبليو بوش الإسلام بالفاشية خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو 2006.
المفارقة الخامسة أن العولمة ورغم ما رافقها من صخب كبير لم يكن لها علاقة بالديموقراطية، فقد ظلّت الأخيرة وعداً غير حامل لبرهان، ولم يحل ربيعها أو يسود نعيم الحرية في رحاب العولمة، فالعولمة لا تقترن بالديموقراطية وليست أحد شروطها، وفي الوقت الذي تواصل العولمة مسيرتها تتراجع الديموقراطية وتشهد انحساراً حتى في بلدان المنبع «أوروبا والولايات المتحدة» بفعل القوانين والقرارات والإجراءات التي ضيّقت على الحريات المدنية لاسيما للجاليات الأجنبية خصوصاً من أصول عربية أو مسلمة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية العراقية بين التدويل والتأويل
- الدولة العراقية: سياقات التماسك والتآكل
- اختلاس الزمن في ظاهرة الاختفاء القسري!
- البصرة هل هو ثمن الحرية!
- الهوية الثقافية: الخاص والعام
- حين يختفي الاعلامي مؤرخ اللحظة !!
- مجتمع الايتام والآرامل!!
- اللاجئون العراقيون: مسؤولية من!؟..
- شهادة حية على التعذيب في سجن ابو غريب
- الاقليات والحقوق الثقافية
- المساءلة والحقيقة في تجارب العدالة الانتقالية
- التنوّع الثقافي والشعية الدولية !!
- التنوّع الثقافي: الاقرار والانكار !
- بعد 90 عاماً: هل تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور ؟!
- الديمقراطية : أزمة وعي أم أزمة ثقافة ؟
- دارفور وتجارة الاطفال
- المعرفة وحرث البحر
- واشنطن بين حليفين لدودين
- بلفور العراقي: حامل لوعد أم حامل لبرهان
- التنوع الثقافي في المجتمعات العربية - مصدر غنى أم فتيل أزمات ...


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عبد الحسين شعبان - العرب ومفارقات العولمة