أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - الهوية الثقافية: الخاص والعام














المزيد.....

الهوية الثقافية: الخاص والعام


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2149 - 2008 / 1 / 3 - 12:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الثقافة تمثل الوعاء الذي يمكن أن تزدهر فيه التنمية، وهي القدم الثانية التي يمكن للمجتمع أن يسير عليها على طريق التقدم، والثقافة والتنمية عنصران يكمل أحدهما الآخر، والحق في الثقافة يمهّد ويتساوى مع الحق في التنمية الذي أقرّته الأمم المتحدة في عام 1986 باعتباره حقاً جماعياً للشعوب والجماعات وحقاً فردياً للأشخاص والأفراد.
هل تشكل «الخصوصية» حاجزاً أمام الثقافة العامة المكوّنة للهوية لاسيما بمشتركاتها الإنسانية، أم أنها عنصر تفاعل وإغناء وتطوير لتدعيم المعايير الإنسانية المشتركة؟ والخصوصية إذ تعتمد التنوع الثقافي، والديني، والسياسي، والتاريخي، ونمط الحياة الاجتماعية لمجتمع ما، أو جماعة قومية أو دينية أو لغوية، فإنها تعني العقلية والتقاليد بين شعوب وبلدان، وتفاعل حضارات وثقافات وأمم وأقوام وتكوينات، وهي بقدر تناغمها مع الفكر الإنساني وانفتاحه عليه، تستطيع التعبير على نحو أوضح عن تميّزها وتفرّدها وخصائصها، والعكس صحيح أيضاً كلما استغرقت في خصوصيتها سارت باتجاه العزلة والانكفاء، وهكذا فإن فكرة الحقوق الثقافية، مثلما هي فكرة حقوق الإنسان، تكون قد حيكت من نسيج الفكر الإنساني، ومن مصادره المتنوعة.
وبهذا المعنى فالخصوصية لا تعني «الانغلاق»، أو التصادم مع الحضارات الأخرى، أو الارتياب منها بل التعايش معها والتفاعل والتواصل من خلال المشتركات الإنسانية، كما أن الحداثة والتواصل الحضاري لا يعنيان قبول منطق الوصاية والتبعية الفكرية والثقافية للآخر، فالتعايش والتبادل الثقافي لا يبرران الاستتباع، أو ازدواجية المعايير، أو الانتقائية في ما يتعلق بقضايا الأقليات وخصوصياتها الوطنية والقومية والدينية والثقافية، وليس هناك من مبرر لتجاوز السياقات التاريخية والثقافية لحضارات أمم وشعوب وإنكار دورها بحجة تعميم «الموديل»، أو لسيادة نموذج فكري وسياسي واقتصادي واحد، بما فيها للقوى القومية الكبرى أو الدين والمعتقد السائد.
إن الانقسام الحاد السابق، الذي بلغ ذروته في عهد الحرب الباردة لم يُلغَ، خصوصاً في بعده الفكري، وإن اختلف في شكله وسياقه، وإنْ انفتحت بعض القنوات أمامه، ولكن ثمة شكوك وحواجز ومعوقات مازالت كبيرة، ومع ذلك ففي عالم اليوم لم يكن بالإمكان الحديث عن ثقافة واحدة مهيمنة في دول متعددة التكوينات والثقافات ومرجعيتها، من دون اعتراف بالمذاقات الخاصة الثقافية والقومية والإثنية والدينية واللغوية وغيرها، ورؤية خاصة للألوان الثقافية والدينية، واعتراف بالانتماءات المتنوعة لأنماط سلوك وحضارات وثقافات وتكوينات اجتماعية وسكانية.
إن ما يجمع التكوينات المختلفة، ودرجة تفاعلها، وتأثيرها المتبادل في السياق الإنساني الذي يشكل مرجعية جامعة هو درجة تنوّعها، فهي ليست الوحيدة أو النهائية لخطاب مازال يعترف بالكثير من الخصائص الثقافية والحضارية المختلفة.
ومهما قرر البعض اختيار طريق العزلة، أو فرض على نفسه ستاراً حديدياً، فإنه لن ينجو من رياح التغيير، بعد أن تحوّل العالم إلى «قرية عالمية»، ولا يمكن لأحد إدارة الظهر عن الاستحقاقات العلمية والتكنولوجية الماثلة في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات وانفتاح السوق، ولعل سؤال الخصوصية والعالمية كان قد واجه مؤتمر فيينا لعام 1993 بعد مؤتمر طهران لحقوق الإنسان عام 1968، ولذلك يصبح احتجاز «الثقافة الخصوصية» في ظل العولمة أمراً يكاد يكون مستحيلاً، فهي تتأثر وتؤثر في مجرى الحقوق الثقافية العالمية.
وقد أكد مؤتمر فيينا هذا التوجه حين أشار إلى أن «جميع حقوق الإنسان عالمية، وغير قابلة للتجزئة، ومترابطة ومتشابكة» وهكذا هي الثقافة دائماً وهذا يعني في ما يعنيه التأكيد على الخصوصيات الوطنية، والخلفيات التاريخية والثقافية والدينية، في إطار من الاعتراف والتعايش والسلام، وليس إهمالها أو التنكّر لها، كما أشار مؤتمر فيينا إلى واجب الدول، بغض النظر عن نظامها الاجتماعي، احترام هذه الحقوق، التي تعني التنوّع في إطار الوحدة.
الثقافة تمثل الوعاء الذي يمكن أن تزدهر فيه التنمية، وهي القدم الثانية التي يمكن للمجتمع أن يسير عليها على طريق التقدم، فالثقافة والتنمية عنصران يكمل أحدهما الآخر، والحق في الثقافة يمهّد ويتساوى مع الحق في التنمية، الذي أقرّته الأمم المتحدة في عام 1986 باعتباره حقاً جماعياً للشعوب والجماعات وحقاً فردياً للأشخاص والأفراد.
أخلص إلى القول إن الإقرار بالتنوّع الثقافي والديني والإثني هو إقرار بواقع أليم رغم محاولات الإنكار والجحود الطويلة، ويترتب على هذا الإقرار الاعتراف بحقوق الأقليات تلك التي أقرّتها شرعة حقوق الإنسان الدولية.
ومن التجربة العملية فإن ثمن التنكّر وادعاء الأفضليات ومحاولات التسيّد كان باهظاً على حساب التنمية وتعزيز الديموقراطية، وساهم في تفكيك الوحدة الوطنية بدلاً ادعاء المحافظة عليها وهدّد الأمن الوطني بدلاً من حمايته واستخدمته القوى الخارجية وسيلة للتدخل وفرض الإرادة بحجة الدفاع عن حقوق الأقليات بسبب هدرها وإنكارها، بل إنه ساهم في تبديد الأموال خصوصاً على النزاعات العسكرية والحروب الأهلية بدلاً من استعادة الحقوق وتحرير الأرض، والسير في طريق التنمية!!
* كاتب ومفكر عربي
جريدة الجريدة الكويتية رقم العدد: 168
الجمعة 14 ديسمبر 2007 ,04 ذو الحجة 1428
[email protected]



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يختفي الاعلامي مؤرخ اللحظة !!
- مجتمع الايتام والآرامل!!
- اللاجئون العراقيون: مسؤولية من!؟..
- شهادة حية على التعذيب في سجن ابو غريب
- الاقليات والحقوق الثقافية
- المساءلة والحقيقة في تجارب العدالة الانتقالية
- التنوّع الثقافي والشعية الدولية !!
- التنوّع الثقافي: الاقرار والانكار !
- بعد 90 عاماً: هل تعتذر بريطانيا عن وعد بلفور ؟!
- الديمقراطية : أزمة وعي أم أزمة ثقافة ؟
- دارفور وتجارة الاطفال
- المعرفة وحرث البحر
- واشنطن بين حليفين لدودين
- بلفور العراقي: حامل لوعد أم حامل لبرهان
- التنوع الثقافي في المجتمعات العربية - مصدر غنى أم فتيل أزمات ...
- وجه آخر للتراجيديا العراقية: الطفولة المنسية!
- نهاية الديمقراطية
- المؤتمر الدولي ومهمات الوسيط الدولي توني بلير
- هامش على هوامش آرا خاجادور
- العراق .. بين التنظير والتشطير .. !!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - الهوية الثقافية: الخاص والعام