أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - اكرم سالم - فلسفة الحرية في فكر المفكر العمالي الطبقي الراحل عزيز السيد جاسم















المزيد.....

فلسفة الحرية في فكر المفكر العمالي الطبقي الراحل عزيز السيد جاسم


اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2133 - 2007 / 12 / 18 - 11:51
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


حينما طلب المفكر العربي فاروق البقيلي عام 1985 من صديقه المفكر عزيز السيد جاسم الهجرة ما دامت الاجواء ملبدة ضده في بغداد ، رد عليه عزيز : بلدي مقدم على محن كبيرة ، كيف اتخلى عنه ؟ فقال له : هل انت محارب في بلدك ؟ لكن عزيز رد عليه بحسم هذه المرة قائلا : ومتى كان المفكرون والكتاب في وضع مختلف ؟ .. هنا صمت البقيلي الذي كان قد هيأ لعزيز جواز سفر ، حتى لايجرح عزيز السيد جاسم بالمزيد من النقاش هكذا كان عزيز يرى ضرورة عدم افتراق الفكر عن ارضيته الجماهيرية و في التوحد العميق مع القضية التي يؤمن بها على طريقة المتصوفة او في حقيقة الأمر المنهج التصوفي الذي لامناص من خوض غماره والغوص في مياهه العميقة من قبل اولئك المفكرين الجهابذة ، اذ عرف عنه توحده الصوفي مع مبادئه وفكره ، و بمدى شغفه بالحرية واشكالياتها وشؤونها ومسالكها الوعرة المليئة بالاشواك والاهوال والمطبات التي انتهت به الى التضحية بالنفس حينما قدم نفسه قربانا على الدرب دون التنازل عن افكاره ومبادئه وقناعاته الراسخة التي لاتتزعزع ابدا بالشعب ، من خلال قضيته التي نذر نفسه من اجلها وهي قضية الطبقة العاملة وصراعها التاريخي التي ظل ينظر فيها ويثقف بكلاسيكياتها ومستجداتها.. ولما كانت الحرية عند عزيز السيد جاسم قضية اصيلة ومحورية تنطلق من خلالها وتتشظى جميع التفرعات الاخرى عنها ، النضالية والوطنية والديمقراطية والطبقية الشعبية التي تدور في فلك الجماهير من عمال وفلاحين وكسبة وعموم الكادحين وصولا لحرية الكلمة المتجسدة في الثقافة الحرة ومنطلقاتها الشعبية التي تنظر للانسان وحرمته غاية ووسيلة بعيدا عن الشعارية ومزايداتها الرخيصة. و لم يكن غريبا على مفكر بوزن عزيز ان يرفض مباهج السلطة ، تلك المباهج والمناصب التي عافها خلف ظهره بالرغم من الضغوطات المباحثية ، التي لم تكن خافية على كل ذي لب .
ان عزيز كان من المؤمنين بالحرية قضية لاحياد عنها، ولكنه لم يكن رقما سهلا يمكن ابتلاعه ، فقد اعتبر عزيز بفكره الثاقب ان ( كل خطوة الى الامام في ميدان الحضارة قد كانت الى الامام في اتجاه الحرية ) استنادا لمقولة انجلز في مفهومه الماركسي المحوري عن الحرية واهميتها الحضارية والانسانية .
وذهب عزيز الى ان ( تعريف الحرية كفهم للضرورة هو تعريف للحرية في النشاط الاجتماعي وليس ابعد من ذلك .. ويقول : ان الانسان الطبيعة هو جزء من لوحة صامتة للحرية ، ولايمكن لادراك متأخر بالقياس الى اسبقية الطبيعة والانسان الطبيعة ان يفرض نفسه على ما هو سابق له . ويضيف بقوله ان الحرية هي الديالكتيك ، والديالكتيك سابق للمعرفة .. والذي يهمنا هو الحرية الواعية التي ابتدأت مع العقل والممارسة ) كما جاء في مؤلفه المهم " الحرية والثورة الناقصة " الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 1971 .
وبتحول الحرية الى ضرورة اجتماعية وفردية فانها بالتالي قد حكمت على ذاتها كحرية ناقصة قيد البحث ، اذ ان حرية الانسان الاول في ابتعاده عن الطبيعة وسيطرته الصغيرة على بعض جوانبها قد حملت معها البدايات التاريخية لفقدان الحرية ، فضمن حكم التحرر المبتدىء من الطبيعة تولد حكم القيد الاجتماعي ، ويؤشر ذلك ظاهرة جدلية من خلال ميلاد شكل من اشكال الحرية وفقدان شكل آخر ولو انه لايمكن ان يفهم خارج نطاق العلاقة بين الضرورة والحرية مما يجعل ديالكتيك المسألة دقيقا جدا . وهنا يؤكد عزيز بقوله ( كان انحلال المشاعية البدائية ايذانا بنهاية آخر بقايا الحرية السلبية اللاواعية وبداية عهد عبودية مظلمة مارس فيها الانسان ازاء الانسان ابشع عمليات القهر والاستحواذ . وبازدياد هذه العمليات الاستعبادية ازداد تغرب الانسان عن نفسه مما اكسب معنى الحرية طابعا عمليا بحتا . اي ان الحرية اضحت في مضمونها الكامل والمباشر ضمن منظورات العهود تلك ، النضال من اجل التحرر الاجتماعي ) - عزيز السيد جاسم ، المصدر السابق . وفي ما يخص ظاهرة ( العودة الى الطبيعة ) فانها بتقويمه الفلسفي غير مجدية ومحكوم عليها بالفشل في حركة التاريخ التصاعدية وانها لايمكن الا ان تعبر عن يأس من لعنة المدنية الحديثة وتعقيداتها الحضارية . ولذلك كله فأن الحرية هي غاية المطاف بنظر عزيز والشغل الشاغل للانسانية اذ ما ان تتحقق الحرية حتى يضحى التاريخ فقيرا مجدبا ويكف بعدئذ عن كونه تاريخا ( وربما يصبح نوعا من الاشارات التي تشبه ما يقوم بها شرطة المرور او الدليل الذي يرشد احدا الى مدينة جديدة بالنســـــبة له ) ان ميلاد الوعي هو روح الحر ية منذ البدء ، حرية افتراق الانسان عن الطبيعة حيث ظهرت الصور الاولى لحرية متمثلة في النشاطات الاجتماعية الاولى للبشر وفي العمل والتنظيم منذ بداياتهما الجنينية . وخلال ذلك يطرح عزيز السيد جاسم المضمون الواقعي للحرية ، ذلك المضمون الذي ينطوي على حقيقتها المتعارضة ، اذ ان الحرية لايمكن ان تطرح كمفهوم صاف وجوهر واحد بل ( لحرية اغتيالية تصنع نفسها بأدوات استلابية ... وان الحرية ترسبت في اتجاهي الاطروحة والطباق دون التوصل الى النتيجة المركبة ) ، فالنتيجة المركبة تظل مركبة في نظره لحين انتهاء ما قبل التاريخ وفقا لماركس الذي لم يصف الحساب معه . ففي حالة ميلاد التاريخ الانساني ( بأندثار الرأسمالية والانتصار الكامل للاشتراكية ) ينتهي التاريخ من حيث تقررت بدايته .
وبنظر هيغل فأن الضرورة لاتكون عمياء ، ولذلك فأن الحرية هي حدس الضرورة ، ووفقا لماركس اصبحت الحرية فعلا انسانيا يتعين في عدة اشكال متجددة مرتهنة بالظروف والاوضاع . واستنادا لهذا تقررت ما اصطلح عليها بالتفاؤلية التاريخة اي الخط اللولبي التصاعدي الجدلي لرقي المسيرة الانسانية الحضارية متجاوزا اية احباطات او ارتدادات عارضة لابد ان تكون مؤقتة بالرغم من كل توصيفاتها النسبية . ويرى عزيز السيد جاسم في النضال العمالي استقطابا لكل النضالات الاجتماعية من اجل الحرية اذ ان استلاب العامل بأستغلاله الطبقي هو اكبر اغتراب تاريخي من خلال غربته عن نتاج عمله وعدم قدرته على تقرير شيء بخصوص ذلك ، وغربته عن عمله ذاته ، وغربته عن طبيعته الصميمية وعن اقرانه من البشر .. وهذه الغربة هي خلاصة فقدان الحرية وتحمل في داخلها اسباب التمرد ضدها . ويؤكد عزيز ان الطبقة العاملة لكي تحل مشكلة الاغتراب فانها تباشر جملة أمور منها عملية تحريرها من الاستغلال ، مستشهدا بمقولة لوكاش عن المهمات البروليتارية ( لن تنجز البروليتاريا مهمتها الا عندما تكبت نفسها ، عندما تتوصل الى هدف نضالها وتجيىء بالتالي بمجتمع لاطبقي ) وتأخذ العلاقة بين الحكم والحرية بنظر عزيز علاقة معقدة ، ذلك لان ( الحكم يتضمن منذ البدء ادعاء الدفاع عن الحرية والحفاظ عليها . وهو منذ البدء ايضا اغتيال الحرية وحبسها ) - عزيز السيد جاسم في المصدر السابق ذاته . ترى كم كان رائعا بفكره الثاقب وتجلياته البعيدة الافاق حينما طرح تلك الاشكالية ، اشكالية الحكم والحرية التي تلازم السلطة وبخاصة في علاقتها مع المثقف الثوري الحر .



#اكرم_سالم (هاشتاغ)       Akram_Salim_Hasan_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادارة المعرفة والثورة التقنية المعلوماتية الجديدة
- الادارة في الدول النامية بين النخب السياسية و الاجهزة البيرو ...
- البدائل الستراتيجية وعملية الاختيار على المستوى الكلي
- في نظريات الحداثة والتطوير التنموي وحلقة التبعية
- نظرة في الادارة العامة المقارنة ونشأتها
- الادارة الستراتيجية .. استخدامات متعددة ودور حيوي متجدد
- الادارة العلمية وفق منظور تايلوري
- الهيكل التنظيمي - سمات مميزة وتواؤم مع البيئة
- في جوهر العملية القيادية
- بيئة المنظمة والخيارات الستراتيجية
- نظرة سريعة في تكنولوجيا المعلومات وادارة المعرفة
- الموازنة العامة للدولة وعملية الدمج الاقتصادي الاجتماعي
- اهمية التآزرية في المدخل النظمي
- تحولات البلدان الصناعية في بدايات القرن الماضي ونشأة المدرسة ...
- عملية اتخاذ القرار بين سيمون ولندبلوم
- النظرية البيروقراطية بين الجذور الكلاسيكية ورؤى المعدلين
- فلسفة التحول الى ادارة الموارد البشرية
- دورة حياة المنظمة والمعايير البيروقراطية
- الموارد البشرية وادوارها الستراتيجية
- ادارة الازمات وسبل التعامل معها و مواجهتها


المزيد.....




- “اعرف هتقبض كم؟؟”.. قيمة مرتبات شهر مايو 2024 بالزيادة الجدي ...
- ثلاث حوادث لطائرات بوينغ في 48 ساعة…هل هو العامل الإنساني أم ...
- اليونان تعتزم استقدام آلاف العمال المصريين في مجال الزراعة
- Meeting of the WFTU committee for Democratic and trade union ...
- 100 ألف دينار زيادة فورية. سلم رواتب المتقاعدين الجديد يُفاج ...
- زيادة 500 ألف دينار على الراتب.. “وزارة المالية” تُفاجئ روات ...
- برنامج أنشطة اتحاد النقابات العالمي في مؤتمر العمل الدولي رق ...
- سوق العمل والوظائف.. -اليد العليا- لصناعة الروبوتات
- حقيقة إيقاف منحة البطالة في الجزائر 2024 في هذه الحالات.. ال ...
- WFTU Program of Activities in the 112th ILC, Geneva 3-14 Jun ...


المزيد.....

- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - اكرم سالم - فلسفة الحرية في فكر المفكر العمالي الطبقي الراحل عزيز السيد جاسم