اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)
الحوار المتمدن-العدد: 2005 - 2007 / 8 / 12 - 11:01
المحور:
الادارة و الاقتصاد
ساد اعتقاد واسع حتى نهاية الخمسينات بوفرة الموارد وغير محدوديتها وبالنمو المستمر والتوافق في المجتمعات الغربية بشكل خاص . وذلك ما دفع بشكل رئيس التقليديين والسلوكيين الى ان يتجاهلوا اثر البيئة ومتغيراتها على نشاطات المنظمات ، الا ان ما حدث بعدئذ من اضطرابات وصراعات وشحة في الموارد وتلوث بيئي بفعل المنظمات دفع المفكرين الى مداخل واتجاهات جديدة تنسجم مع تلك المتغيرات ، اذ لم يعد معقولا ان ينظر الى المنظمات ككيانات معزولة عن بيئاتها الخارجية .
المفهوم والنشأة :
لم تكن النظم جديدة ، اذ ان قاموس اوكسفورد عرف النظام System بأنه " مجموعة من الوحدات المترابطة ، او المعتمدة على بعضها ، والتي تكون مركبا موحدا يتألف كليا من اجزاء منسقة استنادا الى نظام او خطة . "
) Shorter Oxford English Dictionary ,1970 ,P: 2115 )
وعرف ايضا بأنه مجموعة من العناصر او العمليات المترابطة المتفاعلة مع بعضها من اجل تكوين كل منظم تكون قيم مخرجاته اكبر من القيم المضافة اليه من قبل الوحدات المشاركة فيما لو عملت بشكل مستقل عن بعضها البعض . ويعرف كذلك بانه مجموعة عناصر متفاعلة فيما بينها من اجل تحقيق هدف محدد ، انه بأختصار شديد مجموعة من النظم المتفاعلة . فالكون نظام والارض نظام والوزارة نظام والمصنع نظام وكل قسم داخل اية شركة هو نظام .. الخ لذا فهنالك مستويان للتحليل ، الكلي Macro على مستوى النظام الكلي ، والجزئي ميكرو Micro على مستوى الوظيفة او النشاط او العملية . ويتضح ايضا ان كل نظام هو نظام فرعي ضمن نظام اشمل واكثر تعقيدا وهكذا ، لذلك فأن اي مؤثر يؤثر في احد اجزاء المنظمة لابد ان يؤثر ولو بشكل غير مباشر على بقية اجزاء النظام .
(Koontz ,Donnell & Weihrich, 1984 , P: 14 -15 )
وتأسيسا على ذلك فأن دراسة اي نظام فرعي في اطار الكل يمثل ضرورة لازمة لفهم وظيفة هذا النظام وعلاقاته وبنائه . وللنظام شكلان هما المغلق الذي يصور النظام على انه شيء كلي مترابط له استقلال تام او ارتباط ضعيف مع البيئة الخارجية ، اما النظام المفتوح الذي يصور النظام على انه شيء كلي يتفاعل مع البيئة الخارجية تفاعلا تبادليا يمثل الاساس في تغيير معالم النظام وتحديد مساراته وحركيته كما انه يقرر بقاء النظام من عدمه .
( Young, 1966 , P: 15 – 16 )
استخدم مفهوم النظام بصيغته المعاصرة اولا من قبل علماء الحياة ( البيولوجي ) اذ لاحظ باحثو التنظيم امكانية استعارة مفهوم النظام المفتوح المستخدم في علوم الطبيعة وتطبيقه في العلوم الاجتماعية ، واعتبار النظام المفتوح كائنا حيا يعيش في بيئة طبيعية ، وكان عالم البيويولوجي فون لودفيج برتلانفي 1901-1972 هو اول من استخدم هذا المفهوم في وصف وتشخيص وتحليل الظواهر المجتمعية في محاضراته بجامعة شيكاغو عام 1937 الا انها لم تنشر حتى بعد الحرب العالمية الثانية ، والتي اكد من خلالها رؤيته في وحدة الظواهر الطبيعية والاجتماعية على الاساس النظمي ، وكانت تلك الرؤية المنطلق الذي اتخذه نوربرت وايز 1964 – 1894 مستخدما مصطلح السيبرنتيك الذي يعني ان كل الانظمة مصممة للسيطرة الذاتية من خلال الاتصالات والتغذية الراجعة التي تسمح للكائن بالتصحيح وفقا للبيئة اوتوماتيكيا او ذاتيا ، وعلى هذا الاساس استخدم جيمس وات الصمام الذي يؤمن التشغيل الاوتوماتيكي للماكينة البخارية .
( Wren, 1987, P: 400-403 )
الا ان شيوع هذا المفهوم جاء بعدما اصدر دانيال كاتز وروبرت كان كتابهما الشهير " علم النفس الاجتماعي للمنظمات " عام 1966 الذي تدين نظرية النظام المفتوح بالفضل له .
وتهتم نظرية النظام المفتوح اساسا بمشاكل الهيكل والعلاقات والاعتماد المتبادل بين اجزاء المنظمة اكثر من اهتمامها بوصف السمات والاشياء الثابتة . لذلك فالنظام المفتوح هو مجموعة من الاجزاء متبادلة الاعتماد التي ترتبط مع بعضها البعض في انجاز هدف ما . بالتالي فان هيكل المنظمة غير منفصل عن عملياتها التشغيلية بل هو جزء منها ، اذ انه يمثل الاطار البنيوي الذي تجري ضمنه الاحداث التشغيلية وليس مجرد تجميع لاجزاء وعمليات مادية .
الوظائف الاساسية للنظام المفتوح :
1. المدخلات Input : وتضم المدخلات او الموارد المادية والبشرية وما يتفرع عنهما من مدخلات اخرى ، وتشكل المدخلات نقظة بداية العملية النظمية كما تحدد تشكيل النظام وتؤثر في سير حركته نحو تحقيق اهدافه المرسومة .
2. العمليات Processing : وهي التفاعلات والممارسات المقصودة التي يمارسها النظام من اجل تحويل المدخلات من خلال توجيه مسارات تفاعلها لتتجسد في النهاية في منتج او خدمة معينة .
3. المخرجات Outputs : وهي جميع النواتج والتصرفات الصادرة عن النظام التي تتناولها او تستفيد منها النظم الاخرى . وتمثل مخرجات النظام حاصل تفاعل عمليات تحويل للمدخلات او حاصل معالجة ادارته للمدخلات الطارئة عليه في اطار المتغيرات البيئية والذاتية ووفقا للاهداف المرسومة للنظام .
4. التغذية العكسية Feedback : وهي العمليات الخاصة بتوجيه ومتابعة وتقويم المدخلات ومعالجتها اولا بأول اضافة الى العمليات الخاصة بتنفيذ المخرجات . وعليه فأن عمليات التغذية يمكن ان تكون داخلية اي داخل كل نظام فرعي في اطار النظام المركب – الاشمل ، وخارجية تتمثل بقدرة النظام على التحكم في العوامل البيئية المحيطة .
5. بيئة النظام Environment للنظام بيئة داخلية تتم فيها مختلف العمليات والتفاعلات في النظام ، كما ان له بيئة خارجية يتفاعل معها تفاعلا تبادليا ويتأثر بها . وعلى عناصر البيئة الداخلية ومكونات البيئة الخارجية وتفاعلهما معا تعتمد فعالية النظام ولا يمكن فهم النظام او تحليل سلوكه بشكل موضوعي الا بدراسة البيئة التي ينتمي اليها .
خصائص النظام المفتوح :
1. يتألف النظام المفتوح من نظم فرعية وهو يشكل مع غيره من النظم ذات العلاقة اجزاء من نظم اكبر .
2. لكل نظام حدود تفصله عن البيئة التي يعمل فيها Boundaries، بحيث يمكن القول بأن النظام يتميز بالكلية والاستقلال عن بقية النظم الكائنة .
3. التوازن والاستقرار والتكيف : لايمكن للنظام ان يستمر الا اذا قام بتحقيق التوازن مع البيئة التي يعمل بها بحيث يقوم بأستيراد الطاقة ( المدخلات ) كما يقوم بتصدير السلع والخدمات ( المخرجات ) ، ويتحقق هذا التوازن او الاستقرار النسبي بالرغم من ان النظام في اتصال دائم مع البيئة ، كما انه قادر على مواصلة البقاء ويبقى في تغيير مستمر وتكيف دائم اذ ان حالة الثبات تعني الموت او الاضمحلال .
4. التآزر ( : ( Synergy تتفاعل الاجزاء التي يتكون منها النظام مع بعضها لتحقيق الاهداف ، ولا يستطيع الجزء ان يحقق اهداف النظام بمعزل عن الاجزاء او النظم الفرعية الاخرى التي يتألف منها النظام . ,ويعني التآزر الوظيفي ان المخرجات تكون اكثر من مجرد جمع المدخلات وان الكل هو اكثر من حاصل جمع اجزائه .
5. يتألف النظام من مجموعة من المدخلات والعمليات والمخرجات والتغذية العكسية .
6. التمايز او التخصص مع التكامل والتنسيق : تميل النظم المفتوحة نحو التمايز او التخصص في انجاز اعمالها حيث تبدأ بسيطة ثم تصل من خلال نموها المتدرج الى درجات عالية من التعقيد والتكامل والتنسيق ( التنسيق عكس التخصص ) و الذي يستوجب زيادة التقسيمات المتخصصة ، لكي تحقق استمرار وجودها من خلال انجاز مهماتها او استيعاب التعقيد في انشطتها .
7. امكانية تحقيق الهدف بأكثر من اسلوب Equifinality : فالنظام هو كيان هادف يسعى من خلال فعالياته التي يمارسها من اجل تحقيق الهدف بأساليب متعددة وهذا يعني ان المشكلة او الاهداف يمكن حلها او تحقيقهابأكثر من اسلوب ، اي لايوجد اسلوب مثالي واحد لادارة المنظمة او لحل المشكلة او لتحقيق هدف معين طالما كان كل شيء يعتمد على كل شيء في النظام .
8. الشمولية او الكلية والتآزر مقابل الاستقلال ، ويقصد بالشمولية ترابط اجزاء النظام بعلاقات فاذا كان كل جزء مرتبط بشكل او بآخر بالاجزاء الاخرى بحيث ان التغيير في اي جزء منها يؤدي الى تغيير في كل كل الاجزاء الاخرى. وبعكس ذلك فان الاستقلال يعني عدم ترابط الاجزاء ببعضها ، بحيث ان وجودها سوية هو مجرد عملية تجميع .
(See for example Koontz, Donnell & Weihrich ,1984, P: 15)
المصادر :
1 - Shorter Oxford English Dictionary , Oxford Press, London, 1970
2 - Koontz,Harold/ Donnell O Cyril/ Weihrich ,Hewnz/ Management. McGraww- Company. New York. 1984
3 - Young Stanly .Mangement: A Systems Analysis . Scott Foresman and Company. Illinois. 1966
4 - Wren,Daniel. The Evolution of Management Thought. John Wiley and Sons. New York. 1987
#اكرم_سالم (هاشتاغ)
Akram_Salim_Hasan_Al-janabi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
