سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2112 - 2007 / 11 / 27 - 10:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحِرْبةُ الثلاثية " الفالة " والجسم الثقافي العراقيّ
كنتُ أشــرتُ في مقالة سابقةٍ إلى الضعف التاريخيّ الكامن والموروث في شخصية المثقف العراقيّ ، وعبّرتُ عن ذلك بمصطلح " نظام المثقف التابع " .
والحقُّ أن هذا النظام لم يأتِ مصادفةً ، ولم يكن البتّةَ من اختيار المثقف ، فليس من مثقفٍ يختارُ العبودية والتبعيةَ راغباً .
المؤسسة ، أهليةً كانت أم حكومية ً ، ظلّت تبذل جهداً واضحاً لاحتواء الثقافة والمثقفين في ظروفٍ لا يزال فيها للمثقف دورٌ اجتماعيّ هامٌّ بل مرموقٌ .
الهاشميون فعلوا ذلك .
البعثيون أوغلوا في ذلك .
الأحزاب ، جميعها ، فعلت ذلك .
وما الذي انتهى إليه الأمرُ ؟
القضاء شبه الكامل على الثقافة الوطنية .
حتى إذا جرى احتلالُ البلد ، وأُعيدتْ عمليةُ استعمارِهِ ، وقف المثقفون مع الاحتلال ، أو اكتفَوا بالصمت المطْبق .
*
الآن ، ومع الرفض الشعبي المتزايد والعميق للاحتلال وسلطته المحلية ، تتكثّف جهودُ المؤسسة لمنع أي إمكانٍ لتحوّلٍ في موقف المثقفين العراقيين ، هذا التحول الذي بدأنا نشهد بوادرَه المتواضعة .
واتّحدتْ أطرافُ المؤسسة المحلية التابعة ، بالرغم من كل اختلافاتها ، كي تكتِّفَ المثقفَ تكتيفاً لا مثيل له .
وبالإمكان تصنيف الحربة الثلاثية " الفالة " الموجّهة إلى صدر المثقف العراقي كالآتي :
1- جهة جلال الطالباني ، بمستشاريه وممثليه .
2- جهة الحكومة المحلية ذات التوجه الديني الرجعي المتعصب .
3- جهة أحمد الجلبي ، المعروف بشراء المثقفين منذ أن كان في الأردن مديراً لبنك " البترا " .
هذه الجهة الثالثة نشطتْ مؤخراً في أوربا والمهجر الأميركي والأستراليّ ، تمهيداً لعودة الجلبي إلى الساحة .
الجهات الثلاث كلها تصبّ جهودها ، في نهاية الأمر ، بل في بدايته ، لصالح المحتل الأميركي ، وإن اتّخذَ الجهدُ طابعاً محلياً محدداً .
*
يبدو لي أن الحربة الثلاثية تحقق نجاحاً بالفعل والقول .
لكن هذا النجاح يظل موهوماً ، يظل قصيرَ الأمدِ ، كالحياة السياسية لأصحابه .
فالاستعمار راحلٌ :
بدأ الرحيل إيطالياً
ثم بريطانياً .
ثم أستراليّاً ، وبولندياً ...
إلخ ...
وجورج دبليو بوش راحلٌ بعد شهورٍ إلى الجحيم .
*
المثقف العراقيّ مدعوٌّ إلى قولة : لا !
لندن 26.11.2007
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟