أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح سرميني - (ليلة البدر) لمخرجه السعوديّ (ممدوح سالم) رصدٌ متعجلٌ لمظاهر الفرح في السعودية















المزيد.....

(ليلة البدر) لمخرجه السعوديّ (ممدوح سالم) رصدٌ متعجلٌ لمظاهر الفرح في السعودية


صلاح سرميني

الحوار المتمدن-العدد: 2055 - 2007 / 10 / 1 - 10:00
المحور: الادب والفن
    


يفتتحُ المخرج السعوديّ (ممدوح سالم) فيلمه التسجيليّ( ليلة البدر) بمشهد( تمثيليّ ), حيث يجلس خلف مكتبه في غرفة مظلمة, يُضئ شمعةً, ويتفحصّ أغلفة كتب مبعثرة أمامه, نقرأ عناوين بعضها : الأمم والقومية, سقوط الحضارة, العولمة...
وبتضخيم المؤثرات الصوتية المُصاحبة(علبة الكبريت, إشعال العود, وضع الكتب جانباً, وحسرة تأففّ, وعدم رضى,..) يُجهز المتفرج نفسه لمتابعة أحداث روائية, ولكن, عندما يجد المخرج كتاباً يلفت انتباهه( لم نقرأ عنوانه, ولكننا سوف نفهم لاحقاً محتواه, وأسباب اختياره), تُشاركه الموسيقى فرحته, فينقلنا مباشرةً إلى حيّ شعبيّ, ليتضح بأننا سوف نتابع فيلماً تسجيلياً عن العادات, والتقاليد في المجتمع السعوديّ .
هنا, يثير الفيلم إشكاليةً حقيقيةً في فهم مبررات اللجوء إلى الصياغة التسجيلية, والروائية, ونعرف مسبقاً بأن السينما ـ وعلى طول تاريخها ـ لم تضع أيّ عائق يحول دون التداخل, والتعشيق بينهما, ولم ترفض استخدام التمثيل لإعادة تجسيد أحداث حقيقية( وهو ما يحدث عادةً في أفلام التأريخ, أو تلك التي ترتكز على تحقيقات عن جريمة ما), ولكن, أن يبدأ (ليلة البدر) بمشهد يُضخم حيرة المخرج أمام مواضيع ملتهبة, واختياره لكتاب بعينه سوف ينساه تماماً فيما بعد, وهو يسترسل في بحثه عن الذكريات القديمة, والجديدة لمظاهر الفرح في المجتمع السعودي, سوف يجعل ذلك المشهد التمثيليّ (مُصطنعاً), و(دخيلا)ً على فيلم تسجيليّ يحتاج بدوره إلى دعامات متينة لإنقاذ صياغته السينمائية, والدرامية الهشة من الانهيار.
وسوف يسأل المتفرج المُتدرب نفسه : ما هي الإضافات الحقيقية لمشهد تمثيليّ كهذا ؟ ولماذا لم يتوجه المخرج مباشرةً نحو موضوعه بدون اختطاف, والتفاف ؟.
ومن وجهة نظر تطبيقية, أدعو المخرج بأن يتخيل فيلمه بدون ذلك المشهد التمثيليّ( درامياً : يعني حذفه من السيناريو تماماً, وسينمائياً : يعني حذفه بالكامل في مرحلة المونتاج), كي يتأكد بنفسه من النتيجة, ومن ثم الإجابة عن سؤال بديهيّ : هل تتحطم بنية الفيلم, أم تصبح أكثر تماسكاً؟
دعونا ننسى (أو نتناسى) ذلك المشهد التمثيليّ, ونتابع الجانب التسجيليّ بدخول الكاميرا منطقةً شعبيةً تنضح زخماً, وحياة (حيّ البلد 2, زقاق هزازي 7), تصاحبها الموسيقى (وهي عادةً تُضعف من تسجيلية الصورة).
هنا, يُسجل الفيلم نقاطاً إيجابية لصالحه, لأن فكرة رصد العادات, والتقاليد في مناطق شعبية هي في حدّ ذاتها مثيرة, بعيداً عن الصور المُتداولة تلفزيونياً, والتي تدور عادةً في فلك : الجانب الدينيّ, الثراء, الحجاب الفكري, والمظهري .
ويأتي (ليلة البدر) ليقدم لنا صورةً لا نعرفها عن المجتمع السعودي, قريبة الشبه من الأحياء الشعبية في أيّ مدينة عربية, ويوثق لأماكن مألوفة, ويمنح الكلمة للأهالي.
ما يُفسد تلك البهجة, ذاك الأسلوب التلفزيونيّ الطاغيّ, والذي بدأه مع (أبي سعيد) الثمانينيّ, .. وتكرر مع آخرين, وكان عليه ـ على الأقلّ ـ بأن يتفادى تلك الأخطاء التقنية المُتكررة : التوافق المونتاجي( الراكور) ما بين اللقطات المُتتالية, ظهور الميكروفونات معلقةً على ملابس المُتحدثين, وكأننا نستمع إلى دردشة تلفزيونية, أسئلة المخرج المُوجهة للمُتحدثين, الانتقال المُفاجئ من موضوع إلى آخر.
والمُفارقة الغريبة, بأنّ كلّ هذه الأخطاء, وما يشبهها مقبولة في التحقيقات التلفزيونية, ولا يهتمّ بها أحدّ, لا المتخصصين, ولا الجمهور على السواء .
وربما كانت اللهجة المحلية عائقاً لفهمي للعلاقة ما بين ذكريات (أبي سعيد), واللقطات الأرشيفية
المُذيلة بالعناوين التالية :
ـ يماني الكف عام 1380 هـ للفنان عمر عيوني.
ـ المزمار عام 1385 هـ.
ـ الصهبة عام 1380 هـ.
ولكن, بدءاً من تلك اللقطات, بدأت أحاول جاهداً اللحاق بمسارات الفيلم المُتعددة, والمُتشعبة : الحاج أبو سعيد, الحاج محمد حبيب, الحاج نبيل سعيد مهدي,....... (لماذا الإصرار على معرفة أعمار هؤلاء دون غيرهم؟ ), الحيّ الشعبي, المزمار, الفنون الشعبية, الرقص, الأهازيج, المواد الغذائية, التحضير لشهر رمضان, ماء زمزم, مأكولات, ومشروبات رمضان, المسحراتي, طقوس العيد, الزيارات, ألعاب الأطفال, الخطوبة, الزواج التقليدي, طقوس العرس, تجهيزات العرس, الحنة, الصبحية, ........يااااااه.
تجدر الإشارة, بأن كلّ المعلومات التي نسمعها محكية على لسان المُتحدثين رجالا,ً ونساءً, تدعمها بعض الوثائق البصرية القديمة, والحديثة, ولقطات تسجيلية مُبتسرة.
وماعدا بعض سكان الحيّ, من هم أولئك المتحدثين, وما هي صفتهم الاجتماعية, أو العلمية ؟
كان من البساطة بأن تتابع الكاميرا, وترصد بتلقائية, بدون الحاجة إلى تلك التعليقات, والتفسيرات, وبدون أسئلة, وأجوبة يعرفها المتفرج السعودي, والعربي عن ظهر قلب, ويمارسها في حياته اليومية بفطرية .
هل كان من الضروري ( مثلاً ) تعليق أحدهم بأن الأطفال يرتدون أجمل ملابسهم في العيد تعبيراً عن فرحتهم بهذه المناسبة ؟ أو شرح إحداهنّ بأن السيدة السعودية تهيئ الطعام طوال فترة أيام رمضان, وتأتي في اليوم السابق للعيد, وتجهز ما لذّ, وطاب لأيامه الثلاثة حتى ترتاح من عناء الطبخ, ....
وفي (حارة المظلوم), هل كان من الضروري بأن نسمع رجلاً يقول : وتكثرُ الألعاب الشعبية... وفي نفس الوقت, نشاهد أطفالاً يلعبون, ويلهون على خلفية أغنية للفنان السعودي(محمد عبده), ولقطات احتفالية لمدينة سعودية ليلاً تنطلق في سمائها بعض الألعاب النارية,......
نحن أمام فيلم يشرح فيه الكبار كيف يقضي الصغار أوقاتهم خلال أيام العيد, والمنطقي بأن يتولى الصغار أنفسهم هذه المهمة, والأفضل بأن نشاهدهم فقط, بدون أيّ شرح, وتفسير.
وكان من المفيد أيضاً بأن تركز الكاميرا على لقطات حصلت عليها, وتدع جانباً تلك التي تقدمها القنوات التلفزيونية الدينية في هذه المناسبات.
لقطات تفيض بمعلومات تهمّ برنامجاً تبثه القنوات التلفزيونية أيام رمضان, وقبل العيد مباشرةً, وخلال أيامه, كجزء من الصور اليومية التي يستهلكها المشاهد طوال ساعات النهار, والليل, ولكنها تبعث على الاستياء, والملل, والضجر عندما تكون مادةً لفيلم تسجيلي يهتم برصد الواقع الاجتماعي(وتحليله), أو توثيق المخزون الشعبي, الشفاهي, والصوتي, والبصري في أفلام متمهلة, وليس رصّها, وتجميعها في فيلم واحد يشتت المتفرج, بدل تزويده بالمعرفة, وفتح آفاقه الذهنية .
وطوال المدة الزمنية للفيلم, فإنّ أكثر ما يلفت الانتباه في شريط الصوت, تلك التداخلات الصوتية ما بين التعليقات, والمؤثرات, والأغاني, والموسيقى التي كانت تظهر, وتختفي, وتعلو, وتنخفض بحرية, وبدون توافق, وهارمونية, ولم تسعفها عملية مزج الأصوات (الميكساج), مما أوصلها إلى حالة من الفوضى الصوتية أثقلت إيقاع الفيلم المُرهق أصلاً.
الأكثر طرافةُ في الفيلم, هي الدقائق الأخيرة منه بالتحديد, أهزوجةٌ شعبيةٌ تصاحب لقطات طفلة صغيرة مبتهجة بمولود, أو مولودة جديدة, وهنا يكشف (ممدوح سالم) عن أرشيفه الشخصيّ, ويقدم (فيديو كليب) داخل فيلمه التسجيلي, وعلى طريقة المونتاج الذي يستخدمه مصورو الحفلات, والمناسبات, يُسرّع من حركة الطفلة, يُقدّم, ويُؤخر, كي تتوافق حركتها مع إيقاع الأهزوجة, وموسيقاها.
(وبالمناسبة, أقترح على المخرج بأن ينجز فيلماً خاصاً عن الأهازيج في السعودية), هناك واحدةٌ جميلة الموسيقى, والمعنى, تقول كلماتها :
ـ غربللو, يا غربللو, خللي الصايغ يعملو قفة ذهب,...
وأختتم, كان الفيلم بحاجة فعلاً إلى (غربلة), وأعني بها التدقيق, والاختيار, والحذف, تماماً مثل الصائغ الذي يصنع حليةً ذهبيةً مدهشة.
واستيحاءً من كلمات أهزوجة أخرى ليست أقل جمالا,ً وحلاوةً من سابقتها, أقول :
ـ يا رب يا رحمن, بارك بـ(ليلة البدر), ودعنا نستمتع لاحقاً بعمل آخر أكثر تماسكاً, وإتقاناً.
ويكفي بأن يُحصي (ممدوح سالم) مظاهر الفرح التي رصدها في فيلمه, كي ينجز أفلاماً أخرى متأنية بعددها.


ليلة البدر :
تسجيلي, ميني دف, 31 دقيقة ملون, وأبيض, وأسود, إنتاج : رواد ميديا للإنتاج, المملكة العربية السعودية عام 2007
سيناريو, إخراج, وتمثيل : ممدوح سالم
رؤية فنية : خالد ربيع
مدير التصوير : عبد الرحمن بن سهل
تصوير: حسن الكاف
مونتاج, وتحريك : عبد العزيز سليماني
الموسيقى : ألحان من التراث الحجازي, ومقاطع من أغاني الفنان السعودي محمد عبده


ممدوح سالم :
بدأ العمل في المجال الفنيّ عام 1995 من خلال مسرح جامعة الملك عبد العزيز بجدة، ثم التحق بجمعية الثقافة, والفنون، وحصل على دورة في الفنون المسرحية.
في عام 2000 قام بتأسيس فرقة مسرحية باسم " فرقة الرواد للمسرح الشامل"، اهتمت بمسرح
الطفل، وشاركت في العديد من المهرجانات المسرحية, والسياحية، وتحوّلت الفرقة عام
2005 إلى مؤسسة إنتاج فنية باسم " رواد ميديا " نظم من خلالها أول مهرجان سينمائي سعودي عام 2006, وعرض فيه مجموعة من الأفلام الخليجية.
يبلغ رصيده الفني 27 عملاً مسرحياً، و24 مشاركة تلفزيونية (برامج, ودراما).



#صلاح_سرميني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بومبايّ : الأحلام بالألوان
- بوليوود, عالمٌ بلا قلب
- سينماتون, الفيلم الأرخص، والأطول في تاريخ السينما ل(جيرار كو ...
- الدورة الثالثة للمهرجان الدوليّ لسينما الشعوب الإسلامية(المن ...
- مهرجانات السينما العربية بين الهواية, والاحتراف/وهران, وقليب ...
- النقد السينمائيّ بين دردشة المقاهي, النصوص الإنشائية وتلخيص ...
- نقاد القصّ, واللصق تطاولٌ على النقدّ, وعبثٌ بالثقافة السينما ...
- ظاهرة السرقات في الثقافة السينمائية العربية
- المخرج العراقيّ عدي رشيد مأخوذٌ بالفنّ الشعبيّ, وبألوان البس ...
- فيلم (غير صالح) للمخرج العراقيّ عدي رشيد ذكرياتٌ عن مدينة عت ...
- أحلام منتصف الظهيرة لمخرجه السوري غسان عبد الله, مُقارناتٌ م ...
- دعوةٌ للاحتفاء بمهرجانات السينما العربية
- كان يا مكان بوليوود السينما الهندية في عيون الغرب...
- السينما500 كم لمخرجه السعوديّ عبد الله آل عيّاف فيلمٌ تسجيلي ...
- باريس عاصمة السينما
- سينما الطريق,الطريق في السينما
- *أفلام جيم جارموش من الترحال إلى فيلم الطريق
- دعوةٌ إلى عقلنة نقاد السينما العربية لإعادة الإعتبار للثقافة ...
- القطعة الأخيرة, لمخرجه السعوديّ محمد بازيد,محاكاةٌ لأفلام ال ...
- ماتريكس كويتيّ يُعاد تحميله من جديد ,نموذجٌ صارخٌ لأفلام الح ...


المزيد.....




- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح سرميني - (ليلة البدر) لمخرجه السعوديّ (ممدوح سالم) رصدٌ متعجلٌ لمظاهر الفرح في السعودية