أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال بوطيب - الإرث- قصة














المزيد.....

الإرث- قصة


جمال بوطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2035 - 2007 / 9 / 11 - 08:36
المحور: الادب والفن
    



ملخص حياة أناس عاديين
تقضى صلاة العشاء، وينتشر الناس . بعد دقائق يكونون جميعا في منازلهم. بعضهم يتعشى وبعضهم الآخر لا يفعل. يحسون جميعا بالأسف والخيبة والألم. ينامون، ولما يستيقظون على آذان الفجر. يحسون أيضا بالأسف والخيبة والألم يتوضؤون . يصلون. ثم ينتشرون.
رجل غير عادي
يستيقظ على أزيز محرك شاحنة جاره الخضار. يسمع صياح الديكة وأصوات المؤذنين المتعالية. يحس بالأسف والخيبة والألم. لا يتوضأ ولا يصلي. يركب دراجته الرمادية المسنة. تلفحه رطوبة الهواء الصباحي. يضاعف سرعة الدراجة التي كانت تطيعه. وحينما يصل إلى مقصده. يجد آخرون قد سبقوه. يقفز من فوق دراجته. يجعلها تستريح على شجرة قريبة . يجلس هو بقربها على الأرض... ويصير يخط بأصابعه خطوطا متقاطعة ومتوازية. بعد الظهر يركب الدراجة الرمادية المسنة يعود إلى البيت. يصل مع صلاة العصر، لا يتوضأ ولا يصلي ولا يتغذى. يحس بالأسف والخيبة والألم، وينام.
امرأة غير عادية
هي أيضا تحس بالأسف والخيبة والألم، وعندما يؤذن الفجر، لا تستيقظ . تكون مستيقظة . هي لا تنام، تتوضأ وضوءا غريبا. تصلي صلاة خاطفة، تستغفر طويلا تريد أن توقظه ، فتجده مستيقظا. تعد له الفطور، وحين تبحث عنه لا تجده. تتمم إعداد الفطور. تتنبه إلى أن الدراجة الرمادية المسنة ليست في مكانها. تتيقن أنه خرج. تنتظر عودته، لا يعود. تنهي إعداد الفطور، لا تفطر. تكنس، ترتب الفراش، تفعل أشياء كثيرة، تفكر في إيقاظ ابنها. تجد الوقت مبكرا. تعود إلى فراشها. تستلقي على ظهرها. تشتبك أصابع يديها خلف رأسها. تتجاوز رجلاها طول اللحاف. تتذكر مثلا شعبيا قديما. تنظر إلى أعلى. تحلم بأشياء كثيرة. تشعر بالأسف والخيبة والألم وتنام.
طفل غير عادي
يستيقظ . يجد أمه نائمة. يستغرب كيف تنام حتى هذا الوقت. لا يرى الدراجة الرمادية المسنة. يعرف أن أباه خرج. يتوضأ . يصلي. يدعو الله كثيرا يدعو الله أن يحصل أبوه على عمل وأن يطيل عمر أمه، وأن يوفقه هو في دراسته. ينظر إلى أمه التي لا تزال نائمة .يستغرب يفكر في إعداد الفطور. يجد معدا، يكتشف أن أباه ذهب بدون أن يفطر. يرتشف جرعة من كأس الشاي الدافيء متمنيا معها أن يحصل أبوه على عمل وأن يشتري دراجة جديدة وأن يتعشوا عشاء لائقا. يتمنى أيضا أن يرى أباه يوما يصلي وأن يصبح شيئا مهما ليعيد لنفسه ولوالديه شيئا من كرامتهم المفتقدة. يتمنى أشياء كثيرة. يحمل محفظته. يقبل جبهة أمه النائمة. تستيقظ أمه. تسأله عن الإفطار والصلاة وعن موعد الدراسة. يطمئنها. تقوم.
تودعه. ينصرف إلى المدرسة. وحين يضع رجله اليمنى كما نصحته أمه خارج باب البيت يشعر بالأسف والخيبة والألم. تمطره أمه بسيل من دعوات الخير والسجايا والفلاح ، وحين يغيب عن عينيها تشعر هي الأخرى بالأسف والخيبة والألم وتتمنى صادقة ألا يكون إبنها يحس بشيء مما تحس به.
في المدرسة يجلسه المعلم في آخر الفصل. يسأله عن أمنيته.
ـ " سأصبح مفتشا". يرد دونما تفكير.يرتعد المعلم. يبحث في مكتبته الوهمية عن كتاب اسمه" كيف تتخلص مما لا ترغب فيه" . يبحث عن سؤال يتمم به درسه، يبحث عن أنسب طريقة للاعتزال. يبحث في جيبه عن دوائه. يتجرع كأسا دون ماء وينام.
ما حكاه الخضار
مات الرجل الذي لم يكن يصلي. ولكن ، والشهادة لله ، لا يذكر أنه تعدى على أحد. كان نادرا ما يغادر بيته . ونادرا ما يلقي التحية .ونادرا ما يرى في الحي أو رفقه ولده أو زوجته. مات. ولقد بكته زوجته وولده كثيرا. وماتت بعده زوجته التي كانت تتوضأ وضوءا غريبا ، وتصلي صلاة خاطفة. وبكاها ولدها كثيرا .
وقد غادر الطفل المدرسة . وصار رجلا. وقد ورث عن أبيه دراجته الرمادية المسنة وعن أمه وصيتها بضرورة تقديم الرجل اليمنى عند عتبة الباب والاستعاذة والبسملة. وهو يستيقظ كل صباح باكرا، يتوضأ، يصلي الفجر. يتذكر أباه وأمه. يدعو لهما بالمغفرة والرحمة. يتمنى لهما الجنة حيث سيجدان أشياء كثيرة حرما منها في حياتهما. يشعر بالأسف والخيبة والألم. يركب دراجة أبيه. يتوجه إلى حيث كان يذهب أبوه للبحث عن عمل. وفي المساء وبعد أن يصلي ويتعشى. يندس في فراشه يتخلص من كل شيء إلا من شعوره بالأسف والخيبة والألم ...و...ينام.



#جمال_بوطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص قصيرة جدا 3
- فن الالقاء وتربية الصوت : علم السحر وفن الأسر
- فن الالقاء وتربية الصوت:فن السحر علم الأسر
- قصص قصيرة جدا 2
- قصص قصيرة جدا
- غفوة -قصة
- العصفور الشاعر - قصة
- بلاغة الضمير في النبوة الكنعانية- كتاب الرماد لعبد الله رضوا ...
- السرد ديوان العرب : تأصيل النسب
- الموت المغربي : رؤى نصية
- الجماعات المحلية والتنمية الثقافية


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال بوطيب - الإرث- قصة