أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم البهرزي - الاحتماء بالجنون..التداول السلمي للجنون بين الحاكم والمحكوم-1














المزيد.....

الاحتماء بالجنون..التداول السلمي للجنون بين الحاكم والمحكوم-1


ابراهيم البهرزي

الحوار المتمدن-العدد: 2031 - 2007 / 9 / 7 - 10:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


(خرج الحجاج يوما الى ظاهر الكوفة منفردا,فراى رجلا اعرابيافقال له:ماذا تقول في اميركم؟,قال:الحجاج؟....قال:نعم.
قال الاعرابي:عليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين!
فقال الحجاج اتعرفني؟
قال:لا.
قال:انا الحجاج
فقال الاعرابي:وانت ,اتعرفني؟
قال الحجاج:لا.
قال:فانا مولى بني عامر,اجن في كل شهر ثلاثة ايام,وهذا اليوم هو اشدها!
فضحك الحجاج من قوله وتركه.)
من كتاب (سرح العيون)لابن نباتة السعدي.

ما اضحكني في هذه النكتة ليست النكتة ,بل ما بعد النكتة ,حيث يقول راويها(فضحك الحجاج من قوله وتركه)اذن ,فالحجاج يضحك ايضا ,وهو يعفو عن المضحكين ولا يشنقهم او يسلط عليهم ميليشياته بدعوى القذف والتشهير ,كم ظلمنا الرجل اذن!
الحكاية في ظاهرها تبدو كنكتة سياسية مما يبتكرها المظلومون عن ظلامهم ,ولكنها تؤشر الى قوة الجنون او ادعائه كشاهد نفي للاتهام السياسي.
في هاملت شكسبير ,تدفع جريمة الاغتيال السياسي الامير الشاب للتظاهر بالجنون من اجل تثبيت وافعة الجريمة المرتكبه بحق ابيه على مرتكبيها من الاقربين الطامعين
ويمثل هاملت (لا ممثل دور هاملت في المسرحية ),دور المجنون للتقية اولا ,وللتحري والفضح ثانيا ,وشكسبير رغم اطلاعه على حكايات واداب شرقية كما ينضح من مجمل اعماله المعروفة ,غير انه بالتاكيد لم يطلع على مفهوم التقية الذي تعتمده فرق اسلامية كثيرة لاجل دفع الاذى,وهو ما يرجح وجود هذا المفهوم في اغلب ثقافات الشعوب كبديل عن مفهوم الاحتجاج السياسي المعلن ,رغم التحفظ الاخلاقي على جوهر المفهوم نفسه الذي يقارب مفهوم النفاق في توصيفاته الدينية والاجتماعية.
هل يشفع الجنون الحقيقي ,او ادعائه للخلاص من قسوة السلطة الحاكمة ؟
في الماضي ومع غياب التشخيص السريري للجنون كان الامر ممكنا ليس في بشكله الادبي كهاملت شكسبير ,بل في وقائع تاريخية كثيرة ,كما ان للجنون حده الاخر المعاكس وهو االباسه للعاقل التام من اجل الاقصاء بكل ابعاده ,اجتماعية وسياسية ومعرفية وغير ذلك..
الم يكن اغلب الفلاسفة المجددين وعلماء الطبيعة والكيمياء وبقية العلوم القديمة ممن اتهموا بالهرطقة قد غدوا في عداد المجانين لاجل تسقيطهم انسانيا؟
والعكس متوفر ايضا في روايات عمن ادعوا الجنون ,او جنوا فعلا للهروب من سطوة السلطان ..
غير ان الحضارة ,ومع تقدم وسائل الكشف النفسي والسرير ي قد سرقت هذا الحق الدفاعي للبشرية وتامر العلم ,كالعادة,مع الطاغية لملاحقة المظلوم.
يعرف الجنون المرضي بانه فقدان الاهلية للتصرف السوي ,ومدي سوية التصرف من عدمها تختلف من ثقافة لاخرى ,وقد عالج ميشيل فوكو هذا الجانب وتوصل الى استخدام العلاج العقلي كنوع من العقوبة ضد الخارجين عن المنظومة المعرفية السائدة ,وهي المنظومة الاقوى وليس الافضل بالتاكيد ,وكان فوكو رغم اصوليته العدمية دقيقا في هذا المحور بالذات,ديالكتيكيا ,وهو ما تؤكده ديمومة هذه العقوبة المستترة في اكثر المجتمعات ليبرالية ,وحتى الان! واخرها ما اشيع عن مؤرخ انكليزي انكر او شكك بحقائق المحارق النازية ,ولو على سبيل اعادة تحقيق النص التاريخي لا اكثر!
يتجلى التعامل بالجنون او التعامل معه كعقوبة او كفرار من العقوبة باوضح اشكاله في الانظمة الشرقية ذات الطابع الاستبدادي ,ويتاتى ذلك من اعتباطية القانون ومطلقية السلطة ,الامران اللذان يتيحان سهولة التصرف بالعقل ,ازاحة ام استباحة ,لان الكائن بمجمله ,عاقلا وغير عاقل هو في السواء (شيئا)تمتلكه السلطة وما يسري على الحيوان غير العاقل يسري ضمن افق النظرة الشيئية هذا على العاقل ,لانه ببساطة عاقل الى حين,وحين تحين لحظة خروج العقل عن الارادة العليا يجوز لها اختطافه حينئذ واعادة تاهيله ,او محاصرته حتى يتنازل طوعا اويدعي كراهة غيبوبته وانحسار اثره ,وهو المطلوب ..
ان ظروف القسوة بكل مظاهرهافي بلد يمتلك تراثا هائلا من الحكام الذين يعانون من لوثات عقلية فاضحة تم التستر عليها بالمعروف من عار التاريخ,في بلد مثل العراق لا يكاد ينجو حاكم من حكامه المحليين (على ندرتهم)والوافدين من خلل عقلي,يصبح من المالوف ان ينعكس جنون الحاكم على المحكوم بفعل التقليد او التراكم التاريخي الذي يعقلن الكثير من المساخر لتغدو تراثا شعبيا يترسخ ويتجلى في الفرح العمومي والحزن العمومي ,حتى لتغدو الحياة بتفاصيلها الصغيرة مستشفى امراض عقلية جوال,وفي تواتر المحن يصبح للجنون الفة سهلة التداول بين الحاكم والمحكوم لنخلص في النتيجة الى تراث ثر من الحماقات نسوقه بجلباب الحكمة ولا ياتي ذلك الطفل الصغير الذي يصرخ :
ولكنكم مجانين جميعا!
وان رمقنا عينيه الهازئتين تستعدان للنظر الساخر واطلاق الصيحة ,نخنقه فورا بتهمة الهياج العصبي ,وهو طبعا من نفس طينة الجنون الذي نخمره لخبزنا ,كفاف ايامنا....
ولاجل ان ندع لكل ذي مس مستتر فرصة لمعاينة النفس ومطابقتها مع الشرط الاصولي المتوارث للجنون ,سنحاول ان نسرد لبعض منظاهر الجنون السياسي الذي يلعبه بمكر وعلى طريقة القط والفار كل من الظالم والمظلوم بعضهم على لحية بعض,ولن نسرد الا عمن راينا او تقصينا عن جنونه ونامل من كل عاقل الاضافة لنا من منظور عقلاني مختلف شيئا مما يعرف عن الوجه الاخر للجنون ..
انها عينات ولاسباب تتعلق بالكرامة الانسانية فاننا سنرويها على محمل الحديث الشعبي المتوارث ,ونادرا ما سنعلق ,لاننا مثلهم لم نعد نمتلك الاهلية اللازمة لتحليل الاشياء ,لان هذه (الاشياء) ستبقى ملكا بل مالا من (اموال الدولة )*لا يجوز التصرف به الا بمرسوم ..




#ابراهيم_البهرزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- TRY ME!
- اسرق واقتل واهرب الى امريكا!
- حين تقف الوثيقة ..بين الحرية والحقيقة
- لقد بقيت وحيدا ايها الذئب العجوز1
- اية اغنية ستحط على راسك لحظة الموت؟
- الاحتلال وتهديم النظام الاداري للدولة العراقية..تجربة شخصية
- توضيحات لاسئلة مضمرة واخرى معلنة ..عن السياسة واليسار والشعر
- الكفر بالانتماء...اذا كان السودانيون الاكثر وفاء ا قد فعلوها ...
- ايها الشعب القتيل ,ماذا ستخسر بعد؟فاما عصيان مدني شامل ,او ث ...
- بلاد الحميرالوديعة..................الحمار والاضطهاد الانسان ...
- للعبرة والذكرى والتامل.............جورج حاوي وابراهيم نقد... ...
- INTERNET NAGARI!! يابو الحسن ياباب كل محتاج........جانه الفر ...
- علي السوداني مجرم خطير اول من استخدم الفلافل في انتاج المتفج ...
- (مجرشة الكرخي)...ملحمة شعبية عن مظلومية المراة العراقية لا ت ...
- من مهازل العراق الجديد........2-الحكومة التي علمت الشياطين ك ...
- في مهب النسيان
- ليس ردا على احد...الحزب الشيوعي العراقي لم يعد ممثلا لقوى ال ...
- الفاطميات الاخيرة....ثلاث قصائد
- قطعة الجبن المليئة بالثقوب......مذكرات قيادات الحزب الشيوعي ...


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم البهرزي - الاحتماء بالجنون..التداول السلمي للجنون بين الحاكم والمحكوم-1