أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - دور العسكرتاريا في فشل دولة الإستقلال الوطني















المزيد.....

دور العسكرتاريا في فشل دولة الإستقلال الوطني


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2022 - 2007 / 8 / 29 - 11:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك بأن صعود المجتمع العسكري العربي بعد الاستقلال مباشرة، وتوليه مقاليد الحكم في معظم البلاد العربية ما عدا دول الخليج، كان من أهم الأسباب التي أدت إلى فشل الوطنية بعد الاستقلال الوطني، بالإضافة إلى عدم وجود نخب سياسية واعية وقادرة على إدارة دفة الحكم في البلاد إدارة سليمة وناجحة، نتيجة لتخلف العالم العربي أثناء نيل دوله الاستقلال الوطني. وما زال العالم العربي يعاني حتى الآن من فقدان النخب العربية السياسية ذات الشفافية ونظافة اليد، والمؤهلة للحكم النزيه.
كان هناك شعور قوي لدى الشارع العربي بأن المؤسسة العسكرية هي الأقدر من المؤسسة المدنية على حل مشاكل الأمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. في حين أن الجيش عموماً ليس لديه حلاً سحرياً للمشاكل المستعصية في الوطن، ولا يستطيع ذلك في الواقع، لأنه يواجه الأسباب والعوامل نفسها التي كان قد واجهه الحكم المدني، وفشل في حل هذه المشاكل. فمحاولات الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي النسبي، بمعزل عن الإصلاح السياسي الجذري، يبدو ساذجاً في أحسن حالاته. فالأول لا يمكن تحقيقه بمعزل عن الآخر.
فلا توجد ديمقراطية لا يقودها ديمقراطيون.
ولا يوجد أصلاح لا يقوده إصلاحيون.
من أين جاءت فكرة تسييس الجيش؟
ولعل فكرة تسييس الجيش ونجاحه في ضبط الحياة السياسية في بعض الأحيان، تأتت من أن الجيش هو المؤسسة القادرة على فرض النظام بالقوة وعلى كبت مظاهر السخط بالقوة. ومن هنا نرى أن تنامي المؤسسة العسكرية كقوة سياسية، تبرز عندما يزداد ضعف القوى السياسية المدنية، وتزكم رائحة الفساد السياسي للأحزاب والنخب السياسية الأنوف. وهذا ما حصل في معظم بلدان العالم العربي عشية الاستقلال الوطني ورحيل الاستعمار وقيام الحكومات الوطنية. وقال محمد حسنين هيكل: "في الظروف التي تميز صراع الطبقات في البلدان المختلفة، ونظراً لشعور الجماهير الشعبية واعتقادها بأن القيادات الحاكمة لا تمثل سوى مصالح متناقضة بطبيعتها مع مصالح الجماهير، لا تستطيع الحركة الثورية الشعبية إلا الاعتماد على الجيش لتشق طريق الثورة. وفي نظر العسكريين الذين يميلون إلى الاستئثار بالسلطة، على الجيش أن يبقى القوة الأساسية في السلطة" (الأهرام، 27/7/1962).
أسباب صعود المؤسسة العسكرية
يرى كل من أندرو جودباستر وصموئيل هينتجون، أن المؤسسة العسكرية في العالم كله قد أخذت بالصعود خلال النصف الثاني من القرن العشرين وهو زمن الاستقلال في العالم العربي الذي بدأ في الأربعينات (سوريا ولبنان) وانتهي في 1970 (الأمارات العربية المتحدة)، نتيجة للأسباب كثيرة على رأسها، ظهور تغير كيفي وكمي هائل في وظائف المؤسسة العسكرية. حيث أصبحت المؤسسة العسكرية أداة سياسية لمنع انتشار الحروب على مدى واسع، والقيام بإنهاء الصراعات الإقليمية إضافة لذلك ظهور ظاهرة العسكرة Militraization في المجتمع العربي . وهي عملية توسيع نطاق المؤسسة العسكرية داخل المجتمع، ووجود توجه عام في الدولة وفي مؤسسات المجتمع المدني تعتبر الحرب والاستعداد لها نشاطاً مجتمعياً طبيعياً ومرغوباً فيه. ويميل بعض الباحثين كصموئيل هينتنجتون إلى القول إن للمجتمع العسكري ضرورات وظيفية للقيام بها في مجتمعات بلدان العالم الثالث خاصة. وهي ضرورات لا تستطيع الإدارة المدنية القيام بها لعدم تأهلها الإداري والعلمي. وأن المؤسسة العسكرية أقدر من أي مؤسسة أخرى على القيام ببناء المجتمعات في دول العالم الثالث. ومن الملاحظ أن هينتنجتون يبني مقولته من خلال واقع المؤسسات العسكرية في الغرب وخاصة في أمريكا. وهي المؤسسات التي تعتبر من أكبر وأكثر مؤسسات الدولة تنظيماً وعلماً ودربة وخبرة في مختلف المجالات.
فهل قامت المؤسسة العسكرية العربية بعد تحقيق الاستقلال للدولة العربية القطرية الحديثة بالدور التحديثي المطلوب منها كما وصفه هينتنجتون ؟
خصائص المجتمع العربي الذي حكمته المؤسسات العسكرية
لقد تولت المؤسسة العسكرية الحكم في كثير من البلدان العربية بعد الاستقلال وبعد انسحاب جيوش الاستعمار الأجنبي منها، وقام ضباط هذه المؤسسة بخلع خوذاتهم، ولبس الملابس المدنية. ولكن العقل العسكري ظل في رؤسهم دون أن يحلَّ محله عقل مدني يؤمن بالمجتمع المدني ومؤسساته. وقد رأينا مثل هذا الوضع في مصر وسوريا والعراق والجزائر. ونظرة شاملة على هذه البلدات ترينا أن النتائج لم تكن حسنة في هذه البلدان نتيجة لخصائص وصفات المجتمعات العربية التي حكمتها المؤسسة العسكرية ومنها:
1- ضعف الطبقة المتوسطة وضعف قواها المدنية وأحزابها بسبب حداثة عهد المجتمع العربي بالظاهرة الحزبية، ثم بسبب غياب المؤسسات الاجتماعية الحديثة والمنظمة.
2- فساد الحياة السياسية الليبرالية في مصر في الثلاثينات والأربعينات، وهشاشة التجربة الليبرالية في سوريا، وعدم وجود حياة سياسية ليبرالية في بقية البلدان العربية ما عدا لبنان، مما لم يوفر للطبقة الوسطى دوراً سياسياً يناسب حجمها. وعندما توفر هذا الحجم لم يتوفر من خلال المجتمع والأحزاب ولكنه توفر من خلال سلطة الدولة.
3- عدم احترام المؤسسة العسكرية لمؤسسة السياسية، بحيث أصبحت المؤسسة العسكرية هي التي تدير المؤسسة السياسية وليس العكس كما هو الحال في الدول الديمقراطية.
فشل المؤسسة السياسية في ملء الفراغ السياسي وانتشار الفساد الإداري والمالي في هذه المؤسسة. وهو ما يُعبّر عنه بـ "تصدع بنيان النخبة المدنية الحاكمة، بما يترتب عليه الهبوط بمستوى الفعالية النظامية إلى أدنى مستوى، وبالتالي نفاد صبر الجماهير واستنفار القوى السياسية والاجتماعية، ووضع المجتمع كله على شفا الفوضى والعنف" كما قال مجدي حماد (العسكريون العرب وقضية الوحدة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1987، ص 278).
4- وجود أزمات اقتصادية متلاحقة نتيجة للفساد لسياسي، وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل، وإخفاق معظم الخطط الاقتصادية التي وضعها السياسيون.
الأضرار التي ألحقتها العسكرتاريا بالدولة العربية الحديثة
إن المؤسسة العسكرية التي حكمت أجزاء متفرقة من العالم العربي، وأعاقت بناء الدولة الحديثة، ولم تعطِ الفرصة للمدنيين والنخب السياسية لكي يمارسوا حقهم في التجارب السياسية بعد الاستقلال قد أضرَّ كثيراً بالمجتمعات العربية وأعاق كثيراً نمو المجتمع المدني وأركان الدولة العربية القطرية الحديثة.
والمؤسسة العسكرية التي حكمت أجزاء من العالم العربي لم تكن مؤسسة بالمعنى المدني لهذه الكلمة. ولم تقم دولة بعد الاستقلال ذات أركان واضحة بالمعنى السياسي العلمي. "فالدولة ليست إقليما أو شعباً، ولا هي مجموعة من القواعد الملزمة. كل هذه العوامل ليست بالتأكيد غريبة عنها، ولكنها تضعها فوق المعرفة المباشرة. فوجودها لا يتعلق بالظاهرية الملموسة. إنه شأن ذهني. فالدولة بالمعنى الكامل للكلمة هي فكرة. ولا تدرك إلا بالفكر". وعندما حكمت العسكرتاريا جزءاً من العالم العربي لم تأتِ بالفكر السياسي أو من خلاله. ولم يكن لديها أية فكرة سياسية أو أية مخطط سياسي وكان كل ما في الأمر أن تستولي على الحكم. ومن هنا، تعدد الانقلابات العسكرية في دول عربية وعلى رأسها سوريا في الفترة الواقعة بين عامي 1949 – 1970.




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورة ابتعاث رجال الدين إلى الغرب
- معركة سوريا وأمريكا في -نهر البارد-!
- بيان مساندة الكرد السوريين يقضُّ مضاجع الديكتاتورية
- لماذا أصبح رجال الدين الآن قادة الرُكبان؟
- البيان العالمي لمساندة الشعب الكُردي السوري
- التجارة الرابحة بالدين
- حملة -الأنفال- السورية
- المصالحة السياسية العربية
- صمت الحجارة وخيانة المثقفين
- إلى أمير المؤمنين خالد مشعل ووالي غزة اسماعيل هنية
- دعوهم يحكمون لينكشف زيفهم
- طالبان في غزستان!
- القتلُ أساسُ المُلكْ
- الليبراليون الجُدد في الثقافة الايطالية
- ما الحكمة من المحكمة؟
- غابت العدالة العربية فحضرت الدولية
- الأقباط بين مطرقة الكنيسة وسندان المسجد!
- الوباء الفلسطيني!
- عمر بن الخطاب شيخاً للأزهر!
- كفوا عن بهدلة الإسلام يا فقهاء الجهالة والضلال


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - دور العسكرتاريا في فشل دولة الإستقلال الوطني